أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - وجها القمر














المزيد.....

وجها القمر


ايناس البدران

الحوار المتمدن-العدد: 2190 - 2008 / 2 / 13 - 09:27
المحور: الادب والفن
    




متعبة الروح وهي تقترب من نقطة اللاعودة , مشفقة مما سيحمله الآتي من تفاصيل باهتة . اشياء كثيرة تراودها توقظ جرحا نام سهوا على اعتاب الرحيل .
التقطت القلم و بخطوط مبعثرة كتبت .. اي معركة سأختار لأبرر اندحاراتي امام نفسي , اي عذر انتحل كي لا اقع فريسة حزني... كأني و أياك على موعد مع القدر ذاته , عاش كل منا حياته طولا و عرضا ولكن مع جرحه الخفي , ظل يسكننا عالمان ، عالم عشناه وهما كحلم ليلة قمراء في حديقة سرية ,
و اخر مغروز حصاه في وحل واقع معتم كئيب .. تماما كوجهي القمر .
ومع كل ، ما من شيء مثالي , الحياة نفسها خير مثال على ذلك , اذ لا شئ
ثابتا فيها بما يخص المشاعر و الأهواء , هذا ما ندركه متأخرا في رحلتنا عبر دهاليز الحياة , بعد جرينا اللاهث وراء بريق سرابات زائلة و مشاعر متحولة
لم تمنحنا الأمان ولا ما كنا نبغيه منها .. فقط تستنزف منا الوقت و الجهد لتعيدنا
في كل مرة الى ذات النقطة , نقطة الصفر مثخنين بمزيد من الانين , انين مكبوت مكابر بطعم مرارة النأي و الفقد و الخذلان .
تلقي القلم من بين اصابعها تتأمله وهو يتدحرج جيئة و ذهاب على سطح الصفحة البيضاء .. تتساءل في سرها عن القاسم المشترك وراء اختيار اللون الابيض للورق ، وثياب الاطفال حديثي الولادة و العرائس و اكفان الموتى !
تتشاغل عن هواجسها بألنظر الى الساعة المسمرة منذ سنين على ذات الجدار
البارد الصامت , تتأمل بصبر عقاربها النافرة وهي تمارس دورتها السيزيفية اذ تنعي كل لحظة اخرى سبقتها بلحظة الى عالم العدم .كأنها انفجارات زمنية صامتة لاتشبة تلك التي يعيشها البشر يوميا على الاسفلت و في محاكم الاحوال
الشخصية و الساحات العامة و صالات الولادة و مشرحة الطب العدلي .
لحظات تغادرنا بلا ضجيج تماما كألاشجار التي تظل شامخة و هي تعلم انها
تموت .
كم مرة عمد الى لعبتة الجهنيمة تلك معها ؟ و في كل مرة كان هناك ما يمنعه
من المضي الى النهاية ليتركها امام علامة استفهام كبيرة ... هل الحب وحده ينسج الحياة ؟ وهل يستحيل بفعل التداعي الى تشظيات تسلمه الى غرفة الانعاش او
الى خيبة امل من نوع ما ؟ خيبة امل حرص كل منهما على اخفائها عن الآخر و
حتى عن نفسه .
لم يعد يهم .. فكل الخطايا صغيرها و كبيرها تسقط و تغتفر بمضي المدة اللازمة للنسيان او التناسي , ليبقى ما هو اقرب الى الاعتياد و القبول بالأمر الواقع
منه الى اي شيء اخر.
لم يتبق سوى رجع صدى لذكرى تداهن بهجسها آخر معاقل الذاكرة ، ولعلها
امرأة اخرى تلك التي تمردت على قدرها غير مرة طالبة الانفصال .. لاتستطيع
ان تنكر انها كانت اللحظات الاكثر صدقا وشجاعة في حياتها ، ليعقبها كل مرة ذات الاحساس الخفي بالضياع بالخوف من فقدانه اذا ما ارتحل لاخرى فيصبح
عندها من المستحيل العودة اليه او مسامحته .
تنهدت , امسكت بالقلم ثانية لتخط بدمائه الزرقاء خارطة اوجاعها ، وكتبت
..انه لقاس ان تسمو بمشاعرك حد الذرى لتجد نفسك ملقى في قاع بحر مالح بلا
ماء ، كان ما اعتقدته رابطا بيننا هو ذاته الذي ردع احاسيسي نحوك فيما بعد
وهز ما اعتقدته ثابتا في علاقتنا ، كنت لما ازل اتأرجح في حججك الواهية وانت
تحاول بجهد شحيح ابقائي وراء استار ملفقة تعلم انها تحز انوثتي وتأكل من جرف كبريائي ، كبريائي التي دفعتني فيما بعد لأثبات اشياء بلا معنى لك ولنفسي .
في لحظات بعينها ينتاب المرء شعور بأنه مقطوع عن كل ما يربطه الى
العالم .. سائب في فراغ زئبقي مكشوفة للريح جذوره .. ترى لماذا لايمتثل القلب
تماما لما يأمر به العقل ؟
كلنا يقوم بأشياء يعلم انها قد تؤذيه او حتى تقتله .. البعض يسميها
تهورا ، او حتى شجاعة والآخر يدعوها تشبثا بالحياة ومحاولة لكسر قوالب
جامدة كأحذية ضيقة تعصر آدميتنا وتهدد بسحق العظام . كنت تطلب مني ان اكون مثالية لدرجة ان اغفر لك لامثاليتك .. ورغم ان المرأة والدموع صديقتان
كما يقول مثل صيني ، الا انني وجدت نفسي عاجزة عن البكاء في لحظات بعينها
كان الحزن فيها اكبر من كل الحواس ، حين تهيم الروح في خرائب النفس لتهذي
بعواء ذئب جريح فيعجز الجسد عن احتوائها وينهار .
اطمئن قد غفرت لك كل خطاياك ومنذ امد بعيد ، لكنني لم اغفرها لنفسي ، لم اغفر
لها ضعفها ومشاعر شتى تناوبتها ، التبس علي فهمها آنذاك .
لعل كلا منا احب الاخر ولكن بطريقته وهناك فرق بين ان تحب وان تعرف كيف
تحب .
اتذكر حين قلت لي بصدق من يروم التطهر من كل ما يستبيح نقاء البشر :
- ان ما بيننا شيء روحي اقوى من اي رابطة .. وصدقتك لأنني كنت مؤمنة
- ان ثمة حبلا سريا يجمع ما بين روحينا .. واليوم انا بحاجة الى جز هذا
- الحبل .. لمد جسور نحو ضفة اخرى ، الى خاتمة من اي نوع .
ما اصعب ان تحب انسانا وتجرح بيده ، ان تدرك مزاياه وتظل غير قادر على
احتواء نزواته ، او حبه الحب الذي يرضيه ، لتظل مترعا بالفراغ كغيمة عطشى .
كيف نعتذر للايام وهي تتساقط من بين اصابعنا كأوراق الخريف دون ان نكلف
انفسنا عناء التقاطها من الارض ؟ وكيف استعيد تقاطيعك الاولى الجميلة بعد اذ
خلفتها وراءك .
من خرافة الرمال .. أهذا كل ما تبقى ؟ ذبالة من عمر وحفنة صبر ؟
خصلة ضوء مخنوق أبقت على جذوة ما كان بيننا تحت الرماد .. أبت عليها
الانطفاء ، رغم الموت الذي ظل يحاصرنا بهيئة حروب وانكسارات وضجيج
احتضارات ،
وانا اتبادل
واياك الصمت ، واعد ايامي كالمساجين .
خصلة ضوء شحيح كقطعة شمس ذاوية ، ظللت أهش بها طيور الحزن قبل ان
يطلق صيادها النار ... نحوي .
طوت الورقة بعناية داخل الظرف .. ووسدتها المنضدة المتداعية ، بأنتظار من
يحملها اليه ، ليضعها على ... قبره .



#ايناس_البدران (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليلة الاولى بعد الالف
- غثيان
- مقابلة صحفية اجريت من قبل احدى المجلات العربية
- فجر منقوش على لوح الروح
- مناديل العنبر
- كاردينيا
- النمرة
- الابرة والتشظي
- في الردهة
- عواء ذئب
- - النمرة - قصة قصيرة
- حوار مع القاصة ايناس البدران
- أشارات ضوئية
- - على حافة الرحيل - قصة قصيرة -
- جدائل الشمس - قصة قصيرة
- الجدار - قصة قصيرة
- وجه السماء - قصة قصيرة
- -الاكتواء بثلوج كلمنجارو - قصة قصيرة
- -صورة من زيت وماء - قصة قصيرة
- - حين اكلنا التفاحة - قصيدة نثرية


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - وجها القمر