أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - جلبير الأشقر - أزمة لبنان لم تنته بعد















المزيد.....

أزمة لبنان لم تنته بعد


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 2314 - 2008 / 6 / 16 - 10:53
المحور: مقابلات و حوارات
    


حوار صحيفة المانيفستو الايطالية مع جلبير الأشقر

يبدو، بعد أحداث الأيام الأخيرة، أن الوضع الراهن يؤكد انتصار حزب الله وحلفائه في الشوط الأول. ما رأيك؟
جلبير الأشقر: ما جرى، على نحو جلي جدا،هو ان الكامن حتى الآن من تغير بميزان القوى بات واضحا. استعمل حزب الله وحلفاؤه وسائل عسكرية بقصد السيطرة على بيروت الغربية، ومن ثمة التحكم بالأحياء ذات الغلبة السنية، بينما المسيحيون أغلبية شرق العاصمة الذي بقي بمنأى عن المواجهات. كما امتدت المعارك إلى مناطق أخرى من لبنان، لكن دون ان تؤدي إلى نظير ما شهدت بيروت من نتائج مأساوية.
إن ما جرى ببيروت بوجه خاص هو الذي كشف وضعا أكد فيه حزب الله وحلفاؤه تفوقا عسكريا جليا بوجه الأغلبية الحكومية.
إنها، من زاوية النظر هذه، هزيمة مدوية لواشنطن بالنظر إلى كون هذه الأغلبية الحكومية حليفا للولايات المتحدة الأمريكية، ومدعومة من الأنظمة العربية حليفة واشنطن مثل المملكة السعودية ومصر. تواصل إدارة بوش تكبد هزائم بالشرق الأوسط. إنها تشبه فريق كرة قدم مهزوم بوضوح ويواصل تلقي إصابات في آخر لحظات المباراة. وتؤكد الإصابة التي سجلها حزب الله وحلفاؤه، ومنهم سوريا وإيران، ما برز في نهاية حرب العام 2006 ضد لبنان، ألا وهو أن حصيلة إدارة بوش كارثية في السياسة الخارجية وفي السياسة الداخلية على السواء.
ما دور الجيش اللبناني في ظل هذا الوضع؟
موقف الجيش اللبناني محكوم بعاملين هامين:الأول متعلق بعدم قدرة هذا الجيش على القيام بدور "متدخل" في الصراع. ليس بوسعه العمل سوى كقوة فصل. وتمكن مقارنته،على نحو ما، بقوات القبعات الزرق التابعة للأمم المتحدة. هذا لأن هذا الجيش صورة عن بنية سكان البلد، وكل تدخل نشيط منه في صراع ما بالانحياز إلى أحد الأطراف سيؤدي إلى انشقاقه. و سينتج عن ذلك ظاهرة معروفة بلبنان: انفجار الجيش.
ويتعلق العامل الثاني بكون قائد الجيش مقبولا كرئيس مقبل للجمهورية من واشنطن ومن المعسكر الآخر على السواء، حتى حزب الله. انه يريد استثمار صورة الحياد تلك في الصراع الداخلي بقصد إتاحة إمكانية انتخابه.
هذان العاملان- بنية الجيش وتطلعات قائده- جعلا القوات المسلحة مقتصرة على دور قوات فصل.

هل ثمة صلة بين الإضراب العام وما شهده اليوم ذاته من مواجهات؟
لا. أنا اعتقد بصدق أن الإضراب العام لم يكن سوى ذريعة. هذا مع أن دواعيه المعلنة- المطالب الاجتماعية والاقتصادية- سرعان ما طواها النسيان. جرت مساندة الإضراب بما هو فرصة تعبئة ضد الحكومة، لكن المعارضة، حيث يهيمن حزب الله، لا تعتمد بأي وجه مطالب الإضراب.
تركز كل شيء على إجراءات الحكومة المفجرة للوضع القائم من جهة، وعلى المفاوضات السياسية بين المعارضة والأغلبية البرلمانية بصدد مستقبل المؤسسات من جهة أخرى. أقول أغلبية"برلمانية" لأنها أغلبية بالبرلمان دون ان تكون على الأرجح أغلبية بالبلد.

يرى كثيرون بالغرب فيما أقدم عليه حزب الله انقلابا، مماثلين الأمر بما فعلت حركة حماس بقطاع غزة في يونيو 2007. و يعتبر ملاحظون غربيون كُثر ان غاية حزب الله إقامة جمهورية إسلامية بلبنان. ما رأيك؟
أجيب بادئا بالسؤال الثاني. لا اعتقد ان غاية حزب الله النهائية إقامة جمهورية إسلامية بلبنان. هذا مناف للعقل.
السؤال الآخر أكثر جدية. هل ما جرى انقلاب، وهل ثمة أوجه شبه بما فعلت حركة حماس بغزة؟ رأيي بهذا الصدد أن ثمة نقاطا مشتركة، لكن ثمة أيضا، بلا شك، فروقا هامة بين الوضعين. فمن جهة الفروق، أولا غزة تراب معزول جغرافيا عن باقي الأراضي الفلسطينية، بينما بيروت عاصمة للبنان، مندمجة بباقي البلد. ثم إن السكان بغزة متجانسون طائفيا، ولذلك كان الاستيلاء على السلطة بغزة ممكنا، وأقدمت عليه حماس.
أما بلبنان، فحزب الله يدرك جيدا استحالة استيلائه على السلطة، وقال ذلك بصراحة منذ تأسيسه. فقد أعلن انتفاء شروط قيام جمهورية إسلامية بلبنان لأن البلد متعدد الأديان والطوائف. إن حزب الله منشغل بالمقام الأول بالتحكم بطائفته الدينية الشيعية.
لم يكن ما جرى ببيروت في الأيام الأخيرة "استيلاء على السلطة" من قبل حزب الله. انه بكل جلاء عمل عسكري ضد المعسكر الخصم، إنه "استيلاء على تراب" من قبل حزب الله وحلفائه، وأغلبهم قوى وثيقة الارتباط بسوريا. و حزب الله ذاته مرتبط بسوريا، طبعا، لكنه مرتبط في المقام الأول بإيران، كما هو معروف.
إن حزب الله ذاته من طالب الجيش اللبناني بالانتشار بالمناطق التي احتلها عسكريا، مؤكدا مرارا أنه لا ينوي الاستيلاء على السلطة. وبالعكس ما فتئ يكرر سعيه إلى تسجيل ميزان قوى وإبراز أنه الأقوى.
في البدء قدم حزب الله مبادرته كفعل دفاع ذاتي. قال: أعلنت علينا الحكومة الحرب بقرار تفكيك شبكة اتصالاتنا وإقالة الضابط المسؤول عن أمن مطار بيروت، القريب من المعارضة. اعتبر حزب الله تلك التدابير علامة أخرى عن سعي إلى استهدافه عسكريا لا سياسيا وحسب. فكان أن رد بالطريقة المعلومة.
لكن بالنظر إلى ما قام به وحجم رد الفعل، لا يسع أحدا ادعاء كونه دفاعا ذاتيا، ما عدا إن كان القصد "دفاعا ذاتيا استباقيا". لقد شن حزب الله هجوما تجاوز ما يقتضيه إلغاء تدابير الحكومة المعادية له.
وثمة، من وجهة النظر هذه، نقطة مشتركة مع غزة. ففي غزة أيضا كان ما قامت به حركة حماس عملا استباقيا ضد ما كان محمد دحلان [من قادة حركة فتح، وزير منذ فبراير 2005 بحكومة أحمد قريع، ومتحكم بقوات الأمن الفلسطينية]، أي قسم السلطة الفلسطينية الأشد ارتباطا بواشنطن، ُيعد له. فقد كان ذلك القسم يستعد، بمساعدة واشنطن، لتحرك ضد حركة حماس التي اختارت عندئذ ضربة استباقية.
يتمثل الفرق في أن حركة حماس بغزة سارت إلى أبعد من تفكيك قوات دحلان، إذ ألغت ببساطة السلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح في غزة. لكن كان بوسع حركة حماس أيضا ان تعلن بحق أنها حكومة الأراضي الفلسطينية المنتخبة.
اعتقد ان حزب الله بلبنان، رغم انه لم يستول على السلطة، وأنا أقول هذا وأكرره، دفع استعماله للقوة أبعد مما كان لازما.
اليوم، بعد هذا العمل، تكدرت كثيرا صورة حزب الله بما هو قوة عسكرية قدمت نفسها دوما كقوة مقاومة، مغايرة لما تقوم به الميليشيات القائمة بلبنان سابقا وحاليا، تلك الصورة التي أسس بها حزب الله شرعيته. وهذا لأن حزب الله استعمل قوته العسكرية، بتحالف مع قوات أغلبها مجرد وكلاء لدمشق وعصابات حقيقية لا شرعية سياسية لها بخلاف حزب الله. وأولها حركة أمل أقرب حلفاء حزب الله، وهي منظمة تمثل ميليشيا طائفية أكثر من قوة مقاومة.
ضم حزب الله قوته العسكرية إلى قوات حلفائه في عمل يرمي إلى السيطرة على بيروت الغربية، ومنها الأحياء ذات الغالبية السنية. وظهر منذئذ كقوة تستعمل سلاحها في الصراع الطائفي اللبناني. وقد فاقم هذا الأمر التقاطب الطائفي، ويُخشى جدا ما تكهنت به بعض وسائل الإعلام، أي إضفاء طابع عراقي على لبنان. يحيل هذا التعبير على وضع حيث تواجه القوات الشيعية التي أصبحت سائدة بالعراق بعد الغزو الأمريكي حربا طائفية شنتها قوات سنية، حرب قاتلة بضراوة، اشتملت عمليات انتحارية، وسيارات مفخخة، الخ.
أخشى حدوث ذلك بلبنان في مستقبل قريب، وشروع مجموعات وهابية وسلفية، من قبيل تلك العاملة بالعراق،بمهاجمة الشيعة بلبنان أيضا، معززة دينامية الحرب الدينية والطائفية التي أعادت المواجهات الأخيرة إطلاقها. جرى لحد الآن تفادي ذلك بلبنان، بفضل صورة حزب الله بالذات، و بفضل نوع من" اتفاق سلام" بين الطوائف كان قائما منذ نهاية الحرب الأهلية في العام 1990. فقد كان ظهور حزب الله كقوة مكرسة لمقاومة إسرائيل حائلا دون إقدام متطرفين سلفيين، حتى من شاكلة بن لادن، على ضرب الشيعة اللبنانيين، فلو حصل الأمر للقي شجبا شعبيا إلى ابعد حد بالعالم العربي.
إن صورة حزب الله قيد التغير من جراء ما حصل، لكن ليس بالكامل بعد. لكن يجب قول إن الأحداث الأخيرة عززت الدعاية التي يحاول بها حلفاء واشنطن – المملكة السعودية ومصر والأردن- إفقاد إيران وحزب الله الاعتبار باستعمال الحجة الطائفية، لا سيما منذ صيف 2006، مع ان ذلك فشل لحد الآن. ويمثل تعزز تلك الدعاية الوجه الأخطر في المسألة.

والحالة هذه،هل يمكن لإسرائيل انتهاز الفرصة للتدخل؟
اعتقد ان اسرئيل عاجزة عن الارتماء في عمل بلبنان من حجم ما فعلت عام 2006، وهذا بالأقل بسبب أزمتها الداخلية. وليس بفعل وجود قوات الفينول، فبدون شك ليس وجود هذه القوات ما يمنع إسرائيل، إن أرادت، من اجتياح لبنان. لن تقف قوات الأمم المتحدة بوجه تدخل إسرائيلي. و تتمثل العقبة الحقيقية في قوة المقاومة التي سبق لجيش إسرائيل ان اصطدم بها. فقد اضطر في العام 2000 إلى الانسحاب من آخر ما كان يحتل بجنوب لبنان منذ 1982. و ذلك ما يثني إسرائيل عن التفكير في غزو أرضي جديد. هذا ما يدفعني إلى اعتقاد ان سعي الإسرائيليين إلى الانتقام لإهانة 2006 سيكون بهجمات منتقاة بدقة. وقد التقط حزب الله إشارة اغتيال قائده العسكري مغنية بدمشق يوم 12 فبراير 2008.
و ان لهذا دور أيضا في الأحداث الأخيرة- اقصد التخوف من عملية إسرائيلية تضرب هدفا منتقى، قد يكون حتى عملية كوماندو، مستهدفة لقيادة حزب الله. وهذا بالذات ما جعل حسن نصر الله يغيب عن الأنظار. وقد ظهر أحيانا بعد صيف 2006، لكنه كان يعلم حينئذ أن إسرائيل لا تزال تحت وقع صدمة الهزيمة. و يدرك نصر الله انه مهدد وأن إسرائيل ستحاول اغتياله في أول فرصة تسنح.
وعلاوة على ذلك، ليس ثمة من يتمنى تدخلا إسرائيليا في الصراع اللبناني. وحتى واشنطن لا تريده، لأنه سيحرج جدا حلفاءها. كما لا ترغب الأغلبية الحكومية اللبنانية في تدخل إسرائيليا.
ومن جانب آخر، ليس بمستطاع الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها غير ان تقصف بأسطولها وطيرانها. إذ يصعب، بالنظر لما تواجه من مصاعب بأفغانستان والعراق، تصور قدرتها على فتح جبهة إضافية مع تدخل أرضي جديد. لا سيما بجبهة صعبة على نحو ما دلت عليه قدرة حزب الله على المقاومة في 2006.
ومع ذلك يستشعر حزب الله الخطر، ويرى أمارات مقلقة عديدة تتراكم بالأفق، منها تصريحات بيرلوسكوني و وزيره بالشؤون الخارجية الداعية إلى تغيير مهمة قوات الفينول.
رأى حزب الله في تلك التصريحات إرادة تحريك ما بدا خطة واشنطن الأصلية، أي مزجا لقوات لبنانية، الجيش وحلفائه، وقوات الحلف الأطلسي المرابطة بلبنان لمواجهة حزب الله. و يدرك حزب الله عن علم ان الأمر سيناريو وضعته واشنطن.
لكن، حتى لو كان تحرك حزب الله دفاعا استباقيا في هذا السياق، فقد تخطى الحدود، وخلق وضعا قد يكون خطرا وضارا في الأمد المتوسط. و من الممكن تماما أن يدخل ما جرى التاريخ لا كحلقة معزولة بل كشوط أول من حرب جديدة بلبنان، حتى مع فترات هدنة متفاوتة المدة بين مختلف الأشواط. إن التوترات والأحقاد المتراكمة اليوم كبيرة، كما جرت البرهنة على شبه استحالة تعايش قوة حزب الله العسكرية مع قوات دولة لبنانية ذات سيادة على ترابها الخاص.
يمثل حزب الله دولة داخل الدولة، أكدت قدرتها، علاوة على ذلك، على فرض شروطها على الدولة، بينما أمكنها فيما سبق الظهور بما هي"دولة مقاومة" ضد غزوات إسرائيل- تلك الغزوات التي تعجز الدولة عن مواجهتها كما تعجز عن حماية سكان جنوب لبنان.

كيف تفسرون عدم مشاركة ميشال عون في الصراع؟
فعلا، بقي عون بعيدا عن المواجهات. أعتقد أن لا مصلحة لديه في التورط بها. لو تدخل لخلق مشكلا بين المسيحيين، و هو يدرك أن بوسع جعجع، قائد القوات اللبنانية اليمينية جدا، هزمه عسكريا بسهولة. و من الأرجح أن تفوق شعبية جعجع ما يحظى به عون بالمناطق المسيحية اليوم. ما من مصلحة لعون في جلب النزاع إلى تلك المناطق.
ما تجدر الإشارة إليه، بالعكس، هو أن جعجع ذاته مناهض بشدة لكل مواجهة بمنطقته. فالسكان يريدون البقاء بمنأى عن كل مجابهة، كما حدث هذه المرة. ويلمس الناس جيدا مزية حفظ السلام. و سيؤدي مد الصراع إلى المناطق المسيحية إلى إسقاط شعبية جعجع حتى الحضيض. كما اعتقد أنه لم يتدخل بفعل إدراكه أن مواجهات لن تقف، في حال وقوعها بالمناطق المسيحية، عند حدودها. فقد يمد حزب الله الجنرال عون بالمساعدة ويفضي ذلك إلى إشعال البلد برمته و إطلاق حرب أهمية كاملة وتامة.
في حال تواصل الدينامية الراهنة، وهذا بنظري أمر ممكن على المدى البعيد، سيصعب تخيل شروط تسوية سياسية. إذا تدهورت الشروط سنكون إزاء حرب أهلية جديدة بلبنان، وانفجار الجيش، بمساعدة قوى إقليمية ودولية داعمة لكل من الأطراف.

وما دور سوريا؟
تخشى سوريا امتداد الحرب الطائفية اللبنانية إلى أرضها. فقد حصلت بشمال لبنان مواجهات بين أعضاء الأقلية العلوية اللبنانية والسنة. و يمثل هذا تهديدا للنظام السوري، لأنه تحت سيطرة العلويين، وهم أقلية بسوريا حيث أغلبية السكان سنة. و سيؤدي تفجر صراع طائفي بسوريا إلى نهاية النظام القائم. لكن النظام السوري ُيحكم الإمساك بالوضع حاليا.
وفضلا عن ذلك تكفي قراءة التعليقات العديدة بالصحافة الإسرائيلية التي تجزم أن إسرائيل، و حتى الولايات المتحدة، عاجزتان عن إنهاء مشكل حزب الله. ولا فائدة في الإشارة إلى أوربا. أما قوات عربية فسيصعب عليها بنظري أن تواجه الوضع دون اتفاق مع دمشق. ومن ثمة يكمن الحل الوحيد في الكلام مع دمشق. نشرت جريدة هآرتس، وصحف إسرائيلية أخرى، مؤاخذات لواشنطن على منعها حكومة إسرائيل من الكلام مع دمشق. وقد تضاف إلى هذا توصيات فريق بيكر-هاملتون "مجموعة الدراسة العراقية " للولايات المتحدة الأمريكية حيث تشكل المفاوضات مع دمشق عنصرا هاما. وبوسع سوريا ان ترى في هذا كله أمارات لصالحها.
يتضح إذن أن سوريا ستضع كل شيء على الطاولة مطالبة بما يلي: 1- رفع التهديدات المشرعة بوجهها، وبمقدمتها المحكمة الدولية الخاصة بالبحث في اغتيال رفيق الحريري، 2- تغيير الموقف إزاء سوريا والاعتراف بوصايتها على لبنان. يجب ألا يُنسى أن دمشق سبق ان تدخلت مرتين ببيروت، في 1976 وفي 1987- الأولى لإنقاذ حلفاء واشنطن بعد دعم خصومهم من خارج. والثانية كانت متبوعة بمواجهات بين القوات السورية وحزب الله. وقد تكون ثمة مرة ثالثة.
لا يمكن استبعاد "مناشدة" سوريا للتدخل من جديد عسكريا، مباشرة أو مداورة، أي بسد سبل المواصلات التي يسلكها الدعم الإيراني لحزب الله عبر سوريا. هذا لأن النظام السوري أقل إثارة من نظيره الإيراني لمخاوف إسرائيل وواشنطن على السواء. ليس ثمة مشكل لدى إسرائيل مع النظام السوري. فحدودها مع سوريا هي الأوفر هدوءا قياسا بغيرها.
تلك عناصر المعادلة بالشرق الأوسط بالغة التعقيد، والتي يمثل لبنان جزءا منها لا يتجزأ.


جلبير الأشقر
لندن 22 مايو 2008
أجرت المقابلة سينزيا نشيرا
تعريب: جريدة المناضل-ة – عن موقع Alencontre السويسري



--------------------------------------------------------------------------------
ملحق
انجزت المقابلة الآنفة يوم 13 مايو الأخير. وتأخر صدورها بصحيفة المانيفستو عدة أيام، فبدا لي لزوم إضافة تعليق موجز على الاتفاق الحاصل في غضون ذلك بين مختلف الفرقاء اللبنانيين والموقع بالدوحة يوم 21 مايو.
1- ليس اتفاق الدوحة، كما أكدت اغلب التعاليق الجادة، حلا سحريا للنزاع اللبناني الجديد، لكنه في أحسن الأحوال اتفاق يفتح مرحلة مؤقتة سيواصل فيها المعسكران المتواجهان صراعهما بوسائل أخرى، مع بقاء إمكان أشواط مسلحة جديدة في مستقبل قريب إلى هذا الحد أو ذاك. كانت اتفاقات من هذا النوع تتخلل حرب الخمسة عشر عاما المتقطعة (1975-1990). وثمة مخاوف جمة من أن يتكرر ذلك، ماعدا إن أبطلت المساومات الإقليمية والدولية الدينامية الجديدة لحرب أهلية باتت منطلقة. هذا ويمثل إمكان تبدل لسياسة واشنطن بالشرق الأوسط، قد ينتج عن الانتخابات الأمريكية المقبلة، إحدى أهم العوامل الكامنة خلف هدنة الدوحة.
2- ليس اتفاق الدوحة سوى مساومة جديدة حول توزيع مناصب بالمؤسسات بين قوى سياسية طائفية محافظة اجتماعيا- لا سيما بين مسلمين شيعة وآخرين سنة، بينما مسيحيو لبنان موزعون بين المعسكرين. ومن شأن قانون الانتخابات القديم- الجديد ان يعزز، بعودته إلى تقطيع مقلص أكثر للدوائر الانتخابية، الدينامية الطائفية التي استأنفت بلبنان في السنوات الأخيرة.إنه على طرف نقيض من مطلب اليسار اللبناني المتمثل في انتخابات تعتمد النسبية على قاعدة الدائرة الوحيدة، الرامي إلى حفز التقاطبات السياسية والقوى متعددة الطوائف.
3- قبلت الأغلبية البرلمانية، حليفة الرياض وواشنطن، مطلب المعارضة الرئيسي- سلطة الفيتو داخل الحكومة- بعد ان فرضته المعارضة أخيرا على الميدان بقوة السلاح، بينما لم تحققه بتعبئتها السلمية الجارية منذ ديسمبر 2006. ارتأت الأغلبية البرلمانية، بالنظر إلى أن اقل من سنة يفصل عن الانتخابات البرلمانية المقبلة، أن حكومة مؤقتة بالتوافق أمر مقبول، مقابل ضمان انتخاب البرلمان القائم، لمدة ست سنوات، رئيسا للجمهورية ملائما لها، أي القائد الأعلى للجيش اللبناني ميشال سليمان. ولهذا أهمية بقدر ما ان الأغلبية الحالية غير متيقنة بتاتا من البقاء أغلبية بعد الانتخابات البرلمانية المرتقبة في العام 2009. لذا فإن خاسرا كبيرا بهذا الاتفاق هو الجنرال ميشال عون، الذين كانت الرئاسة طموحه الأسمى، وقام من اجلها بدور أساسي في الوقوف بوجه انتخاب سليمان بعد الاتفاق الحاصل بشأنه بين واشنطن ودمشق في متم نوفمبر 2007.
4- تحقق اتفاق الدوحة بعد مساومات حادة بين واشنطن والرياض من جهة ودمشق وطهران من جهة ثانية. كانت إمارة قطر التي تأوي على ترابها المركز القيادي الرئيسي للقوات الأمريكية بالمنطقة ( كان سابقا بالمملكة السعودية)، وتقيم علاقات ودية مع دولة إسرائيل، وفي الآن ذاته مع دمشق وطهران وحزب الله اللبناني- مؤهلة بوجه خاص لتلك الوساطة. ويمثل بنظري إفشاء وجود مفاوضات بين حكومة أولمرت والحكومة السورية، يوم توقيع اتفاق الدوحة عينه، تأكيدا لما انتهت إليه مقابلة 13 مايو.






#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار حول الوضع في العراق:الولايات المتحدة الامريكية والانهيا ...
- الولايات المتحدة: الانهيار العراقي
- لبنان: المطامع الامبريالية في محك الواقع
- المطامع الإمبريالية الأميركية سفينة قيد الغرق
- الحرب في لبنان
- إسرائيل تتخذ شعبا بكامله رهينة
- العدوان المزدوج على فلسطين ولبنان
- إخفاق المشروع التنويري في المنطقة العربية وشروط استنهاضه
- همجية - الرسالة المتمدنة
- الانطباعات الأولى حول فوز -حركة حماس- الانتخابي
- إحتلال العراق في سياسة واشنطن الإمبراطورية الراهنة


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - جلبير الأشقر - أزمة لبنان لم تنته بعد