أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حسن جميل الحريس - للفقر مصداقية باكية .......... ج / 8















المزيد.....

للفقر مصداقية باكية .......... ج / 8


حسن جميل الحريس

الحوار المتمدن-العدد: 2356 - 2008 / 7 / 28 - 10:20
المحور: حقوق الانسان
    


نيام .... ح / 4

- أنور : خذ فرحان للنظارة وأخبر المساعد ألا يلمسه ... هل ينتظرني أحد ؟
- الحاجب : أم وابنتها تنتظران أمرك سيدي .
دخل فرحان غرفة النظارة ووجد فيها رجالاً ذووا أشكال وأعمار مختلفة ومتخلفة فألقى عليهم تحية السجن قائلاً :
- سلام على ضحايا البشرية الناعمة .
فعرفوا أنه معتاد على ريادة السجن دائماً ، ثم التمس يعانق رجلاً في العقد الخامس من عمره وله عينان تجحظان كلما لمس أحدهم بطنه المكشوف الذي هاجر من مكانه نحو ركبتيه المهترئتين منذ عهد السلاجقة ، ويأسر وجهه بشعر رأسه ولحيته الكثيفة الجائرة ، ويتميز بنطاله بإنكماشة توحي بأنه من أولئك الذين هجروا أوطانهم بإرادتهم وصاروا يرجون العفو من أقدامهم أن ترسم على وجوههم طريق عودتهم العاثرة ، فأخذه فرحان لجانبه وجلسا يتحدثان بشراهة بدأها فرحان قائلاً :
- مررت على صومعتك يا مازن ولم أجدك ... سألت عنك جارك بائع الفستق فقال لي : (( لقد حصل على تأشيرة موته وهاجر إلى آخرته مبكراً )) أضحكني كثيراً من قوله رغم أنني متأكد أنك استبدلت صومعتك الترابية المعزولة بصومعة أكثر عزاً .
علت ضحكات مازن وملأت أجواء لقائهما ثم أجابه ساخراً :
- يبدو أن فقراء اليوم باتوا يتزاحمون على نيل تأشيرات موتهم المبكر ... وقد صدقك جاري بعطائه وتكرّمه عليّ ... بلى ... أرسلت روحي إلى حيث الآخرة منذ سنوات بعيدة كي تستطيع أن تحجز لي مكاناً مرموقاً فيها قبل أن يزدحم المكان بالفقراء أمثالنا ... فإذا ازدحم المكان ربما لن أجد حينها لي صومعة مناسبة .
- لا تخشى يا مازن ... فعلى أرض جهنم ستجد صومعة تنتظرك وأظنها ستناسب لحيتك الأثرية .
- أوه ... ألا يكفيني جهنم الدنيا !!! بالكاد أؤمّن رغيف عيشي .
- هكذا قال الأغنياء عنا ... قالوا جهنم الدنيا للفقراء وعندما سألهم أحد أخوتنا قالوا له : قد تنازلنا لكم أيها الفقراء عن جهنم الدنيا وعن جهنم الآخرة ... قالوها لنا وفي نفوسهم حسرة أنهم تنازلوا لنا عن مساحات شاسعة جداً من أرض جهنم الدنيا وأرضها بالآخرة .
- أوه ... إذاً ... هم أصحاب فضل علينا ... لماذا لم تسألوهم أن يتكرموا علينا ويعطوننا زادنا ؟
- سألهم أحد أخوتنا المعدم مثلنا عن ذلك ... إذ قال لهم (( جهنم الدنيا قريبة منا إنما جهنم الآخرة بعيدة عنا ... وربما سنحتاج لدهور طويلة كي نصلها ونصل إلى رحمها كما وصفتموه لنا ... فهلا تكرمتم علينا بزاد يكفينا في رحلتنا .
- وماذا قالوا له ؟؟
- قالوا له (( أتتسول ياهذا !! ألاتعرف أن التسول ممنوع في الإنسانية !! )) فأجابهم ذاك الفقير (( ولكنه مسموح في البلاد العربية ... ألستم عرباً مثلنا ؟؟ ألستم من جعلتم منا حفاة نتسول على فضلات موائدكم العامرة ؟؟ ثم ألستم أنتم من حكمتم على مصائرنا وسّلطتم علينا الظلم والفساد والرشوة والحاشية ... فهلا أعطيتمونا سؤالنا لنذهب به إلى جهنم باكراً ... ثم لماذا تجادلونا وعلى ماذا ؟؟ على زاد سألناكم إياه كي يعيننا على رحلتنا الزاكية ؟؟ غريب أمركم أيها الأغنياء !!! لقد بعتم كل شيء من حولنا وأظنكم الآن تساومونا على أرض جهنم التي نقف عليها في الدنيا .
- أوه ... إن كانت الحالة كذلك ... أرى أنني سأؤجّل مطالبتي بالحصول على تأشيرة موتي لحين تتحسن الأحوال وتستقر الأوضاع في جهنم الدنيا وجهنم الآخرة .
- لاعليك يامازن لاعليك ... احصل على تأشيرتك بسرعة وسأبذل قصارى جهدي لأحصل لك على مؤونة مناسبة تكفيك برحلتك الموفقة .
- وعلت ضحكات فرحان ثم تابع قائلاً ::: قد ضحكت كثيراً عندما ذكر أخونا الفقير لائحة مطالبه قائلاً (( أحدثكم نيابة عن ملايين الفقراء ::: نريد لكل منا ثوراً وحشياً وعلماً أمريكياً ... ونريد قبعات بيضاء على كل منها نجمة داوود السداسية ... ونناشدكم باللبن والخبز والزبدة والحشائش التي نعلكها جيداً ونتسلى بها ... ألا تنسونا من الحبوب والبقول شريطة أن يكون الأرز قصيراً كي لايتهموا أرزنا الطويل بأنه سلاح موجه ضد الدولة العبرية ... وأريد لنفسي بيضة بلدية !!! أوه بلدية ؟؟ لالالا أريد بيضة مدنية ... ياإلهي مدنية !!! لالالالا أريد بيضة دولية ... أووووووووووه دولية !!! لالالالالا أريد بيضة عربية ... نعم أريد بيضة عربية ... الحمد لله أنني لحقت بنفسي وبالبيضة واخترتها عربية ... فهي هشة وسريعة الكسر والعطب ولاتحتاج لمقلاة أو سلق فهي جاهزة دائماً في حاضنات تابعة لمفارخ مدرسة أمتنا العربية .
- لائحة غريبة حقاً !!! وماذا قال عنها الأغنياء ؟
- لقد وافقوا على القبعات البيضاء والبيضة ... لأن النجمة السداسية تغنيهم عن الثيران الوحشية وراياتها المقرفة كما أنها قادرة بسهولة على استيعاب البيضة مهما كان مصدرها ... وقد اقتنع الفقراء بذلك بعدما كشف لهم الأغنياء عما هو مكتوب في مركز النجمة ... مكتوب عليها (( ربما لسنا الوحيدين في القتل ولكننا الأفضل )) .
- وماذا كتب على البيضة ؟
- فارغة ... لاشيء !!!
- ماذا قلت فارغة ... أليس فيها مخ ونعال ... عفوك :: أليس فيها مح وزلال ... اعذرني فثقافتي بالتاريخ ضحلة جداً .
- لاتعتذر ياصديقي لا تعتذر ... البيضة فارغة من أي محتوى فهي مجرد هيكل !!!
- وأين ذهب محتواها ؟؟
- سبقك إلى جهنم .
- ربي لاأسألك رد قضائك ولكن أسألك اللطف فيه ... سأبقى بصومعتي في جهنم الدنيا .
- أراك استنكفت عن ذهابك لآخرتك مبكراً ... حسناً حسناًً ... وجدوا في البيضة مجتمعات البطاريق العربية متربعة على بخاخات نفطية ... أيرضيك هذا ؟؟
- ليتك أبقيتها فارغة ولم تحشيها بفضلات غربية .
- حالك كما هو ومازاد عليك سوى كرم لحيتك التي غطت شاطئ قدميك بستارة الفقر المقدس ... كيف أيامك ؟
- على حالها إلا أنني أحصيت عدد الذين يتحدثون مع أنفسهم فزادوا ملايين عدة ... فإن اشتد الفقر على أحدهم ترى هيئته الأولى وقد أخذ بنفسه إلى ركن معزول وضيق يجلس فيه صامتاً لا يتحرك ... ثم لايلبث أن يشعر بأن مجتمعه غير مكترث به فيبدأ حينها بتمتمة متوسطة الشدة تسمعها نفسه فقط ... وبعد مدة تسمعه بتمتمة عالية رفع شدتها كي يسمعه المارة إنما وكالعادة لايكترث به أحد ... وعندما يجتاز حدود عقله ويفقده من بين يديه تراه يصرخ بشدة ويصيح ثم يتحدث مع نفسه وكأنه في مجلس أشباح يجلسون في ردهة مخيلته ويشاركونه عالمه ... لقد هجر عالم بشريته وسكن في عالم أشباحه الذي سيمهد له طريقاً إلى جنونه المطلق ليصبح وحيداً وحزيناً ومشردا ... رأيت ملايين الناس يمشون بالشوارع ويحدثون أنفسهم حتى بت مقتنعاً بأن للفقراء عوالم الأشباح فقط ... إنها عوالم أبصار الكلاب والهررة لا يرون العالم إلا بلونين فقط ... أبيض وأسود !!! والألوان الباقية لاشأن لعيون الفقراء بها ... إننا بزمن التوحد مجموعات مجموعات ... فالأيام والألوان والطعام والشراب والثياب والمساكن والحياة كلها لها لون واحد فقط ولا لذة فيه ولا سمة مميزة ... إما الأبيض وإما الأسود ؟؟؟ وعلى الغالب لونها أسود !!! أسود .
- عليك بالحمد والشكر يامازن لأنك لازلت في الأبيض ... لازلت تتمتع به كما عهدتك .
- أنا بالأبيض !!!؟؟ الأبيض !!! ياعزيزي ... الأبيض عند الفقراء هو كل ماليس لونه أسود ... وفي معظمه يكون رمادياً مسوّدا ... انظر لذاك الرجل !!!
وأشار مازن بإصبعه على رجل يجلس بزاوية النظارة وقد ستر وجهه بيديه وركبتيه فناداه قائلاً :
- هيه عارف ... تعال إلينا لتتعرف على صديقي المعدم مثلنا .
جلس عارف معهما فسأله فرحان مبتسماً :
- مامشكلتك يارجل ؟؟ دع الحياة تمر كأنها جنازة عليها الرحمة .
صمت عارف لحظات ثم زفر زفرة عارمة وأخذ يسرد أمره شاكياً :
- لقد تزوجتها رغم قناعة الجميع بأنها غير مناسبة لي ولا صالحة ... كانت مطلقة من زوجها ولها منه ولدان ( ذكر وانثى ) ... غدرتني اللئيمة !!! كنت أعاشرها دون أعقد عليها فحملت مني وأخفت عني حملها ثلاثة شهور متواصلة ... لقد وقعت في مصيدتها وبت حائراً أسأل نفسي : ((( هل أتركها ؟ هل أنكر عليها حملها مني ؟ ولكن الذي في رحمها ولدي وأنا متأكد من ذلك ... ثم ماذنبها ؟ قد أمنت جانبي وسلمتني نفسها وحملت مني !!! ءأرميها هكذا وأتركها تواجه محنتها لوحدها ؟ لالالا ليس باستطاعتي أن أفعل هذا بها ... وماذنب الذي برحمها ؟ إنه ولدي ولن أتنازل عنه ولن أحرمه من هويته الطبيعية ... سأتزوجها ... بلى سأتزوجها وسيحيا ولدنا بيننا حتى ولو اعترض العالم كله على زواجي منها ))) فنزلت على شباكها كفريسة واهنة ... وعقدت عليها رغم قطيعة جميع من حولنا ... واشترطت عليها أن تستبدل كسائها العاري بستارة الدين الطاهرة الراقية ... وظننت أنني أقنعتها بسؤالي هذا بعدما سمعت مني نصائح تحفظها وتحفظني معها ... ولكنها وافقتني مخادعة لي ومنكرة !!! ليتها صارحتني بأنها ترفض جلبابها لكان عليّ أهون من أن تغدر بي لاحقاً ... لازلت أذكر قولي لها (( ثريا حبيبتي ... هاقد مضى عقدنا وصرنا زوجين أمام الله وأمام عباده ... فهلا أخذت عني بعض نصائحي لك ... فأجابتني راضية (( بكل سرور حبيبي ... وأرجو أن تنصحني لما فيه خير لي في الدنيا والآخرة )) ... فقلت لها (( حسناً ياعمري ... لكل أنثى ملكات حباها الله بها ... صدرها وفرجها ووجهها وجسدها كله هو أمانة في عنقها ويجب عليها أن تحفظ هذه المكنونات الثمينة لزوجها ... فماهي الفائدة التي ستجنيها على نفسها إن عرضت تلك المكنونات علانية أمام الذكور ؟؟؟ هل تنتظر منهم إلا التمتع بها ... أم هل تنتظرهم ليقولوا لها أن عيونك جميلة أو ساقيك ناعمتين أوشعرك جذاب أوووووو ... ماالذي ستجنيه من قولهم ؟؟؟ لاشيء ... لاشيء سوى الهباء الأسود ... ثم ماالذي ستتركه محفوظاً ولم يراه أحد لكي تقدمه لزوجها ؟؟؟ لاشيء لاشيء ... فالتتحسس كل انثى جسدها لترى ماذا تركت لديها مستوراً ... ثم لتحكم على نفسها بنفسها ماذا تركت لزوجها ... تلك المكنونات هي من حق زوجها ولوحده فقط ولا يحق لأي مخلوق غيره أن يطلع عليها ... ثم ... إن رحم الأنثى كنز مكنون لايقدر بثمن وهو أشبه بخزينة ذات أرقام سرية لايعلمها سوى زوجها ... فهلا حفظت عليّ أرقامك السرية أيتها الزوجة الحبيبة ؟؟؟ )) فأجابتني مخادعة تمكر بي ( هي لك حصرياً ) ... ليتني لم أتزوجها ... لقد خسرت أهلي ومجتمعي من حولي من أجلها ... وبعدما وضعت ولدي البكر أنكرت عليّ وعدها ولم تحفظ لي أرقامي السرية ... كنت أذهب لعملي قبل شروق الشمس بدقائق راجياً لقمة عيشي وعيشها ... وكانت المياه المالحة النازلة من جليّ البلاط تأكل من لحم يدي ومن جسدي كل لحظة ... وكنت أداويها بصورة رسمتها في قلبي ومخيلتي عن حبيبتي وزوجتي ثريا وولدنا الوحيد ... فماذا فعلت بي تلك الثريا ؟؟؟!!!! كان صديقي موفق يأوي إليها !!! لقد افترشا لذتيهما على سريري والتحفا يأكلان كدي المضني عتياً ... كنت أواسي معدتي بلفافة زيتون كي أوفر لها عيشاً هنياً ... ماذا فعلت بي ؟؟؟ جاءني صديقي نزار وقت الظهيرة حيث أعمل وقال لي (( ثريتك استبدلت أسلاك أنوارك بأسلاك غيرك حتى استحالت كبطارية شحن عامة للبشرية )) فأمسكت بعنق نزار أخنقه وأسأله (( ماذا قلت ياهذا ؟؟ من هو ؟؟ قل لي من هو وإلا قتلتك !! )) وقبل أن يفارق نزار حياته أعتقته فأطرق رأسه خجلاً مني وأجابني قائلاً :
- (( صديقنا موفق !!! يأتيها يومياً )) .
- موفق !!! صديقي ؟؟؟ لماذا ؟؟ ماالذي ينقصه ؟؟ زوجته أجمل من ثريا وهي تحفظه ... تالله إنك لتفتري عليهما وعليّ ... ثم كيف ومتى ؟؟ ولماذا ؟؟ ماالذي ينقصها ؟؟؟ ياإلهي ياإلهي ماذا فعلت كي تجازيني بهما .
- لا أفتري عليهما صدّقني ... كل يوم وبعدما تخرج من بيتك يدخل عليها صديقنا ويتفقد بضاعتها ... لم أكن أعلم بهذا مثلك تماماً ... ولكن صاحب البقالة مقابل بيتك قد حدث والدي وقال له أحداثها كاملة كما أرويها لك ... وقد تأكدت بنفسي بعدما راقبت بيتك لأيام عدة وشاهدته مثلما نعرفه كلانا .
- يا إلهي ... لاإله إلا الله ... يدعونني كل مساء إلى بيته لنلعب النرد معاً وليأكل كتفي بالنهار ... سأقتلهما معاً ... نعم سأقتلهما .
- على رسلك ياعارف ... على رسلك ... ألقي القبض عليهما وهما في جرمهما ثم ألقي بضاعتك في جوفه كي ترى ماذا هو فاعل بها .
- تسألني أن آخذها إليه بيدي هاتين ؟
- أعوذ بالله أن أسألك هذا ياأخي ... إنما سألتك أن ترميها إليه مطلقة ليحمل عنك وزرها ... ولاأظنه سيأمن جانبها سيما وأنه متأكد بأنها ستطأ شهوتها المستعرة مع غيره ... هل وعيت قولي .
- وماذا أفعل بولدي ؟ وماذنبه ؟ لقد تزوجتها من أجله ... من أجله فقط !! ثم !! .. ياإلهي !! كم هي ماكرة .. كانت تقول لي بأنها ستخرج من بيتنا لتأخذ درس علم بمسجد حيّنا ...الآن فهمت !!! كانت تتذرع بهذا كي أطمئن لها ولا آتي لبيتنا أتفقدها ... لم تهينني وحدي بل أهانت دين ربها ... إنها فاجرة وماكرة ... كانت تتستر بستارة الدين كي تخفي عني مكرها ... يجب عليّ قتلها ... يجب قتلها .
- إن قتلتها خسرت نفسك وخسرت ابنك ... ألم تقل أنك تزوجتها من أجل ولدك ؟؟؟ إن قتلتها فمن سيرعى ولدك ويحيا حياة طبيعية هانئة ... ولدك بحاجة لك فابتعد عنها وألقها في وجه صديقنا ليحملها بعفنها ... انزل عليهما وقت الظهيرة وسترى الحقيقة حينها ... وسأكون برفقتك كي أحميك من نفسك ومنهما .
عدت لمنزلي برفقة نزار ووجدت باب بيتنا مقفل من الداخل فقرعت الباب بلطف كي لا تشك بي فخرجت إليّ بعد دقائق عدة وقالت لي :
- أراك عدت مبكراً ... عسى خيراً ؟
- خيراً إن شاء الله إنما توقف المعمل لعطل كهربائي وهاأنذا بين يديك حبيبتي ... ثم لماذا نتحدث عند الباب ؟ دعيني أدخل بسرعة لأن أخي نزار برفقتي وسندخل سوياً .
بان على وجهها إرتباكها المفاجئ فرجتني قائلة :
- قبل أن تدخل لبيتك حبيبي ... آمل منك أن تنزل للبقالة وتأتيني بمكيالين أرز كي أطبخهما لنا .
ولبيّت أمرها بابتسامة مبيتة ونزلت أمامها درجات عدة ثم وقفت في أسفل الدرج أراقب بيتنا وإذ بصديقي موفق يحمل حذائه ويهمّ بسرعة هارباً فأمسكته وألقيته أرضاً وأتيت به بمساعدة أخي نزار ورميته عند أقدامها وقلت لها :
- أيتها الساقطة الماكرة ... لطالما ظننت بك خيراً ... أنت طالق .. طالق .. طالق .
ثم التفت إلى موفق ساخراً منه وقلت له :
- لقد طلقّتها .. وهي لك الآن فاحملها بعفنها ... ثم انتظرها لتأتيك بموفق آخر مثلك يطؤها !!! فما كان لك صار عليك .
ورميت بهما لسرير الشارع .. وحضنت ولدي لصدري سنين عشر مضت ... ثم ضاقت بي الأحوال وتوقف المعمل نهائياً وأخذت مهنتي تزول تدريجياً ، فضلاً عن عدم استطاعتي على احتمالها كما كنت سابقاً .. ولم أتزوج ثانية لسببين أولهما أنني مازلت أعاني من زواجي الأول وثانيهما لعدم كفاية يدي ، لهذا قررت أن أبحث عن مهنة أخرى فما وجدت أمامي سوى بيع الدخان المهرّب ، إلى أن قبضت الشرطة عليّ مرات عدة كانت من أصعبها على نفسي تلك المرة الأولى التي قلت فيها لولدي أنني سأسافر بعيداً عنه لأعود إليه بمال وفير وحياة سعيدة هانئة ... ومابكيت إلا عندما وضع يده الصغيرة الناعمة على رأسي وأخذ يمسح شعري قائلاً :
- لا تبك ياأبي لا تبك ... اعلم أنك ستسافر بعيداً عني ... وسأنتظرك لتعود إليّ ثانية ... وحتى ان لم تعد سأبحث عنك وآتيك لأتدفأ بحضنك ... احبك ياأبي احبك .
كنت أبكي ليس لأنني ارتكبت جناية بحق نفسي !!! بل لأنه لا يعلم مصيره ولاأعلم مصيري معه ... لقد أخذته الحياة من حضني وذهبت به لدار الأيتام ... وأرجو أن يصنعوا منه رجلاً صالحاً .. أرجو ذلك .
عقدت الدهشة الحزينة لسان فرحان وأعياه الألم ، وأراد مواساة عارف بمصيبته فقال له :
- فرحان : ........................................ يتبع






#حسن_جميل_الحريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للفقر مصداقية باكية .......... ج / 7
- للفقر مصداقية باكية ..... ج /6
- للفقر مصداقية باكية .... ج / 5
- أريد ولدي
- مرمر
- تفسير الحديبية برواية أمريكية ............. الجزء السابع
- سلاحي
- الوروار
- ضمير
- حمّالة الحطب
- قادمات من الشرق ..... ج / 3
- تفسير الحديبية برواية أمريكية ............ ج / 6
- بوذا والعلمانية والماسونية في زيارة مضاجعنا العربية ........ ...
- بوذا والعلمانية والماسونية في زيارة مضاجعنا العربية ........ ...
- بوذا والعلمانية والماسونية في زيارة مضاجعنا العربية …….. ج / ...
- بوذا والعلمانية والماسونية في زيارة مضاجعنا العربية ....... ...
- بوذا والعلمانية والماسونية في زيارة مضاجعنا العربية ........ ...
- ناردين .....
- أرامل الزمن الحنون
- بذور التفاح ....سوريا ولبنان ... والبديل باكستان


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حسن جميل الحريس - للفقر مصداقية باكية .......... ج / 8