أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسرار الجراح - شاعر الزيتون في حضرة الغياب














المزيد.....

شاعر الزيتون في حضرة الغياب


أسرار الجراح

الحوار المتمدن-العدد: 2381 - 2008 / 8 / 22 - 05:02
المحور: الادب والفن
    



كان محمود درويش الابن الثاني لعائلة كبيرة تتكون من خمسة ولدان وثلاث بنات ، ولكنه كان الابن البكر للثورة الفلسطينية ، التي أعادت باكتشافه ذلك التقليد القديم للقبائل العربية التي كانت تقيم الأفراح والمآدب احتفالا بميلاد شاعر ، سوف يتسنى له أن يحمل قضية قبيلته بين بطون البادية ، ويرفع رايتها متغنيا بماضيها ، ومشيدا بسلالتها الرفيعة



هكذا استقبلت الثورة الفلسطينية وزعيمها الروحي ياسر عرفات ، الشاعر المنذور لجغرافيتة فلسطين وتاريخها ، وكأنها كانت على موعد ثنائي مشابه تماما لثنائية أبي الطيب المتنبي وسيف الدولة الحمداني ، فمضيا معا في طريق لا نهائيٍّ ، لتجربة واحدة من أشد وأقسى تجارب الاستلاب في النصف الثاني من القرن العشرين ، والتي مازالت تداعياتها تمور وتزداد قسوة يوما

بعد يومٍ ، وعاما بعد عام .
كم كنت وحدك ، يا ابن أمّي
يا ابن أكثر من أب ٍ
كم كنت وحدكْ
سقطت ذراعي فالتقطها
واضرب عدوك .. لا مفر ُّ
وسقطتُ قربك
فالتقطني واضرب عدوك بي .
هكذا كان يخاطب محمود درويش رفيقه الرمز ياسر عرفات ، وهكذا ، اشتجر السياسي بالشعري واشتبك المغني بالزعيم ، وعانق النشيد فضاء الشعر ، بلا زعيق ولا هتاف .
ولد محمود درويش في قرية كان اسمها ( البروة ) شرقي عكا ، دمرها الاحتلال الاسرائيلي عن بكرة أبيها ، وأقام بديلا عنها قرية مستحدثةً أسماها ( أحبهود )
كان محمود درويش قد تشرب افتقاد الوطن في سبع سنوات فقط ، لكنها كانت كفيلة بصنع شاعر يحمل وطنه في قلبه ، ويرحل به هنا وهنا وهنا ، سبع سنوات فقط ، منذ مولده عام 1941 وحتى حرب 1948 التي كسَّرت دمى الصبيّ وألعابه ، فابتدأ رحلة الغربة باحثا عن وطنه ، حيث ذهب إلى لبنان ، وطوال عام كامل لم يستطع الصبي الصغير أن يبتعد عن فلسطين ، فتسلل مع المتسللين عائدا مرةً أخرى إلى فلسطين ، لكنه كان هذه المرة بلا هوية يسير بها في شوارع دير الأسد ، وشوارع قرية الجديدة ، وانضم لصفوف التعليم الابتدائي متخفيا ، وفي كفر ياسيف التحق بالتعليم الثانوي ، في ذلك الوقت كان قد تفتح وعيه الفكري ووجدانه الشعري ، فانضم للحزب الشيوعي الإسرائيلي في محاولة جادة للالتفاف بنشيد الخلاص الثوري ، وبدأت الأوساط الأدبية تتعرف عليه كشاعر من خلال قصائده التي كان ينشرها في ذلك الوقت في جرائد الاتحاد والجديد ،والفجر وغيرها من الدوريات التي كان يصدرها الحزب الشيوعي الإسرائيلي :
سجل... أنا عربي
ورقم بطاقتي خمسون ألف
وأطفالي ثمانية وتاسعهم سيأتي بعد صيف
فهل تغضب
سجل... أنا عربي
واعمل مع رفاق الكدح في محجر
واطفالي ثمانية
أسلّ لهم رغيف الخبز والأثواب والدفتر
من الصخر
ولا أتوسل الصدقات من بابك
ابي من اسرة المحراث لا من سادة نجب
وجدي كان فلاحا بلا حسب... ولا نسب
يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب
وعنواني: انا من قرية عزلاء... منسية
شوارعها بلا أسماء
وكل رجالها... في الحقل والمحجر
فهل تغضب؟
إذا ما جعت آكل لحم مغتصبي
حذار... حذار... من جوعي ومن غضبي
لم يكد يكمل عامه العشرين ، حتى بدأ رحلته مع الاعتقالات ، فقد تم القبض عليه أكثر من مرة في الفترة من عام 1961 وحتى عام 1972 ، تلك الفترة الساخنة في تاريخ الصراع العربي الإسرائلي ، كانت قد حدثت النكسة ، وكان قد مات جمال عبد الناصر ، وكان قد انكسر الحلم العربي الذي طالما تغنى له :
نعيشُ معكْ نسير معك نجوع معك
وحين تموت نحاول ألاّ نموت معك!
ولكن لماذا تموت بعيداً عن الماء والنيل ملء يديكْ؟
لماذا تموت بعيداً عن البرق والبرق في شفتيك؟
وأنت وعدت القبائلْ
برحلة صيفٍ من الجاهليةْ
وأنت وعدت السلاسل
بنار الزنود القويةْ
وأنت وعدت المقاتل
بمعركة... ترجع القادسيةْ .
وبدأت رحلته مع الغربة ، فكانت مصر هي المحطة الأولى بعد الاعتقال ، وعمل في جريدة الأهرام ، وانضم إلى كتيبة كتابها وشعرائها ، بعدها ذهب إلى لبنان ، وانضم للمؤسسات الصحافية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وفي سنوات جد قليلة استطاع محمود درويش أن يصبح واحدا من أشهر شعراء العربية في النصف الثاني من القرن العشرين ، واستطاع أن يحصد أكبر الجوائز العالمية والعربية مثل جائزة لينين من الاتحاد السوفييتي ، وجائزة أوربا للشعر ، وجائزة اللوتس وجائزة البحر المتوسط وجائزة الثورة الفلسطينية ، وجائزة ابن سينا في الاتحاد السوفييتي ، وكانت آخر الجوائز التي حصل علها جائزة مؤتمر الشعر العربي في دورته الأولى العام الماضي .
سنظل نحدق في خريطة الشعر العربي ونحن نعاين هذا الفارس النبيل وهو في حضور الغياب ، ليتسنى لنا – نحن عشاق شعره ومريدي نشيده – أن نملأ عيوننا من جمال تفعيلاته وصفاء صوره .
وسيظل هو محطة أساسية في محطات تطور القصيدة العربية ، وسنظل نردد أشعاره عاما بعد عام ، وحادثا إثر حادث ، وجيلا وراء جيل :
في يدي غيمة
أسرجوا الخيل لا يعرفون لماذا ولكنّهم أسرجوا الخيل في السهل
كان المكان معدًّا لمولده: تلّةً
من رياحين أجداده تتلفّت شرقًا وغربًا. وزيتونةً
قرب زيتونةٍ في المصاحف تعلي سطوح اللغة...
ودخانًا من اللازورد يؤثّث هذا النهار لمسألةٍ
لا تخصّ سوى الله. آذار طفل الشهور المدلّل.
آذار أرضٌ لليل السّنونو، ولامرأةٍ تستعدّ لصرختها في البراري .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعرة من الكويت

الشاعرة : أسرار الجراح



#أسرار_الجراح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسرار الجراح : المرأة العربية وصلت لذروة الاتزان في إبداعاته ...
- لماذا التَجَني
- قارئة الفنجان
- عائشة
- أسئلتي
- انسحاب
- عد لي
- أجلسُ في الجوار
- زمن العجب
- أشتاق
- الدفاتر
- ست قصائد
- القلب الوحيد
- أي ريح
- أحرجني
- دنياي لي
- بنات الجان
- إعصار قلب
- ذلك الفارس


المزيد.....




- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسرار الجراح - شاعر الزيتون في حضرة الغياب