أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - يحيى السماوي - لمناسبة اليوبيل الفضي لاستشهاد البطل - أبو ظفر -














المزيد.....

لمناسبة اليوبيل الفضي لاستشهاد البطل - أبو ظفر -


يحيى السماوي

الحوار المتمدن-العدد: 2359 - 2008 / 7 / 31 - 10:49
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


أحَبَّـهُ مَـنْ لم يبصرْه .. ورثاهُ مَـنْ لم يلتقِـه ..
تباهى به الجبلُ شقيقا ً له .. وتفاخر السهلُ به إبنا ..
به من الجبال شموخ القِـمَم .. ومن النخل انحناءُ السعف للكادحين ..
شفافٌ كدموع العشـق .. صلبٌ كمطرقة العامل ..حادٌّ كمبضع الجرّاح ..
دافيء كخبز ِ صباحات الفلاحين .. نقيٌّ كالسيف لحظة َ تجَرُّدِه من غمدِه ..
لم يكن بالمسافر ِ فأنتظرُ عودته على رصيف محطة ٍ ، ولا بالميت فأرثيه ..
منذ خمسٍ وعشرين دورة ِ شمس ، و " ظفرُ " تنتظرُ عودته ليمشط لها ضفائرها ..
منذ خمس ٍ وعشرين دورة شمس و " يسار " يؤجِّل أعياده ، مترقبا ً اللحظة التي يحطُّ فيها " هدهد " البشرى على نافذة عينيه ..
منذ خمس وعشرين دورة شمس و " بلقيس " تنسج أهدابها منديلا ً للفارس الذي طوى الدنيا على صهوة " كلاشينكوف " نحو الأبدية حيث الخلود ..
مـنذ خمـس وعشرين دورة شمس والصعـاليك المرضى يتعكزون أضلاعهم ..منتظرين عودة " عروة بن الورد " لينسج لهم بأنامل محبته قمصان العافية ..
***
ها أنذا الان أكتب في الوقت الضائع من عمري ، عن صديق طفولتي .. وزميل صباي .. ورفيق شبابي .. نافخا ً في رماد ذاكرتي ، بحثا ً عن جمرة المستحيل لأسجر تنـّور كهولتي أملا ً في رغيف خبز ٍ يليق بمائدة اليوبيل الفضي لذكرى إقامة " د . محمد بشيشي " في دار الخلود ..
لست بالراثي .. فالخالدون لا يحبون الرثاء .. ولا ثمة قبرٌ يمكن أن يتسـع لوطن .. وهل كان " محمد بشيشي " غير وطن ٍ ماؤه المحبة ُ .. نخله النضال .. شعبه الفقراء والأطفال والعشاق والطيور ؟
***
في " زقاق دبْعـَنْ " حيث البيوت متلاصقة تلاصقَ قطيع من الماعـز يسير في مسرب ٍ ضيِّق ، وُلِدَ الشهيد البطل " أبو ظفر " لأبٍ يشعُّ بشاشة ً يعمل حارسا ً لمدرسة " المأمون الإبتدائية " .. وأم ٍ ترى في كل طفل ٍ من أطفال البيوت الطينية إبنا ً لها .. لذا اختار البطل " محمد بشيشي " أن يكون حارسا ً لأحلام الفقراء ، وسادنا في محراب آمالهم ... وأبا ً لكل الأطفال الذين وأد الطواغيت طفولتهم ...
في هذا الزقاق ، عرف الشهيد معنى الفقر الجليل ، حتى إذا صار فتى ، قرأ أول مرة ، وفي خلسة من شقيقه " شهيد الخياط " منشورا سريا ً راح يتلوه علينا قبل أن يعيده إلى " دشداشة " شقيقه .. يومها صار الفتى رجلا يتحدث عن الوطن الحر والشعب السعيد ، وعن الرغيف الذي سيكون أكبر من الصحن .. والصحن الذي سيغدو أكبر من المائدة .. والمائدة التي ستكون باتساع الوطن ..والوطن الذي سيكون جنة أرضية حين تتنظف مراعيه من ذئاب الديكتاتورية وضباع التعسف وأشواك القهر ـ فلا غرو حين تخرج طبيبا وعمل في معمل " سمنت السماوة " أن يغدو مستوصفه الطبي ملاذا للعمال .. ومستراحا للكادحين .. ولا غرو حين تكشر ذئاب الديكتاتورية عن أنيابها ، أن تقوم حكومة قطيع الذئاب بنقله بعيدا عن العمال إلى ناحية " الدغارة " دون أن تدرك أن عيادته ستغدو قبلة الفلاحين والكسبة .. ومنتجع محبة ٍ للفقراء ..

***
كان مهيّـأ للشهيد البطل " أبي ظفر " أن يكون شاعرا أو روائيا .. شغفه بالقراءة وأسلوبه في التعبير يشيان بذلك ..
حين قـرر مدرس اللغة الإنكـليزية في ثانوية السـماوة " عـبد الباقي الصافي " إخراج مسرحية شكسبير " تاجر البندقية " لم يجد أفضل من الشهيد " أبي ظفر " لدور البطولة ـ ليس لأنه الأذكى بين مجايليه في اللغة الإنكليزية فحسب ، إنما ولأن المدرس كان يعرف أن الشهيد يحمل حقدا مقدّسا ً على مصاصي دم الفقراء أمثال " شايلوك " .. ولقد برع الشهيد في المسرحية التي شارك في تمثيلها " محمد فاضل " و " هادي آل يونس " و " محمود شاكر الإمامي " و " سعد شاكر العزاوي " .. فالشهيد كان من رواد الحركة المسرحية في مدينة السماوة ، مثلما هو من رواد الحركة الطلابية التقدمية ..

***

أبا ظفر .. يا صديق طفولتي وزميل صباي ورفيق شبابي ، أتسمعني ؟ إنّ قاتليك قد دخلوا مزبلة التاريخ تحفُّ بهم اللعنة ... وها أنت حيٌّ في ضمير الأبد يحفُّ بك النور وتتهجى كتاب خلودك الأبدية ..
" بلقيسك " غدت أما ً لكل أطفال الشهداء والعصافير والشجر .. يداها نهران خرافيان يسقيان غراسك .. عيناها مغتبقك .. وقلبها مصطبحك ... و " ظفرك " غدت حمامة جناحاها باتساع آفاقك ... و " يسارك " أضحى نخلة بحجم شهامتك .. فنم قريرا في فردوسك أيها الشفيف كدموع العشق .. الصلب كمطرقة العامل ..الشامخ كجبال بهدينان .. الدافئ كخبز صباحات الفلاحين .. والنقيّ كالسيف لحظة تجرده من غمده ..
أيها المقيم في صدر الأرض قلبا ً : لن أرثيك ... فأنا أعرف أن الخالدين لا يحبون الرثاء ..

***





#يحيى_السماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكرا ً لأنكِ حاربتِني وانتصرت ِ عليّا
- إيهود باراك بمثابة ملاك رحمة قياسا ً بجورج بوش
- إصرخ بوجه الخوف : ذا قدري
- إفتراق
- نبوءات ..
- مَلَكتِني جميعا ..
- عن معاهدة - موافقة العراق على استعماره - من قبل أمريكا
- تضامنا ً مع مقترح د . عبد الحسين شعبان
- لماذا لا تُعاد تجربة إفشال معاهدة بورتسموث ؟
- إنها حقوق الشهداء .. وليست مكرمة من أحد
- غياب - الشفافية - عملا ..ً وحضورها كشعار فارغ
- مأساة الأطفال العراقيين الذين تعالجهم إسرائيل
- خردوات
- لا رأفة بوحوش القاعدة ... فاستأصلوهم
- هموم عراقية (2) : لنردم مستنقع الديكتاتورية
- وأنت معي ...
- آه .. لو الشاعر معروف الرصافي حيٌّ يرزق ..!!
- العراق عجَّل الله فَرَجه متى يخرج من البئر ؟
- مناشدة عاجلة إلى السفير الأمريكي في بغداد لرؤية هذه الصور ال ...
- هموم عراقية : ظاهرة مقتدى الصدر ومثلائه


المزيد.....




- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس
- السيسي يدشن تنصيبه الثالث بقرار رفع أسعار الوقود


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - يحيى السماوي - لمناسبة اليوبيل الفضي لاستشهاد البطل - أبو ظفر -