أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ثرثرة الديمقراطية















المزيد.....

ثرثرة الديمقراطية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2439 - 2008 / 10 / 19 - 09:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تخف كوندوليزا رايس وزيرة خارجية الولايات المتحدة انبهارها ب”النجاح الملحوظ” الذي حققه الحصار “الاسرائيلي” لقطاع غزة والعقوبات الجماعية وترويع السكان المدنيين، الذي تقوم به السلطات “الاسرائيلية” منذ ثماني سنوات (سبتمبر /أيلول 2000-2008)، أي منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية السلمية وحتى الآن، وقد عبّرت عن ارتياحها لنجاعة السياسة “الاسرائيلية” ضد الفلسطينيين، في رسالة وجهتها الى نظيرتها وزيرة الخارجية “الاسرائيلية” ليفني، قالت فيها: إن الحصار أخذ يؤثر بشكل فعّال، ونحن سعداء بهذه النتيجة.

ولعل هذه الرسالة ذات المغزى اللاإنساني واللا أخلاقي إزاء شعب أعزل وأطفال يموتون وحصار أخذ يسحق الآدمية والكرامة معاً، تذكّر بما قالته مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية في عهد الرئيس كلينتون لدى سؤال وجهته اليها ستانلي في برنامج “ستون دقيقة” المشهور، فيما إذا كان موت مئات الآلاف من الأطفال العراقيين يستحق هذا الثمن، فأجابت بنعم: إنه استحقاق مقبول.

وقد دفع الشعب العراقي جراء الحصار بعد مغامرة غزو الكويت (1990-2003) أثماناً باهظة لاسيما بعد “حرب تحرير الكويت”، التي انتهت بتدمير البنية التحتية والهياكل الارتكازية والمرافق الحيوية العراقية، وتخريب المجتمع العراقي ودفعه للتآكل التدريجي والنفسي، لاسيما بموت أكثر من مليون و650 ألف عراقي، واضطرار مئات الآلاف الى الهجرة بحثاً عن لقمة العيش واعتلال صحي شامل وتدنٍ في مستوى التعليم وتشظيات وانقسامات مذهبية واثنية وجهوية برزت بعد الاحتلال على نحو تفتيتي، الامر الذي ساهم في سقوط التفاحة الناضجة بالأحضان، لاسيما في ظل سياسات استبدادية تسلطية لأكثر من ثلاثة عقود من الزمان.

وقد دفع هذا الأمر، فضلاً عما حصل في أفغانستان والبوسنة والهرسك والصومال وحصار ليبيا والسودان وغيرها، الى ان الكثير من الأوساط التي كانت تأمل ان يكون النظام الدولي الجديد، الذي جاء في أعقاب انتهاء الحرب الباردة في نهاية الثمانينات، وبشر بالديمقراطية والحرية والتعددية، أقل قسوة وأكثر عدلاً من سابقه نظام القطبية الثنائية، لكن الرياح سارت عكس ذلك، مما وضع الكثيرين في حال من الإحباط والحيرة وانعدام الثقة، ولعل تلك إحدى مفارقات “الديمقراطية” التي وعد بها الرئيس بوش طيلة فترة حكمه وعند تسلمه مقاليد البيت الابيض.

وكشفت الاحداث ان تلك الادعاءات لم تكن بعيدة عن الفضيلة المزعومة حسب، بل انها كانت منافية للمبادئ الانسانية وحقوق الانسان وقواعد العدل والانصاف، إضافة الى تعارضها مع القيم والمبادئ القانونية الوضعية والدينية، التي يتم التشبث بها أحياناً.

قبل سنوات قليلة، كان كثيرون في العالم العربي بسبب سوء تعامل حكامهم معهم وسياسات القمع والتسلط، يعتقدون أن دخول الولايات المتحدة على الخط، لاسيما بعد انهيار الكتلة الاشتراكية، يمكن أن يعدّل الميزان وقد يساعد موضوعياً على إحداث تغيير لصالح الديمقراطية والحداثة وحقوق المرأة، لا سيما في ظل صعود تيارات اسلاموية متشددة ومتعصبة وإلغائية، لكن هؤلاء سرعان ما اكتشفوا، لا خديعتهم من جانب الولايات المتحدة حسب، بل سذاجتهم، خصوصاً وأن قيادات وتيارات سياسية، استمرأت - وربما بسبب عجزها- الدور الامريكي وعوّلت عليه، الأمر الذي زاد من عوامل إحباط الجمهور، باكتشاف هشاشة قوى ومنظمات وأحزاب سياسية ودينية، حين فضلت رحيلها الى الطرف الامريكي بعد ان كانت تعوّل سابقاً على الاتحاد السوفييتي (بالنسبة لليسار)، أو سوريا والعراق ومصر (بالنسبة للقوميين) أو إيران (بالنسبة لبعض القوى الاسلامية).

ولعل واحدة من تبريرات بعض القوى التي استدارت 180 درجة، كما يقال هو تفسيرها القاصر من أن المعركة هي مع التيار المتشدد والإرهاب الدولي، الأمر الذي يبرر مهادنة القوى الكبرى حتى وان كانت “امبريالية” أو لديها مصالح، لحين القضاء على القوى المتعصبة والمتطرفة.

ماذا سيقول الرئيس بوش بعد خطابه التدشيني بمناسبة تجديد ولايته وهو يغادر البيت الأبيض بعد أشهر قليلة؟ فأين أصبحت الأهمية المركزية للديمقراطية التي وضعها في مقدمة مهمات سياسته الخارجية، بدعم المؤسسات والحركات الديمقراطية في كل دولة وفي كل ثقافة؟ فقد ازدادت العلاقات الدولية توتراً لاسيما بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) الإجرامية، وتوسعت عمليات الارهاب الدولي بدلاً من القضاء عليه أو تجفيف منابعه في حملة دولية تستمر منذ بضع سنوات، وتحوّل العالم بفعل القيود والاجراءات الامنية الى نظام أشبه بالطوارئ أو نظام الأحكام العرفية، كما لجأت حكومات كانت الى غاية الأمس القريب ترفع خطاب حقوق الانسان ضد خصومها، الى الإقدام على عمليات تعذيب بشعة، كما حصل في سجن أبو غريب العراق وأفغانستان وغوانتانامو على يد القوات الامريكية، والسجون السرية الطائرة والسجون العائمة وغيرها، وتذرعت حكومات عالمثالثية، بالانتهاكات السافرة والصارخة لحقوق الانسان بحجة الأمن القومي والاسهام في الحملة الدولية ضد الارهاب، وبررت بانتهاكات دول متقدمة لها كما هي الولايات المتحدة وبريطانيا.

لعل مراجعة وكشف حساب سريع سيعطيانا كم خسرت الولايات المتحدة من صدقيتها وهي نظام ديمقراطي عريق، تراكم عبر أكثر من 200 عام، رغم ان السياسات الخارجية، كانت باستمرار تسير بخط معاكس للديمقراطية، سواء بتشجيع بعض الأنظمة الصديقة لها، حتى وإن كانت نظماً دكتاتورية أو استبدادية وتحضير انقلابات عسكرية لوأد الديمقراطية الوليدة أو الواعدة، أو إسقاط انظمة وطنية، كما حصل في إيران 1953 بالإطاحة بحكومة الدكتور مصدق أو بانقلاب عام 1963 في العراق ضد الزعيم عبد الكريم قاسم أو بانقلاب عام 1973 في تشيلي للإطاحة بالحكومة المنتخبة بقيادة اليندي، أو باحتلال العراق بزعم وجود اسلحة دمار شامل وعلاقته بالارهاب الدولي عام 2003.

كيف للافغانيين أن يفكروا في تلك الثرثرة الديمقراطية بعد حرب العقوبات الجماعية العشوائية والقصف الوحشي، وكيف يفكر العراقيون بديمقراطية أرادت إعادتهم الى القرون الوسطى وعلى أقل تقدير 50 عاماً الى الوراء حسب وعد جيمس بيكر، وكيف يفكر الفلسطينيون اذا كانت الديمقراطية ستجلب لهم الدواء والغذاء والأمن بعد حرب تجويع وإبادة لاسيما خلال السنوات الثماني الأخيرة؟

ان الصورة الزاهية للديمقراطية لا يمكن أن تكتمل الاّ بعلاقة جدلية بين السياستين الداخلية والخارجية، فلا يمكن للديمقراطية أن تكون حقيقية، في حين يصاحبها سعي لفرض الهيمنة على بلدان أخرى أو احتلالها، وبلا أدنى شك ستكون هذه الديمقراطية ناقصة أو مبتورة أو مشوهة، وستنظر اليها شعوب هذه البلدان باعتبارها ثرثرة فارغة ولغواً سفيهاً.
صحيفة الخليج الاماراتية :الأربعاء ,15/10/2008






#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيسنجر وموعد الانسحاب من العراق!
- هل جاء دور أوكرانيا بعد جورجيا؟
- انها الرأسمالية.. يا صديقي
- هل ثمة يوم للديمقراطية؟!
- ما بعد الصهيونية
- الحرب من الداخل والبرنامج السري!
- الأبعاد الأخلاقية في حقوق اللاجئين!
- النووي الصالح والنووي الطالح
- أربعة خيارات في حل مسألة كركوك!
- الحُصيري: الشعر والتمرد الدائم!!
- بين الواقعية السياسية والاستهلاك الشعبي
- التحدي الإيراني بين المناورة والمغامرة
- حالة تسامح!!
- آثار العراق ذاكرة العالم
- محاكمة كراديتش.. «شيطان الشعر» أم لوثة التلذذ بالدم؟
- القنبلة النووية الباكستانية والإرهاب!
- الدب الروسي والمشاغب الجورجي
- روسيا واللحظة الجورجية
- من إرهاصات ربيع براغ!
- إمبراطورية الذهب الأسود: هل من خيار!؟


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ثرثرة الديمقراطية