أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوزجان يشار - -العفريت والمحيط- من مذكرات الكاتب التركي -عزيز نيسين-














المزيد.....

-العفريت والمحيط- من مذكرات الكاتب التركي -عزيز نيسين-


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 2275 - 2008 / 5 / 8 - 04:32
المحور: الادب والفن
    



ترجمة: أوزجان يشار

غالباً ما يسألوني " كيف تكتب كثيراً هكذا؟"

يقولون أن لدى بعض الفنانين محيط ينفس الفن في أرواحهم. عندما أتذكر هذا المحيط أذكر فتاة تشبه حورية الماء يكون جزئها الأعلى لفتاه وجزئها الأسفل لسمكة – إنها طائرة من أسفل أما جزئها الأعلى فهو جمال أخاذ وخلاق يكسوه شعر ذهبي. هذا الطائر النصفي والبنت من النصف الآخر يهمس إلهاماً في أذن الفنان حينما تمد يديها على كتفه. إنها تعطيه النسخة .

ليس لدي محيط إلاّ أنني أمتلك عفاريت وساحرات وشياطين ملهمة، هذه التي أمتلكها ليست نصفها طائر ونصفها الآخر لفتاة بل أن عشرها آدمي والباقي حيوانات غريبة، إنها لا تقعد على أكتافي ، إنها تتسلق على ظهري ، أستلقي تحتها بالدم والدموع، متعباً ومرهقاً . ليس لدي عفريت واحد ولا ساحرة واحدة بل لدي العشرات والعشرات. في حالة أن تظهر اثنتان منهما، يصعد إلى ظهري ثلاثة غيرهن .

إن لديها جمال لا يضاهيه جمال، بيد أن الساحرات والعفاريت بقبحٍ لم أر مثله.

إن الجنية دائماً تداعب وتلاطف والعفاريت تهاجم والقوارص تعض.

الجنية الإلهامية تهمس في أذن الفنان عندما تقعد على كتفه . إنها تلهمه .

إن الساحرات والعفاريت والحيوانات الغريبة التي هي على ظهري يرقدون علي ويتمددون في يأمروني ويرغموني ويلمنني:

أكتب ! أكتب ! لا تتوقف ! استمر بالكتابة ! لماذا تتوقف ؟ هل لك الحق في أن تنام؟ أنت؟ استيقظ- لا تجلس هكذا ! انهض بسرعة ، لن تمرض جراء الكتابة . بسسسست، تعال هنا أكتب !

إن ساحراتي وعفاريتي وحيواناتي الغريبة هن أولئك اللاتي يطالبن بالإيجار وهن اللاتي يطلبن المال ، هن من أدين لهن، هن غاياتي اللاتي لا أكل منها ولا أمل. إذا لم أكتب، ماذا عسى أن أفعل؟

في كل هذا العالم، لا يوجد شي يستلهم ويرغم الفنان للعمل مثل الحفر الموجودة في حذائه.

لو كانت ملكي وفي يدي ، سيكون عندي المجتمع الكبير للدفاع عن حقوق الإنسان ونضيف الفقرة التالية :

"إن الحق في أن تصبح مريضاً هو حق الإنسان الذي لا غنىً عنه وهو حق نهائي وطبيعي واجتماعي. كل إنسان يمكن أن يصبح مريضاً".

دائماً أحسد السعداء الذين يرقدون على ظهورهم في السرير عندما يمرضون. في حياتي التي امتدت إلى نصف قرن، لم استخدم حقي في أن أمرض حتى لو ليومٍ واحد. ذلك لأن ساحراتي وحيواناتي الغريبة، مصدر إلهامي، لن يتركوني وحيداً. إنهن حلمي بالليل وخيالي بالنهار. وهن العالم كله بالنسبة لي.

"أكتب" .

"أنا أكتب " .

"أكتب أكثر" .

فعندما أطالع المروج الخضراء مع نغمات وندى الصباح مع الشوق الدفء في قلبي أريد أن أتمدد بطول قامتي على الحشائش. لو أستطيع أن أتمشى هنالك بأرجلٍ حافية فسوف ينزاح تعب الخمسين عاماً من جهد وشقاء من قدمي.

سوف أخلد إلى راحةٍ أبدية، في يومٍ ما بطريقةٍ ما، ولكن يا للشفقة ! عندها لن أستطيع أن أدرك بأني في راحة.

عندما يسألني شخص ما "كيف يكون بمقدورك أن تكتب كثيراً؟" حقيقةً أشعر بغضبٍ لا أستطيع أن أظهره.

بعد كل هذا "هل أنا أكتب من أجل السعادة؟" أنا مرغم لذلك ، فأنا في ضيقٍ وشدة .

ولكن لو قدر لي أن أولد ثانية (وهو شي لا أركن له كثيراً).

لو آتي إلى هذا العالم مرةً أخرى، فأنا لن أختار طريقاً آخر. أحب أن أكون متعباً وأن أسير على ذات الدرب. بنفس ذات الإحساس المجهد و بنفس التعب الممزوج والمغمور بالسعادة لهذا العمل.

لو أكتب بأنماط مختلفة وصور روائية مختلفة وأن أعالج موضوعات مختلفة، أعتقد أن هذا كله بسبب عيشي مع أناس مختلطون، بمستوياتٍ مختلفة من مجتمعنا ويشكلون دوائر مختلفة. حسناً هنا بعض الأعمال التي قمت بها حتى الآن .

بائع متجول وراعي وعسكري ومحاسب ودهان وعامل في قسم الأخبار وأمين مستودع ومدرس خصوصي ومصور فوتوغرافي وكاتب وعامل في صحيفة وبائع في بقالة ومتهم (هذا عمل أيضاً من أصعب الأعمال) وبلا وظيفة (وهو الأصعب من بين كل الوظائف أن تكون بلا وظيفة) وماسح ورنيش أحذية وحلاق وأعمال أخرى.

إن ذاكرتي ليست جيدة. أعرف تماماً أن هذه الوظائف ليس لها أدنى فائدة في حقيقتها. بيد أنه من وجهة نظر حياة كل منكم هي انعكاس لمجتمعنا والفترة التي قد عشنا فيها. . يعتريني أمل بأن هذا قد يجذب ويسترعى انتباهكم عندما أحكي لكم ذكرياتي بلا كذبٍ وبلا خداع.


ترجمة: أوزجان يشار



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا جملي الصغير
- الديك و الشادوف
- رؤية جاك ديريدا
- نوايا تقمص الشخصيات
- الحمى و الخوخ الأخضر
- فضلات المدن و التعامل معها
- و مضات من حياة ديكنز
- الكأس الأخير
- رهاب الحديث امام الجمهور
- يا سكان الأرض اتحدوا..!
- بيئة العمل و المخاطر المهنية
- ثائر ليبرالي ام مصلح اجتماعي
- الكلور الحارس الغادر
- لحم البشر و آداب المائدة
- الغيرة بين شارلوت وياسمين
- توم هانكس مبدع يمتطي الصعاب
- المياه محور الصراع القادم
- القرآن وماكينة الخياطة
- ومضات من حياة فولتير
- الطبيب و المقبرة


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوزجان يشار - -العفريت والمحيط- من مذكرات الكاتب التركي -عزيز نيسين-