أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - جدلية الثقافة والسياسة















المزيد.....

جدلية الثقافة والسياسة


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 2306 - 2008 / 6 / 8 - 06:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تكمن أهمية الثقافة بكونها حقل إبداع معرفي وإنتاج نظري متنوع ومتباين كما الواقع الملموس في تنوعه وتباينه، ومن خلالها يتم تكثيف الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي معرفياً ... ، والمثقف أياً كان موقعه الطبقي والاجتماعي فهو ملتزم بداهة بمواقف وأهداف تتحدد بما يتلائم مع موقعه ومصالحه الطبقية والاجتماعية . والثقافة كما نعلم تعبيراً مكثفاً للسياسية لكونها حقل إنتاج للفكر السياسي والمعرفة النظرية التي عليهما تتوطد الممارسة السياسية. وعليه فإن المرحلة الراهنة تتطلب عملاً ثقافياً متخصصاً وأكاديمياً يقوم على تعزيز أشكال إنتاج معرفي جماعي يقوم على توسيع وتعميق الورش الثقافية لذوي الاختصاص والمهتمين والباحثين ، وتكمن ضرورة هذا التوجه لعدة أسباب : أولها : تغييب الفاعلية الاجتماعية والسياسية للقوى السياسية . ثانياً : التأسيس النظري والفلسفي والمعرفي ... للمساهمة في إعادة صياغة تشكيلات سياسية تعتمد المنهجية العلمية في آليات ممارستها السياسية بعدما تخلت أغلب القوى السياسية عن معظم مفكريها أو همشتهم لأسباب متعددة . ثالثاً : وتكمن أيضاً أهمية العمل الثقافي الورشي والممأسس بكونه أكثر قدرة وفاعلية وعمق على الإنتاج المعرفي ، وأيضاً لكونه يمكن أن يشكل نويات لمراكز بحوث مستقبلية ترفد وتغذي المجتمع بدراسات وأبحاث متخصصة تساهم في تفكيك وتحليل الواقع معرفياً و تحديد آليات وأشكال تجاوز أزماته الاجتماعية . إضافة إلى كونه يكرس ظاهرة التعاون والممارسة الديمقراطية بأشكال ملموسة .
وإذا سلمنا بأن الواقع الاجتماعي يعاني جملة من التناقضات والتشوهات .. السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية ، الأخلاقية .. فإن المثقف هو نتاج ذات البنية الاجتماعية الملوثة والمتناقضة ، ولكون المثقف لا يمكن أن يكون إلا داخل المجتمع فهو بذلك نتاج هذا الواقع المأزوم ، وعليه فإن المثقف أياً تكن المنظومة المعرفية التي تتحدد بمقتضاها ممارسته السياسية فإنه يبقى تعبيراً واقعياً و ملموساً لواقع اجتماعي متعيّن. وبالتالي فإن جزءاً كبيراً مما يعانيه المثقف من ارتكاسات وإرهاصات وانكسارات .. تعتبر نتيجة للواقع الاجتماعي المأزوم والمشوه ، ولكون الإنتاج المعرفي هو خاصية الإنسان المثقف فإن مهمته مضاعفة لكونه يجب أن يخوض بشكل لحظي صراعاً دائماً مع ذاته لكي يتمكن من تجاوز التناقضات الاجتماعية المنعكسة على ذاته والتي تؤثر بأشكال مختلفة ومتباينة على إنتاجه المعرفي و ممارسته السياسية المباشرة . وهذا يرتبط أيضاً بكون المثقف يمثّل التعبير الملموس للمشروع الاجتماعي المتجسد في سياق تحول الفكر إلى قوة مادية في سيرورة الممارسة السياسية والتحولات الاجتماعية ، و الذي يفترض أن يكون متجاوزاً لإشكاليات وتناقضات الواقع الراهن .
وبما أن المثقف نتاج واقع ملموس والفكرة نتاج ذات الواقع ، فإن إمكانية تحول الفكرة إلى قوة مادية تكمن في توفر الحوامل الاجتماعية التي تدرك بأن الفكر الذي يقدمه المثقف في سياق ممارسته السياسية ، تجسيداً للمشروع الاجتماعي المعبّر عن مصالحها الاجتماعية في الحرية والعدالة والتحرر، وهذا التحول مرتهن بقدرة التشكيلات السياسية والمدنية في تكوين وتمتين جذورها الاجتماعية ،وعلى بناء ذاتها موضوعياً على قاعدة الممارسة الديمقراطية التي يشكل فيها المثقف القاعدة الأساسية لنشوء وتطور هذه التشكيلات ، وإلا فإن الطلاق بين السياسية والثقافة باق ٍ .
وكما نوه الأستاذ عطية مسوح فإن الثقافة بلا سياسية خيال والسياسية بلا ثقافة عمياء ، فإن ما نحتاج إليه لتطوير وتفعيل الممارسة السياسية هو التأسيس الجديد للسياسية المرتكزة على المشاركة الديمقراطية للمثقف الملتزم بقضايا الإنسان والوطن . وحيث أشار الدكتور طيب تيزيني إلى ضرورة البدء بتطوير الممارسة الثقافية والفكرية من خلال مأسستها ، فإن نقطة الانطلاق في مأسسة الممارسة المعرفية المنتجة للفكر السياسي النظري تحديداً تكمن في تشكيل ورش ثقافية تفكّر في آليات منهجية لتجاوز الإشكاليات والتناقضات الواقعية الراهنة في سياق تطوير وتفعيل الممارسة السياسية وتوسيع وتعميق دائرة الإنتاج الثقافي والعمل على توسيع الحاضن الاجتماعي المهتم بالثقافة ، والرافع بذات الوقت للمشاريع الثقافية الاجتماعية على قاعدة ( بداية الفكرة عمل ونهاية العمل بداية الفكرة) (ابن رشد ) .
وهذا يفترض التأكيد على أهمية بقاء الفكر في ميدان الممارسة السياسية لأن خروجه من ساحة الفعل والممارسة يعني نهايته الوجودية ، ومن الضروري ربط الفكر بالعمل والعمل بالفكر على قاعدة التعدد والتنوع الديمقراطي في سياق مواجهة التناقضات الذاتية والموضوعية الناتجة عن المفاعيل الموضوعية لأشكال الممارسة السياسية السائدة والمسيطرة .
إضافة إلى ما ذكرناه من تناقضات فإن المثقف عموماً و العلماني بشكل خاص يقع في المرحلة الراهنة بين سندان تنامي ظاهرة المد الأصولي السلفي ومطرقة تضخم السلطة التي يعمل أطرافها الرئيسيين على تحويل الفرد إلى أداة في ماكينة عملها السلطوية ، وعليه فإن من الأهمية بمكان التأكيد على إبراز ضرورة المثقف العلماني في سياق عمل جمعي ، ورشي منهجي يساهم في تحديد الأزمات الراهنة و أشكال تجاوزها . ومن الواضح حتى الآن بأن المثقف المرتكز على قاعدة الفكر الماركسي بمختلف تبايناته الوطنية الديمقراطية خير ممثل لمصالح الفئات الاجتماعية المضطهدة . وتكمن أهمية المثقف الملتزم بمصالح مجتمعه ، بقدرته على قراءة الواقع المتغير وتحديد أشكال الفكر السياسي الاقتصادي الاجتماعي المتجاوز لتناقضات التحولات الراهنة ، ومن هذه الزاوية فإن ما يطرأ من تغير على الفكر الماركسي يمكن اعتباره تحولاً موضوعياً نتيجةً لتغير الشرط التاريخي الموضوعي ، لكن بشرط أن يبقى هدفه الأساس تحقيق مصالح المتضررين من تناقضات النظام الرأسمالي العالمي وتجلياته وتعبيراته المحلية .
وضرورة الثقافة لا تكمن فقط في التأسيس الموضوعي للممارسة السياسية ، بل في نقل الممارسة السياسية القائمة على العنف والاحتكار والبراغماتية الانتهازية... إلى فعل وممارسة سياسية ترتكز على قيم أخلاقية تكرس المصداقية وتتجاوز الفكر الأحادي و أمراض الأنا الشخصية المتضخمة في سياق تكريس التعددية الديمقراطية ،والتحرر الذهني من التابوات المغلقة والمتحجرة والجامدة وصولاً إلى التحديد الموضوعي للتغيرات والتحولات الاجتماعية ، والتي من خلالها يمكن رسم أشكال إنجاز المهام المجتمعية بمفاعيل وطنية ديمقراطية تؤسس لموقف معرفي وسياسي من السلطة السياسية بكافة أشكالها وتجلياتها .
وتتجسد ضرورة المثقف الملتزم بقضايا مجتمعه ومهامه الوطنية والديمقراطية في دفع القوى السياسية في سياق التعاون والتنسيق المشترك والمتبادل، إلى الممارسة الديمقراطية ، والاعتراف بالاختلاف والتباين في إطار الوحدة والتحالف لتجاوز الفكر الأحادي المولد لأشكال الممارسة الاستبدادية ، والابتعاد عن الممارسة الفكرية التعميمية للانتقال إلى ضبط المفاهيم معرفياً و موضوعياً لتكون تعبيراً عن واقع متعيّن ومحدد يُفترض تجاوز تناقضاته على قاعدة التأسيس النظري المعرفي الفكري المتلازم جدلياً بالممارسة السياسية الديمقراطية العلمانية التعددية المدنية.
================================================






#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع السوري تحت خط الفقر
- آفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في ظل العولمة
- إضاءات على حقوق المرأة
- الثقافة والسياسة
- التحولات الاقتصادية والطبقية في سوريا
- بخصوص توضيحات هيئة الحوار
- إشكالية المرأة في المجتمعات المتخلفة
- الإعلام الرسمي العربي
- من أجل توحيد اليسار العراقي لبناء الدولة الديمقراطية
- العلمانية
- ظاهرة التضخم
- المعارضة السياسية بين الأنا ووهم الممارسة
- الوطنية في سياقها المفاهيمي والسياسي
- الاقتصاد السوري : على هامش مؤتمر اتحاد العمال
- التناقضات النظرية والسياسية في أشكال الدولة الفلسطينية
- إشكالية الوعي الشبابي
- الأزمة في تجلياتها السياسية والاقتصادية/ تعقيب على نتائج الل ...
- جدلية العلاقة بين الداخل والخارج
- ناشطو مناهضة العولمة في سوريا :واقع وآفاق
- ما العمل


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - جدلية الثقافة والسياسة