أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد درويش - أول مرّة/ 3














المزيد.....

أول مرّة/ 3


خالد درويش

الحوار المتمدن-العدد: 2327 - 2008 / 6 / 29 - 07:33
المحور: الادب والفن
    



السجن أول مرّة

1
متران للطول ومتر للعرض
بطانية رمادية تغطي الاسمنت البارد
وجدران كتب عليها نزيل سابق
بنواة زيتونة مغموسة بالماء والرماد
حنينه إلى الفضاء.

2
غرفة ضيقة
وكوّة تطل على باحة صغيرة
يتناوب عليها النور والظلال،
كوة صغيرة لقياس الوقت.
حين يغمر النور أول الدرج الصاعد إلى غرف التحقيق
يبدأ الصباح بالصراخ والعويل،
يخفق قلبي خوفا
فألوذ بالذكريات؛
أرتع في ساحة المدرسة البعيدة
ثم انضم لطابور الصباح
حيث يرتفع العلم عاليا
ويهتف الصغار:
"حماة الديار عليكم سلام
أبت أن تذلّ النفوس الكرام"،
ولكن
حماة الديار هنا في سلام
يذلّون هذي النفوس الكرام...

3
تتكوّم الشمس في الباحة الصغيرة
تذوي الدنيا في ظهيرة ناعسة،
وأهوي في قيلولة حامضة.
هل غادر أبي البيت إلى المسجد
لصلاة العصر،
هل فرغت أمي من عجينها
وهل خرج الرفاق من سأم البيوت
إلى الحقول...

4
تنحسر الشمس عن عناقيد الدالية،
تهوي، هنا، وراء سياج الفولاذ
وتهوي هناك،
في السديم البرتقالي الممتد
من سهوب قرية تلّ شغيب
إلى مداخن معمل الاسمنت العالية
يتضوع المساء برائحة الحطب المحروق
وتصخب الدروب بثغاء القطيع العائد إلى الإسطبل
فيما يأوي الرجال إلى بيوت الطين بالتعب والغلال.

5
يبزغ القمر
يزمجر الجنود
تصطك الأقفال ومزاليج الحديد؛
حان وقت العشاء.
تضحك امرأة تسكن في الجوار
خلف الجدران العالية
تذكّرني بالواجهات المزركشة
على جانبي شارع الصالحية،
بالشاعرات المبتدئات
يجلسن، وجلات عند النافورة
في مقهى الايتيرنا
تذكرني برغباتي المباغتة
في السفر إلى جهات غير محددة.
أسميها نايا.
نايا تنادي
نايا تغنّي
نايا تنام.
ينام الحراس
وينام المحروسون.

6
شاهو تنتظرني الآن، كعادتها
في ساحة البيادر،
تعدّ أصابعها والنجوم
ريثما ينتصف الليل...
ينتصف الليل،
وكنت أوافيها عند تلال السنابل عندما ينام الجميع،
نرشو الكلاب بالخبز والمداعبة كي لا تنبح،
أضمها وآخذها عبر الكروم المحاذية لبيوت الناس
إلى المدرسة/بيتي؛
نلهث خوفا وحبا،
نلوذ ببعضنا خوفا وحبا
ثم نأوي عند النافذة
بين يدي المدى
المفتوح على السهوب والقلق.
ينتصف الليل
من يخبر حبيبتي أنني هنا؛
أشم رائحتها
في رائحة العرق الوخازة تحت إبطي
وارى صورتها في القمر
المعلق على السياج،
ولا أستطيع الوصول.


المسجد أول مرّة

1
ممرّ مسقوف بالتوتياء
يد أبي دافئة
والثلج يتساقط على الشارع والناس والمنازل.
النوافذ عالية من جهة اليمين
يرفعني أبي لأرى:
كهول بعيون ذابلة يذرعون السجاد حفاة،
كنادرهم مكومة عند الباب
وعيونهم معلقة ببندول من السنديان والنحاس
في انتظار موعد الصلاة.
الله محمّد
على جانبي المنبر المزركش بالأزهار والنجوم
و
أبو بكر عمر
عثمان علي
في الزوايا العالية.

2
على الجهة الأخرى للممرّ
تقع قاعة التوابيت.
سيمضي وقت طويل
حتى أتجاسر على النظر إليها
وسيمضي وقت أطول
حتى ادخلها بصحبة الكبار.

3
تحت أشجار الأكاسيا
حوض بماء أزرق
أسيّر فيه زوارق من ورق
وأحلم بالسفر.



#خالد_درويش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موتي
- أول مرة/ 2
- أول مرة
- الصين والمجلس الثوري لحركة فتح
- خطايا البحث واخطاء المبحوث في استطلاعات الرأي
- نبيذ رمادي
- اسماء الريح
- خميس الموتى
- احلام اخرى
- جذور
- الجنة
- منامان
- مرايا
- احلام
- عشر حالات
- قصائد


المزيد.....




- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- فيديو صادم.. الرصاص يخرس الموسيقى ويحول احتفالا إلى مأساة
- كيف حال قرار بريطاني دون أن تصبح دبي جزءاً من الهند؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد درويش - أول مرّة/ 3