أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدو أبو يامن - أصداف ولآلئ – 1 -














المزيد.....

أصداف ولآلئ – 1 -


عبدو أبو يامن

الحوار المتمدن-العدد: 2397 - 2008 / 9 / 7 - 04:02
المحور: الادب والفن
    



ذات صباح إنحدرت إلى ساحل الحياة.. أحمل على كتفي صنارتي وفي جعبتي قليلا من الطعم والأماني.. لا أملك غيرها سوى الأحلام ورجاء الحظ السعيد..
انحدرت إلى ساحل الحياة هربا من كوخي المنفرد الوحيد.. سئمت الوحدة والصمت وتبادل الحديث مع نفسي، ملني حتى الملل، ضجر مني الضجر.. الوحدة القاتلة والأماني القصية، وانتظار البعيد، والسفر على جناح الأحلام كانت تلك ما أقتاتها، كان ذلك كل زادي، كل شرابي، بي جوع مجنون بي عطش قاتل، وكانت تلك كل حصتي من حظوظ الحياة وطعامها وشرابها!!
الوحدة تملأ علي المكان، الوحدة تبدو كائنا أسطوريا خرافيا، له ألف يد، وألف قدم، ويجثم في أعلى جسده تسع وتسعون رأسا، كل رأس فيه مائة قرن بدائي همجي وحشي.. إنه يأخذ علي الطريق، ويهدم في وجهي الجسور، ويمنع عني حتى الهواء.. إنه يعاني الوحدة مثلي ويبحث عن رفيق!! ولم يجد إلاي رفيقا، حاولت أفهمه لكنه لم يفهم، حاولت إقناعه لكنه لم يقتنع، حاورته داورته سايسته لكنه لا يستجيب، رجوته أسمعته عذب الكلام وعدته أحلى الوعود لكنه لا يلين، إنه مثلي يشقى ولكن على طريقته، ويألم ولكن على طريقته، ويعاني الوحدة ولكن على طريقته!!
وذات صباح حين أفعم سمعي ضجيج الحياة، وأقلق نومي صخب الكائنات والأشياء، وهزتني لواعج الأشواق، وداعبت مخيلتي أحلام اللقاء.. خرجت متسللا مترفقا متلصصا كطيف، انسللت بعدما خادعت حارسي الأسطوري الجبار، إنسللت وأنا أقول في نفسي: لا تخف لنا موعد قريب، يا رب الأفكار العظيمة، ويا خالق المعاني الخالدة، ويا موحي الفنون والآداب، أنت يا ( أبوللو ) يا أجمل الآلهة، يا رب الشمس والغناء والموسيقى، يا رفيق الشعراء والفلاسفة، يا صديق الأنبياء والمتصوفة..
معذرة فبي جوع إلى الحياة، معذرة فإغوائها فظيع، وفتنتها مسكرة، وأنا أهرول لاهثا كالمجنون، لا يردعني شيء ولا يصدني شيء، لا الحجارة والأشواك، ولا المنخفضات ولا المرتفعات، إنه نداء الحياة يا رفيقي، إنه إغواء الحياة يا صديقي!!
أغوت حتى العابد والزاهد، وهام في حبها حتى الفقير والجائع، ولم يملها حتى المريض والعاجز، أنا فتي القلب مشبوب المشاعر، أنا ملتهب الأشواق محترق الجوانح، أنا السابح في الخيالات والسارح في السموات!!
تؤلمنا الحياة ولكن لا نغضب عليها، وتبكينا ولكن نغفر لها، وتجيعنا وتعطشنا، وتفجعنا وتلوعنا وتخفضنا بل وتدوس على رقابنا وتصفعنا وتبصق في وجوهنا ولكن نسامح، مجبورون أن نسامح؛ إنها كل ما نملك، إنها الداء والدواء، الجنة والنار، الظل والشمس، الحر والقر.. إذن.. فلنسامحها أو فلنفارق!!
إنها منحة على أي صفة كانت، وأي شكل تشكلت، إنها الدليل على أننا أحياء موجودون، لا أموات معدومون، إنها نقيض العدم، إنها النور الذي يصارع ظلام العدم!!
سل الشيخ الكبير الفاني المتهدم الذي لم يبق له من أعضائه جزء صحيح، عشيت العين، ووقر السمع، وقصر الخطو، ووهنت اليدان، سله هل يبتغي بالحياة بدلا، هل يبيع حاضرا بغائب، هل يغامر ويشري مجهولا بمعلوم سله؛ فعنده الخبر اليقين!!
انحدرت والشوق يدفع في أشرعتي، والأماني والأحلام تطير بي، قطعت الطريق وثبا، إلى حيث الضجيج والعجيج، إلى حيث الصخب والضوضاء، إلى المعترك الخالد، إلى الميدان القديم، ميدان الحياة، إلى ساحل الحياة، إلى بحر الحياة، لا أملك إلا صنارتي وفي جعبتي قليلا من الطعم والأماني..
انحدرت وفي عزمي أن أصافح الوجوه، وأقرأ الأشياء، وأتفحص الغادين والرائحين، من الحاضرين والغابرين..
وفي عزمي أن أرقب تيار الحياة وهو يمور ويصخب، وهو يسجو ويهدأ، وهو يرق ويعنف، بناسه وأجناسه، بكائناته وحيواناته، بأرضه وسمائه، بجماله وقبحه، بهداه وضلاله، بتقواه وفجوره، بفضائله ورذائله؛ فهذه هي الحياة وهذا هو تاريخها مذ كانت على الأرض حياة!! ( يتبع )



#عبدو_أبو_يامن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء .. ( حصاد ما سبق ) – 8 ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء .. ( أساليب متفرقة ) – ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء .. ( قنابل صوتية وضوئية ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء .. ( قنابل صوتية وضوئية ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء.. ( حين يتسلق اللبلاب ) ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء.. ( حين يتسلق اللبلاب ) ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء.. ( التابوهات الثلاثة ) ...
- هذا ما علمتنيه الحياة – 3 -
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء.. ( التابوهات الثلاثة )
- هذا ما علمتنيه الحياة -2-
- هذا ما علمتنيه الحياة
- كلنا يهرب
- إلى من سيضرم النار سريعا في هشيم العالم!!
- كليلة ودمنة في أراب ستان -7-
- ديكتاتور.. وغباء .. وقمر
- الظاهرة المحفوظية
- ومن العشق ما قتل!!
- ليس بالجبن وحده يحيا الإنسان
- متعلمون ولكن!!
- دلالة المقاطعة والبحث عن معنى


المزيد.....




- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدو أبو يامن - أصداف ولآلئ – 1 -