أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - بيت في الأثير - الفضاء السادس















المزيد.....

بيت في الأثير - الفضاء السادس


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2314 - 2008 / 6 / 16 - 10:26
المحور: الادب والفن
    



الفضاء السادس - عودة سيدة المقام

-1-

هل طرتِ من فوق الجبل, وهبطتِ على صدر البحر هناك؟
لِمَ لم تأخذكِ الريح إلى حيث الذين يمضغون الوقت اشتياقا وحنين, أم تراكِ تزودت ِمن الجبل بعض زاد من مكابرة على ألم الجراح, فأجهضوا ما فيكِ من تقاسيم العذاب
هل يضئ الشوق قنديلا يسبح بين هامة الجبل وجلد البحر,لا تسلخي جلدي الذي شاخ بأسواط الفراق.
ها هي الدنيا بين صبح ومساء, والحكايات فاكهة تنضج على نار الفراق. فعودي واقتربي, وإن شئتِ عودي واغتربي, وابحثي يا زهرة الوقت عن مواعيد تفتح النوار فيكِ, فأنا ما زلت على الرصيف أحملكِ في صدري أنتظر قيام الرحلة
فهل يأتي القطار..
***
-2-

لذتُ بكِ منكِ.وسكنتكِ امرأة وطن.ورأيتكِ مرسومة في دمي.. رأسك يتوسد شمال البلاد..قدماك مزروعتان في أرض صحراء النقب, وأنا أجوب تضاريسك أبحث فيك عن حكاياتي, أقرأ ما انطبع على جلدكِ من عذابات المشاوير وأعيش أجنداتي المريرة.
أتوقف عند إشارات العبور إليك.. أبحث فيك عن نبع ماء ينفجر فيَّ.. يأخذني من جفاف عطشي الأزلي.. ألعق الدمع من مقلتيك قبل أن ينهمر.. تزهر في صدري وردة شوك..
أرأيتِ لا مفر إلا أنت.
وأنت الغائبة في البلاد البعيدة, تقطعين الوقت مثلي على خبز الجفاف, وتمارسين لعبة الناقة تجتاز رمال الربع الخالي بلا شحم سنام, تتزودين بالعطش حتى الثمالة.
لِمَ يا سيدتي غادرتِ المساحة. لِمَ يا سيدتي ابتعدتِ إلى خارج مدار المسافة, والمسافة يا سيدتي هي أنتِ
وأنتِ رأسكِ في شمال الأرض يتجلى مع ترانيم زيتون الجبل, قدماك مزروعتان في رمل صحراء النقب..

***
-3-

أنا هنا سرقت المعابر خطواتي.. أوصدت البوابات عليَّ, وأنتِ لي هناك.
وهناك يا سيدة الفصول حضن البحر.
والبحر مائي المطرز بالموت، أرنو إليه, يجرحني جلدي المقرح.ارصد طباع الأسماك الراحلة أرسم قصتي على أطراف زعانفها، فأرى في عيونها المفتوحة هول الفجيعة.
من قال أنكِ قد وقعتِ في شباك الصيادين قبل أن تصلين الشفق, حيث قرص الشمس يلقي هم النهارات إلى نومِ مريح..
إنها زعانفي الطفلة الموشاة بإرجوان دمي لا تضل الطريق.. أم أنه الوقت الذي نأت فيه بيننا يا سيدتي الفصول.
وأنا هنا مازلت أنتظر عند بوابات المعابر للمرور إلى امرأة لي هناك, ترقص على نار الشفق.. صائمة عن النوم بانتظار وسادة حلم يأخذها نوم مريح.
أنت هناك..وأنا هنا..نلوك أطراف الحكاية..أما آن لنا أن نستريح

***
-4-

لا ضوء في غزة, لا عود شمع.. لا سراج, ليل في النهار وليل في الليل, العتمة شرشت في الزوايا..افترشت كل الطرقات.
تاهت المواعيد يا سيدتي إلا من مواعيد الضوء, الذي إن أتى يأتي مع القادم جودو "الكهرباء"
هل سمعت آخر الأخبار!!
العصافير في غزة أخذت قراراً جماعياً بالانتحار, ربما يأخذك الهول.. ربما تسكنك الدهشة، تسألين عن مبررات القرار.. لا ضوء يطرق أبوابها..يرفع النعاس عن أجفانها, لا حَبَ في الطرقات، ولا سنابل ينضجها هجير الصيف, لا كسرة خبز, لا حليب, لا غناء, ولا شوق انتظار..
ربما يأخذك الحنق.. ربما تصرخين غضبى :
- ما الذي في غزة إذن؟
- لا شئ غير جنون الانتظار
والانتظار هنا موت, فهل في الموت انتصار, تخرج جموع الناس تطلب خبراً, تتجشأ البنادق حشواتها.. تتخلص من بعض نجمات..سقط الناس بين قتيلِ وجريح, تصدح الإذاعات.. ترفع الرايات للقاتل والقتيل.. تهزج غزة بأهازيج الذهول.
كل من غاب شهيد.
كل من حضر شهيد.
كل من توارى عن المشهد, يشهد على عبث الشهادة انه فعل الجنون..
هل أدركت الآن يا سيدتي سر العتمة في غزة.
لا ضوء في غزة.
لا أصبع شمع, ولا حتى سراج.
نَضب الزيت وجفت شرايين الفتيل.. وغاب الضوء عن جفن القتيل.
ليل في النهار وليل في الليل.. أسود صار دمي

***
- 5 -
ذات مساء
كنا على ربوة نركب البحر، نحتسي الشاي، بعد أن نالت منا المواعيد، وتزودنا بوصايا زيتونة الكرم العتيقة.. قلتِ:
- هل نتفق على لغة لنا.
ذاك المساء كان البحر امرأة راغبة قلتُ:
- قاموسنا بدأ بالبياض وينتهي إليه يا سيدتي
أخذتِ كعادتكِ المبادرة:
- وما الأبيض أيها النورس العجوز؟
- نبض لا يخادع..
طبعت وجهكِ على وجهي، وانطبقت عيناكِ على عينيَّ.. صار الوقت بيننا فضاء من أثير, وتلون ماء البحر بشبق الرغبة.. همستِ على بحة راجفة:
- وما الأسود إذن..؟
- هو الضد المراوغ، يقتل الألوان، يذهب بالطيف إلى العدم.. يصعب القبض عليه.. يصعب الإفلات منه
سرحتِ إلى صدر البحر.. كان القمر يضحك في مخمل الليل، وكانت الرغوات بيضاء لامعة على قمم الأمواج تسبق المد إلى الشاطئ.. لكنه الجزر بعد المد قدر, والرمل اسفنجة عطشى. هتفتِ:
- هل رأيت؟
كان رمل الشاطئ يشرب آخر روح الموجة، تاركاً الرغوة زبد هباء.. قلتُ:
- بل عرفت..
مر عام يا امرأة..
وأنا على الربوة أبحث عن قاموس بدأناه سويا.. لكنه القمر عن غزة غاب, والعتمة صارت سيدة الوقت والبحر امرأة مرجومة، شقوا رحمها, قتلوا الأبيض الذي ينبض فيها..هل يحملها النورس يوماً إلى منارة عسقلان.
مر عام وأنا على الربوة انتظر عودة سيدة المقام.



#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيت في الأثير - الفضاء الخامس
- بيت في الأثير - الفضاء الرابع
- بيت في الأثير - الفضاء الثالث
- بيت في الأثير الفضاء الثاني
- بيت في الأثير - الفضاء الأول
- رسائل الزاجل الأسير إلى السماح عبد الله
- بحيرة الأميرة البيضاء - 7 - الأخيرة
- بحيرة الأيرة البيضاء - 6 -
- بحيرة الأميرة البيضاء - 5 -
- بحيرة الأميرة البيضاء - 4 -
- بحيرة الأميرة البيضاء - 3 -
- بحيرة الأميرة البيضاء
- بحيرة الأميرة البيضاء - 1 -
- مقامات غزية - 7 -
- مقامات غزية - 6 -
- مقامات غزية - 5 -
- في مقام غزة - 4 -
- مقامات غزية - 4 -
- في مقام غزة - 3 -
- مقامات غزية - 3 -


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - بيت في الأثير - الفضاء السادس