أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - شعاع الشمس في بحيرة باردة














المزيد.....

شعاع الشمس في بحيرة باردة


ايناس البدران

الحوار المتمدن-العدد: 2331 - 2008 / 7 / 3 - 10:33
المحور: الادب والفن
    


لم يتغير شيء يذكر في تلك الغرفة القصية منذ دخلتها اول مرة بقلب مفعم بحماس الشباب قبل عقد ونيف من السنين .
فلطالما تبدت لها كمغارة معتمة نأت بمن فيها عن العيون ربما مخافة ان تمسها يد التغيير الذي وان حصل فأنه لن يكون الى الافضل بأية حال .
مع الوقت ادركت ان ذلك الشكل الهندسي البسيط انما هو جزء من منظومة شديدة البطء و التعقيد , عديمة الفعالية في الغالب تدور حول نفسها حلزونيا مثل كوكب ضال او ككلب يطارد ذنبه !
وان اية بادرة لتصحيح مسارها انما هي ضرب من حرث البحر , هذا اذا لم تعد محاولة للتمرد على لوائح لا احد يعلم على وجة الدقة متى خطت ولا بيد من , لتجعل منها ومن غيرها رقما ضمن ملايين الارقام التي تملأ الحيز الجغرافي , مجرد رقم يخضع لأملاءات و اسقاطات الزمان الذي يعيشه .
لوائح وجدت لسبب واحد هو الابقاء على من اعتلى صهوة ( الأمر ) في غفلة من كل شيء ، لتكبل بقدسية العادة و التكرار , ولتجعل من شذوذ القاعدة سنة هناك ... الحياة التي قامت منذ بدء الخليقة على التجدد و التحرر و الأنعتاق .. الحياة التي ما وجدت الا لتعاش .
في ذلك الركن القصي حيث تتدلى بدلال خيوط العنكبوت .. كشفت لها ثرثراتهن عن مزايا الصمت , ونبهتها خياناتهم الى اهمية الوفاء .. لنفسها ولكل ما آمنت به , هكذا صارت تصب الصمت في جرار الصبر لينطبق عليها قول الشاعرة " قال في الذي يريد بصوت .. قلت فية الذي اريد بصمتي " اجل .. فلطالما عد الصمت الرد الوافي و الشافي على فجاجة اللغو.. مطية السفهاء , ووسيلة المتهافتين للأعتلاء وحجة الادعياء لسوق القطعان الذاهلة ودفعها الى وأد احلامها و قتل بعضها البعض و احراق روما كلها.. فقط ليشعلوا سيجارة !
في سرها اطلقت عليها اسم غرفة النسيان فهناك يحق للمرء ان ينسى , ثم غيرته الى غرفة الأمنيات المؤجلة , فالموؤدة , واخيرا استقر رأ يها على اسم غرفة المهملات ... و كتبت فيها اسطر ذيلت بها اخر ورقة في سجل الحضور و الانصراف ، ما أشاع البسمة بين زميلاتها : "في غرفة المهملات ...
لا شيئ غير الفتات , اودع غابر الامنيات ... و اعتمر الأسى قبعات .. في غرفة المهملات ثعلب وبضع دجاجات "
كانت تهمس في سرها مثلها مثل الجميع ربما .
-لا احب حياتي .. لكني سأعيشها .
وهل كان لأي منهم خيار اخر ؟ بالنسبة لها كانت حياتها دوما مرتعا خصبا للملل , وحقل اختبارات مخيفة بلا نتائج تذكر , و تواطؤ مع الموت ، ومماحكة للحياة .
" يكفي ان يحبك شخص واحد كيما تظل على قيد الحياة " حكمة لا تذكر اين قرأتها لكنها حورتها الى " يكفي ان تظل على قيد الحياة " لتنسجم اكثر مع واقع الحال , فحين ينضم بروتس الى قائمة الاخوة الاعداء , عندها ليمت قيصر أذن , لعله هو الاخر آثر صمت الموت على لاجدوى الكلام , فألكلام سهل وفي اغلب الاحيان رخيص امام ذهب الصمت , ولا يهم بعدها ان حسبت على ذوي اضعف الايمان او الشياطين الخرس .. لكنها وجدت لديها القدرة على مصارحته يوما قائلة :
-نحن عالمان مختلفان .. سأفترضك ضحية جعلت من امرأة مثلي ايقونة , وانت تعلم ان هذا محض افتراء .. يوم كنت انت من ظننته انت , و كنت انا مازلت انا ..
يومها لم يرد ، لعله ادرك لاجدوى مقارعة اللاجدوى ، ولكن أ ليس من سخرية القدر ان ما جمعهما يوما هو ذاته الذي فرقهما فيما بعد ؟ !
عندما يطبق الحاضر كابوسا على الصدور نلوذ بالحلم ، واذا ما انكسر الحلم نهوي الى قاع حزن بهيم ، وحتى لايقتلنا اليأس والحزن نقتفي اثر النسيان بأية وسيلة .. هي اختارت المرض مهربا .. وحين صارحها الطبيب في ذلك اليوم الربيعي المغسول بالمطر .. ابتسمت .. وفيما هي تغادر الغرفة الرطبة المعتمة تذكرت كلمات قالهن لها حين كان المطر يحتويهما ويداعب وجهيهما بقبلاته :
-أحب النرد فقط حين يكون مغشوشا .
مغشوشا او غير مغشوش هي لاتحب النرد ، ولا تلجأ ابدا الى اللعب به .. ففي ذلك برأيها عبث بقدسية الحياة واستهانة بمنطق الاشياء .. وهكذا افترقا ، لتظل وحدها .. وحدها تماما يجلدها المطر . وجد كل منهما عذرا للهرب ، فما اسهل انتخال الاعذار في لحظة يأس او تمرد او انكسار .
في خضم الازمة الحاشدة شعرت انها مدينة لنفسها بفرصة اخرى قد تكون الاخيرة .. كلنا يعلم انه سيموت ولكن .. لا احد يعرف على وجه التحديد متى .. ولا حتى الطبيب نفسه ، وسؤالنا لماذا وكيف نعيش ؟ لايقل اهمية عن حقيقة اننا سننتهي ذات يوم .. سنموت وكلماتنا الميتة ستبقى ميتة وستلحق ترهاتنا بترهات من سبقنا دون ان نمنح انفسنا فرصة التعلم من اخطائهم او اخطائنا .
كانت خطواتها تضرب الأسفلت بأيقاع رتيب عنيد ، وهي تدفع وجهها تحت وجه المطر .. فيما قطراته تتساقط من ذؤابات شعرها لتلامس التربة اللينة منتشية برائحة العشب ، فكرت.. قد تبدأ الحياة حين يظن بها النهاية .. فهي مثلنا يمكن ان تشيخ او حتى تموت بدوننا ، لولا حفنة من بشر تأبى اســــاليب ( الفلاش باك والسلوموشن ) الرخيصة المبتذلة .. ولولا شعاع الشمس الدافيء ينثال قزحيا في بحيراتها الباردة . في لحظة غامرة استعاد قلبها نبضه ، لحظة اختزلت كل سنين العمر حتى ماذاب منها في تيزاب النسيان ، احتضنتها بكل جوارحها ، اسمتها لحظتها ، هربت معها خارج حدود المرايا ومديات الممكن والمعقول ، عاشتها آلاف المرات شكلتها كيف تشاء اذ ادركت انه في خضم الجحيم المقيم في رأسها ومن حولها ، هنالك دوما منفذ يفضي الى .. النعيم . لأنهما " ضدان من أزل الخليقة .. صنوان من اصل التضاد .. يتنافذان اذا الحقيقة ويحيد بينهما الحياد ". مع صدى عذب انساب اليها من بعيد ، وجدت نفسها تدندن :
شكلني بطعم الافراح .. مشيني على كفوف الراح .. نسيني لو حلم وراح .. اسكن بيوت الحزن ، لايمكن ومستحيل ياحزن .. راح أسكن .



#ايناس_البدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى رحيل الشاعرة الرائدة نازك الملائكة
- قنطرة الشوك
- لازوردي
- ألق الثريات جمر تحت الرماد
- دوريس لسنغ مناضلة بلا شعار
- وجها القمر
- الليلة الاولى بعد الالف
- غثيان
- مقابلة صحفية اجريت من قبل احدى المجلات العربية
- فجر منقوش على لوح الروح
- مناديل العنبر
- كاردينيا
- النمرة
- الابرة والتشظي
- في الردهة
- عواء ذئب
- - النمرة - قصة قصيرة
- حوار مع القاصة ايناس البدران
- أشارات ضوئية
- - على حافة الرحيل - قصة قصيرة -


المزيد.....




- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - شعاع الشمس في بحيرة باردة