أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - -الولايات المتحدة الأمريكية تزرع بذور مأساة طويلة المدة-















المزيد.....

-الولايات المتحدة الأمريكية تزرع بذور مأساة طويلة المدة-


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 2326 - 2008 / 6 / 28 - 12:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أجرى هذه المقابلة يوم 20 مايو 2008 فوتي بنليسوي و ايكوت كيليس للمجلة النقدية التركية مليس ( المسألة)، وُنشرت بعددها لشهر يونيو 2008.

--------------

فيما يلي مقتطف من المقابلة [1]

نتطرق الآن للعراق، ما دلالة الصراع الأخير بين القوى الموالية لحكومة المالكي وجيش المهدي التابع لمقتدى الصدر؟

الصراع ناتج عن تلاقي مصلحتين.
يكمن السبب المباشر لهذه المواجهات في تعاظم تأثير جيش المهدي والحركة الصدرية بالعراق ضمن الشيعة في الحقبة الأخيرة، لا سيما في العام 2006. فقد أصبح التيار الأوسع شعبية بين شيعة العراق. وبفعل ذلك كان الحزبان الشيعيان الرئيسيان الآخران- حزب المالكي (حزب الدعوة) والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بالعراق المتعاونان مع الاحتلال الأمريكي- متخوفين جدا من نتائج الانتخابات المحلية المرتقبة في الخريف المقبل.وكما تعلمون، كان الصدريون شكلوا في البداية تحالفا مع هاذين الحزبين، وخاضوا معهما الحملات الانتخابية السابقة. ثم قطعوا مع التحالف، متهمين القوى الأخرى بالتعاون مع المحتل. و أدرك حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بالعراق أن الصدريين سُينزلون بهم، ما لم يطرأ تغير بالوضع، هزيمة انتخابية، فكانت محاولة تهميش هؤلاء أو إضعافهم الغاية الأولى والأساسية للهجوم على البصرة ثم على مدينة الصدر ببغداد.
ومن جانب آخر، بالطبع يعتبر المحتل الأمريكي على نحو أساسي الصدريين عدوا وسيسعد لإضعافهم. وقد اصطدمت قوات الاحتلال الأمريكية بالصدريين مرارا. و حاول الضباط الأمريكيون في آخر الاشتباكات موقفا منافقا بأن زعموا في البدء أنهم ليسوا طرفا وأن الصدريين ليسوا، مذ وقف نشاطاتهم العسكرية، مشكلة للقوات الأمريكية. والحال ان تورط للولايات المتحدة البالغ في المعارك ضد الصدريين أمر جلي للغاية. وكما سبق القول ثمة تلاقي مصلحتين: مصلحة المحتل الأمريكي ومصلحة تحالف حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بالعراق،المنشغل بإضعاف الصدريين بما هم المنافس الرئيسي بين شيعة العراق.

ما هي نتائج زيادة أعداد القوات الأمريكية؟ حدث على كل حال تراجع نسبي للعنف الطائفي بالعراق. أيعني هذا ان الاحتلال الأمريكي يتحسن؟

بالفعل أحرزت زيادة أعداد القوات الأمريكية بعض النتائج. وهذا من وجهة نظر واشنطن، لأن مستوى العنف الطائفي تراجع بوجه الإجمال على نحو جلي – وهذا أمر جيد. لكن يجدر التساؤل عن أسباب ذلك. إن انخفاض العنف مترتب عن رفع أعداد القوات الأمريكية المنتشرة ببغداد وعن قرار الصدريين التراجع و وقف القتال لما بدأت زيادة أعداد القوات الأمريكية. لكن العنصر الأساس في زيادة الأعداد تلك متمثل في استبدال المحتل لإستراتيجيته.
بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بما بدأت كل القوى الاستعمارية في الماضي بهذا القسم من العالم، لا سيما ما فعل البريطانيون بالعراق بعد الحرب العالمية الأولى لما سيطروا على البلد، أي لعبهم الورقة القبلية. وعلى هذا النحو سعى الأمريكيون إلى شراء- والأصح رشوة- قبائل سنية في المناطق ذات الغلبة السنية. رشوا قبائل وسلحوها بمساعدتها على تشكيل ما سمي "مجالس اليقظة"، وهي قوات قبلية بتمويل أمريكي. يحصل أعضاء هذه الميليشيات القبلية على أجور أقلها ثلاثة مائة دولار أمريكي، وهو مبلغ مرتفع قياسا على الأجور المتوسطة بالعراق، لكنه عديم الشأن مقارنة بكلفة الاحتلال. وبالوسع حساب ذلك، فإذا حصل 250000 شخص، كحد أقصى، على متوسط 400 دولار للفرد، يبلغ المجمل 100 مليون دولار، أي مبلغا بلا أهمية قياسا على 12 مليار دولار التي تنفقها الولايات المتحدة كل شهر لاحتلال العراق. ولم أتحقق بعد من الأمر، لكن قد يكون تمويل رشوة القبائل بأموال حكومية عراقية.
أيا يكن الأمر، إن لدى واشنطن وسائل وافرة لدفع هكذا مبالغ. لكن، هل من شأن ذلك أن يمثل حلا على المدى البعيد للولايات المتحدة الأمريكية؟ في الواقع ستكون هذه الإستراتيجية، على المدى البعيد، عاملا هاما آخر يمنع بلوغ العراق استقرارا ما، لأنه يعزز تقسيم البلد إلى شيع وقبائل. تحصل حاليا مفارقة متمثلة في مهاجمة القوات الشيعية بالحكومة للقوات الشيعية الصدرية بمبرر تفكيك كل الميليشيات. ويرد الصدريون بالقول:"تريدون أن نضع السلاح بينما أصبح للسنة الآن ميليشياتهم الخاصة". انه إذن وضع فوضى مرعبة. إن الولايات المتحدة الأمريكية، إذ تحاول الخلاص من الورطة والكارثة التي خلقت بالعراق، إنما تعد الساحة لكارثة أشد فظاعة. إن العراق مشكل مأساوي، ويصعب، طالما تمسك الولايات المتحدة الأمريكية بمصيره، تصور مخرج مستقر في المستقبل المنظور.

أتعتقدون أن فوزا محتملا لأوباما أو كلينتون سيؤدي إلى تبدل السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط، ولا سيما بالعراق؟ وهل ترون إمكان انسحاب من العراق؟

اعتقد ان سحب القوات الأمريكية من العراق لن يحدث إلا بإكراه واشنطن عليه. لن تنسحب الولايات المتحدة الأمريكية طوعا من العراق، لأن الوضع مغاير تماما لما كان بفيتنام. قررت الولايات المتحدة الأمريكية انسحابها من فيتنام في 1973 لما أدركت باعتبار كل العوامل أن كلفة الحرب، السياسية والاقتصادية ومن كل زوايا النظر، باتت تفوق بكثير ما يدره التحكم بجنوب فيتنام من منافع. و الأمر عكس ذلك بالعراق حيث مزايا دوام السيطرة على البلد كبيرة جدا. فالعراق بلد نفط بالغ الأهمية في قلب أهم منطقة منتجة للنفط بالعالم. هذا ما يجعل الرهان أهم بكثير مما كان بفيتنام. ولهذا السبب لن تفكر الامبريالية الأمريكية في انسحاب شبيه بالذي جرى في فيتنام.
تبحث الولايات المتحدة الأمريكية عن حلول تتيح دوام سيطرتها على البلد مع سعي إلى إضفاء الاستقرار عليه. إذ في آخر المطاف، ما نفع السيطرة على بلد غني بالنفط إذا استحال استغلال هذا النفط؟ لا بد لها إذن من إضفاء الاستقرار على البلد. اعتقد ان الإدارة الأمريكية المقبلة، أيا تكن، ستواصل من جهة إستراتيجية إدارة بوش القائمة على "إضفاء طابع عراقي" باستعمال قبائل السنة- مثل "إضفاء طابع فيتنامي" على حرب فيتنام سابقا. ومن جهة ثانية ستسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى إبرام اتفاق مع إيران ومع سوريا أيضا. ولا شك أنها ستحاول عقد اتفاق مع سوريا وستحاول فصلها عن إيران. لكن سيتعين عليها كذلك إبرام اتفاق مع إيران لضمان استقرار المنطقة، طالما لم تحصل على أفضل من ذلك، أي " تغيير النظام" بطهران. وقد كانت المفاوضات مع طهران ودمشق ضمن التوصيات الأساسية للجنة الحزبين - مجموعة الدراسات العراقية- التي يرأسها كل من بيكر و هاملتون والمشكلة قبل "زيادة أعداد القوات" بقصد تقييم الوضع بالعراق.

ثمة سؤال آخر مهم متصل بالوضع بتركيا، إنها مسألة منطقة الحكم الذاتي الكردي بالعراق. ما الإستراتيجية الأمريكية بخصوص الأكراد؟

تمثل هذه المسألة معضلة كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية. يجب ان يتذكر الجميع خيانة واشنطن للأكراد بعد حرب العراق الأولى في 1991، لما تمردوا على صدام حسين وقامت الولايات المتحدة بكل بساطة بتركه يسحقهم. وعلى المنوال ذاته أتاحت الولايات المتحدة الأمريكية لصدام سحق تمرد الشيعة جنوب العراق. وفي الحالتين قتل عشرات آلاف الأشخاص. وأقامت الولايات المتحدة الأمريكية لاحقا شكلا من نظام الحماية شمال العراق، حماية أمريكية وبريطانية لكردستان العراق، وذلك لأسباب عدة. أولها تخوف تركيا من تدفق اللاجئين الأكراد الذين كانوا يتخطون حدود العراق نحو أراضي تركيا، وكانت تريد إرجاعهم إلى كردستان العراق. وكان الأوربيون من جانب آخر يخشون وصول الأكراد العراقيين في آخر المطاف إلى أوربا طلبا للجوء. وأخيرا كانت القوى الغربية تسعى إلى إظهار إنسانيتها الرفيعة بحماية أولئك السكان الذين تعرضوا حتى لهجمات بالسلاح الكيميائي من قبل صدام حسين.
على هذا النحو أضحى قادة كردستان العراق أقرب حلفاء واشنطن بالعراق. وقد بانت فائدة هذا التحالف الجمة لواشنطن. ليس التحالف الكردي بين طالباني والبارازاني أهم حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية وأكثرهم وثوقا بالعراق وحسب، بل الوحيد في النهاية. ربما كان شخص من قبيل أياد العلاوي موثوقا، لكنه لا يرأس قوة هامة مثل الأكراد.
ليست القوى الشيعية الرئيسية حليفا موثوقا لواشنطن، لأن الجميع يعلم صلتها الوثيقة بطهران، وبوجه خاص بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بالعراق. إنها في أحسن حال قوى مزدوجة تتعاون مع المحتل لكنها ليست موثوقة كليا. وعلى هذا النحو يمثل القادة الأكراد حليف واشنطن الوحيد الموثوق.
لكن مشكل واشنطن متمثلة في تطلعات الأكراد الخاصة، حيث أنهم يسعون إلى إقامة دولة مستقلة بالفعل. لا يرمون إلى دولة مستقلة رسميا بفعل إدراكهم ان الأمر سيؤدي إلى حرب مع تركيا، حرب لا يقدرون عليها. إنهم في الواقع يريدون كل خصائص دولة مستقلة، لكن دون إعلانها. كما يريدون توسيع منطقة تحكمهم لدمج مواضع مثل كركوك. ويطمحون إلى كردستان عراقي كبير. لكن هذه التطلعات تصطدم طبعا بتطلعات باقي العراقيين. ومن ثمة المعضلة الحقيقية التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية، فواشنطن بحاجة إلى هؤلاء الحلفاء الأكراد، لكن يتعذر عليها في الآن ذاته فقد عرب العراق للحفاظ على أكراده. وقد جرى إرجاء المشكل سنة بعد أخرى،و كان مفترضا، وفق الخطط الأولى، تسوية مسألة كركوك مند مدة طويلة، لكن الاستفتاء المنتظر تأخرا مرارا. وتمثل هذه المسألة قنبلة موقوتة حقيقية تهدد للعراق.

هل تعتقدون بإمكان تقسيم العراق إلى مناطق أو دول كردية وسنية وشيعية؟

سيؤدي هذا الحل المزعوم إلى الحرب. إن كل محاولة لتقسيم البلد في الشروط القائمة سيجر البلد إلى حرب، ومعها المنطقة إلى وضع أسوأ للولايات المتحدة الأمريكية. هذا ما يجعل واشنطن غير مهتمة بتاتا بتشجيع تقسيم البلد، رغم أن أفرادا بالولايات المتحدة الأمريكية وبالكونغرس الأمريكي يؤيدون تقسيما او تشكيل نوع رخو من الفيدرالية. لكن سيصعب جدا حتى إقامة فيدرالية. لن يتأتى هذه إلا بتوافر مخزونات نفط أو غاز متساوية القيمة بالمناطق العراقية الثلاث الكبرى. يسعى الأكراد حاليا إلى تأمين مخزوناتهم الخاصة. وثمة بمنطقة العرب السنة حقل غاز يمثل استكشافه الكثيف حاليا أولوية سياسية، لأنه لا غنى عن إرضاء السنة.
لو توافرت لكل منطقة موارد محروقات كبيرة، يمكن عند الاقتضاء قيام نوع من الفيدرالية، مع بقاء الولايات المتحدة الأمريكية حكما بين المناطق الثلاث، الكردية والعربية السنية والعربية الشيعية. سيمثل هذا الحل الأمثل للولايات المتحدة الأمريكية، لكن تطبيقه بالغ الصعوبة بقدر ما يتعين بلوغ اتفاق حقيقي، و توافق بين كل الجماعات الهامة. وبجميع الأحوال يتعذر بلوغ هكذا اتفاق بتسليح الجميع كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية الآن، وبتعميق الانقسامات القبلية والطائفية. إن الولايات المتحدة الأمريكية تزرع بذور مأساة طويلة الأمد بالعراق، هذا البلد الذي بات في عز المأساة. يعيش العراق مأساة دائمة منذ وصول صدام حسين وبطانته إلى السلطة في العام 1968، وحتى حصار الإبادة الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية. ويعتبر البعض مأساة العراقيين الحالية الأسوأ منذ بدء الاحتلال، وإني لا أرى مخرجا منها في المستقبل المنظور.

هل تعتقدون أن الحركة المناوئة للحرب قوة اجتماعية منكفئة؟ وإن كان الأمر كذلك فما الأسباب؟

جلى ان الحركة شهدت انكفاء قياسا بالتعبئات التي سبقت غزو العراق. و ثمة أسباب جوهرية وأخرى ظرفية تفسر الأمر. وتتمثل إحدى الأسباب الظرفية، الخاصة في المقام الأول بالولايات المتحدة الأمريكية لكن المؤثرة أيضا على بقية العالم، في انتخابات الرئاسة الأمريكية واعتقاد الكثير من الناس بإمكان أن تفضي إلى تغيير جذري في سياسة واشنطن إزاء العراق. وكالعادة تؤدي الانتخابات إلى فك التعبئة المناهضة للحرب. والسبب الآخر الظرفي سبقت الإشارة إليه، إنه النجاح النسبي "لزيادة أعداد القوات". لقد كان له مفعول مفكك لتعبئة الحركة المناوئة للحرب لأنه يضعف الشعور بالطابع الملح للنضال ضد الاحتلال. ويجب ان ُيضاف إلى هذه الاعتبارات سبب جوهري، ألا وهو أن طبيعة القوى المواجهة للامبريالية الأمريكية تبعث على تعاطف أقل مما سبق. كانت الولايات المتحدة الأمريكية تواجه الشيوعيين الفيتناميين الذي كان يتصرفون بذكاء فائق بمخاطبة السكان الأمريكيين والعالم برمته، و نجحوا على هذا النحو في كسب تعاطف الرأي العام العالمي.
أما اليوم، فالقوي التي تتصدى للولايات المتحدة الأمريكية قوى سلفية إسلامية، يمثلها تنظيم القاعدة في المقام الأول. ولا يمكن بلا شك جذب تعاطف الرأي العام، لا سيما بالغرب حيث يوجد القسم الأعظم من قوى الحركة الناهضة للحرب، هذا لسبب معقول لأن لهذه الحركة معنى بوجه خاص بالبلدان المشاركة في الحرب. هكذا لا تسهم طبيعة القوى التي تجابه الامبريالية الأمريكية في بناء حركة قوية مناوئة للحرب. اعتقد أن هذا هو المشكل الرئيسي بوجه الحركة المناهضة للحرب. تتمثل المهمة الرئيسية للحركة المناوئة للحرب، وللحركة المعادية للامبريالية، في إفهام الرأي العام أن التعصب والسلفية سيزدادان بقدر تكاثر حروب من هذا القبيل، وتفسير ان هذه الحروب إنما ستعزز ديالكتيك الهمجية، ما اسميه" صدام الهمجيات"، حيث الهمجية الكبرى من جانب واشنطن والصغرى من جانب عصابات السلفيين الإسلاميين المتزمتة. يمثل هذا كارثة لكافة سكان العالم. لذا من الملح على نحو مطلق وقف الحروب والعدوان الامبريالي الجاري. هكذا يجب ان تخاطب الحركة المناوئة للحرب الناس وليس قول " إننا ندعم كل من يحارب الامبريالية الأمريكية أيا كان ومهما فعل"، فهذه طريقة لن تجلب دعما شعبيا لقضية مناهضة الحرب.

يوجد اليسار المناهض للامبريالية في حرج لأن قيادة مقاومة العدوان الامبريالي ببلدان عديدة بالمنطقة قوى من الإسلام السياسي. كيف يمكن لليسار إبداء تضامنه مع تلك المقاومة دون التخلي مع ذلك عن معركته من اجل العلمانية، ومن أجل تحرر النساء، ومن أجل حقوق العمال؟

لا أرى إمكان تطبيق قاعدة عامة في هذا المضمار. الأمر وقف على الوضع المعني. مثلا ثمة بالعراق مجموعات تحارب الاحتلال الأمريكي، لكنها في الآن ذاته منخرطة في العنف الطائفي. وقد قتلت من المدنيين لأسباب طائفية أكثر مما قتلت من جنود التحالف. ومن الخطأ تماما في هكذا ظروف، وحتى من المضلل، قول " إننا نساند المقاومة العراقية". لا يمكن قول إننا ندعم هكذا قوى. يجب بالأحرى قول "إننا نساند النضال ضد المحتل" أو قول، وهذا أفضل لدواعي تربوية:" النضال ضد الاحتلال مشروع، بكل الوسائل الضرورية فعلا." إن صيغة من هذا القبيل سليمة: نساند الأفعال على نحو انتقائي، وليس الفاعلين عندما يتعذر تحمل مسؤولية أفعالهم. لا يمكن بالعراق دعم قوة بعينها لأن كل القوى التي تحارب المحتل قوى طائفية في الآن ذاته. ثمة إذن حربان في آن واحد: حرب عادلة وحرب رجعية جدا. إذا تناولنا الآن حالة لبنان أو فلسطين، حيث حزب الله وحركة حماس، القوتان السلفيتان الإسلاميتان المتصديتان للعدوان الإسرائيلي، بوسعنا القول:"إننا نساند نضال الشعب ضد العدوان الامبريالي بصرف النظر عن طبيعة القيادات، إننا ندعم النضال رغم تحفظاتنا على القيادات". علاوة على أني معارض بشدة لأي دعم غير نقدي لأي قيادة كانت، حتى الأكثر تقدمية- وما بالك إن كانت غير تقدمية ومتبنية إيديولوجيات رجعية. عندما تخلو شرعية المعركة من أي لبس، دون أن تكون قيادتها تقدمية، يجب ان نصرح بوضوح تام أننا "نساند النضال، لكننا لا نشاطر توجهات القيادة".

====

جلبير الأشقر أستاذ بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن.
مؤلف :

صدام الهمجيات – دار الطليعة بيروت

الشرق الملتهب، الشرق الأوسط في المنظور الماركسي
دار الساقي

حرب 33 يوما: حرب إسرائيل على حزب الله بلبنان ونتائجها.
دار الساقي- مشترك مع ميخائيل فارشفسكي

السلطان الخطير، السياسة الخارجية الأمريكية والشرق الأوسط
دار الساقي . مشترك مع نعوم تشومسكي



--------------------------------------------------------------------------------
[1] نص الاستجواب الأصلي بالانجليزية منشور بموقع ZNet و International Viewpoint بعنوان "The U.S. is sowing the seeds of a long term tragedy..." . وسينشر نصه الكامل بمجلة إنريكور ، عدد يوليو –أغسطس 2008 .
10 يونيو 2008 .





#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة لبنان لم تنته بعد
- حوار حول الوضع في العراق:الولايات المتحدة الامريكية والانهيا ...
- الولايات المتحدة: الانهيار العراقي
- لبنان: المطامع الامبريالية في محك الواقع
- المطامع الإمبريالية الأميركية سفينة قيد الغرق
- الحرب في لبنان
- إسرائيل تتخذ شعبا بكامله رهينة
- العدوان المزدوج على فلسطين ولبنان
- إخفاق المشروع التنويري في المنطقة العربية وشروط استنهاضه
- همجية - الرسالة المتمدنة
- الانطباعات الأولى حول فوز -حركة حماس- الانتخابي
- إحتلال العراق في سياسة واشنطن الإمبراطورية الراهنة


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - -الولايات المتحدة الأمريكية تزرع بذور مأساة طويلة المدة-