أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر بيبو البابيري - حلم في حضرة البشر














المزيد.....

حلم في حضرة البشر


عامر بيبو البابيري

الحوار المتمدن-العدد: 2263 - 2008 / 4 / 26 - 05:44
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

خلقتُ مشوها و وعيت و انا استند على راحتَيَّ و ركبَتَيَّ.. كل حركة اقوم بها تشبه حركة (دابة) او أي حيوان آخر يمتلك اربعة اطراف!. اليوم لم اعد اخجل من عوقي. فعمري يقترب من عقده الرابع وقد حاولت مرارا نسيان كلمات الاطفال السامة و تَعالي ضحكاتهم الساخرة مني عندما اهم بالحراك، فقد كانت تبعث في نفسي الجنون و تجعلني اجدف على من صنعني بهذه الحال.. كثيرة هي الليالي التي حلمت باني استطيع المشي و الركض و باني امسك بكل من انتقص مني فأشبعه ضربا حتى الموت!. لكم اكره ان أصحو، فمن خلال غفوتي اشعر باني رجل شبه مكتمل لا ابدِل ما انا عليه بعرش الملائكة و لا ينقصني شيئٌ غير واقع بسيط!.. لا استطيع ان احصي كم مرة احرقت ملابسي الرثة و الممزقة و ارتديت في منامي اجمل الثياب و اصطحبت احلى صبايا الحي ومشيت معهنّ في كل طرقات مدينتي الغافية.. كم كانت الغبطة ترتسم على وجهي و أنا في ذلك الحلم الجميل و تجعلني امقت ان اصحو على صوت والدتي و هي تدنو مني كل يوم و تهمس بصوتها الخافت الحنون كي لا تثير وقاحتي و غضبي اليومي.
عشت طوال عمري اترقب الكلمة الدافئة من افواه البشر كمن ينتظر شمسا خرجت من وكر شتاء قاسٍ.. لا اعلم ان كانت نظراتهم لي استعلاءً ام تكابرا ام انني لا املك جرأة المضي في الدرب الذي رسمه لي قدري.
اعترف باني لا استحق ان اكون انسان من حيث المظهر و لا يجوز لي ان اتواجد حيث هم يدبون، فكل ما كنت أقرأه في عيونهم لم يكن اكثر من رفض لي او شفقة عليّ في بعض الاحيان، كيف لا و هم لا يرون أمامهم غير كتلة من لحم مشوه شبيهة بالبشر و تبعث في نفوسهم الدهشة و القرف و الغثيان.
كم سعتهم يقولون "سبحانك الهي على ما تفعل" او يدمدمون مع انفسهم "ربما ابوه كان رجلا فاسقا زنديقا فعذبه الله بابنه هذا" مع ان ابي قضى حياته و لا زال ناسكا يستجدي مثلي رحمة و شفقة ذليلة.. فالرب حسب ما يراه ابي يمطر خيرا في النهاية مهما جلب لعباده من بلاء.. كم صعدت لذلك البعيد في خلوتي سائلا اياه عن سر ما يفعله بي.. و بحثت.. لكني لم اجد من يجيبني.. اقنعوني باني يجب ان استمر و اسلم بالقدر حتى شاب شعري بالحديث عنه، فتعلمت ان لا اتنازل للحظة واحدة عن حقي في سرقة بعضا من لحظات الحياة مثلما يفعل الجميع!.
و اليوم اجد نفسي مولعا (بالزحف) في شوارع المدينة، ادخل المقاهي و دور السينما و حانات السكارى دون ان اشعر بملل او تعب، و المضحك المبكي في الامر ان بعض الحمقى كانوا يتصورن اني ابحث عن صدقة و انا مرميٌ بين اقدامهم، فلا يترددون بين حين و آخر برمي بعض النقود امامي او ما يتبقّى من فضلات أطعمتهم!.. كنت انظر مليا في سيقان الذاهبين و العائدين دون ان اعلم اذا ما كنت احسدهم او اعجب بحركتهم التي لا ادرك لذتها و هذا ما جعلني اكره الالعاب الرياضية و العن من اوجدها، غير اني كنت في احسن حال و انا احرق الوقت الضاغط على كَتِفي و أتنقل بين المراقص المنتشرة في قلب المدينة.. اتأمل الحسناوات و هنَّ ينثرن أنوثتهنّ و جمالهن على طاولات الخمر و يُبعِدن بصخبهن و أجسادهن الجميلة شبح الوحدة الملتصق في مخيلتي فأرجع لفراشي منتشيا و احلم مرة اخرى في حلقة مقفلة لا تبتعد عن امنياتٍ غبية.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقرب
- نسيج متناسق ام خلطة نشاز؟
- تحت المطرقة
- لحظة هاربة
- نكوص 180 درجة
- تزاوج الاضداد
- عودة النبي
- سنابل فارغة
- نزوة أبدية
- الأنثى بين الواقع و الافتراض
- من وحي طرزان


المزيد.....




- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس
- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...
- ترشيح المخرج رون هوارد لجائزة -إيمي- لأول مرة في فئة التمثيل ...
- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...
- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...
- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر بيبو البابيري - حلم في حضرة البشر