الحلقة الثالثة عشر من مؤلف الاستاذ بهاء الدين نوري (قضايا العصر )الديمقراطية

فاطمة العراقية

الحوار المتمدن-العدد: 2378 - 2008 / 8 / 19 - 05:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الحلقة الثالثة عشر من مؤلف الاستاذ بهاء الدين نوري (قضايا العصر )الديمقراطية
ان ظروف التخلف الاجتماعي الشامل في كردستان كانت مهياة لان تجعل من البارتي حزبا عائليا او شبه عائلي ,شانه شأن حزب المؤتمر في الهند خلال سنوات عديدة وبعض الاحزاب في لبنان وفي بعض البلدان الافريقية.وهذه ظاهرة تشير الى ان الظروف الذاتية والموضوعية معا لم تكن ناضجة لجعل البارتي عاملا فعالا في نشر الفكر الديمقراطي وفي الاخذ بها من حيث التطبيق.
وقد دلت نكسة 1975 للحركة الكردية المسلحة وبالكيفية التي حدثت بها على ان الديمقراطية داخل البارتي نفسه لم تصبح مسألة ذات شأن يذكر ,فالقرار المصيري القاضي بالتخلي عن الكفاح المسلح اذعانا لقرار شاه ايران ,بعد اتفاق الجزائر بين النظامين العراقي- الايراني,ولم يدرس ولم يناقش في اي مؤتمر طارئ (كان ينبغي عقده فورا)يل ولا في اجتماع للجنة البارتي المركزية ولا بعد اي نقاش بين كوادر البارتي .واذا كانت الامور تسير داخل البارتي نفسه على هذا المنوال البعيد عن الديمقراطية فما الذي يمكن انتظاره لاشاعة الديمقراطية على يد مثل هذا الحزب؟
لم يكن مناص ان تمزق صفوف اليارتي كنتيجةلانتكاسة 1975 حيث ظهرت احزاب عديدة وكلها منبثقةمن البارتي نفسه المتمزق لتوه...ظهرت الاحزاب التالية..الاتحادالوطني الكردستاني بزعامة السيد جلال
الطالباني ,الذي كان احد قيادي اليارتي منذ الاربعينات ,والحركة الاشتراكية الكردية بزعامة
لم يكن هناك مناص من ان تتمزق صفوف البارتي كنتيجة لانتكاسة 1975 ,حيث ظهرت احزاب عديدة وكلها منبثقة من البارتي نفسه المتمزق لتوه...ظهرت الاحزاب التالية :الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة السيد جلال الطالباني,الذي كان احد قيادي البارتي منذ الاربعينات ,والحركة الاشتراكية الكردية بزعامة الشهيد صالح اليوسفي احد قيادي البارتي السابقي ايضا,والحزب الديمقراطي الكردستاني –القيادة المؤقتة –بزعامة السيد مسعود البارزاني ,ومن ثم الباسوك وحزب الشعب الديمقراطي وحزب كادحي كردستان ...الخ وكلها ظهرت على انقاض البارتي السابق.
لااجد من الضروري تناول دور جميع هذه المنظمات ,وخاصة ان عاد البعض منها الى صفوف البارتي او انضم الى صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني ,فيما يتعلق بالتاثير على التطوير الديمقراطي بيد ان تسليط الضوء على دور وتاثير الاتحاد الوطني الكردستاني امر ضروري لانه ظهر,بين جميع الاحزاب الجديدة ,كمنافس رئيس للبارتي.
لئن كان البارتي اشبه بتشكيلة سياسية عشائرية ,بقدر مايتعلق الامر بشكل تنظيمي واساليب عمله وارتباطاته التنظيمية الداخلية فان اوك هو الاخر اشبهى بتشكيلة عسكرية –سياسية ,وترائى لي ذلك يعود الى اسباب اهمها هو الظرف الذي نشأ وترعرع فيه اوك,لقد اسس عدد من المثقفين الكرد في الاربعينات البارتي كتنظيم سياسي سري ليخوض النضال السلمي في سبيل الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي ,وكان السيد جلال الطالباني –السكرتير العام لاوك اليوم –واحدا من هؤلاء ,الذين لم يفكروا حينئذ بخوض اي نضال عنيف لتحقيق اهدافهم ,لكن اللوحة السياسية قد تغيرت بالنسبة الى البارتي ,منذ ايلول 1961 ,اي منذ بدء الكفاح المسلح ,وانخرط قادة وكوادر البارتي جميعا,بضمنهم الطالباني ,في هذا الطراز الجديد من الكفاح باعتباره الشكل الرئيسي ,وكذلك في عام 1974 ,حين تجدد القتال بين الجانبين الكردي والنظام البعثي .
تحول البارتي باسره الى كتلة عسكرية هائلة ضمت اكثر من مئة الف مسلح ,وبعد الانهيار الفجائي المأساوي لهذه الحركة الكبرى,وفي وقت كان الحماس القومي عاليا وكان هناك اكثر من دافع الى تجدد القتال في كردستان ,ظهر اوك-كما ظهرت تنظيمات اخرى-كرد على الانهيار العسكري وكمسعى من مؤسس الاتحاد السيد الطالباني وزملائه لاستعادة المبادرة العسكرية الى الجانب الكردي ولملء الفراغ الكبير الناجم عن ذلك الانهيار.
وهكذا ظهر اوك بارتباط وثيق مع الانهيار العسكري في عام 1975 ,ظهر كمؤشر الى نهاية فترة الكفاح المسلح وبداية فترة جديدة ,ذلكم معناه ان اوك قد نشأ منذ البداية اشبه بتنظيم عسكري همه الرئيسي ان يجدد الكفاح المسلح في هذا الاقليم ,فلم يكن من قبيل الصدف ان يقترن تاسيسه منذ البداية بتشكيل المفارز المسلحة وبالتبشير باستئناف القتال ,ظهر اوك في ساحة النضال القومي التحرري كامتداد للعمل العسكري الذي شهدته البلاد ابان ثورة ايلول .وبديهي ان ذلك لم ينزع الصفة السياسية عن اوك،غير ان من شانه ان يغلب الطابع العسكري على الطابع السياسي من عدة نواح على الاقل,وفي غضون سنوات قليلة اعقبت تاسيسه,ورغم كثرة الصعوبات والنكسات الوقتية,تحول اوك الى تنظيم عسكري جماهيري فعال مدرب تدريبا جيدا وحائزا على كفاءة قتالية عالية ,بتعبير اخر ان الجناح العسكري لاوك قد احرز نجاحا سريعا وجيدا في بناء نفسه.في حين الجناح السياسي
التنظيمي مراوحا وتابعا للجناح العسكري .في خضم ا لقتال ضدالنظام البعثي,واحيانا ضد الاخرين ..
تربى عدد كبير من الكوادرالعسكرية المقاتلة لديه ..غيران ذلك لم يقترن بتربية الكوادر السياسية _التنظيمية
على نفس المستوى ,ان السيد جلال الطالباني _مؤسس اوك رجل سياسي وافر الخبرة ومواكب لتطورات الحركة
الوطنية في العراق عامة وفي كردستان بشكل خاص طوال عشرات السنين المنصرمة ,لكل هذه الحقائق
لاتنفي حقيقة اخرى صارخة ,حقيقة انه قضى الشطر الاساسي من عمره النضالي في الارتباط بالكفاح القومي المسلح وركز جل اهتمامه على تأسيس وتقوية الفصائل المسلحة ,لم يخف اوك نفسه ان امجادة الكفاحية ,خلال
السنوات المنصرمة كلها من نضاله انما تتجسد في المعارك البطولية التي خاضها فدائيوه ضد العدو وما سجلوه
من مأثر وانتصارات ابان تلك المعارك .وهو يستطيع ان يقدم قوائم الالوف بأسماء من الكوادر واعضائه الفدائين
الذين استشدوا في تلك المعارك ضد النظام الفاشي _واحيانا في اقتتال الاخوة .ولكنه ليس بقادر على تقديم قوائم
متشابهة بما نظمه من نضالا ت جماهيرية سليمة ,من اضرابات ومظاهرات وما شاكل ذلك ان ذلك يدل على
ان اوك كان اشبه بمنظمة عسكرية .قد تجدلكل ما اسبقنا مبرراته اذان الاضظهادالقومي العنيف والتنكيل الدموي
الرهيب من لدن نظام البعث الصدامي ضد الشعب الكردي فرض على الساسة الوطنين اللجوء الى العنف ضد حقوق شعب مظلوم ضد طغمة ظالمة ,بيد ان النتائج المترتبة على كل ذلك لم تكن في صالح التطور
الديمقراطي .
استخلص مما تقدم ان البنية الايديولوجية _التنظيميةلاوك لم تنشأعلى الوجه الذي يمكنه من
الاسهام النشط في تطبيق وتطوير الديمقراطية السياسية داخل المجتمع الكردي ان هذه البنية
كانت تربة خصبة لنشوء ونموتلك الفئة العسكرية والبيروقراطية التي ظهرت بدرجات متفاوتة
في جميع المنظمات والحركات والثورات المسلحة الوطنية في بلادنا وفي شتى بلدان العالم
الثالث خلال هذا القرن وبالاخص في نصفه الثاني..
وتنبغي الاشارة الى اوك انفق الكثير من الجهد والمال على النشاط الاعلامي وحقق في ذلك نجاحاكبيرا من حيث حيازة شتى اجهزة الاعلام من صحف ومجلات ومحطات للراديو ..
والتلفزيون.الخ,والتأثير الملموس على الرأي العام الكردي _في الاقليم _خاصة وغير الكردي عامة ,بيد ان النشاط الاعلامي نفسه كرس على الدوام وفي المرتبة الاولى للشؤون العسكرية ولخدمة العمل العسكري ,ولم تحظ قضية التطور الديمقراطي في البلاد بالقدر المناسب من الاهتمام وقد تجلى الطابع العسكري _الذي يتعارض بطبيعة الحال مع عملية التطور الديمقراطي_في توجهات واجراءات ملموسة تشير بايجاز الى البعض منها...

#فاطمة_العراقية (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل