أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سهر العامري - واقع التعليم في العراق والوزير ملا خضير















المزيد.....

واقع التعليم في العراق والوزير ملا خضير


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2281 - 2008 / 5 / 14 - 11:06
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


لقد أصيب التعليم في العراق خلال الفترة التي أعقبت الاحتلال الأمريكي له بنكسة خطيرة تجلت في نواحي كثيرة منه رغم أن المدرسة العراقية كان مشهودا لها دوما بالنجاح حتى في فترات الشح المالي التي كان عليها العراق في مطلع الخمسينيات من القرن المنصرم على سبيل المثال . وعلى الرغم من قلة انتشار المدرسة في تلك الفترات لكن المضطلعين بالعملية التربوية وقتها كانوا يدركون أهمية المدرسة بالنسبة للفرد وللأسرة العراقية خاصة وأن المدرسة العراقية في النشأة تعد من أقدم المدارس على وجه الأرض قاطبة ، ولهذا شد الكثيرون من الناس قديما إليها الرحال ، ومن مختلف الأقطار البعيد والقريبة للتعلم فيها ، ومدرسة بهذا الإرث الحضاري لابد أن تكون قد اكتسبت خبرة جلى في الدرس والتأثير الاجتماعي .
لم نعرف نحن الذين تربينا بين جدران هذه المدرسة من أن كتب المنهج الدراسي على تواضعها كانت تطبع في إيران ، ومن ثم تحمل الى العراق كي توزع على المدارس فيه ، مثلما فعل وزير التربية الحالي ، الملا خضير الخزاعي ، الذي يتحول في أيام عاشوراء من وزير الى ملا ينعي من على المنبر الحسين عليه السلام وأهل بيته في مجالس العزاء التي تقام في المنطقة الخضراء ، ولهذا السبب بالذات أطلق عليه المعلمون والمدرسون العراقيون لقب ملا خضير مثلما نقل لي واحد منهم ذلك ومن العاصمة بغداد .
وعلى هذا يكون التدهور المريع الذي يصيب مجمل العملية التربوية مفهوم العلة والسبب ما دام الملا خضير يريد أن يعد مناهج خاصة بالسنة من أهل العراق ، وأخرى خاصة بالشيعة منهم ، وثالثة بالصابئة ربما ، وفي مأساة من الدمار لم يشهد العراق مثيلا لها في تاريخه الحديث ، مأساة صار العراقي فيها لا يمكن أن يكون معلما أو مشرفا تربويا ما لم يكن منتميا الى حزب طائفي كحزب الدعوة الذي ينتمي له الوزير الملا ، وعلى هدي من سياسة حزب البعث التي عانت منها المدرسة في العراق كثيرا . صار الطالب العراقي يقرأ كتابا مدرسيا طبع للمرة الأولى خارج العراق بهدف يقصد من ورائه الإساءة الى إرثنا الحضاري في التعليم ، مثلما يقصد من ورائه الإساءة الى مدرستنا العريقة التي تخرج فيها أغلب علماء الفرس قديما بدءً بسيبويه وليس انتهاء بأبي بكر محمد بن يحيى بن زكريا الرازي الذي ولد في الري ودرس الطب ببغداد.
تمر المدرسة العراقية اليوم بحالة من التراجع في البناء المدرسي حيث لازال الطلاب العراقيون ، وخاصة في الريف ، يدرسون في بنايات لا تليق بإنسان أن يجلس بها ، فقد شيد هذا البناء من الطين وبأيدي ذوي الطلبة في أغلب الأحيان ، هذا في الوقت الذي تحقق فيه ثروات العراق زيادات كبيرة في مداخيلها نتيجة لارتفاع سعر برميل النفط الذي تجاوز المئة والعشرين دولارا ، وليس نتيجة لجهود حامل الدريل ووزير المالية الحالي صولاغ . وكان المفترض أن يُلتفت ببعض من هذا الثروات المتعاظمة الى المدارس في الريف وعلى وجه الخصوص المدارس التي تشاد من الطين والقصب في أهوار العراق الجنوبية ، تلك الأهوار التي صنع من مأساتها الحاكمون اليوم أغنية حزينة وقت أن كانوا يفرشون الأرصفة في دول الجوار زمن المعارضة ، ويشهرون سيوف الخشب والقول من بعيد على صدام ونظامه .
ولا أراني بحاجة الى بسط جميع أوجه مأساة المدرسة العراقية هنا ، والتي تتمثل بزحام الطلاب في الصف الواحد ، في انعدام المرافق الصحية ، في تخلف المنهج الدراسي ، في قلة رواتب المعلمين والمدرسين رغم الزيادات الطفيفة التي شرعت أخيرا ، في عدم توفير الوجبات الغذائية للطلاب خاصة الفقراء منهم ، فالطلاب في الأرياف كانوا يتناولون وجبة غذائية في اليوم زمن نوري السعيد أيام الخمسينيات من القرن الفائت ، فعلام لا يتناولون هذه الوجبة الآن ، وفي هذا الظرف القاسي الذي يمر بالعراق اليوم ؟ فلا يجوز لحاكم مأجور وعضو برلمان فاشل أن يشتري القصور والبيوت في عواصم الدول وأطفال العراق يبحثون عن لقمة يسدون الرمق بها في مزابل المدن ! حتى صار مثل هؤلاء الحكام مثل أبو سفيان وهو يهرول وراء الخليفة عثمان بن عفاف صائحا بالأمويين أن يتلقفوا السلطة ، قائلا : ( تلقفوها تلقف الكرة فو الله ما جنة ولا نار.)
سأنقل هنا للقراء ما كتبه تقرير صادر عن السفارة الأمريكية الحاكمة في العراق والمطلع على شؤون وزارة التربية العراقية أكثر من وزيرها أبو الياس الملا خضير ، يكتب التقرير ( ملف وزارة التربية مليء بقضايا الفساد التي تبحث عمن يرد حق الطلاب إليهم إذ أن هناك مشاريع مزيفة لتشيد مدارس لا يجري بناؤها، والمفتش العام في الوزارة تحول إلى حارس يحمي الفاسدين.)
أما الشاهد الآخر على الفساد الذي يجتاح وزارة الملا خضير فهي شهادة أمل القاضي عضو لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي حيث تقول في شهادتها تلك الآتي : ( إن التقرير الصادر عن ديوان الرقابة المالية للسنة الماضية أكد أن المبالغ التي خصصت من البنك الدولي لإقامة مشاريع بناء المدارس وطبع الكتب المدرسية الحديثة صرفت على شكل مكافآت مالية في وزارة التربية.)
ومضت تلك السيدة لتقول : ( إن كفاءة التعليم في العراق تراجعت بشكل كبير، بسبب الوثائق المزورة التي صدرت عن وزارة التربية وبلغت أكثر من 500 وثيقة، مؤكدة أن النساء شكلن نسبة كبيرة ممن يقومن بعمليات التزوير. )
هذا في الوقت الذي أدلى به عدد الأكاديميين والباحثين في مجال التربية والتعليم بآرائهم في هذا الصدد حول استشراء الفساد المالي والإداري في وزارة التربية والدوائر التابعة لها ، وذلك خلال المؤتمر التحضيري للجنة التربية والتعليم في مجلس النواب الذي عقد أمس ، الاثنين ، ببغداد . وفي وقت لم يحضر فيه ذلك المؤتمر ( أي ممثل عن وزارة التربية العراقية لجمع البيانات والمعلومات باللقاء المباشر مع الأساتذة والمختصين في التربية والتعليم للإعداد لمؤتمر عام موسع مع ممثلي رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ، فضلا عن ممثلي وزارة التربية والتعليم العالي العراقية لإصدار قرارات مهمة تغير من واقع التعليم في العراق.) مثلما ورد ذلك في الأخبار .
وتذكرة للسيد خضير الخزاعي أقول : إن الأمريكان حماة الدار في العراق اليوم قد قاموا بمراجعة جميع خططهم التي تتعلق بالمدرسة الأمريكية ، وبالعملية التربوية الجارية فيها وذلك حين ارتفع في الفضاء القمر الصناعي السوفيتي ( سبوتنيك ) في سنوات الخمسينيات من قرننا الراحل ، وقد أقنع هذا النجاح المبين للمدرسة السوفيتيه وقتها رجال السياسة والتربية في الولايات المتحدة بضرورة إجراء تلك المراجعة المهمة . وهذا ما يعكس الدور الخطير الذي تؤديه المدرسة في الدول المتقدمة صناعيا ، وفي عموم الدول الأخرى.
وعلى ضوء من ذاك يجب أن يعي الوزير ذاته أن الإدارة الأمريكية ، التي تدير العراق من سفارتها الجاثمة على ضفاف دجلة ، لا يمكنها أن تتعايش مع وزير يريد أن يدمر خطط تلك الإدارة فيما تراه هي مناسبا للمدرسة العراقية في ظل الاحتلال ، وليس ما يراه هو ، فهي والحال هذه ستنظر الى ذلك الوزير وكأنه حجر عثرة يقف أمام مخططاتها في بسط الأساليب التربوية السائدة في المدرسة الأمريكية على المناهج التربوية في العراق ، لأن الأمريكان يرسمون خططا تربوية تمتد على مدى عشرين سنة قادمة وربما أكثر ، وذلك حين يقيمون أي صرح تربوي في بلادهم ، وهم ، على هذا الفهم ، لا يأخذون بحجة وزير يرى أن وجوده في وزارة التربية جاء على إثر عملية انتخابية ، وينسى في ذات الوقت أن تلك العملية الانتخابية جاءت بمجملها على ظهر الدبابة الأمريكية . ولولا تلك الدبابة لما جلس الملا على كرسيه في تلك الوزارة . ولي في نهاية كلامي هذا أن أقدم النصح للملا خضير أن يعود الى المنبر الحسيني مازال هو يجيد الركوب عليه ، ويستطيع أن ينوح وأن ينيح الآخرين من فوقه .!



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ريكس الكلب الذي شمّ الحكومة*
- الإخفاق الأمريكي في مؤتمر الجوار العراقي بالكويت
- بعد أن وضعت صولة الخرفان أوزارها
- بوش وصولة الخرفان
- هبة فقراء العراق
- رحلة في السياسة والأدب (2)
- في الذكرى الخامسة للحرب على العراق : مجزرة ويأس
- رحلة في السياسة والأدب(1)
- من نوادر التراث (3)
- من نوادر التراث (2)
- من نوادر التراث ( 1 )
- الجواهري وسقط المتاع !
- سيد هادي
- مدن وشعراء
- رحلة الغزال الى الدنمارك
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد 15
- عن المعارك الدائرة في مدينة الناصرية !
- العراق فی تقرير للمخابرات العسكرية الدنماركية !
- الكلب المسعور يطوف في المنطقة العربية !
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد 14


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سهر العامري - واقع التعليم في العراق والوزير ملا خضير