أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تاج السر عثمان - حول كتاب الحزب الشيوعي السوداني والمسألة الجنوبية(1946- 1985م) ل د. جعفر كرار: عرض وتعليق















المزيد.....


حول كتاب الحزب الشيوعي السوداني والمسألة الجنوبية(1946- 1985م) ل د. جعفر كرار: عرض وتعليق


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2432 - 2008 / 10 / 12 - 09:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صدر عن دار جامعة الخرطوم للنشر كتاب الحزب الشيوعي السوداني والمسألة الجنوبية(1946- 1985م) لد. جعفر كرار احمد. جاء الكتاب في 407 صفحة من الحجم الكبير:23*17 سم، ويشتمل علي الأبواب والفصول الآتية:-
الباب الأول: المسألة القومية الاشكاليات والحلول، ويتكون من فصلين: الأول بعنوان أضواء علي اشكاليات المسألة القومية دوليا، والثاني: الجذور الفكرية للبرنامج الماركسي – اللينيني.
الباب الثاني بعنوان: الحزب الشيوعي السوداني والمسألة الجنوبية، ويتكون من فصلين: الأول: مرحلة ماقبل الانفجار(1946- 1955م)، والثاني: مرحلة مابعد انفجار أغسطس(1955- 1958م).
الباب الثالث: يغطي الفترة : نوفمبر 1958- اكتوبر 1964م.
الباب الرابع: غطي الفترة: اكتوبر 1964م- يونيو 1969م، ويتكون من فصلين: الأول غطي الفترة:اكتوبر1964- يونيو 1965م، والثاني يغطي الفترة:يونيو 1965- مايو 1969م.
أما الباب الخامس فيغطي الفترة: مايو 1969 – ابريل 1985م، ويتكون من فصلين: الأول يغطي الفترة: مايو 1969م- يوليو 1971م، والفصل الثاني يغطي الفترة: يوليو 1971- ابريل 1985م.
اضافة الي خاتمة وملاحق عبارة عن وثائق هامة للحزب الشيوعي عن قضية الجنوب.
استند الكاتب في بحثه علي مصادر أولية شملت وثائق الحزب الشيوعي اضافة لمصادر شفهية شملت مقابلات مع بعض قادة الحزب الشيوعي السوداني.
ومن قائمة المصادر في نهاية الكتاب التي تتكون من مصادر أولية وثانوية، نلاحظ أن الكاتب بذل جهدا كبيرا في هذا البحث والذي انجزه لنيل درجة الماجستير من معهد الدراسات الافريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم، والتي أشرف عليها الدكتور الفاتح عبد الله عبد السلام الأستاذ بالجامعة الاسلامية بماليزيا، كما قام بالتقديم للكتاب.
مع تقديري واشادتي بالجهد الذي بذله الكاتب في هذا البحث، والذي جاء رصينا وموضوعيا، وغطي جانبا هاما في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني ومواقفه، استنادا الي الوثائق حول المسألة الجنوبية، الا أن الكاتب في تقديري خلص الي استنتاجات، أري من المهم مناقشتها مثل:
أولا: جاء في الكتاب ص 43 (وفي تقديري أن الشيوعيين السودانيين انكبوا علي دراسة البرنامج الماركسي لحل المسألة القومية ليهتدوا به أو ليستنبطوا منه حلا مقبولا للمسألة الجنوبية، محاولين قدر استطاعتهم مراعاة الواقع السوداني، وهو يستنيرون بتجارب امم وشعوب اخري).
يبدو لي أن الصورة التي عكسها الكاتب غير حقيقية وغير دقيقة، لأنه لو انكب الشيوعيون السودانيين علي دراسة البرنامج الماركسي – اللينيني أو نصوص الماركسية – اللينينية، لمشوا مكبين علي وجوههم، وخرجوا بحل جاهز ومريح للذهن الكسول ، وهو تقرير المصير في ذلك الوقت، ولكنهم انطلقوا من واقع المشكلة، ومن ظروف السودان يومئذ، وصاغوا شعار الحكم الذاتي الاقليمي في اطار السودان الموحد، والواقع أن الحزب الشيوعي السوداني درس تاريخ المشكلة ودور الاستعمار البريطاني في تفاقمها، وقد لخص د. عز الدين علي عامر في مقال له بعنوان(رأي في مشكلة الجنوب) بمجلة (الفجر الجديد) بتاريخ: أول اكتوبر 1957م، الجهد الذي بذله الحزب الشيوعي السوداني علي النحو التالي:
1- سكان الجنوب لايكونون(قومية واحدة) أو (أمة واحدة)، بل هم (أقليات قومية)، وهذا التفريق مهم جدا، اذ أنه يحدد صلاحيتهم لحق تقرير المصير من عدمه.
2- ان المسألة الجنوبية هي جزء من من مشكلة الأقليات في السودان.
3- ان الظروف الاقتصادية والثقافية السائدة في جنوب السودان، لاتمكننا من تقرير مااذا كان الجنوب سوف يتطور الي امة واحدة أو يظل طريق تطوره هو الطريق القبلي.
4- الخلافات القبلية لاتزال مستمرة في جنوب السودان ولايحجبها الان الا الكراهية وعدم الثقة المشتركة في الشماليين.
5- شعور الجنوبيين العدائي نحو الشمال حقيقة واقعة، هي نتاج سياسة الاستعمار والارساليات وشعور بعض القبائل الجنوبية.
اذن فواجبنا عندما نفكر في حل للمسألة الجنوبية أن ننظر الي جميع تلك الزوايا، حل يكون هدفه الآتي:
- الاحتفاظ للجنوبيين بحق تقرير المصير حتي ذلك الحين الذي يصل التطور بهم الي تكوين(أمة) أو قومية.
- العمل علي تقدم الجنوب ثقافيا واقتصاديا وسياسيا في ظل نوع من الحكم يكفل للجنوبيين حكم أنفسهم، والتمتع بالمساواة في الحقوق والواجبات مع بقية الأقليات أو القوميات التي تعيش في السودان، وأن تستعمل لغاتها المكتوبة والمنطوقة، وأن تعمل علي تطوير اقتصادياتها المحلية وعاداتها وثقافاتها وتاريخها وفنونها وآدابها، وان تعمل علي رفع المستوي الصحي، وشق الطرق والمحافظة علي الماشية، وما الي ذلك من المشاكل المحلية، في حدود ميزانية محلية ضمن نطاق الدولة الموحدة. هذا النظام هو مايعرف باسم( المناطق المستقلة ذاتيا).
- العمل علي احلال المودة محل الكراهية والثقة المتبادلة بين مختلف الأقليات القومية لتتناصر في سبيل رفعة الوطن وتقدمه)( انتهي حديث د. عز الدين علي عامر).
اذن يبدو لي من التعسف القول بأن الشيوعيين السودانيين انكبوا علي دراسة البرنامج الماركسي - اللينيني لحل المسألة القومية ليهتدوا به أو ليستنبطوا منه حلا مقبولا للمسألة الجنوبية، كما أشار الكاتب، فالحزب الشيوعي انطلق من واقع المشكلة مسترشدا بالماركسية كمنهج، ومن منطلق أن الممارسة تغني وتخصّب النظرية، فالنظرية رمادية وشجرة الحياة مخضرة دوما، كما كان يقول الشاعر الالماني غوته.
ثانيا: أشار الكاتب الي أن التقرير السياسي للمؤتمر الرابع لحزب الشيوعي السوداني(اكتوبر 1967م)، لم يتطرق للمسألة الجنوبية الا بصورة عابرة(ص 303).
مع اتفاقي مع الكاتب في هذه النقطة، اذ كان من نقاط ضعف وثيقة المؤتمر الرابع عدم تناول قضية الجنوب بشكل عميق، ولكن نلاحظ أن دورة اللجنة المركزية في يوليو 1968م، والتي صدر منها وثيقة(قضايا مابعد المؤتمر)، عالجت هذا النقص حول الجنوب، أشارت وثيقة (قضايا مابعد المؤتمر) الي الآتي:-
- بدون اعتبار وضع الجنوب يصبح دائما علي كل نهضة ثورية في البلاد أن تواجه مشاكل تضعف من قدراتها وتستنزف طاقاتها، وما خبرة ثورة اكتوبر ببعيدة.
- حل قضية الجنوب اعتمادا علي حل القضية في الشمال: قضية الديمقراطية وقضية التنمية الاقتصادية للوطن السوداني ككل، وقضية موقف الحرية للوطن بشكل عام.
- علينا الا نقيم الحواجز لمجرد أن الحركة السياسية في الجنوب ذات روابط وصلات بنفوذ اجنبي، علينا أن نتفهم، وان ندرك الوضع في الجنوب علي حقيقته، وضعف الحركة االسياسية ويأس جماهير واسعة من الجنوبيين، ومن المثقفين الجنوبيين من احتمال حل مشاكلهم مع الشمال، والا نضع بيننا وبينهم حاجزا، ولانطبق ما نطبقه في الشمال في التعامل مع نوع هذه القوي، بل علينا أن نتقدم في جرأة ونطلب منهم مناقشة مفتوحة مع الشيوعيين ومع قوي الثورة بوضوح حول مطالبهم، وأن نؤكد لهم بوضوح انه لن يتم حل مشكلة الجنوب الا باعتبار التحالف مع القوي الديمقراطية في الشمال، والا علي اساس تطور البلاد في الطريق غير الرأسمالي.
- ليس هناك من طريق غير التحالف مع الحركة الديمقراطية في الشمال، وأنه ليس هناك طريق غير خروج بلادنا من طريق التخلف والتنمية الرأسمالية التي تسند الاضطهاد القومي، وانه لايمكن رفع الاضطهاد القومي، الا اذا سارت البلاد في استيفاء الثورة الوطنية الديمقراطية، وعلي مقاييس جديدة لمجتمع اشتراكي قائم علي الاخوة بين جماهير الشمال والجنوب والمساواة في الحقوق وعدم اعتبار الجنوبيين كمواطنين من الدرجة الثانية)(ص 68- 72 ).
ثالثا: أشار الكاتب في ص 305 الي أنه في الفترة:25/مايو 1969 – حتي 19/يوليو 1971م ( تخلي الحزب الشيوعي السوداني عن خطه الرابط بين استعادة المؤسسات الديمقراطية واطلاق الحريات كشرط أساسي لأى حل ديمقراطي سليم للمسألة الجنوبية، اذ أنه ماعاد يتحدث في هذه الفترة عن المؤسسات الديمقراطية والحريات الصحفية والسياسية، وذلك لارتباطه بتحالف متوتر مع حكومة جعفر نميري العسكرية).
صحيح أن الحزب الشيوعي أيد انقلاب 25/مايو/1969، ودخل معه في تحالف مشوه، واحتفظ بموقفه المستقل في نقد سلبيات وأخطاء النظام، ورفض التاييد الاجوف الذي كانت تدعو له المجموعة المنقسمة من الحزب، الا انه ليس دقيقا أن الحزب تخلي عن اطلاق الحريات كشرط أساسي لأي حل ديمقراطي سليم للمسألة الجنوبية، علي سبيل المثال جاء في وثيقة المؤتمر التداولي لكادر الحزب الشيوعي المنعقد في اغسطس 1970م، مايلي:-
( القضايا الأساسية لاعادة بناء الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في بلادنا علي اسس ديمقراطية مازالت تنتظر الحل، ونحن نناضل في سبيل:-
- ديمقراطية جهاز الدولة وهو شعار الثورة الديمقراطية.
- اشاعة الديمقراطية في حياة أغلبية الكادحين السودانيين وهم جماهير المزارعين في القطاعين الحيواني والزراعي، وذلك بتغيير العلاقات الاجتماعية لما قبل الرأسمالية، وباحداث اصلاح زراعي يدفع بعوامل التطور غير الرأسمالي خطوات الي الامام ويحسن من مستوي معيشة فقراء المزارعين والعمال الزراعيين.
- التطبيق الفعلي لنظام الحكم الذاتي الديمقراطي في جنوب البلاد.
- تقنين الحرية السياسية للجماهير الثورية: من حقوق في التنظيم والتعبير وشرعية منظماتها الثورية وبينها الحزب الشيوعي السوداني..الخ.
- تطبيق الديمقراطية في مؤسسات الانتاج الحديث وذلك بالاشتراك الديمقراطي للجماهير العاملة في ادارتها).
تواصل الوثيقة وتقول:-
(- الثورة الديمقراطية الثقافية التي تعبر عن جفاف الحياة في بلادنا وتوفر انتشار الوعي بين الجماهير مما يستحيل بدونه الانجاز الشامل للثورة الديمقراطية والتوجه صوب البناء الاشتراكي.
- رفع مستوي المداخيل الحقيقية للجماهير الكادحة مما يجذبها بالفعل للدخول في ميادين النشاط السياسي والاجتماعي ويفجر من طاقاتها ويوسع من دائرة النشاط الديمقراطي في بلادنا).
وهذا يشير الي أن الحزب لم يتخلي عن الدفاع عن الحقوق والحريات السياسية للجماهير الثورية ورفع مستوي معيشة الجماهير كشرط للتطبيق الفعلي لنظام الحكم الذاتي الديمقراطي في جنوب البلاد. وقد طور الحزب خطه حول الديمقراطية التعددية، في دورة اللجنة المركزية اغسطس 1977م بعنوان(جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن).
رابعا: أشار الكاتب في ص 304 الي أن(معارضة الحزب الشيوعي لاتفاقية أديس أبابا جملة وتفصيلا تنم عن تسرع نتج عن غلبة روح المعارضة السياسية والكراهية الشديدة لحكومة الرئيس جعفر نميري علي القراءة المنهجية المتأنية التي جبل عليها الشيوعيون السودانيين، وقد حرمت هذه المعارضة الحزب من ان يري الكثير من الايجابيات والرؤي المضمنة في قانون الحكم الذاتي الموقع في عام 1972م).
في اعتقادي أن المشكلة لم تكن في قانون الحكم الذاتي، ولكن كانت في حكم الفرد الذي صادر الحقوق والحريات الديمقراطية والتي تعتبر الشرط الأساسي لنجاح الحكم الذاتي، واستمرار السلام والتنمية، فحكم الفرد هو الذي نسف الاتفاق، وانفجرت الحرب من جديد في الجنوب بشكل اوسع من السابق عام 1983م، وهذا ما كان يحذر الحزب الشيوعي منه.
ونلاحظ أن الكاتب نفسه أشار الي نقطة صائبة في ص 301: ( ان حكم الفرد في بلد مترامي الأطراف ومتعدد القوميات كالسودان، يضر بشكل بالغ بقضية الوحدة الوطنية، ولاسيما بالنسبة للمسألة الجنوبية التي تتطلب حلا وليست القرارات الفوقية).
وقد لخص الفريق جوزيف لاقو في مذكراته التي ترجمها الاستاذ/ محمد علي جادين، وصدرت عن مركز محمد عمر بشير 2005م، لخص تجربة انهيار اتفاقية اديس ابابا في ص 485، في الاتي:
( مزق نميري عمليا قانون الحكم الذاتي الاقليمي لسنة 1972 م، واستبدله بالأمر الجمهوري لسنة 1983م، الذي اصدره بأمر مؤقت، ونتيجة لذلك، أصبحت مديريات الجنوب تخضع لقانون الحكم الاقليمي لسنة 1980م مع المديريات الشمالية الست(تقسيم الاقليم الجنوبي الي ثلاثة أقاليم).
كما أشار جوزيف لاقو في ص: 487- 488 من مذكراته الي عوامل اسهمت في انفجار وتطور التمرد أهمها:
- الارتباك والتشويش السائد وسط السياسيين الجنوبيين الناتج أساسا من ضعف الاجراءات والجوانب الاقتصادية في اتفاقية اديس ابابا 1972م.
- خيبة الأمل الناتجة من عدم جدية الحكومة المركزية لتنفيذ أي مشاريع تنموية في الجنوب بعد تطبيق الحكم الذاتي الاقليمي.
- حدوث تغيير في توجهات الشمال، حيث اصبحت الحكومة المركزية اكثر انحيازا للاسلام والعروبة، وهي توجهات لاترضي الجنوب، وادت في النهاية الي ظهور ردود فعل معاكسة وسط تجمعاته السياسية، وصلت قمتها بدعوة لقيام حركة تحرير جديدة.
- توجهات نميري الميكيافيلية للسيطرة والاستمرار في كراسي الحكم، أدت الي استبعاد وتهميش معظم السياسيين الجنوبيين من حوله بعد استخدامهم واستغلالهم في صراعاتهم مع بعضهم البعض، وسلوكه غير المستقر هذا لم يترك له سوي الباحثين عن المواقع والمصالح الضيقة.
- تواصل رفض الجنوبيين لاعادة تغيير القوات العسكرية في الجنوب بشكل دوري بين فترة واخري، وادي ذلك الي عودة الصراع المسلح من جديد، والي تحريك مشاعر الجنوبيين ومطالبتهم بجيش مستقل ودولة مستقلة، وبدأ الشمال يبدو كمستعمر اكثر من شريك في رابطة وطنية مشتركة.
- عمليات (الكشة) التي تركزت في الجنوبيين وبعض المجموعات في المناطق المهمشة في الشمال، ساعدت حركة تحرير شعب السودان علي تمديد نشاطها الي تلك المناطق وتوسيع نفوذها في المناطق المجاورة).
وفي اعتقادي أن هذا التلخيص لتجربة اتفاقية اديس ابابا والذي قدمه جوزيف لاقو، يؤكد صحة معارضة الحزب الشيوعي السوداني لاتفاقية اديس ابابا والتي تمت في غياب الديمقراطية والحل الشامل، رغم ترحيب الحزب الشيوعي مع الدوائر المحلية والعالمية بوقف نزيف الدم في الجنوب. ورغم ذلك لم يكن موقف الحزب الشيوعي السوداني بتلك الصورة القاتمة التي صورها الكاتب من اتفاقية اديس ابابا، علي سبيل المثال:
- جاء في دورة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني(يوليو 1972م)، وتحت عنوان (منهج عملنا في الجنوب بعد اتفاقية اديس ابابا) ما يلي:
( تنفيذ الاتفاقية لن يؤدي لحل مشكلة الجنوب الوطني الديمقراطي، بل يضع مزيدا من العراقيل والصعاب امام حلها مستقبلا، وستظل قضية توحيد القبائل والقوميات الجنوبية علي اسس ديمقراطية متقدمة تنتظر الحل، تنفيذ الاتفاقية لن يؤدي الي الاستقرار كما تدعي سلطة الردة، بل يحمل في طياته أزمات ومشاكل ساخنة سرعان ما تنفجر في الصراع علي السلطة، وفي مواجهة مشاكل التوطين، وليست مشكلة العائدين سوي مشكلة واحدة من المشاكل العديدة المتفرعة من القضية الأساسية- نهوض الجنوب بملايينه الاربعة والوضع الاقتصادي المنهار وانعدام ضروريات الحياة من غذاء ودواء ومواصلات وغيرها- كانت خافية تحت نار التمرد والحزازات القبلية والعشائرية القديمة والجديدة والاطماع الشخصية لقيادات التمرد وبينها وبين مجموعات السياسيين المقيمين في البلاد من الجنوبيين، كل هذه المشاكل بدأت تطل برأسها رغم(الوحدة) البادية علي المجموعة التي تقود الجنوب اليوم).
تواصل الدورة وتقول: ( في الميدان السياسي نطرح امام النضال اليومي قضية الحريات الديمقراطية، حق تكوين النقابات والأحزاب والمنظمات الاجتماعية والثقافية في الجنوب، حق اصدار الصحف وحرية التعبير والنشر والاجتماع، وحق الجماهير دون قيد في انتخاب ممثليها في كل اجهزة السلطة الاقليمية والمركزية، مع مراعاة التمثيل العادل لشعوب وقبائل الاقليم صغيرها وكبيرها.
المطالبة بتفادي أخطاء السودنة التي تمت في الشمال عقب الاستقلال وما صاحبها من فساد ومحسوبية دون مراعاة الكفاءة والأمانة الوطنية، والنضال ضد تركيز السلطات في يد المجموعات البيروقراطية المسيطرة علي حكم الاقليم وكفالة حق العمل للجميع، وليس فقط للاوساط القائدة بين المتمردين العائدين.
تنشيط كل القوي الوطنية والديمقراطية في المشاركة الفعّالة في حل مشاكل توطين العائدين وفضح كل مظاهر الفساد الناجم عن التلاعب بالمؤن والغذاءات المخصصة لبسطاء الناس).
كل ذلك يوضح أن الحزب الشيوعي السوداني لم يتسرع في معارضة اتفاقية اديس ابابا، ولم ينطلق من كراهية شديدة لحكومة الرئيس جعفر نميري في معارضته للاتفاقية، كما أشار د. جعفر كرار، ولكن الحزب انطلق من تحليل موضوعي للاتفاقية، اخذ في الاعتبار توسيع الحقوق والحريات الديمقراطية والدفاع عن بسطاء الناس في الجنوب وتوفير احتياجاتهم الأساسية كشرط لاستدامة السلام واستقرار الأوضاع والتنمية.
خامسا: جاء في الكتاب ص 44 ( المفكر الانجليزي فردريك انجلز)، والصواب المفكر الالماني فردريك انجلز.
سادسا: جاء في ص 84 ( ومن خلال ادبيات الحركة العمالية السودانية، ومنذ ان بناها الحزب في الاربعينيات، ظلت تربي أعضاءها بعيدا عن الأفكار العرقية والعنصرية السائدة).
وفي تقديري أنه ليس دقيقا أن الحركة العمالية بناها الحزب الشيوعي وحده، ولم يدع الحزب ذلك، ولكن اسهم الحزب الشيوعي بقدر وافر مع القوي السياسية الأخري( اتحاديين، أمة..الخ) في تكوين هيئة شئون العمال(1946)، ولقد كان القيادي الشيوعي المرحوم الجزولي سعيد دقيقا عندما أشار الي ان: معركة تأسيس هيئة شئون العمال، كانت معركة وطنية عامة اسهم فيها الجميع، ولكن الشيوعيين لعبوا دورا مهما( راجع مذكرات الجزولي سعيد، مجلة الشيوعي- المجلة الفكرية للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني- العدد 150).
سابعا: اتفق مع استنتاج الكاتب في ص: 305- 306( ان الطرح الذي يجد حاليا مساحة مهمة في برنامج الحركة الشعبية لتحرير السودان وبعض المنظمات السياسية الأخري في غرب وشرق البلاد حول مفهوم السودان الجديد، وربط حلول مشاكل الأقليات القومية والتخلف في المناطق الاكثر تخلفا بمشكلة السودان ككل، طرح موجود في ادبيات وفكر الحركة الشيوعية السودانية منذ بداية الخمسينيات من القرن الماضي، وقد عبر عنه الحزب الشيوعي السوداني بشكل واضح في مؤتمر المائدة المستديرة عندما أشار عبد الخالق محجوب في خطابه امام المؤتمر الي انه( لايمكن الحديث عن التخلف في الجنوب بمعزل عن التخلف الاقتصادي والاجتماعي في كل السودان)، وقال (ان حل مشكلة الجنوب في القضاء علي التخلف، لا في الجنوب وحده، بل في السودان أجمع).
وأخيرا اكرر اشادتي بجهد المقل الذي بذله د. جعفر كرار في توثيق تاريخ ومواقف الحزب الشيوعي السوداني حول قضية الجنوب، ولاشك ان هذا الجهد يفتح الطريق والشهية للمزيد من التقصي والبحث في هذا الجانب، والجوانب الأخري من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني. ومن المهم ان يغتني الشيوعيون وغيرهم هذا الكتاب ويدرسوه، والذي يعتبر في تقديري من اهم المراجع العلمية الموثقة حول: الحزب الشيوعي السوداني وقضية الجنوب.
كما بذل الاخوة في دار النشر بجامعة الخرطوم جهدا كبيرا، حتي جاء الكتاب في طبعة انيقة، وبدون اخطاء مطبعية كثيرة مزعجة للقارئ.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول مصطلح المركز والهامش والمناطق المهمشة في السودان
- حول اسم الحزب الشيوعي السوداني
- تطورات الأزمة المالية
- المفهوم الماركسي للطبقة الاجتماعية
- المنهج الدبالكتيكي
- بعض المفارقات في الماركسية والتجارب الاشتراكية
- الديالكتيك والايديولوجيا ونظرية المعرفة الماركسية
- عائدات النفط السوداني
- النفط السوداني وآثاره علي الصراع الاقليمي والدولي
- تداعيات الأزمة العامة للرأسمالية
- ماهي دلالات أزمة النظام الرأسمالي الراهنة؟
- الايديولوجيا
- النفط السوداني : تاريخ الاكتشاف وارهاصات الصراع
- حول الفصل التاسع من مشروع برنامج الحزب الشيوعي السوداني تجدي ...
- المنهج ونظرية المعرفة الماركسية
- محمد بشير عتيق: من الوعي النقابي الي الخلق والابداع الفني
- الآثار السلبية للجمود النظري علي تجربة الحزب الشيوعي السودان ...
- ديالكتيك هيغل: كل الفلسفات حقة وباطلة
- تجربة الصراع الفكري في الحزب الشيوعي السوداني، الفترة(1952- ...
- حول احداث العنف في العاصمة السودانية


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تاج السر عثمان - حول كتاب الحزب الشيوعي السوداني والمسألة الجنوبية(1946- 1985م) ل د. جعفر كرار: عرض وتعليق