أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم الصغير - النكتة السياسية بين وظيفة تفريغ المكبوت الشعبي والتوظيف الثقافي السلطوي















المزيد.....

النكتة السياسية بين وظيفة تفريغ المكبوت الشعبي والتوظيف الثقافي السلطوي


جاسم الصغير

الحوار المتمدن-العدد: 2347 - 2008 / 7 / 19 - 10:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعد النكتة السياسية احدى السلوكيات التي كان لها حضور في حياتنا منذ فترات طويلة فالنكتة حكاية سردية بسيطة وقصيرة تقوم بوظيفة اجتماعية من خلال نقد احداث معينة تجري في المجتمع ولكن حسبما حددت العديد من الدراسات العلمية معايير معينة في عنصر السرد و فنيته وتخلله بعض المفارقات ومن غير مباشرة وفيها غموض بسيط تجنب السارد لها مصيراً غير محمود من قبل السلطات وهي المبثوثة في كل مكان من هنا لذة الاستماع اليها وهذه سمات لصيقة بالنكتة السياسية واذا انتفت هذه السمات او السيمائيات تفقد النكتة محتواها وتغدو حديثا وسرداً مباشراً بلا أي تشويق والنكتة بشكل عام هي امر اجتماعي ايجابي في المجتمعات المفتوحة عندما تكون فسحة للراحة من هموم الحياة وراحة للاعصاب لهذا نرى ان بعض الفلاسفة في العصر الحديث مثلاًَ ومنهم الفيلسوف الفرنسي بيرجسون كان يقوم عند القاءه احدى المحاضرات بأن يفتتح محاضرته بألقاء نكتة امام الحضور من الجمهور وتضج القاعة بالضحك بعد سماعهم لها مما يؤدي الى خلق جو من الراحة والانتعاش النفسي للجمهور والتهيئة الذهنية لاستقبال المحاضرة وهذا ما كان يبغيه الفيلسوف بيرجسون عند ألقائه للنكتة وفي الحقيقة ان النكتة قديمة قدم وجود الانسان وتأمله للحياة ان النكتة واشد انواعها شيوعاً هو النكتة السياسية والتي ترافقت مع الانسان وانتعشت خاصة في المجتمعات التي شهدت استبداداً سياسياً وتضييق في حرية التعبير ولهذا يقال ان مواطني الاتحاد السوفيتي في الحقبة الشيوعية كانت اكثر البلدان تداولاً للنكتة وتفريغ الرغبات المكبوتة من خلالها لافراد المجتمع الذين كانوالايستطيعون البوح بمكنونات الداخلية من اراء سياسية لانها كانت مرفوضة من قبل النظام السياسي القائم آنذاك وفي الحقيقة ان النكتة السياسية لم تغب عن عالمنا العربي الذي تقاسمت بلدانه سمة الاستبداد السياسي وانعدام وجود حرية التعبير منذ فترات طويلة بسبب الديكتاتورية المتجذرة في بنيتها السياسية والاجتماعية بشكل عميق وهذه البيئة ملائمة جداً لانتشار النكتة السياسية وتكاد يكون افراد البلدان العربية اكثر افراد الشعوب اليوم تداولا للنكتة نتيجة للواقع الموضوعي البائس في كل الميادين من ضيق فرص ومنافذ التعبير عن الرأي وحتى ان وجدت فهي شكلية ومراقبة بشدة من مجسات وعسس السلطة الاستبدادية القائمة ولاتخرج عن ايديولوجيتها ونهجها السياسي ان وجود النكتة السياسية كما اسلفنا هو امر طبيعي في مجتمع مكبوت ولقد عرفنا مايطلق عليع الباحث حسنين ابراهيم توفيق ب ((العنف اللفظي)) عبر توظيف النكتة السياسية وممارسة العنف اللفظي الذي يردده افراد المجتمع ترديد اعمى من غير ادراك المرامي السيئة التي تعمل عليها السلطة آنذاك للتفرقة بين ابناء الشعب الواحد فهذا ينتمي الى طائفة كذا وهذا ينتمي الى اصول غير عربية وذلك يتسم بالبلاهة لانه ينتمي الى فئة معينة الامر الذي عزز مفاهيم العنف الخفي ولكن غير الطافي على السطح لاسباب عديدة ولكنه فعل فعله السيئ على مستوى الذات او مستوى المجتمع وكم رأينا في الفضائيات العربية التي تعود ملكيتها الى حكام وامراء عرب من البرامج والمسرحيات التي تنتج لنا مشهداً وخطاباً فنيا واعلامياً سلبي ومرفوض في السخرية من بعض فئات الشعب والمجتمع والاكثر مفارقة ان الجمهور يضحك على ذلك ولايعرف انه يضحك على ذاته واصبحت اداة في يد السلطة في تمزيق وحدة المجتمع بدلاً من ان تصبح اداة واعية لتعرية السلطة واهدافها البغيضة وتكللت المفارقة بعد اتمام السيطرة على المجتمع من خلال هذه الالية التي اشعرت السلطة ووهبتهم شعور زائف بتضخم الذات بدأت مرحلة جديدة بنوع اخر من النكت السياسية في حياة المجتمعات العربية تتمثل بحاكميها الذين يثبتون لنا يوما بعد اخر ان النكتة السياسية ومفارقتها مستمرة ولكن هذه المرة من خلال قمة الهرم السياسي للانظمة وشخصياتها التي لاتكاد تنطبق عليها أي توصيف علمي او اكاديمي وتمثل خروج عن اي عقلانية سياسية او اجتماعية في سلوكياتها السياسية وطرق تسيير شؤون الامة بلا أي تخطيط حقيقي وعميق وانه غالباً مايقوم على ردات فعل شخصية اكثر منها موضوعية وثمة شواهد عديدة في هذا المجال ومنها مثلا النموذج الناصري عندما عبر الرئيس المصري جمال عبد الناصر انه سوف يرمي الصهاينة في البحر فأذا به يمنى بأتعس هزيمة في حرب 1967 ويستقيل وتعود الجماهير تطالب ببقاء مضطهدها في السلطة ولاترتضي غيره وهي مسرحية مخابراتية معدة بأتقان سلفاً لامتصاص سخط افراد المجتمع الثائر اثر حصول الهزيمة فأي نكتة سياسية هذه او دعوات الوحدة العربية لنظام القذافي ولايرتضي بديلاً عن فكرة الوحدة في اقامة العلاقة بين نظامه وباقي انظمة الدول العربية واذا به اكثر الزعماء تحطيما لفكرة الوحدة ولم تنجح او تعمر أي وحدة اقامها مع باق الدول العربية ويعود اليوم كافرا بالوحدة العربية التي كانت يوماً قبلته ويتبرأ من العرب ناعتاً اياهم بدول وانظمة ميتة ويتجه الى القارة الافريقية هذه المرة او تطبيق الشريعة الاسلامية من قبل الرئيس جعفر نميري في الثمانينات وتحريم تناول او تداول الخمر في السودان وهللت العديد من الاحزاب لهذه التوبة والصحوة الدينية وتبين ان كل ذلك كان بسبب انه اصيب بتصلب في الشرايين من جراء تناوله المفرط للخمر لذلك حرم تناوله او تداوله لانه عز عليه ان يتناوله غيره ولايستطيع هو تناوله ويأتي نموذج الطاغية صدام حسين البائس والبائد في ان طريق تحرير القدس يمر عبر احتلال الكويت وبعد ذلك يعاقب الشعب العراقي المسكين بفرض حصار خارجي وسلطوي داخلي عليه لفترة اثنى عشر عاماً على جرم لم يرتكبه ويبقى النظام في السلطة ايوجد نكتة سياسية اكثر وابشع من ذلك انه النظام العربي الرسمي الذي يبدو انه اصيب بالخصاء السياسي ودخل مرحلة الخرف السياسي وصدق المفكر العراقي علي الوردي عندما اوضح انه كم يوجد من الذين يشار لهم بالبنان والكاريزمية الكاذبة في عالمنا العربي ومنخهم الساسة المستبدونت بالطبع ويتمتعون باشغال افضل الاماكن في قمة الهرم السياسي ولكن نفس هؤلاء الاشخاص لو وجدوا في أي بلد اوروبي متحضر لكان مكانهم الطبيعي مستشفى الامراض العقلية وهذا في الحقيقة يسحبنا الى البحث عن الجذر الثقافي لهذه العيوب السياسي الذي انتشرت بفضله ثقافة النكتة السياسية في عوالمنا سواء من خلال تخطيط السلطة او سلوكيات الانظمة السياسية وحاكميها وفي الحقيقة يوجد العديد من الاسباب الفكرية والثقافية لهذا التردي الحضاري ومنها هيمنة ثقافة الشعارات الكبيرة في حياتنا بدون الالتفات الى مضمون وتفاصيل هذه الشعارات وبالتالي عدمن الالتفات الى اهم المكونات الانسانية وهو الانسان اساس وهدف كل التغيرات فما زلنا في بدائيتنا ولم ندخل العصر الحديث ومازال التعالي الفكري للسلطات وتيارات سياسية عديدة هو السائد والشعارات السياسية غير العقلانية التي توجد بين ظهرانينا من دلائل هذه الثقافة السياسية ولم يتم سؤال الذات حول هذه الاهداف السياسية و ترفع من اجل من اليس يفترض بها من اجل الانسان وبالتالي الا يفترض ان يتم تنمية هذا الانسان والرفع من شأنه وبعدها يتم تحقيق هذه الاهداف ولكن بلا جدوى و ينبه الدكتور مطاع صفدي الى غياب اسس هامة في مسائل التفكيروالسلوك السياسي عندما عبر عن ذلك (( ان المخاضات التي مر بها جيلنا كانت فاقدة باستمرار لمحورالعقلانية والمواجهة )) ((في الحداثة والتقدم- حوارات فكرية- دار نقوش عربية تونس-اصدار عام 1996- ص 38) ان ان الكثير من سلوكياتنا متشبعة بثقافة النكتة السياسية وهذا ينطبق على الخاصة وعلى العامة بذات الوقت وهو الامر الذي يحتاج الى معالجة جادة من كل المهتمين على الصعيد الفردي وعلى الصعيد المؤسساتي الثقافي والسياسي كي يمكن ان نصنع ارضية حقيقية ندخل بها العصر وهو الامر الذي غاب عن حياتنا طويلا يقول الدكتور المنصف وناس بهذا الشأن (( هناك مسألة اكثر تعقيداً هي علاقتنا بالعصر فنحن نمثل مجتمعا لاتعي العصر الا في ثنائية غريبة كل شئ او لاشئ فالمسألة الاساسية هي علاقة الانسان العربي بعصره وكيفية استيعابه لمنجزات عصره هو مايسميه الجابري بلغة جميلة" معاصرة الانسان العربي نحن مجتمعات تنطق بالقيم الكبرى لكن الواقع العربي ابعد مايكون عن هذه القيم الكبرى والمفارقة هي في ابتعاد الواقع عن هذه القيم التي يبدو الحديث عنها وكأنها حفاظ على المواقع وليس حفاظاً عن جوهر هذه القيم)) (نفس المصدر – ص 184) واتصور ان من اساسيات دخول العصر بشكل سليم وعقلاني هو الحفاظ واحترام كينونة الانسان بغض النظر عن خلفيته او توجهاته والتخلص من ثقافة وسلوكيات النكتة السياسية خاصة وان الاوضاع لم تعد تحتمل أي نوع من النكتة السياسية وبالتحديد النكت السياسية لسلوكيات الانظمة العربية التي دفع المواطن ثمنها غالياً وزمازال يدفع ولكن الى متى وهذا مالانعرفه مع الاسف الشديد



#جاسم_الصغير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية فلسفة وضرورة سياسية واجتماعية تبني الوطن والانسا ...
- ثقافة الممارسة الديمقراطية وترسيخ بناء المؤسسات والوعي الديم ...
- التعديلات الدستورية وقراءة لبعض فقرات الدستور العراقي المعاص ...
- المنجز والمسيرة الثقافية العراقية بين الواقع والطموح
- النخب اوالتيارات السياسية العراقية هيمنة العقلية الاستبعادية ...
- عندما يلتقي الفكر القوموي الفاشستي مع فكر القاعدة الارهابي ف ...
- مجتمعنا العراقي ودعوة من التعايش السلمي الى الاندماج الاجتما ...
- أوبريت - الضمير العربي -عندما يتماهى الفن العربي مع قيم قبلي ...
- من اجل المحافظة على طيبة الانسان العراقي وتعزيز سمات الالفة ...
- تعزيز الارادة الوطنية بالنهج والمسار الديمقراطي الجاد والحقي ...
- نشر وتعزيز الديمقراطية الحقيقية والجادة افضل طريقة لدحر ثقاف ...
- حول منطق (التوازن) المقترح في اجهزة الدولة وداوِها بالتي كان ...
- نحو اصلاح تربوي جذري لنفسية الطفل العراقي
- من اجل منهج تربوي وطني جديد يعتمد قيم التسامح والانفتاح الحض ...
- وماذا بعد فتوى تحريم ارسال الشباب الى العمل -الجهادي؟- في ال ...
- المدرسة والتعليم مشكاة للتنوير ام اداة للنكوص والتنميط الفئو ...
- المثقفون الشوفينين العرب وأزمة الضمير الحر
- الاعلام العربي والمحاصصة الفلسطينية الجديدة صمت ام خجل ام نف ...
- المجتمع المدني منظومة ساندة للديمقراطية
- فوبيا الديمقراطية


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم الصغير - النكتة السياسية بين وظيفة تفريغ المكبوت الشعبي والتوظيف الثقافي السلطوي