هشام اعبابو
الحوار المتمدن-العدد: 2336 - 2008 / 7 / 8 - 10:32
المحور:
كتابات ساخرة
لا يتجاوز طولها المتر الواحد و بعض السنتيمترات,صغيرة القد و الحجم,أظنها في الثلاثينات من عمرها,مطلقة,لباسها عصري,ترتدي دوما كعبا نحيفا و طويلا,أمر طبيعي حتى تبدو أكثر طولا,كنت أطلق عليها لقب صاحبة كعب الغزال,لطول و نحافة كعب أحذيتها,إن صادفتك في الدرج,تجدها بشوشة,لبقة,طيبة و كلها حيوية,كلامها مغربي على عجمي,سررت بقدوم صاحبة كعب الغزال كجارة جديدة,إلى أن استقرت في الطابق في الذي فوق بيتنا,"قرب قرب" صباحا و مساءا,كأنها ساعة بشرية,لا تمر ثانية واحدة,إلا و دقها كعب حذائها,فكرت مرارا في التحدث معها في الموضوع,فقلت لا لا,ستضنوني مهوسا أو أبحث عن الحبة لأجعل منها قبة,نصحني صديق لي بوضع قطع القطن في أذناي,الأخر نصحني بوضع سماعة الراديو و قال لي ضجيج الراديو سيكون أرحم من ضجيج الكعب العالي,لكن للأسف كل نصائح أصدقائي باءت بالفشل,فقد استطاع الكعب اختراق القطن و ضجيج المذياع,فالكعب الذي كنت أظنه لغزال اتضح لي بأنه كعب جاموس,أو كأنه آلة تلغراف,لا يترك مكانا بأرضية البيت إلا و طرقها ,أظن ذات المعب العالي جاسوسة ترسل "الشيفرا" بكعب حذائها, ياإلاهي إنه لا يفارقها,أظنها تنام به ليلا,إنه يصاحبها في الذهاب و الإيياب,كأنه عضو من أعضائها,سأجن,يكاد الكعب يخبرني بكل ما تقوم به في بيتها,أظن بأن حذاءها هذا ,ذو جودة عالية و مستورد,أقول ذلك لأنني بعد أن فشلت كل نصائح أصدقائي,بدأت في الآونة الأخيرة أدعو على كعبها بعد كل صلاة,بالكسر و التحطم, لكن حتى دعواتي لم تجدي نفعا,استطاع ذلك الكعب العجيب الإفلات منها,إنه كعب جبار,أظنه مصنوع من الفولاذ,وهكذا استسلمت لكعب الكعوب و ملكها,بعد صراع مرير,فشلت فيه قريحتي و قرائح أصدقائي للتغلب عليه,إلى أن التقيت ذات الكعب العالي يوما عند الدرج,لتخبرني بأنها تعاني من قصور كلوي و أول ما نصحها به طبيبها هو عدم ارتداء الكعب العالي,حزنت و فرحت في آن واحد,و دعوت لها الرحمان باشفاء العاجل و بلباس الكعب القصير عند الشفاء.
#هشام_اعبابو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟