حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 2326 - 2008 / 6 / 28 - 12:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القلق والخوف اساسهمـا في اغلب الأحيان ’ تـوقـع الأحتمالات السيئـة المعززة بالتجارب المريرة والتي قـد تبلـغ اضرارهـا مستوى الكوارث ... والقلق او الخوف مـن الآخـر يدمـرا الثقـة واواصـر التعايش والمستقبل المشترك وتدفع احيانـاً بأتجـاه تحقيق الضمانات على حساب اضعاف الآخـر والتسيد عليـه او ابتلاعـه والغـاء دوره عبـر الأبادات والتهجيـر والأجتثاث والأذلال وفـرض الظروف القاسيـة الكفيلـة بتمزيـق خصوصيتـه وهويتـه’ وهـذا يحدث بين الجماعات والشرائح والأعراق والأديان والمذاهب والأيديولوجيات’ تلك الصراعات الأجتماعيـة تجـد تربتهـا دائمـاً فـي النوازع البدائيـة والعداوات البدويـة عنـد الأنسان معززة بأنحسار الوعـي او غيابـه كاملاً الى جانب انفلات الأنانيـة وضيق الأفـق العرقي والطائفي’ وقـد تجـد انعكاساتهـا عبـر تصرفات وممارسات الحزب والكتلـة والجماعـة والعشيرة والأسـرة ’ هـرم الجهـل بالحقائق الوطنيـة وشروط التطـور الأنساني السوي .
تلك الحالـة المآساوية لازمت المجتمع العراقي وكلفتـه دماء وارواح وفـرص حياتيـة افضـل ’ ومـن يفكـر بغيـر ذلك ليس منصفـاً ولا موضوعيـاً او معطوبـاً مـع سبق الأصرار .
مـن يتجاهـل قلق الكردي ازاء مـن يمثـل شقيقـه العربي ’ او يساعـده على ترقيـع ثقتـه وطمئنتـه علـى مستقبلـه كـي ينسى تجاربـه المريرة ...؟ مـن يقنـع الشيعـي ان مـن يمثـل شقيقـه السني فـي حالـة استرجاعـه سلطتـه وشروط تسلطه سوف لـن يفتـح له مقابراً جماعيـة اضافية او يرميـه ثانية الى واقـع الأذلال والتحقيـر والتجويع والجهـل ومسـخ ادميتـه ’ كذلك مـن يجعـل السني امنـاً علـى مصيره اذا مـا تسلط عليـه مـن يمثـل اخيـه الشيعـي ... والتركماني لديه ما يكفـي مـن التجارب المريرة التي تثير فيـه المخاوف والهلـع ’ وهناك ايضـاً مـن يخشى ويتوجس مـن نوايا مـن يمثـل التركماني ’ المكونـات الآخـرى ’ الكرد الفيليـة الكلدواشوريين الأيزيديـين والصابئـة المندائيين وكذلك الشبك وغيرهـم ’ يتربـع علـى مصيرهـم هـرم مخيف مـن المظالـم والأضطهادات والعدوان مـن قمـتـه حتـى قاعدتـه ’ فهـم الضحيـة التـي يشترك في ايذائهـا الجميـع ’ او هـذا شوعورهـم علـى الأقـل .
حالات الدفاع عـن النفس ورغـم مشروعيتهـا لا يمكنهـا ان تتجنب ممارسـة العنف وخلط الأوراق كراهيـة للآخـر ’ لكـن وفي جميـع الحالات لا يوجـد مـن هـو منتصـر الى النهايـة او مـن هـو خاسـر لوحــده ’ ثـم لمـاذا نجعـل الآخـر مضطـراً للدفـاع عـن نفسـه ... ؟
ثقافـة القلق والخوف مـن الآخـر داخـل المجتمـع العراقي دفعت مكونـاتـه الى البحث عـن ظهيـر لهـا وسنـد داعـم مـن خلف الحـدود ’ هـذا الأمـر جعـل دول الجـوار القومـي الطائفـي وكذلك الدولـي توضـف تلك الحالـة اختراقات وتدخلات واطمـاع وصراعات دمويـة وفتـن متقنـة وعبثـاً بشعـاً بالواقـع العراقي ’ كـل هـذا شكـل عبئـاً على العراق وكلفـه دمـاءً وارواحـاً وثروات ’ جميع مكونات المجتمـع العراقي دفعت ولا زالت ذلك الثمن الباهـظ بشكـل وآخـر حيث لا مصلحة لأبـن فلاح عربـي ان يقاتـل عاملاً كردياً او كاسب تركماني يكـره خبازاً ايزيـديـاً ’ انـه الجهـل الضـار فـي الحقيقـة العراقيـة والثوابت الوطنيـة .
اليـوم ومـا يجب ان يكـون ’ تقف شعـوب العراق وطوائفـه ومذاهبـه وجهـاً لوجـه امام واقع جديد ومتغيرات جذريـة وفرصـة لايمكـن لهـا ان تتكـرر ’ واقعـاً ممهـداً لأن يجلس العراقيون جماهيـر ونخب سياسيـة وثقافيـة الى جانب بعضهـم ’ لقـاء يكون فيـه الوعـي حاضـر معززاً بالثقـة والشعور بالمسؤوليـة العامـة ’ كـل يطـرح على بسـاط المصالـح الوطنيـة المشتركـة ’ همـومـه حقوقـه خصوصياتـه اهـدافـه القريبـة والبعيـدة ’ يتفهمـون ويدعمـون بعضهـم ويرغمـون تاريخهـم على ان يقـدم اعتذاراً عـن مآساتهـم وتضحياتهـم وضحاياهـم ثـم يطلقـون سـراحـه ابتـداءً مـن صناعـة تاريخـاً جديـداً مطرزاً بأجمـل الذكريات واسمى المعاني ’ وضمـان مستقبلاً يولـد سليمـاً مـن حاضـر يكون فيـه ادميـة الأنسان وقيمـه وانسانيتـه وحريتـه وكرامتـه هـدفـاً رئيسيـاً وساميـاً للدولـة والمجتمـع .
ان المواجهـة مـع الواقـع الراهـن الذي لا زال يخدش ويدمـي جسد المجتمـع العراقي ويلحق بـه الأذى ’ يجب ان تكـون سلميـة وسلاحهـا الوعـي والرغبـة الصادقـة فـي التعايش تحت خيمـة العدل والقانون وقبول الآخـر شريكاً في والوطـن ’ حقوقـاً وامنـاً واستقراراً وثـرواتاً ودوراً فـي البنـاء الحضاري والتطـور الأنساني ’ علـى جميع مكونات المجتمع العراقي كـل وبدون خوف او تردد ان يـرفع خصوصيتـه امام الآخرين يفسرهـا يعززها بالثوابت التاريخيـة والتفاف الأغلبيـة الساحقـة مـن شريحتـه حولهـا ’ ان يطرحهـا سلمـاً اجتماعيـاً واحترامـاً ودعمـاً مبدئيين لخصوصيات المكونات الآخـرى ’ ان الهويـة الوطنيـة المشتركـة والوحـدة بين مكونات المجتمـع العراقي ’ لا يمكـن لهـا ان تكون صادقـة وراسخـة وحقيقـة ناجـزة ان لـم تكتمـل الوحـدة الذاتيـة والخصوصيـة التاريخيـة لجميـع مكونات العراق ’ وتندمـج مـع بعضهـا طوعـاً مدعومـة بالرغبـة والثقـة والأرادة الحـرة ’ ان تلك الهويـة المشتركـة والوحـدة الوطنيـة لا يمكن لهـا ان تكون راسخـة ان لـم تصنعهـا الملايين وليس امزجـة ونوازع النخـب وحدهـا ’ فـي الشارع المفتـوح وليس فـي الغرف المغلقـة ’ بالشفافيـة والصراحـة والصدق مـع الذات والآخـر وليس عبـر الدسائس والمناورات والمساومـات وعقليـة الغالب والمغلوب ’ ان الهويـة المشتركـة والتوحـد الطوعـي يجب ان يطرحـا على طاولـة الجماهيـر الشعبيـة الواسعـة ’ لأن الوحـدة الوطنيـة في النهايـة قضيتهـا ومـن مصلحتهـا ’ ستستورثهـا وتحصـد ثمارهـا الأجيال القادمـة .
ان الواقـع الدولـي والأقليمي والعراقـي يضـع الآن فرصـاً لا غتـى عنهـا امـام مكونات المجتمع العراقي ’ ان تطرح قضاياهـا وخصوصياتهـا واهـدافهـا وشروط تحقيق ذاتهـا ’ ومنهـا الفـرص الأعلاميـة ’ وخير صنـع بنات وابنـا شريحـة الكرد الفيليـة عندمـا طرحـوا قضيتهـم بقـوة الأعلام داخليـاً وخارجيـاً ’ حركتهـا وفرضتهـا افعـال ونشاطات لا يمكن تجاوزها حتى بالنسبة للذين لا يرغبون مواجهتهـا وتفهمهـا واعادتهـا حقوقـاً مشروعة لأهلهـا ’ كذلك حسنـاً كان التعاطف المعنوي الداعـم مـن قبـل اشقائهـم في الوطن مـن الشرائـح الأخـرى ’ وكان لوفـد المثقفين العراقيين المتضامن معهم والترحيب الذي حضـى بـه على صعيدي الدولـة والمجتمـع دليلاً وبشيراً على ان العراق ابتـداء يتفهـم حقائقـه التاريخيـة عـودة الى ذاتـه المغيبـة .
نفس الفرص والأمكانيات متوفـرة امام الكلدواشوريين والأيزيديين والصابئة المندائيين والشبك وغيرهم ’ كشرائـح لا زالت تعانـي الأضطهاد والحصارات السياسيـة والثقافيـة والمعنويـة ’ ان يطرحـوا خصوصياتهـم وحقائقهم التاريخية والحضارية ويطالبون كالأخريـن بحقوقهـم وحرياتهـم وكرامتهـم امنين مستقرين ’ سيجدون حينهـا الدعـم الأخـوي بكـل اشكالـه مـن قبـل الوطنيين المخلصين مـن بنات وابنـاء الشرائـح العراقيـة الآخـرى ’ شـرط ان يبـداءوا بفعاليـة نشيطـة ’ فمـن لا يساعـد نفسـه لـم تكـن مساعـدة الآخرين ذات جـدوى .
عندما تستعيد جميـع مكونات المجتمع العراقي ذاتهـا وتعززخصوصيتها فـي اجـواء الأمن والأستقرار وتكافىء الفرص والسلم الأجتماعي الراسـخ ’ وتستقر الأسماك الصغيـرة امنـة بجـوار القروش الكبيـرة وتزيـل مخاوف الأقليـة مـن اخطـار الأغلبيـة ’ انـذاك ستتوطـد الثقـة وتتعـزز رغبـة الأندمـاج والتلاحـم والبنـاء المشترك نفعـاً ومكاسباً تاريخيـة للجميــع ’ حينهـا ستكون حقا وحـدة وطنيـة بمفهوميهـا الأجتماعي والأنساني .
27 / 06 / 2008 ً
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟