شاعر الجغرافيا ! افسد علما فجعلوه رمزا ! - 14

صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein‏)

الحوار المتمدن-العدد: 2428 - 2008 / 10 / 8 - 03:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

والآن سوف نبدأ في قراءة مباشرة لفكر دكتور حمدان . من واقع أهم مؤلفاته " شخصية مصر . دراسة في عبقرية المكان " :

في بدايات الكتاب . صفحة 10 . يقول دكتور حمدان " فليس هذا دفاعا عن مصر ، ولا هو محاولة شيفونية للتمجيد ... الخ . "
فهل هذا ستؤكده الصفحات التالية ، أم ستنفيه وتثبت العكس ؟ لنري معا ..

في ص 11 يقول : " أما . الجمهورية العربية المتحدة – اسم الدولة بعد قيام الوحدة بين مصر وسوريا - . فاسم سياسي . عبر عن حقيقة قامت وعن أمل شاهق مرموق ، وهو بهذا لا يقصد به أن يقتصر علي مصر حكرا الي الابد . وانما المفروض بالتعريف . أن يتسع يوما لدولة الوحدة العربية الكبري . "

تعليق : ولكن أين مصر هنا ؟ وأين اسم مصر . واين شخصية مصر العبقرية المكان ، الفلتة ، التي يحمل الكتاب اسمها – نفس الكتاب ! - ؟! لم نفهم .. وما اهمية عبقرية مكان لا تتبعه عبقرية مكانة ذات خصوصية تتناغم مع العبقرية المكانية الفلتة ؟! ان كنا سنفصل اسمها السياسي عن اسمها الجغرافي . وسنضعها في سلة واحدة مع أسماء جغرافية أخري مختلفة ومتنوعة ومتباعدة وبلا عبقرية وبلا فلتة – ان صح ما يقوله دكتور حمدان عن عبقرية وفلتة مكانية جغرافية ..- !

وفي صفحة 11 أيضا يقول :
" ان كان البعض يدعو الي اصطناع اسم توفيقي جديد يجمع بين الصفتين . هو الجمهورية العربية المصرية .. فان الاسمين . - أي الجمهورية العربية المتحدة او الجمهورية العربية المصرية – لا يجبان الاسم الجغرافي مصر .

تعليق :
هل هذا معقول ؟! كيف يستوي هذا الاسم مع ذاك ؟!. هذا ليس فكرا سليما . وانما هو " كلفتة " " شغل شطارة " ! او كما يقول العامة في مصر " قرطسة " ..

في صفحة 12 :
يقول دكتور حمدان عن مصر : " فرعونية بالجد ، عربية بالأب " .
تعليق : وبذلك يكون دكتور حمدان قد أسقط 700 سنة رومانية من التاريخ المصري بداخلها 600 سنة قبطية ، وكذلك اسقط حوالي 600 سنة تركية ، و350 سنة قبل التاريخ . يونانية ... وهذا ما لا ترضاه الامانة العلمية. وفي تصورنا أن البصمة الانثروبولوجية الرومانية و التركية . في مصر . هي أوسع من العربية ..- أنثروبيولوجيا - .

وبنفس صفحة 12 . يقول عن مصر . بغزل أدبي شاعري . لا صلة له بعلم الجغرافيا ولا باي علم آخر :
" وهي بجسمها النحيل – اي مصر – تبدو مخلوقا أقل من قوي ، ولكنها برسالتها التاريخية الطموح تحمل رأسا أكثر من ضخم " ، الي أن يضيف : " كما تمد يدا نحو الشمال – يقصد مصر طبعا - ، واخري نحو الجنوب "
تعليق : تعابير أدباء .. وصف ادبي صرف ..! ما هكذا يتكلم الجغرافيون العلماء .. !

وفي صفحة 13 :
يقول عن مصر أيضا : " فهي قلب الوطن العربي ، وواسطة العالم الاسلامي ، وحجر الزاوية في العالم الافريقي " ..

تعليق : هذه نرجسية وطنية رومانتيكية . لم تفض الا الي اللاشيء ، وكثرة ترديد هذا الكلام وما يشبهه . أنام الانسان المصري حتي اضحت مصر في لعبة كرة القدم . تلهث أمام صغري الدول الافريقية وقلما تتمكن من الاقتراب من عتبة الدورة الأولمبية ، وان دخلتها فرت في الحال مهزومة مدحورة ، وصناعيا واقتصاديا صارت اقصر قامة من تايوان ، وعربيا : صرنا نحن المصريين نتطلع الي ان نجري عملياتنا الجراحية بمستشفيات السعودية ..! ويتمني المصر الالتحاق بخدمة سعودي أو كويتي . بعدما كان المصري بالنسبة لدول المنطقة هو المعلم والمهندس والطبيب والشاعر والاديب المتميز وهو الممثل الأول والمطرب الأول والملحن الأول ، يوقره الجميع ويوفونه حقه من التبجيل . فانقلب الحال وتبدل كثيرا ، لأن المصريين استناموا علي مثل تلك الأقول ..!

وبنفس الصفحة 13 يقول أيضا عن مصر . ما سبق ان علقنا عليه في مقال سابق ولكن ضمن ما قاله ونشره بكبري جرائد مصر عن دكتور حمدان . أحد المبهورين به والمقولة هي : " انها – اي مصر – فلتة جغرافية لا تتكرر في أي ركن من اركان العالم " وهذا ما فندناه من قبل حيث قلنا باختصار – لمن لم يقرا تلك الحلقة – ما معناه : واي دولة اخري موقعها لا يتكرر بالنسبة للعالم ، فهل الهند او الصومال او اليمن او فنزويلا ، او أية دولة بالعالم من الممكن ان يتكرر موقعها وموقع مصر وحده هو الغير قابل للتكرار ؟! كل دولة بالعالم موقعها تحدد منذ نشأت الكرة الأرضية وانتهي الامر ، لن يتكرر ثانية . لا موقع مصر وحدها ..

وفي صفحة 15 . يقول دكتور حمدان . تحت عنوان " مغزي الشخصية الاقليمية " : ... وفي منطقة الوطن العربي الكبير نسعي اليوم الي الوحدة الشاملة في نضال بطولي . الخ .

تعليق : كان هذا بالطبع في الستينيات .. ولعل القاريء يتبين له هنا بوضوح ان دكتور حمدان لم يكن عالما في الجغرافيا فحسب بل كاتبا سياسيا . رغم العنوان الجغرافي المحض الذي يحمله كتابه هذا الذي نقدم لكم قراءة فيه . وحرصه علي استخدام تعبير الوطن العربي الكبير – هاجس القيادة السياسية المصرية وقتما كتب دكتور حمدان كتابه هذا ، وشغلها الشاغل – دليل علي أنه كان مشغولا بالسياسة وانه بالتحديد ناصري الهوي أو الجوقة . واسم الكتاب " شخصية مصر – دراسة في عبقرية المكان " وعنوان هذا الفصل الذي قيل فيه هذا الكلام " مغزي الشخصية الاقليمية " ..! . فاذا به يكلمنا عما يسمي وطن عربي كبير . وعن نضال بطولي لتوحيد هذا الوطن الكبير المزعوم .. ! .

وبنفس الصفحة – 15 – يقول دكتور حمدان : الا يعني هذا – هكذا يتساءل – التأكيد علي " الوطنية " المحلية الضيقة . في وجه " القومية " العربية المشرقة ؟ الا يعني الحديث عن الشخصية المصرية انغلاقا وتشبثا اقليميا " بالمصرية " ازاء العروبة ؟

تعليق : ان صح ما يقوله دكتور حمدان أن الحديث عن الشخصية المصرية انغلاق / فكتابه هذا الذي قال فيه ذاك الكلام " شخصية مصر – وعبقرية المكان الفلتة الذي تتميز به مصر " هو قمة الانغلاق الضيق . وكان الأولي به ولكي لا يكون منغلقا هو ان يكون كتابه لا شخصية مصر ، وانما " شخصية الوطن العربي الكبير " ....
أليس كذلك ؟! وكان عليه ألا يغدق صفة العبقرية والفلتة التي لا تتكرر . علي موقع مصر . كلا .. وانما علي موقع ما يسمي : الوطن العربي الكبير .. اليس كذلك ؟!

الي أن يمضي دكتور حمدان في قوله : فاذا تكلمنا بعد ذلك عن الشخصية العراقية والشخصية السورية والجزائرية آخر الوحدات التي يتالف منها الوطن العربي الكبير . أفلا يعد هذا بصورة ما سعيا واعيا أو غير واع الي التفرقة والتمزيق ؟ .

تعليق : تمزيق ماذا ؟ هل هناك ثوب واحد مترابط الخيوط متجانس الأجزاء ويخشي عليه من التمزيق ؟! ان الجزائر شيء ، ومصر شيء آخر – من كافة النواحي – والعراق شيء ثالث ، وحتي العراق المجاور والملاصق لسوريا كلاهما مختلف عن الآخر ولم يتمكن حزب واحد بجناحين يحكمان كلا البلدين في وقت واحد وطوال ثلث قرن من الزمان من توحيد بلدين اثنين – وحزب واحد ونظرية واحدة وحدود مشتركة!!!!! والوحدة التي قامت بين مصر وسوريا لم تصمد لأكثر من سنتين ولم يعد لها قيام مرة أخري رغم مرور نصف قرن تقريبا علي فشلها ..(!) فاي تمزيق يخشاه ؟ الا ان كان تمزيق الاكذوبة .. أكذوبة عروبة تسعي لجمع الشامي والمغربي دون تمكنها من جمع السوري والعراقي !!!/ راجعوا مقالنا " الخروج من قفص العروبة " .

#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل