محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 2422 - 2008 / 10 / 2 - 09:14
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
مايحث لمصر الآن يبعث في النفس سيل من تساؤلات تحمل معظمها معاني اليأس وتطرد تسريبات الأمل في الخروج من النفق المظلم الذي ينتهي ممره عند حافة الإنهيار بكافة مستوياته ومايحمله من إنفجارات أوشكت أن تطيح ببقايا العقل المهترئ والنفس المكلومة التي لايرجي لها علاج في ظل تلك الأوضاع المأساوية التي نتجت من تأميم نظام الحكم في مصر حتي لمشاعر الفرح والسعادة , فكيف يفرح الإنسان المصري وقد تحولت مصر إلي صفحة حوادث مليئة بصنائع الطغيان وأرباب الفساد .
إن الأحداث المتوالية التي تشكل جرائم خطيرة لايمكن نسبتها إلا للنظام الحاكم , فهو المتسبب فيها بإستبداده المطلق ومحاولاته الفاشلة في السيطرة علي الدولة المركزية الشمولية التي نتجت عن إدارتها السياسية كل الجرائم والتي حولت مصر إلي صفحة حوادث مأساوية .
وكان من ضمن هذه الحوادث , حريق مبني مجلس الشوري , وحريق محكمة زنانيري , وحريق المبني القديم للبنك المركزي , وحريق مبني المسرح القومي , وإنهيار جبل المقطم علي فقراء العشوائيات وترك الجثث تتعفن بلا منقذ للأحياء وتركهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء , وحتي هذه لايجدوها بعد مطاردتهم لإجلائهم عن المنطقة من غير إيجاد بديل للعشوائيات سكناً .
ومن قبل كان حريق قلعة الكبش .
وفي دراسة حديثة صادرة عن مركز الأمان النووي فيما ينقله موقع مصراوي عن أن عدد الحرائق فى مصر سنويا يصل الى 20 الف حريق يخلف وراءه اكثر من 230 قتيل و750 مصاب .
وأشارت الدراسة التى أعدتها الدكتورة سامية رشاد الى أن معظم الحرائق تقع فى محافظتى القاهرة والجيزة بسبب الزحام الشديد وتكدس المنازل والمحلات التجارية والمخازن بها .
وأكدت ان 50% من الحرائق بسبب الإهمال وتراخى العنصر البشرى فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تلك الحرائق .
وربطت الدراسة بين الحرائق والجرد السنوى فى المصالح الحكومية حيث كشفت عن أن 48% من الحرائق المتعمدة تقع قبل مواعيد الجرد السنوى بشهرين .
ومما يذكر أنه تحدث بعض الحرائق العمدية لمنشآت هامة وحيوية بغرض بيع تلك المنشآت بأرخص الأثمان لأناس موالين للنظام الحاكم في حالة من حالات الإستهوان بالمجتمع المصري وكأن هذا المجتمع أبله أو مصاب بالعته أو بعوارض الأهلية الوطنية التي تنفي عنه الإنتماء لهذا الوطن المتحول لصفحة حوادث بإرادة الإستبداد والطغيان واللذين قرينهما منظومة الفساد المحتمية بهما .
النظام الحاكم قد فقد المسؤلية الوطنية تجاه هذا الوطن ومن ثم أصبح الوطن لايمثل له أي عبء منذ ضياع المشروع السياسي ذو الملامح والقسمات المصرية المهتم بتفعيل الدور الدستوري والقانوني واللذين إختزلهما النظام الحاكم في صف الطغيان والإستبداد مما أفقد المجتمع المصري الولاء للدولة المصرية التي ضاعت وتاهت بين أروقة الطغيان السلطوي الذي أنتج للمجتمع المصري منتوجات من القيم المتخلفة والرجعية وضياع الدور المؤسساتي للدولة المصرية , فكان الحاكم الفرد يحكم بإرادته المنفردة حتي بالرغم من أن النظام المصري قد وصل إلي حد الترهل الرث , وأصبح عاجزاً عن إدارة الدولة , أو إعادة إنتاج مفاهيم جديدة تتواكب مع العصر الحديث بموافقاته السياسية والإدارية حتي في إعادة توزيع الفقر إنقاذاً للمجتمع المصري أو ماتبقي من الدولة المصرية بالتخلص من السلطات التي ألزم نفسه من غير إلزام وطني أو إجتماعي , في مواجهة باقي المجتمع الذي وصل إلي حالة متدنية في مناخ سياسي وثقافي وإجتماعي متردي , وفقدان مؤسسات الدولة وسلطاتها لإستقلاليتها الحقيقية , مما كان معه تآكل مؤسسات الدولة المصرية وأجهزتها بسبب الإنهيار الدستوري والقانوني الذي يجعل مسألة تداول الحكم والسلطة في مصر من معجزات الدنيا السبع .
والذي تشتسعر منه غياب الدور المؤسساتي وتفعيل دور الكذب علي المجتمع المصري والدولة المصرية , ويتعدي الأمر للكذب علي دول العالم المتحضرة وهذا ماتبدي من حادثة إختطاف السياح الأجانب والمرشدين المصريين فقد كتب صمويل سويحة في صحيفة المصريون الإليكترونية فيما ينقله علي لسان وكيل المخابرات المصرية الأسبق بتاريخ 29 / 9 / 2008 والذي قال : قال اللواء طه خليل وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق، إن نجاح رجال الصاعقة والمخابرات المصرية في تحرير الرهائن الأجانب والمصريين في عملية نوعية بالقرب من الحدود السودانية صباح أمس، هي شهادة تأكيد على أن القوات المصرية هي الأقوى بالمنطقة بأسرها.
واعتبر خليل في تعليق لـ "المصريون"، أن ما حدث كان بمثابة رسالة واضحة لا تحتوي على لبس أو غموض لكل من يحاولون العبث بالأمن القومي ومحاولة زعزعة الاستقرار المصري وتؤكد دائما أن القوات المصرية جاهزة في أي لحظة للرد بقوة على من يحاول التدخل بشئونها الداخلية.
وأشار خليل إلى التنسيق الناجح مع المسئولين السودانيين لتحرير الرهائن الأجانب والمصريين بعد عشرة أيام من اختطافهم من الأراضي المصرية، بعد عملية قامت بها مجموعة من القوات المصرية الخاصة قتل خلالها أكثر من نصف الخاطفين .
وإدارة أجهزة بهذا المنطق الغبي المخلف بالكذب والذي أظهره المحطوفين أنفسهم سواء كانوا من المرشدين السياحيين أنفسهم أو السياح الأجانب , فقد صرح وزير الداخلية الألماني للبي بي سي في ذات التوقيت قائلاً : اكد وزير الداخلية الالماني اوغست هانينج ان خاطفي السائحين الأوروبيين الـ11الذين أطلق سراحهم الاثنين في مصر "اطلقوا سراح الرهائن من تلقاء أنفسهم".
وقال هانينج في تصريحات لشبكة ان تي. في التلفزيونية ان "قوات الامن السودانية كانت قتلت قسما من الخاطفين او أسرتهم. اما الخاطفون الباقون فحرروا الرهائن عندئذ من تلقاء انفسهم".
في الوقت نفسه أفادت وكالة الأنباء الفرنسية أن الرهينة السابق برنت (65 عاما) صرح لموقع شبيغل أون لاين بقوله "إن قوات الأمن المصرية لم تحررنا".
واضاف برنت ان الخاطفين الذين قتل ستة من رفاقهم افرجوا عن الرهائن من تلقاء انفسهم و"هذا ما شكل مفاجأة كبيرة لنا, لاننا كنا نعتقد انهم سيقتلوننا جميعا".
وذكرت مصادر ألمانية ان قوات سودانية قتلت ستة من الخاطفين يوم الاحد على حاجز طرق كانوا يحاولون اجتيازه من دون الرهائن. واضافت ان اثنين من الخاطفين اعتقلا آنذاك.
وكان السائحون الاوروبيون الذين كانوا رهائن لمدة عشرة ايام فى فى الصحراء الغربية المصرية قد نفوا التقارير التى تحدثت عن تحريرهم فى عملية عسكرية.
وقال السائحون الاحد عشر إن خاطفيهم هم الذين اطلقوا سراحهم، وان مرشديهم المصريين الذين كانوا مخطوفين معهم هم الذين اوصلوهم الى بر الامان عبر السير 400 كيلو متر في الصحراء.
وتتعارض هذه الشهادات مع تقارير السلطات المصرية التى قالت الاثنين ان فريق كوماندوز مصرى نفذ عملية تحرير الرهائن.
أما السائحة ميريلا دو جويلا، فقالت لدى سؤالها عن "العملية العسكرية التي شنتها القوات الخاصة المصرية ضد الخاطفين ونجمت عن إطلاق سراح السائحين": "طلقات نارية؟ نحن لم نسمع طلقات نارية."
ويضيف موقع البي بي سي قائلاً : ونقل التلفزيون الرسمي المصري حوارا دار بين الرئيس حسني مبارك ووزير دفاعه محمد حسين طنطاوي الذي قال له إنه تمت تصفية نصف خاطفي الرهائن في منطقة الحدود المصرية السودانية التي كان الخاطفون قد نقلوا الرهائن إليها.
وقال مسؤول أمني مصري لوكالة فرانس برس للأنباء إن 30 عنصرا من جنود وضباط القوات الخاصة المصرية نُقلوا في مروحيتين إلى المعسكر الذي كان الرهائن محتجزين فيه وشنوا هجوما قُبيل الفجر على قرابة 35 شخصا من الخاطفين الذي كانوا يحرسون الرهائن وقتلوا نصفهم تقريبا.
إن النظام الذي يكذب علي الدولة والمجتمع ويتعدي كذبه إلي المجتمع الدولي يؤكد دائماً علي أنه نظام هش وضعيف لأن بنيانه رث ورخو ولايمكن أن تكون لديه مصداقية لدي المجتمع المحلي والمصيبة الكبري لدي المجتمع الدولي .
وهذه الأخبار الكاذبة يعاقب عليها القانون المحلي وتعاقب عليها الشرعية الدولية , وكان المكان المناسب واللائق بهذه الأخبار الكاذبة هو مكان صفحة الحوادث بالصحافة المحلية والصحافة الدولية , وهذا إن كانت هناك صحافة محلية , لأنها ماتت بأحكام المحاكم العادية والإستثنائية ومحاكم الطوارئ .
وكان أن تحولت الدولة المصرية إلي صفحة حوادث مليئة بجرائم الكذب علي المجتمع تضليل الرأي العام فكانت كافة الجرائم ترتكب في حق المجتمع المصري وآخرها جرائم الحريق العمد أوالحريق بالإهمال وكلاهما نتيجة حتمية لطغيان النظام الحاكم وإستبداده والمحتمية به منظومة الفساد العام علي شرط أن تتحول مصر إلي صفحة حوادث دائمة مادام النظام الحاكم وأجهزته جاثمين علي صدر الدولة المصرية وقابعة في كل أركان المجتمع المصري , تأهباًً لعقابه بالسجن أوالإعتقال والتعذيب وإن لزم الأمر القتل أو الغياب القسري إلي حيث يكون المصيرالمجهول .
فإلي متي ستظل مصر صفحة حوادث ؟!!
وهل الكذب له دواء يمكن التداوي منه ؟!!
أعتقد أن الدواء الوحيد هو رحيل هذا النظام بأجهزته ومؤسساته !!
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
