أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - الكابوس














المزيد.....

الكابوس


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 2317 - 2008 / 6 / 19 - 07:52
المحور: الادب والفن
    



لا..لا
لستُ وليد الرامي بأيِّ حالٍ من الأحوال. كلّهم بما فيهم أمي التي تملكُ ذاكرةً تشبهُ آلةَ التسجيل يقولون بل ويؤكِّدون أنني هوَ. كلّ ذلك لم يكن مهمّاً أهمّيةَ أنني لستُ هوَ. ذلك الإنسان الذي توافد الجميعُ إليه كي يُلقوا عليهِ نظراتهم المغموسة بالفرح الطفولي. إسمي وليد عبد السلام الرامي [ لاحظوا التشابه المحض ] لا أعرف إن وُلدتُ في غزة كما تقولُ أمي. أو في رفح كما يقولُ أبي وتدعمُ مقولتهُ عمّاتي السبع. ولكن.. هل لكلِّ هذا علاقةٌ بما حدث في اليومين الماضيين؟
لم تكن هذه الزيــارة من المصادفة في شيء بقدر ما كانت تحوُّلاً مفاجئـاً في خطّةٍ فاشلةٍ أو تكاد. لم أشأ الخوض في التفاصيل. لكني أبدو من دونها كمن يحاولُ فصلَ نقطةِ حبرٍ تفرّقتْ في بحيرةْ.
في داخلي بعيداً حيثُ لا أحدَ ولا قاع. لم أشعر أنني مباحٌ كإعلانٍ ضخمٍ في شارعٍ عام قدر شعوري بذلك الآن. مُباحٌ للهواءِ والذِّكرى. لكلِّ العيونِ التي رتَّبتُها داخلي خلال السنوات الخمس. بل ولم تراودني رغبةٌ في تقيُّؤِ هذا الحاضر الذي يحاصرني كما تلحُّ عليّ الآن وبشكلٍ مستفزٍّ وقاسٍ إلى أبعدِ من حدودِ هذا العالم النيِّئ.
شيءٌ واحدٌ يبدو واضحـاً في هذا الضباب وضوح بقعةٍ في صدرِ ثوبٍ أبيض: وهو أن سناء نعم سناء بعينيها اللتان تشبهان مِجسّ!ات الصواريخ هي التي أحدثت هذا التناقض الضرير في أحاسيسَ لم أُقدِّر يوماً أنني أمتلكُها بمثلِ هذه الرهافة. تخرجُ من بين أسنان الليل لترجمَني بسؤالٍ تآمرتْ معها اللغة كي تصيغهُ حبالاً لا فكاكَ منها. لأنني ببساطة لا أملُكُ إجابةً له.
كلُّ شيءٍ له طعمُ القيءِ الحامض. أمعائي لصٌّ مُحاصَرٌ يجاهدُ للهرب. أفكاري جحرُ نملٍ أغرقَهُ المطر. ذاكرتي تفسخُها صورةٌ ما..
سناء كانت تحاصرُني. تملأُ رفَّ الكتب. زخارفَ مفرش السرير. صور الجدار. تكَّات الساعة. ضُلَفَ الشُّبّاكْ. لماذا تصرُّ على الحضورِ بمثلِ هذه القوّة؟
قالت كلمتها في وجعٍ وانصرَفَتْ تاركةً صفيراً ينقُرُ طبلةَ الأُذُنِ مباشرةً:
ــ لستَ وليد الرامي
هل كنتُ بحاجةٍ لمن يفجِّرُ هذي البالونة؟. كيف اكتَشَفَتْ ما قالتْهُ ولم تلتَقِ عيوننا أكثر من لحظةٍ هي المسافةُ بين الضغطِ على المفتاحِ واشتعال الضوء؟.
كان قليلاً من التردُّدِ يلبسُني بمجرّدِ أن خطوتُ خطوتي الأولى إلى داخلِ الشارع. كنتُ مدفوعاً إلى درجةِ الهَوَس والإشتعال لأعبَّ كلَّ شيءٍ بنظرةٍ واحدة. كنتُ خائفاً من عيني أمي تحديداً. كنتُ لها فيما مضى كتاباً مفتوحاً مقروءاً دون عناء [أمي لم تكن تقرأ سوى فناجين القهوة] كانت تجيدُ نبش الذاكرة كما تجيدُ عدَّ أصايعِها. لم يخطر لي أن صغيرتي سناء سوف تكونُ مأساتي. أعترِفْ: لستُ ممن يجيدونَ تجليدَ وجوههم كما أعترف أنني لستُ وليد الرامي.
ماتَ وليد قبل ستة أشهر وثلاثة عشر يوماً بالضبط. أذكر ذلك كما أذكر ما كتبتُ في السطر السابق. بل لم تغِب عن تجاعيدِ ذهني تلكَالحادثة. ظلّتْ تركبني كملاكـــيّ التسجيل. تلاحقني أينما مضيت. تتحلّلُ لتصبحَ حلماً أو على الأصح كابوساً إذا جاء الليل. خالد.. كان هذا الكابوس الأزليّْ. كان خالد و مازال تلك الصورة التي تشهرُ أظافرها في وجه الذاكرة. وتعضُّ كلَّ لحظةٍ تجرُّ النسيانَ من ذيلهِ.
تفاصيلُ الحادثة ليست مهمّةً كثيراً. الأهم أن نتيجتها كانت العثور على خالد معلّقاً في زنزانتهِ وعلى وجهه قوسُ قُزح.
ستة أشهر وثلاثة عشر يوماً تنخرُ هذه الحادثة عظامي كما السوس الذي فضحَ سليمان عند بناء الهيكل. سناء لم تكن من الجان. وأنا لم أكن رسولاً. ولا أملكُ خطةً لهيكلٍ قادم.
على كلِّ الأحوال فإنّ مطلبي لا يتجاوز تسليم هذه الأوراق لسناء.
أما أنا.. فلن يغفر لي غير خالد نفسه.



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلا قليلا
- كما تتغير الخيول
- عن سيجارة في منفضة
- فراغ في الخارطة.. فراغ على الخارطة
- الدول والشعوب والطوائف والديانات والمذاهب في التاريخ الفلسطي ...
- الدول والشعوب والمذاهب والديانات والطوائف في التاريخ الفلسطي ...
- يؤلِّفُ أُفُقاً ويُضِيْؤُهُ
- كأي شاهد قبر


المزيد.....




- توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف ...
- كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟ ...
- شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي ...
- رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس ...
- أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما ...
- فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن ...
- بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل ...
- “حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال ...
- جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
- التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!


المزيد.....

- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - الكابوس