أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - قراءة في مضمون الاتفاقية بين قوة الاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية















المزيد.....

قراءة في مضمون الاتفاقية بين قوة الاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 2326 - 2008 / 6 / 28 - 12:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تأتي الاتفاقية المزمع عقدها بين حكومة الاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية بجديد عما كنا نتصوره من واقع السياسة الأمريكية في العراق وما ترسمه لمستقبل المنطقة ، والتي تتجلى من خلال فرض سياستها الاحتلالية المعبِّرة عن المصالح الحقيقية للرأسمال الأمريكي .
لقد شكّلت التجليات العيانية لمجمل السياسات الأمريكية في المنطقة والعراق ، صفعة لكل من راهن على المشروع الديمقراطي الأمريكي إنطلاقاً من أفغانستان وصولاً إلى لبنان . وتمثل الاتفاقية التي بين أيدينا خلاصة السياسة الأمريكية التي تقوم على إذلال الشعوب ، وانتهاك السيادة الوطنية ، وقمع الحريات السياسية والمدنية ، ومحاربة المشاريع الديمقراطية الاجتماعية ، وتحويل المنطقة إلى محميات أمريكية في سياق مشروعها المتناقض موضوعياً وفعلياً مع المشاريع الديمقراطية المعبِّرة عن مصالح الشعوب . إن الديمقراطية التي تدَّعي الحكومة الأمريكية تمثيلها والدفاع عنها لا تعدو كونها تمكيناً لحرية حركة رأس المال المتناقض موضوعياً مع الديمقراطية ومصالح الشعوب ، والمنتهك لأدنى معايير العدالة الاجتماعية ، لأن جشعه غير المحدود يدفعه لتجاوز كافة الحدود وتحطيم كافة القوانين الإنسانية .
كما نعلم بأن العلاقات الدولية عموماً تقوم على أساس التفاعل والتبادل المتكافئ ، والتأثير المتبادل ... في سياق علاقات عمادها الأساس الندية المستندة إلى الحرية ، وهذا لا يعني بالمطلق تغييب السيطرة أو الهيمنة لبعض الأطراف الدولية نتيجةً لتملُّكها مفاعيل القوة التي من خلالها تفرض شروطها في العلاقات الدولية .
لكن ما نراه من أشكال العلاقة بين الأطراف الدولية المهيمنة والأطراف التابعة والمرتهنة ، فأنه يتم في سياق تأكيد وتأبيد هيمنة رأس المال بالقوة العسكرية وفق تجليات وأشكال مختلفة . وفي هذا السياق فإن ما يتم فرضه من أشكال العلاقة بين قوة الاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية لا يعدو أن يكون تأكيداً لقوة الاحتلال بأشكال مقوننة تتناقض موضوعياً وواقعياً مع مصالح الشعب العراقي ، وبالتالي تتناقض مع الديمقراطية المعبِّرة في سياق تناميها عن الواقع الاجتماعي المتعين ، وعن المصالح الاجتماعية للفرد في إطار تشكله الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، وعلى هذا الأساس فإن المشاريع الديمقراطية تتشكل بكونها حاجة موضوعية لمجتمع معيَّن ومحدّد وفق سيرورات وأشكال متباينة تتحدد وفقاً للخارطة السياسية المتعينة والمتغيّرة بآنٍ واحد .
إن الاتفاقية المزمع توثيقها بين حكومة الاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية الإشكالية و المتناقضة مع مصالح المجتمع العراقي ، تشكل انتهاكاً فاضحاً للسيادة الوطنية العراقية التي تدعي القوات الأمريكية المحافظة عليها والدفاع عنها . وإذا دققنا في بنود هذه الاتفاقية فإن ما نلاحظه هو تأكيد الإدارة الأمريكية على تحويل الاقتصاد العراقي إلى اقتصاد السوق الحر ، ونعلم بأن سياسة السوق الحر تحتاج بداهة وبالدرجة الأولى إلى مجتمع مفتوح وحر سياسياً واقتصادياً ، وهذا ليس متوفراً في العراق بفعل الاحتلال المباشر ، وبذلك فإن ما تشتغل عليه الإدارة الأمريكية هو تحويل العراق إلى منطقة نفوذ خاصة لاستثماراتها في إطار هيمنتها المباشرة على المصادر النفطية في العراق والمنطقة بكونها أحد المعابر الأساسية لفرض هيمنتها العالمية ، إضافة لما يمكن أن يساهم وجودها المباشر والموثق باتفاقيات مباشرة مع الحكومة العراقية ولفترات زمنية طويلة في فرض شروطها على المنطقة بما يتلائم ويعبر عن تحالفها الاستراتيجي مع المشروع الصهيوني .
وفي قراءتنا للبنود السرية لهذه الاتفاقية ، يمكننا أن نلاحظ سعي الحكومة الأمريكية لربط العراق من خلال حكومته الراهنة باتفاقية ثنائية وليس معاهدة ، وكما نعلم بأن الاتفاقية تعبيراً أكثر إلزامية من المعاهدات الدولية المتعددة الأطراف ، مما يؤكد سعي الإدارة الأمريكية على فرض سيطرتها السياسية والاقتصادية والأمنية بشكل منفرد على العراق ، بكونها تمثل البوابة الرئيسية لمشاريعها المستقبلية .

إن كافة البنود السرية تؤكد على الهيمنة الأمريكية على شعب العراق وثرواته وفق صيغة احتلالية مشرعنة ومقوننة إلزامياً ،وفي سياق يتم فيه تحويل العراق إلى قواعد عسكرية أمريكية متقدمة يحق من خلالها للقوات الأمريكية التدخل العسكري المباشر في شؤون باقي دول المنطقة ، ويتجلى هذا من خلال التأكيد على مشروعية وحق القوات الأمريكية في استخدام الأراضي والأجواء والمياه العراقية للتدخل في المحيط الإقليمي للعراق و بما يخدم سياساتها ، ووفق أشكال لا يحق فيها للحكومة العراقية أن تتدخل في تعداد القوات الأمريكية و سياساتها الأمنية و تحركاتها الميدانية ، أو حتى أماكن تواجدها وصلاحياتها . هذا إضافة إلى تغييب دور الحكومة العراقية ودوائرها القضائية ، وتجريدها من حقها في مساءلة أو مقاضاة أفراد القوات الأمريكية . ويترابط هذا مع أحقية القوات الأمريكية باعتقال كل من ترى بأنه يهدد الأمن والسلم الأهلي ( وهذا طبعاً وفق المنظور التي تقتضيه المصلحة الأمريكية ، أي يحق للقوات الأمريكية اعتقال كل من يهدد أمن قواتها و يهدد استقرار واستمرار مشروعها في العراق والمنطقة ... ) .

وربطاً مع ما سبق يحق للقوات الأمريكية بناء المراكز الأمنية والسجون داخل العراق ، في سياق يمكن أن يؤول أو يتطور إلى مايشبه معتقلات غوانتانامو التي تتجاوز من خلالها الحكومة الأمريكية كافة المواثيق الدولية وحقوق الإنسان ، أي أنها خطوة لضمان محاكمة كل من تخول له نفسه معارضة السياسات الأمريكية ، بعيداً عن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تدعي القوات الأمريكية زيفاً وباطلاً احترامها والدفاع عنها . وتتعزز هذه الميول من خلال سعي القوات الأمريكية وحكومتها لتوسيع الحصانة للشركات الأمنية التي انتشرت فضائحها الإنسانية والأمنية ، والتي تم ويتم من خلالها انتهاك الحقوق الإنسانية للمواطن العراقي من دون أن يكون للحكومة العراقية ودوائرها القضائية الحق في ملاحقتهم قضائياً ، مما يعني أن هذه القوات والأجهزة والمؤسسات خارجة عن سيطرة القوانين العراقية ودستوره الذي يفترض أن يكون هو السائد على الأراضي العراقية ، مما يعني المزيد من انتهاك السيادة الوطنية العراقية.

وتعزز هذه الاتفاقية وصاية الأمريكان الانتدابية على العراق من خلال حقها بالتدخل في كافة المعاهدات التي يمكن أن تبرمها الحكومة العراقية مستقبلاً ، وللحكومة الأمريكية الحق أيضاً في التدخل في أشكال ومستويات علاقات العراق الإقليمية ، حرصاً في المستوى الظاهري والشكلاني على أمن واستقرار العراق ودستوره . لذلك يجب إدراك تناقض إدعاءات حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في الحفاظ على سيادة العراق وضمان أمنه وسلمه الأهلي ، وضمان تطبيق دستوره وقوانينه على الأرض العراقية . وانتهاكها المتواصل لحرمة الشعب العراقي و دستوره وأمنه وسلمه الأهلي والمدني .....

وتؤكد الاتفاقية على بسط سيطرة الإدارة الأمريكية على وزارة الدفاع والداخلية والاستخبارات العراقية ، وكما نعلم بأن هذه المؤسسات سيادية ويجب أن تدار بكوادر وطنية ، لكونها المعنية بشكل مباشر في ضمان أمن العراق واستقراره ، لكن تتوضح أهداف هذه السياسية إذا علمنا بأن الإدارة الأمريكية تعمل على ربط التسليح العسكري العراقي بالمؤسسات العسكرية الأمريكية ، وبما تقتضيه المصالح والسياسات الأمريكية في المنطقة . هذا إضافة إلى أن تسليح الجيش العراقي ومؤسساته الأمنية ، وبعض دول المنطقة كان له و سيكون دوراً أساسياً في تحريك عجلة مصانع السلاح الأمريكية ، مما يعني اشتغال الإدارة الأمريكية على تجاوز أزمة مصانع الأسلحة من خلال افتعال الحروب والأزمات التي تفترض زيادة معدلات التسلح العالمي . وهذا يعني تصريف الأسلحة المخزنة ، و تسريع عجلة إنتاج الأسلحة .
وتُختتم بنود الاتفاقية بترك السقف الزمني لبقاء القوات الأمريكية في العراق مفتوحاً ، مما يؤكد بداهة بأن مهام القوات الأمريكية ليس تحرير العراق وضمان أمنه واستقراره ، بل ضماناً لاستمرار سيطرتها وهيمنها الإقليمية والعالمية . وهذا يناقض كل إدعاءات الإدارة الأمريكية في الحفاظ والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وعن السلم والأمن الدوليين .

=======================



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الثقافة والسياسة
- المجتمع السوري تحت خط الفقر
- آفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في ظل العولمة
- إضاءات على حقوق المرأة
- الثقافة والسياسة
- التحولات الاقتصادية والطبقية في سوريا
- بخصوص توضيحات هيئة الحوار
- إشكالية المرأة في المجتمعات المتخلفة
- الإعلام الرسمي العربي
- من أجل توحيد اليسار العراقي لبناء الدولة الديمقراطية
- العلمانية
- ظاهرة التضخم
- المعارضة السياسية بين الأنا ووهم الممارسة
- الوطنية في سياقها المفاهيمي والسياسي
- الاقتصاد السوري : على هامش مؤتمر اتحاد العمال
- التناقضات النظرية والسياسية في أشكال الدولة الفلسطينية
- إشكالية الوعي الشبابي
- الأزمة في تجلياتها السياسية والاقتصادية/ تعقيب على نتائج الل ...
- جدلية العلاقة بين الداخل والخارج
- ناشطو مناهضة العولمة في سوريا :واقع وآفاق


المزيد.....




- الإمارات تشهد هطول -أكبر كميات أمطار في تاريخها الحديث-.. وم ...
- مكتب أممي يدعو القوات الإسرائيلية إلى وقف هجمات المستوطنين ع ...
- الطاقة.. ملف ساخن على طاولة السوداني وبايدن
- -النيران اشتعلت فيها-.. حزب الله يعرض مشاهد من استهدافه منصة ...
- قطر تستنكر تهديد نائب أمريكي بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع ا ...
- أوكرانيا تدرج النائب الأول السابق لأمين مجلس الأمن القومي وا ...
- فرنسا تستدعي سفيرتها لدى أذربيجان -للتشاور- في ظل توتر بين ا ...
- كندا تخطط لتقديم أسلحة لأوكرانيا بقيمة تزيد عن مليار دولار
- مسؤول أمريكي: أوكرانيا لن تحصل على أموال الأصول الروسية كامل ...
- الولايات المتحدة: ترامب يشكو منعه مواصلة حملته الانتخابية بخ ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - قراءة في مضمون الاتفاقية بين قوة الاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية