أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - تاج السر عثمان - الآثار السلبية للجمود النظري علي تجربة الحزب الشيوعي السوداني















المزيد.....



الآثار السلبية للجمود النظري علي تجربة الحزب الشيوعي السوداني


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2410 - 2008 / 9 / 20 - 10:31
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


الجمود النظري :
نلاحظ أن الحلقات الأولي التي أسست الحزب كانت مؤلفات ستالين والتي تعبر عن الجمود النظري ، متداولة فيما بينها ، وحتى المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي في عام 1956 . وكانت وثائق الحزب الشيوعي السوداني مثل دورات ل .م مليئة بالنصوص من ستالين ، ماو تسي تونغ ، ... الخ ، وكنا نقول الماركسية – اللينينية – الستالينية ، إضافة إلى كثرة النصوص من مؤتمرات الحزب الشيوعي السوفيتي وكثرة الحديث عن علم الثورة الماركسي – اللينينيي – الستاليني ، وتعليم الرفيق يوسف ستالين .
وفي عدد الشيوعي( المجلة الفكرية للجنة المركزية) العدد ( 8 ) الصادر عام 1956 أشار عبد الخالق إلى ما يلي : ً أن الجمود تسرب إلى حزبنا في الظروف التي اكتنفت دخول الماركسية إلى بلادنا ، فعقب الحرب العالمية الثانية تزايدت القوة الجاذبة في المعسكر الاشتراكي ، وأصبحت شعوب المستعمرات والبلدان التابعة تؤيد تأييدا تاما وفعالا الاتحاد السوفيتي وتعطف عليه وبدخول الماركسية في بلادنا – وفي وقت ليست فيه تيارات فكرية أصيلة مناوئة ، كان هناك إقبال على هذه الأفكار وتقبل لها . ً
ويواصل عبد الخالق ويقول : ً إن الانتصارات الأولية جعلتنا نستند دائما إلى النتائج العامة للنظرية الماركسية ، ونهمل جانب دراسة خصائص شعبنا وظروفه وأن نضع في اعتبارنا التجربة السودانية الخاصة ، وبهذا ظهر وسطنا اتجاه لإهمال الدراسة الواقعية والاعتماد على النتائج الماركسية العامة ومحاولة تطبيقها بشكل أعمي ودون دراسة موضوعية علمية لما يجرى حولنا .. ٍ ( ص 46 ) .
والجمود كان له الأثر الكبير في ضعف العمل النظري في الحزب ، فبعد ست سنوات من تأسيس الحزب لخصت وثيقة ً في سبيل تقوية حزبنا وتوسيعه ً الصادرة في عام 1952 هذه القضية على النحو التالي : ً ضعف العمل النظري ، عدم نشر الماركسية وتقريبها للشعب ، ضعف ترجمة الكتب الماركسية . ٍ . كما أشارت الوثيقة إلى نقطة هامة وهى تسجيل الفشل في توضيح القضايا الرئيسية لشعبنا من زاوية الماركسية ونشر هذا التوضيح : فلم ينشر كتاب ماركسي حول تاريخ السودان ، حول ثورة 1924 ، حول الحركة الوطنية ، حول الأدب القومي ..ً .
فرغم نجاح الحزب في استنهاض الحركة الجماهيرية ، إلا أنه فشل في بعث حركة سياسية حقيقية تحت قيادته ، وعزت الوثيقة السبب الأساسي في ذلك هو الفشل في القيام بأعباء النضال الفكري والأيديولوجي .. ً .
كما ظهر تيار كامل يرى دراسة الماركسية في كورسات معزولة عن الواقع ، ولكن تمت هزيمة هذا التيار ، وتم ترسيخ مفهوم أن الطريق الوحيد لاستيعاب النظرية بالارتباط بالواقع .. والضعف النظري كان واضحا من العضوية الكبيرة التي كانت تلج الحزب ثم تخرج منه نتيجة لفشل الحزب في تقديم عمل نظري لها كما حدث في عام 1953 وبعد ثورة اكتو بر 1964 . كما أن الضعف النظري كان واضحا في القيادة والقاعدة .
• بعد ثورة اكتو بر 1964 مثلا ، واشتراك الحزب في الحكم واجه الحزب أزمة حادة إذ أنه لم يستطع أن يقدم مشاريع قوانين ودراسات حول جهاز الدولة والاقتصاد ، كما لم يكن لديه جهاز متخصص في مشكلة الجنوب .
• ضعف الكادر المتفرغ القيادي النظري – وتركيزه على العمل السياسي اليومي ، وعدم تخصصه في فرع من فروع المعرفة الماركسية ( راجع دورة ل . م 24 / 9 / 1965 ) .
• أشارت وثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية الى لآتي : -
ً إن معظم كادرنا نال معرفة الماركسية بالقدر الضئيل الذي أتاحته لنا ظروف العمل الثوري ، وتعرف على الماركسية اللينينية في فترات تقديمها لطلائع الشعب ، وقد انغمس هذا الكادر في مشاكل العمل اليومي التي لم تهئ لحزبنا فترة من التطور المستقر والهادئ نتيجة للتطورات العاصفة للحركة الجماهيرية والهجوم المستمر على حزبنا من قبل الاستعمار والرجعية . ً ( طبعة دار الوسيلة ص 80 – 81 ) . كما أشارت الوثيقة إلى أسباب عاقت العمل النظري منها : أ – الأشكال التنظيمية ب – عدم وجود جهاز فعال للتعليم الحزبي والتثقيف .
ضعف الأداء النظري :
ظل بعض كادر الحزب القيادي بعيدا عن العمل النظري حتى أصبح محصورا في حدود تجربته التاريخية وممارسته العملية لسنوات طويلة في العمل السياسي والتنظيمي والإداري علما بأن العمل النظري هو الذي يصقل هذه التجربة والممارسة ويؤدي إلى ارتقائها وتطورها . ولاجدال أن العمل النظري يكتسب أهمية كبيرة في هذه الظروف التي يشهد فيها العالم متغيرات عاصفة ، ولا يمكن تخطى الجمود بدونه – وفي الاتجاه السليم : النظرية تكمل وتتمم الممارسة ، والممارسة تغني النظرية .
وبدون فتح ورش وخلق مراكز إشعاع بمختلف الأشكال لازدهار وتطور العمل النظري وممارسته وخلق كادره ، لايمكن الحديث عن نظرية للثورة السودانية ، وربما يتحول ذلك إلى شعار أجوف مثل الشعار الذي رفعه الحزب بعد المؤتمر الثالث ً اجعلوا من الحزب الشيوعي قوة اجتماعية كبرى ً ، ولكنه ذهب أدراج الرياح .
لقد ظلت قضية العمل النظري والارتقاء به مطروحة منذ تأسيس الحزب ، ولكن لم يحدث أي تقدم يذكر في هذا المضمار حتى صدمتنا الأحداث الأخيرة في شرق أوربا .
سوف أبدأ وانطلق من نقد الماركسية وقضايا الثورة السودانية : ً إن حديثنا عن الحزب الشيوعي بوصفه الحزب من النوع الجديد يقع في ميدان أسس تنظيمه ولوائحه المتمشية مع قوانين التطور الاجتماعي ، ولكنه في الواقع يعاني من كل أمراض البدائية والتخلف في الأداء والتنفيذ ، وما لم يحل هذا التناقض بحسم ، فإن فرص العمل الثوري تضيع من بين الأيدي ويلحق بإنجاز مهام الثورة الديمقراطية الضرر الجسيم ً ( . طبعة دار الوسيلة ، ص 121 – 122 ) .
ما يهمنا في هذا النقد هو أمراض البدائية والتخلف في الأداء النظري وضعف أداء الكادر القيادي في ميدان العمل النظري ، الذي بدونه لا يتطور العمل السياسي وتجربة الكادر التاريخية نفسها ، ومعلوم أنه من خلال العلم والنظرية يستوعب الكادر والأعضاء تجربتهم بشكل أفضل ويتم الانتقال من المحدود إلى اللامحدود .
يفيد كثيرا قبل الحديث عن تطوير العمل النظري في الظروف الجديدة ، عمل تحليل عميق ونقدي لظاهرة ضعف الأداء النظري في الحزب ، لماذا حدثت وتفاقمت هذه الظاهرة ؟ وما هي جذورها ؟ وما هي أسبابها الباطنية والظاهرية سواء كان ذلك في الحزب أو في كادره القيادي أو في المجتمع السوداني ككل الذي يشكل الحزب نتاجه ؟ .
وربما يكون ضعف العمل النظري يرجع إلى خلفية الكادر القيادي الذي تصدى لبناء الحزب خلال فترة التأسيس – كما أشارت وثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية – وتلقي عموميات الماركسية ثم بعد ذلك انغمس في العمل اليومي ولم يتم سحبه من مشاغل العمل اليومي للتفرغ للدراسة والتخصص في ميدان العمل الثوري الذي عمل به .
غير مقبول المبررات التي أصبحت ممجوجة ً ضعف الإمكانات ً ، ً ظروف القمع والمطاردة ً ، وتقلب الحالة السياسية في السودان وعدم استقرار الحزب علنيا لفترة طويلة .. ً ... الخ . هذا علما إن بعض الكادر القيادي قضي عشرات السنين في سجون نظام عبود وسجون مايو وسجون الإنقاذ معطلا ، ألم يكن من الأفضل أن يقضي سنوات دراسة معلومة في الداخل أو الخارج ويعود بعدها مؤهلا في مجال العمل الذي تخصص فيه ؟ .
وإذا كانت الخدمة المدنية والشركات تبعث بخيرة كادرها للتخصص في الخارج أو الداخل لسنوات طويلة بهدف الارتقاء بعملها وأدائها ، ألم يكن من باب أولى أن يتم ذلك في الحزب الذي يكثر فيه الحديث عن العلمية والتخطيط العلمي وانفصال الأقوال عن الأفعال ، والبدائية في التنفيذ ، وعندما ينفصل القول عن العمل ، تترسخ البدائية ، ويتم تكريس الجمود .
وهناك تجارب لأحزاب مشابهة كانت تعيش – ولازال بعضها – تحت قهر أنظمة دكتاتورية وفاشية لعشرات السنين مثل : الحزب الشيوعي الأسباني ، والحزب البرتغالي والحزب العراقي والحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا وغيرها ، ومع ذلك استطاعت أن تواصل العمل النظري في الداخل والخارج ، وكانت لها منابرها ومؤسساتها ودور نشرها ، بل أن الحزب الشيوعي العراقي استطاع أن يعقد مؤتمره الرابع داخل العراق رغم دموية ووحشية نظام صدام حسين وينجز التعميم النظري لتجربته السابقة ، وهذه الأحزاب وغيرها في مقدورها الآن أن تواصل العمل النظري من نقطة متقدمة انطلاقا من حصيلة عملها السابق ، مهما كانت سلبياته . فضعف العمل النظري والثقافي في الحزب كان من العوامل التي عطلت نمو الحزب في الفترات السابقة ، وربما كان أيضا من العوامل السلبية والطاردة للذين يلامسون الحزب من حقل الثقافة والنظرية .
وربما كان ضعف النواة القيادية الأساسية في الحزب النظري والفلسفي أيضا من العوامل التي أسهمت في إحجام بعض الكادر المثقف في الحزب أو ضعف اهتمامه بإنجاز الواجبات في الجبهة الفكرية والنظرية والثقافية بسبب عدم وجود الخطة والأفق والمشاريع الطموحة وضرب المثل ، فنشاط النواة القيادي النظري من العوامل الحاسمة والمحركة لمجموع قدرات الحزب الثقافية والنظرية في ذلك الاتجاه . وهذا ما كنا نلمسه من خلال فترة الديمقراطية الأخيرة : عزوف المتخصصين والمثقفين عن الكتابة في الميدان والشيوعي – الا نادرا أو عزوف عن التأليف أو أن المساهمات كانت شحيحة ولا تتناسب مع الكم من الكادر والمتخصص في الحزب ..
ومن أسباب ضعف العمل النظري كان – ولازال – غياب مقومات العمل النظري نفسها : مجلة نظرية ، مؤسسات ومراكز ومعاهد دراسات وبحث ، وعدم وجود سياسة ثابتة لتأهيل الكادر من خريجي الجامعات والمعاهد العليا وغيرهم للدراسة والتخصص في الخارج .
عموما وليس - هذا تبريرا – جذور العمل النظري كانت ولازالت ضعيفة وسط المثقفين السودانيين ، ووسط كادر الأحزاب السياسية الأخرى ، حتى الأحزاب التي تضم كما هائلا من المتعلمين مثل الأخوان المسلمين – فحصيلتها حتى في ميدان الاجتهاد في تطوير الإسلام والشريعة الإسلامية ضئيل ، دع عنك المساهمة في ميادين الثقافة الأخرى .
ورغم ضعف العمل النظري في الحزب الشيوعي ، إلا أن مساهمته في ميادين دراسة الاقتصاد السوداني ، مشكلة الجنوب ، التعليم ، ... الخ ، كانت أكبر مقارنة يمساهمة الأحزاب السياسية الأخرى .
وربما ترجع جذور ضعف العمل النظري والمنهجي في المجتمع السوداني إلى الآتي :
• محدودية وحداثة التعليم المدني الحديث في السودان ، الذي بدأ في بداية القرن العشرين . وكلية غردون التي تم إنشاؤها لم تكن مدرسة ثانوية بالمعنى المفهوم كما أنها لم تكن جامعة ، كما أنها لم تكن مدرسة عليا أيضا ، بل كانت كلية هدفها الأساسي تخريج الكتبة وصغار المحاسبين والفنيين والمهندسين ومدرسي الابتدائيات .. الخ . ولم يكن هدف الإنجليز من التعليم تثقيفيا أو تمليك الخريجين أدوات منهجية لمواصلة المعرفة والبحث بعد التخرج ، بل كان هدفهم تخريج أدوات عمل حية لتسيير جهاز الدولة الاستعماري . ويصف الأديب معاوية محمد نور مناهج كلية غردون بالآتي :ً كانت مناهج التدريس في كلية غردون غربية فليس هناك مجال للعلوم الطبيعية أو التاريخ الحديث والآداب ، وإنما معظمه تمرين على الآلة الكاتبة أو على شئون الهندسة العملية والمحاسبة .. ً ( معاوية نور : آراء وخواطر ، ص 34 ) . والتعليم نفسه كما ذكرنا كان ضئيلا ، وكان محدودا بأهداف الإنجليز ، مثلا نسبة التعليم كانت 2,5 % في عام 1937 ، 4 % في عام 1942 بين السودانيين ( عبد المجيد عابدين : تاريخ الثقافة العربية في السودان ، مطبعة مصر 1953 ، ص 82 ) . ولا نحتاج لجهد كبير لاستنتاج أن مثل هذا النوع من التعليم ( في الكيف والكم ) يتولد منه غياب الرؤية الفلسفية وانعدام المنهج العلمي لدي الكتاب والمثقفين والسياسيين في تلك الفترة ، ومع بداية انتشار التعليم المدني الحديث ، حتى أن شاعرا مثل التيجانى يوسف بشير كان يشير إلى غياب القيادة الفكرية وسط جيل وكتاب الثلاثينيات ( راجع مقال القيادة الفكرية في الأعمال الكاملة للتيجاني يوسف بشير ، السفر الأول ، تحقيق محمد عبد الحي ) .
• ولكن مع ذلك نلمس بعض اجتهادات من الجيل الأول من الخريجين الذي كسر سياج وحصار كلية غردون ونهل من الثقافة العربية الإسلامية ( عن طريق المؤلفات التي كانت تصل من مصر ، ومن الثقافة الغربية ، فنجد ومضات من الثقافة والفكر في الكتابات ظهرت في مجلة النهضة السودانية ومجلة الفجر اللتين كانت تصدران في الثلاثينيات ، فظهرت فيها أبحاث عن نظرية التطور ، والتعريف بالفكر الاشتراكي ، والدعوة لنهضة وتعليم المرأة ، وخلق فن وأدب ومسرح وموسيقي سودانية أصيلة بدلا من التقليد الأعمى ، كما ظهرت الدعوة لتكوين مدرسة تاريخية سودانية ( كتابات محمد عبد الرحيم ومكي شبيكة ) ، كما ظهرت الدعوات لتطوير التعليم وتحسين مضمونه والتوسع في التعليم العالي .
وعندما دخل الفكر الماركسي السودان كانت القاعدة المنهجية والنظرية وسط المتعلمين السودانيين هشة ، فضلا عن الجمود الذي كبل الماركسية ، ولم تكن هناك تيارات فكرية مناوئة ، ذات أساس فلسفي ونظري صلد ، حتى من باب تيارات الليبرالية والأفكار الديمقراطية والتنويرية – كما حدث في مصر مثلا ( كتابات سلامة موسى ، قاسم أمين ، العقاد ومدرسته الإنجليزية في البحث وطه حسين ومدرسته الفرنسية .. الخ ) .
إضافة لهشاشة المتعلمين السودانيين في تلك الفترة المنهجية ، نجد أن الطبقات مثل البورجوازية وشبه الإقطاع كانت من الضعف والهشاشة على المستوى الاقتصادي والفكري ، بحيث انهما لم يفرزا مفكرين يعبرون بوضوح عن مصالحهما ومطامحهما .
وفي هذا الجو دخل الفكر الماركسي السودان وتصدي لقضايا بعضها كان سابقا حتى لظهور الماركسية نفسها في المجتمعات الرأسمالية مثل : حقوق المرأة ، وبناء التنظيم النقابي .. الخ ، حتى أصبحت الشيوعية في السودان مرادفة لأفكار التحرر والتقدم العام التي أنجزتها الطبقات البورجوازية في المجتمعات الرأسمالية مثل : خروج المرأة للعمل ، حقوق الإنسان ، الديمقراطية الليبرالية ، سيادة حكم القانون ، العلمانية وفصل الدين عن الدولة .. الخ .
وعلوم أن الفكر الماركسي عندما تبلور على يد ماركس وانجلز ، استند إلى المنجزات الإيجابية لأفكار التنوير إلى أنتجها مفكرو البورجوازية في بداية ظهور المجتمع البورجوازي وانهيار الإقطاعية والعشائرية في أوربا مثل تحرير المرأة ، أفكار الاشتراكيين الخياليين ، منجزات أدم سميث وريكاردو وغيرهما في الاقتصاد ، مناهج الفلسفة العقلانية كما تبلورت عند ديكارت نلوك وهيوم ومنجزات هيغل وفورباخ .. الخ . أي أن الماركسية في نقدها للمجتمع البورجوازي استندت إلى منجزته الإيجابية ، التي على أساسها يتم التجاوز والتطوير مثل :
• توسيع الديمقراطية الليبرالية لتشمل المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي .
• المساواة التامة في الحقوق بين المرأة والرجل .
• المساواة التامة بين القوميات والديمقراطية كشرط لازدهارها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي .
• تطور الفرد الحر هو اشرط لتطور الجموع الحر .
• التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج في المجتمع الرأسمالي يتم تجاوزه بعلاقات إنتاج اشتراكية تفتح الطريق أمام تطور القوى المنتجة وتطور العلم والتكنولوجيا والمعرفة .
إذن يمكن القول أن دخول الشيوعية السودان لعب دورا مزدوجا :
• نشر الفكر التقدمي بالمعني العام والذي تصدت له الطبقات البورجوازية في بلدان الغرب الرأسمالي .
• الدعوة للاشتراكية فوق أرض يتم فيها إنجاز مهام النهضة الوطنية الديمقراطية .
هكذا نجد صورة الحالة الفكرية والمنهجية وسط المتعلمين والمثقفين السودانيين عندما دخلت الماركسية السودان وبالتالي أدى ذلك إلى تكريس الجمود والضعف النظري ، لأن الماركسية لا تتطور إلا في وجود تيارات فكرية مناوئة صلدة في البلد المعين ، وهذا ما كان غائبا في السودان ، كما أشار عبد الخالق .
وخلال عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ظهرت تيارات فكرية عاصفة في العالم الرأسمالي لم يتم حوار معها أو حتى تقديم لها بشكل جيد لدراستها ونقدها ، أو عمل ترجمات لها مثل مؤلفات مار كوز ، وأفكار اليسار الجديد ، وتيار الشيوعية الأوربية الذي ظهر في السبعينيات إضافة إلى التيارات الأخرى التي كانت موجودة في الغرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية مثل الوجودية وغيرها . كما ظهرت نظريات جديدة لمعالجة قضايا التخلف ( مؤلفات سمير أمين ، ومدرسة التبعية في أمريكا اللاتينية ) إضافة لتطور العلوم الاجتماعية في جامعات الغرب الرأسمالي وظهور تيارات جديدة استندت إلى مناهج الماركسية في استنباط مناهج اكثر تطورا في البحث مثل : مدرسة فرانكفورت ، النظريات البنائية والنقدية ، نظريات البحث الميداني ، النظريات المقارنة .. الخ . وتطور علم النفس ومناهجه في التحليل الذي فتح أفاقا جديدة ووسع من زوايا التحليل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ، هذا إضافة إلى أن الثورة العلمية والتقنية التي تطورت بوتائر عالية في السبعينيات ونتجت عنها تحولات اجتماعية وعلمية وفلسفية هائلة ، وقبل ذلك ظهور الشركات متعددة الجنسيات .
هذا إضافة إلى أفكار غار ودي ودوبرية وفانون .. كانت الدراسات لهذه الأفكار والنظريات الجديدة مبسطة ومبتذلة ، ولم يتم تفاعل وحوار جاد معها مثل ردود الكتاب السوفيت ومناهجهم العتيقة في تناولها ، باعتبارها معادية للشيوعية والسوفيت ، دون محاولة الغوص في تلك الأفكار والحوار معها ، والوقوف على الظواهر الجديدة في الحياة التي تطرحها تلك الأفكار والتي أحرزها العالم الرأسمالي المتطور وحركات التحرر الوطني ، هذا إضافة إلى مناقشات لها من منطلق الجمود لكتاب ماركسيين غربيين مثل جاك ووديس في مؤلفه ً نظريات جديدة عن الثورة ً ، ومثل مناقشات موريس كورنفورث لكارل بوبر الذي استخدم مناهج فلسفية ونقدية جديدة في نقد الماركسية .
أقول أن الأداء المنهجي والفكري كان متخلفا ، واعتبار كل ما هو جديد وناقد هو ضد الماركسية ، وبالتالي يتم تناوله بالحذر والريبة والعداء أحيانا ، دون الدراسة الناقدة والموضوعية وهضم الإيجابي في تلك الأفكار والمناهج الجديدة في علوم الاجتماع والاستفادة منها في البحث والتحليل ، وهذا هو المنهج الذي يعصم من الجمود .
ومن الأمثلة على الجمود وضعف الأداء النظري خلال فترة السبعينيات المناقشة التي جرت في مجلة الشيوعي ( 148 ) للشيوعية الأوربية ذلك التيار الذي ظهر في النصف الثاني من السبعينيات ، وكان أحد قادة الحزب الشيوعي الأسباني كاريللو الذي عاش حوالي أربعين عاما في الاتحاد السوفيتي منفيا هناك بعد الحرب الأهلية في أسبانيا عام 1936 ، وكان قد أصدر كتابا بعنوان ً الشيوعية الأوربية والدولة ً ، وكان ملخص مفاهيم كاريللو حول التجربة السوفيتية كالآتي :
• أصبحت الدولة السوفيتية في تركيبها ومسارها وتجاربها عقبة أمام السير نحو الاشتراكية .
• يستحيل بناء الاشتراكية الشاملة في بلد واحد بدون انتصار الاشتراكية في عدد من البلدان المتقدمة .
• ديكتاتورية البروليتاريا ليست الطريق لنجاح إنشاء ودعم هيمنة قوى الجماهير في بلدان الرأسمالية المتطورة ، إن الطريق الوحيد لهذه البلدان نحو الاشتراكية هو طريق البرلمان .
• المجابهة الدولية في مستواها الراهن لا تسمح بتحويل الدولة السوفيتية الى ديمقراطية الطبقة العاملة ، والمجابهة تضع في المقدمة دور الجيش والأجهزة المساعدة له وتفرض التجانس مكان المناقشة ودعم السلطة أكثر من تطوير الاشتراكية .
قد يختلف المرء أو يتفق مع تلك المفاهيم يومئذ ، فالمناقشة الآن ليست بأثر رجعي أو من منطلق الحكمة المؤجلة ، ولكن رد الشيوعي ( 148 ) على تلك المفاهيم لم يكن عميقا في مستوى دحضها ، وكان الرد :
ً لو بعث تر وتسكي من القبر لما عبر عن أفكاره بهذا الإفصاح وقد بزّ كاريللو غلاة التروتسكيين المعاصرين في صياغة الفكر التروتسكي الموغل في الذاتية النابعة من الهزيمة الماحقة التي سحقت جذوره وثماره على يد لينين والبلاشفة .. ً ( ص 18 ، الشيوعي 148 ).
وهذا مثال ( في سياقه التاريخي ) لمناقشة في السبعينيات للدفاع عن النموذج السوفيتي في أدبيات الحزب .
وكاريللو ليس أول من أشار إلى الخلل في النموذج السوفيتي وبلدان شرق أوربا الأخرى ، فقد أشار إليه زعيم الحزب الشيوعي الإيطالي بالميرو تولياتي الذي كتب تقريرا قبل وفاته بأيام عام 1964 عن الحالة في الاتحاد السوفيتي وفي البلدان الاشتراكية الأخرى يمكن تلخيصه في النقاط التالية :
1 – إن كل الأحزاب الشيوعية يجب أن تكون متساوية في الحقوق ، ولم يعد ممكنا قبول مقولة أن هناك أحزابا مسيطرة وأحزابا تابعة ، وأن وحدة الحركة العمالية لن تتأثر بالمساواة بين الأحزاب الشيوعية ، وإنما سوف يؤثر فيها هو دعوى الحزب المسيطر .
2 – إن الديمقراطية السياسية تواجه أزمة داخل المجتمعات الشيوعية ليس فقط من ناحية الحريات الشخصية أيضا ، وأن استحكام أزمة الديمقراطية قد وصل درجة لم يعد ممكنا أن تتحملها الشرعية ذاتها !
3 – إن الجمود العقائدي والبيروقراطي لعهد ستالين لم يقض عليه قضاءا كاملا رغم الحملة ضده ، بل ما زال متمركزا في مواقع متعددة استطاعت أن تقف وأن تثبت دورها وتؤكده بعد اختفاء ستالين .
4 – إن هتاك قحطا في التفكير النظري في المعسكر الشيوعي بينما العالم يتطور بسرعة ويعيش تغيرات ثورية تختلف عن القديم الموروث مما حول الفكر الشيوعي بالفعل إلى فكر جامد ومتخلف عن مواكبة العصر .
ومثال ثالث لاجتهادات من مفكرين ومبدعين ماركسيين خلال فترة الجمود ، هو الفيلسوف المجري جورج لوكا تش ، أذكر مؤلفاته التي كانت تثير الفكر والخيال مثل : ً التاريخ والوعي الطبقي ً ،ً ماركسية أم وجودية ً ، ً دراسات في الواقعية الأوربية ً .
ويمكن تلخيص مفاهيم ومقولات لوكا تش في الآتي :
• إن هناك أزمة في الرأسمالية وفي الاشتراكية .
• الماركسية بحاجة إلى أن تتخطي مرحلة العصر الستاليني ، لقد ترك ستالين ماركسية ماركس ولينين ووضع ماركسية خاصة به ، وهذه الماركسية في مبادئها العامة زائفة ، ونحن بحاجة لأن نجدد شباب الماركسية ، ونحن بحاجة إلى أن نضع الرينسانس الماركسي ، لقد كان ماركس وانجلز يدخلان في حسابهما التطورات الجديدة في الفكر والواقع على الدوام ، ولكن ذلك توقف بعد موت لينين .
• الطبقة العاملة في بلدان المعسكر الاشتراكي لا تحس بأنها في السلطة وهناك قرارات تتخذ باسمها لم تشارك في صنعها ، فكيف يحس الفرد أن هذه القرارات قراراته هو ؟
• لاحل سوى الدعوة للديمقراطية في بلدان المعسكر الاشتراكي .
• خطأ ستالين المدمر أنه حكم على الفن بطريقة توحي بأن البلاد في حرب داخلية دائمة
إذن القضية ليست جديدة ، فداخل الحركة الشيوعية نفسها كانت هناك عناصر حية تحس بالجديد وتسعي للحوار مع التيارات الفكرية الأخرى ، وتصارع ضد الجمود ، وكانت هناك العناصر الجامدة التي تتمسك بكل ما هو قديم وبالي وعفى عليه الزمن ، وتقاوم منطق التطور والتجديد .
في عام 1968 قدم الحزب الشيوعي اللبناني وقيادته نقدا للضعف والأداء القيادي النظري ، جاء في تقرير اللجنة المركزية أمام المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي اللبناني في يوليو 1968 ما يلي :
ً ويمكن القول أن مفهوم الثقافة والتثقيف الماركسي كان غائبا حتى عن القيادة نفسها ، ليس فقط بدليل أنها لم تسع لتغيير الأسلوب الجامد المتبع ، بل بدليل أنها لم تقم بدراسة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والسياسية المعمقة في ضوء الماركسية اللينينية ً .
ورغم أن هذا الحديث ليس غريبا على الحزب الشيوعي السوداني ، فقد طرح في ً وثيقة ل .م 1952 ً ً في سبيل تقوية حزبنا وتوسيعه ً إلا أن البدائية في الأداء والتنفيذ في جبهة العمل القيادي لم تؤد إلى تحويله إلى واقع . الفرق أن الحزب الشيوعي اللبناني حول ذلك إلى واقع ، وكان ثمرة ذلك حوار وبحث علمي جاد ونقاش ونقد هادف ودراسات عميقة للواقع اللبناني ( الطائفية ، المسألة القومية ، التركيب الطبقي ، ... الخ ) ، ومؤلفات لكتاب مثل مهدي عامل وحسين مروه وغيرهما .
فترة السبعينيات من القرن العشرين حدثت فيها تحولات عميقة في العالم ، كانت امتدادا للتطورات العلمية والسياسية التي ازدادت وتائرها بعد الحرب العالمية الثانية ، صحيح أن ديكتاتورية مايو والحصار الذي نتج عنها كانت معاكسة وغير مساعدة للتوقف على هذه التطورات بشكل أوسع وأعمق ، ولكن إذا كانت قضية تطوير العمل النظري مطروحة بعمق وبحدة وبتصميم لا يعرف الصعاب وبأفق وخيال واضحين ، كان من الممكن تجاوز تلك المصاعب والاستفادة بشكل غير محدود من قدرات كادر الحزب الذي كان خارج السودان ، من خلال خطة عمل وبرنامج محدد للعمل النظري ( مجلة ، دور نشر ، مراكز دراسات في الخارج ... ) .
من المصاعب أيضا عندما نتحدث عن التجديد النظري هي عدم وجود تقاليد نظرية سابقة ، وطبيعي أيضا بعد المتغيرات العاصفة في العالم والتحولات الناشئة من الثورة العلمية التقنية أن نبحث عن نظرية جديدة ومناهج جديدة ومفاهيم جديدة أو إعطاء مضامين جديدة لمفاهيم قديمة مستمدة من الواقع الجديد ، هذا طبيعي في المعرفة والعلم ، فكلما ما تخلفت نظريات قديمة أو تخطاها الواقع أو دحضها أن تحل محلها نظريات جديدة تعبر عن الواقع الجديد .
قبل اكثر من عشرين عاما كتب الشهيد عبد الخالق محجوب وثيقة حول البرنامج من معتقله في الشجرة ، أثارت تلك الوثيقة قضايا نظرية لم نتولاها بالدراسة النظرية العميقة ، صحيح أنه حدث تطور ودراسة في الجانب الخاص بالديمقراطية والتعددية ، ودراسات شحيحة متفرقة هنا وهناك حول الاقتصاد السوداني ، حول الإصلاح الزراعي ، ومن الأمثلة لتلك القضايا النظرية :
1 – الموقف من رأس المال الأجنبي 2 – التنمية الاقتصادية 3 – الديمقراطية والإصلاح الزراعي 4 – البعث الثقافي الديمقراطي 5 – قضية المرأة 6 – مسألة التجمعات القبلية والقومية في السودان 7 – الديمقراطية 8 – الدين والدولة وحرية العقيدة والضمير 9 – جهاز الدولة والتطهير 10 – الديمقراطية ومسألة الأدب والفن والبحث العلمي .. الخ .
ورغم أن بعض جوانب الوثيقة شاخت وعفي عليها مثل الأفكار التي استندت الى مفاهيم المنظرين الاقتصاديين السوفيت خلال فترة الجمود مثل : الصناعة الثقيلة ، المزارع الجماعية ، الاعتماد على العلاقات الاقتصادية مع المجتمع الاشتراكي ، الاستناد إلى تجربة الاتحاد السوفيتي في بناء المجتمع الصناعي الزراعي .. الخ . إلا أن القضايا النظرية التي أثارتها الوثيقة تحتاج فعلا إلى دراسات نظرية وتعميق .
فترة الجمود لم تكن منتجة – بالطبع – في ميدان خلق مفاهيم جديدة لدراسة التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية في الفترات المختلفة من تاريخ السودان ، وبالتالي لم يتم خلق مدرسة سودانية ماركسية تتناول خصائص التشكيلات الاجتماعية في الفترات التاريخية السابقة ، ما هي خصوصية كل تشكيلة ؟ فنجد أن بعض المثقفين الشيوعيين من اقتصاديين ومؤرخين وباحثين اجتماعيين .. الخ ذهبوا مذاهب شتي ، فمنهم من كان يقول بنظرية نمط الإنتاج الآسيوي ، ومن يتفق مع استنتاجات سمير أمين ونظرياته حول التشكيلة الرأسمالية الطرفية ، ونقد نظرية التخلف أو من كان يكرر استنتاجات ما يسمي بمدرسة التبعية التي أنتجها بعض الماركسيين والديمقراطيين المستنيرين في أمريكا اللاتينية . هذا علما أنه من الصعب بعد التطورات الأخيرة ، أن ينظر فرد أو حزب لبلدان العالم الثالث أو لفئة جزئية منه ذات خصائص متشابهة ، ذلك أن تلك الأبحاث والتنظيرات المختلفة لن تكون بديلا لدراسة كل تشكيلة اجتماعية على حدة وتوضيح خصوصياتها التى تميزها عن التشكيلات الأخرى ، وكيف تجلت التبعية فيها ؟ وكيف تم تصدير علاقات الإنتاج الرأسمالية إليها بعد ربطها بالسوق الرأسمالي العالمي ؟ .
الاحتياج هو لمدرسة سودانية أو نظرية سودانية لدراسة التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية في السودان ، وخلق مفاهيم ومصطلحات جديدة نابعة من الواقع السوداني ، ودراسة الخصائص إلى ميزت هذه التشكيلات عن غيرها في الفترات التاريخية المختلفة .
من الوثائق الهامة في فترة السبعينيات التي عالجت الوضع العالمي كانت دورة يوليو 1977 للجنة المركزية ، ومعلوم أن فترة السبعينيات شهدت تطورات عالمية عاصفة ، فخلالها اندفعت الرأسمالية بوتائر عالية لتجديد نفسها ، وبدأ المعسكر الاشتراكي في التصدع والترهل ، وجاء تحليل الدورة للوضع العالمي على طريقة الأحزاب الشيوعية ، من زاوية إعطاء صورة وهمية عن الوضع الدولي مثل :
• المنظومة الاشتراكية حققت تقدما ملموسا في جميع فروع النشاط الإنساني ، وانعكس في تحسين ملموس لشعوب بلدانها اجتماعيا وماديا وروحيا ً ( الدورة ص 5 ) .
• النظام الاشتراكي يمثل الفصيلة الرئيسية والطليعية للقوى المعادية للإمبريالية .
• تنامي مواقع الحركة الثورية بأقسامها الثلاثة : المنظومة الاشتراكية ، وحركة الطبقة العاملة العالمية ، وحركة التحرر الوطني ، وازدياد تضعضع مواقع الإمبريالية والرأسمالية .
• حينما توفرت للشعوب قيادة للطبقة العاملة وحزبها الثوري كما في فيتنام والصين وكوريا وكوبا ، استطاعت أن تصد هجمات العدو مهما بلغت شراستها ، وأن تمضي على طريق الاشتراكية الرحب .
وحول الخلافات في الحركة الشيوعية العالمية .. المشاكل والصعوبات .. جاء في الدورة :
ً وقد زاد من هذه الصعوبات عامل ذاتي هو تأخير العمل الفكري في الحركة عن متابعة ومعالجة بعض القضايا المعاصرة وخاصة آثار الثورة العلمية التكنولوجية في مختلف الميادين السياسية والاجتماعية آثار العلاقات الدولية المبتذلة في عصر انهيار الإمبريالية وانتصار الثورات الاشتراكية كما تخلف العمل الفكري عن دراسة واقع التركيب الباطني والنسيج الاجتماعي المتميز لبلدان منطقة التحرر الوطني وانتقال السلطة السياسية فيها من تحالف الرأسمالية وشبه الإقطاع إلى أيدي فئات البورجوازية الوطنية والصغيرة ومقومات التركيب الفوقي للمساحة الواسعة التي تحتلها في تلك المنطقة والتكوينات السابقة للرأسمالية ، وأثر الاستعمار الاستيطاني في تشكيل خصائص حركة التحرر الوطني في أفريقيا وفلسطين . ً ( الدورة ).
أشارت الدورة إلى خلافات محددة في وجهات النظر بين الحزب الشيوعي السوداني والحزب السوفيتي حول القضايا التالية :
• قيادة الطبقة العاملة للثورة الوطنية الديمقراطية .
• دور الديمقراطيين في منطقة التحرر الوطني .
• تكتيكات حزبنا منذ انقلاب 25 مايو 1969 .
• الموقف من الفكر اليميني التصفوي في حزبنا والانقسام الذي ترتب عليه في سبتمبر 1970 .
وهذا يعكس أن مواقف الحزب الشيوعي السوداني لم تكن متطابقة مع الحزب السوفيتي حول هذه القضايا ، ولكن الضعف النظري كان واضحا سواء كان في الحزب الشيوعي السوداني أو الحركة الشيوعية العالمية التي تخلفت عن معالجة الظواهر الجديدة في العالم ( مثل الثورة العلمية التقنية ونتائجها .. ) كما أشارت الدورة . وموقف الحزب ونظرته عموما لقضايا العالم وقتها لم يكن يختلف كثيرا عن موقف السوفيت والمنظومة الاشتراكية . كما أشارت الدورة إلى قضايا لازالت حية مثل :
• التحالف وضرورة إقامته على أسس ديمقراطية جماهيرية .
• الحزب الواحد المفروض بالقانون والانفراد بالسلطة يقودان إلى مصادرة الحقوق الديمقراطية للجماهير ، غير أنه لايمكن الوصول للاشتراكية إلا عبر الديمقراطية .
• التكتيكات الانقلابية غير مقبولة ، ولابديل أمام الحزب الشيوعي غير النشاط الجماهيري .
تلك هي القضايا الحية وغيرها التي يجب فرزها من القضايا التي شاخت وعفى عليها الزمن في أدب الحزب .
ومن الوثائق الهامة أيضا التي عالجت قضية الديمقراطية بعمق في السبعينيات دورة أغسطس 1977 بعنوان ً الديمقراطية مفتاح الحل للازمة السياسية : جبهة للديمقراطية وإنقاذ الوطن ً . والحزب الشيوعي من خلال تجاربه العملية كان يتحسس الطريق السليم ويتحسس تطوير الموقف من قضية الديمقراطية كما جاء في الدورة ، ولكن الجمود لم يساعد في بلورة قضية الديمقراطية في شكل نظري متماسك ، وسوف نعود إلى هذا الموضوع باستفاضة عند مناقشة مواقف الحزب وتجربته خلال انقلاب 25 مايو 1969 .
واصلت دورة ديسمبر 1978 القضايا الفكرية والعملية إلى أثيرت حول الديمقراطية كما ورد في دورة أغسطس 1977 ، ودعمت الاتجاه لترسيخ الديمقراطية ، كما عالجت القضايا الفكرية والسياسية التي طرحت نفسها بعد المصالحة الوطنية : الأزمة الاقتصادية – استغلال الإسلام كواجهة للتحالف . كما عالجت قضية الكادر باعتبارها الحلقة الرئيسية في مهام بناء الحزب .



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديالكتيك هيغل: كل الفلسفات حقة وباطلة
- تجربة الصراع الفكري في الحزب الشيوعي السوداني، الفترة(1952- ...
- حول احداث العنف في العاصمة السودانية
- قراءة في مانفستو الحركة الشعبية، مايو 2008م
- منظمات المجتمع المدني
- الذكري ال 76 لرحيل خليل فرح
- النفط السوداني:الشركات متعددة الجنسية وصراع المصالح
- تعقيب علي ندوة حوار حول التنمية( المفاهيم ومتغيرات العصر)
- حول الفصل الثامن من مشروع البرنامج- قدسية الدين ودنيوية السي ...
- دراسة في برنامج الحزب الشيوعي السوداني
- تجربة الصراع الفكري في الحزب الشيوعي السوداني، الفترة(1951- ...
- الجذور التاريخية للتهميش في السودان(6)
- الجذور التاريخية للتهميش في السودان(7)
- الجذور التاريخية للتهميش في السودان(الحلقة الأخيرة)
- الجذور التاريخية للتهميش في السودان (4)
- الجذور التاريخية للتهميش في السودان(5)
- الجذور التاريخية للتهميش في السودان(1)
- الجذور التاريخية للتهميش في السودان(2)
- الجذور التاريخية للتهميش في السودان(3)
- الجذور التاريخية للتخلف في السودان


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - تاج السر عثمان - الآثار السلبية للجمود النظري علي تجربة الحزب الشيوعي السوداني