أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حازم صاغيّة - صدام بين المحاكمة والإعدام














المزيد.....

صدام بين المحاكمة والإعدام


حازم صاغيّة

الحوار المتمدن-العدد: 699 - 2003 / 12 / 31 - 04:23
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


أن يُحاكَم صدام حسين محاكمة عادلة مسألة المسائل في عراق اليوم. ولكنْ خصوصاً في عراق الغد. ولولا هذه اللهفة العراقية على محاكمته في العراق بحجة ان العراقيين راغبون في مراجعة تاريخهم, وأن المحاكمة ينبغي أن تكون درساً تثقيفياً لهم, لمال المرء إلى تفضيل المحاكمة الدولية.

فالأخيرة, رغم أكلافها الباهظة, تقدم صدام بوصفه مجرماً ضد الانسانية أكثر مما تقدمه محكمة محلية, خصوصاً أن ضحاياه يتعدّون العراقيين إلى الإيرانيين والكويتيين وغيرهم. وهي تبقى, في آخر المطاف, أبعد من البيئة المباشرة التي تستثير نوازع الثأر والانتقام. كما يسعها, بسبب وسائل الاتصال الحديثة, أن توصل المعاني الأخلاقية والسياسية إلى أبعد الزوايا العراقية. وهذا ناهيك عن أن الجسم القضائي في العراق نتاج العهد الصدامي, وقبله نتاج أنظمة عسكرية حكمت البلد منذ 1958, بينما يحول واقع الاحتلال وطبيعة هيئة الحكم الانتقالي دون إسباغ كامل الشرعية على أعمال السلطة القضائية المنبثقة من التركيب السياسي المذكور. وأما التعريض بالولايات المتحدة, أو غيرها, مما يُتاح خارج العراق أكثر مما داخله فيمكن, نظرياً على الأقل, أن يقوّي مجلس الحكم ويعزز موقعه قياساً بسلطة الاحتلال.

في أي حال, وأخذاً برغبة الأكثرية العراقية, يبدو أن صيغة توفيقية محلية - دولية, تستوحي محاكم سييراليون وتيمور الشرقية, هي المرشحة للظهور.

لكن حتى هنا, يلوح في الأفق ما يثير القلق: فاستبعاد عضو مجلس الحكم, إياد علاوي, إجراء انتخابات علنية لا يُبقي أياً من الايجابيات التي تم إيرادها في معرض الدفاع عن المحاكمة داخل العراق.

ذاك أن المحاكمة السرية لا تصير, تبعاً لطبيعتها, محاكمة للتاريخ وتعلماً من دروسه. في المقابل, بدل ان تتحول المحكمة محاكمة لصدام, تغدو محاكمة للوضع الجديد الذي يدفعه التستّر(!) إلى جعلها محاكمة سرية. وأخطر مما عداه, في ظل هذا الالحاح الواسع على حكم الإعدام, ان الأمر سوف يتقلّص الى مجرد طقس ثأري.

ويُستحسن بمجلس الحكم أن ينتبه ويقلق, وأن لا ينام على حرير الترحيب الأميركي (والبريطاني؟!) بحكم الإعدام.

فالموضوع, في آخر المطاف, أن العراقيين يجب أن يضعوا وراءهم تجارب الدولة بوصفها أداة قتل, وتجارب الشرعية بصفتها ما يتأسس على الدم. والعراقيون, في مجلس الحكم وخارجه, يعلمون ان شرعية الجمهورية تأسست على دم العائلة الهاشمية, وشرعية قاسم على دماء القوميين العرب, وشرعية البعث في 1963 على دم الشيوعيين. وهذه شرعيات تستعيض عن الانجاز بالطقوس الانتقامية, كما تضع النجاح في الرمزي محل الفشل في مواجهة المشكلات الفعلية. وإذا كانت أهم هذه المشكلات الأخيرة, في حالة العراق, بناء الوحدة الوطنية, يُستحسن ألاّ يُظن أن الوحدة حول جثة بديل من الوحدة. وهذا ناهيك عن أن عملاً ثأرياً كالاعدام سيمعن في تصديع القليل القائم من تلك الوحدة. فحتى صربيا حيث يُحاكم ميلوشيفيتش وزمرته في محكمة دولية نائية, وحيث الثأرية في أدنى حدودها, صوّت الصربيون بكثافة لـ"الحزب الراديكالي" القومي الذي يقبع قائده في محكمة الهايغ (لاهاي). ومثلما التف المسيحيون اللبنانيون وراء حزب الكتائب حين قرر خصومه "عزله" في 1975, قد يلتف سنة العراق العرب وراء جثة صدام بوصفها جثة شهيد أكبر!

إن المحاكمة السرية والإعدام لن يخدما العراق, ولن يخدما مجلس الحكم الانتقالي فيه. إنهما سوف يخدمان فقط نقاد المجلس بمن فيهم أولئك الذين دافعوا ويدافعون عن أنظمة لا تنهض الا على السرية والموت.


    الحياة     2003/12/30



#حازم_صاغيّة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديانة مكافحة الإرهاب... الكاذبة
- يوم بكت نيويورك وواشنطن قال -المحافظون الجدد-: وجدناها، هذه ...
- -بالروح بالدم- نفدي من؟
- خريطة طريق إلى أبو مازن ومجلس الحكم
- نظرة الى مصاعب أن يكون المرء ليبرالياً في العالم العربي
- لماذا لم ينتفض الجنوب؟
- بؤس الاخوان, بؤس مصر, بؤسنا
- بماذا تردّ المنطقة؟
- خمس ملاحظات حول صدام الثورتين
- إلى أميركا الأخرى
- بوش وإيران والفرص المفوّتة
- تركيا : من التحديث إلى الحداثة
- نهاية الأصولية و . . . الدعوتان
- ليس لدينا ما نقول
- عفن في أميركا
- أميركا وأوروبا و... الآخر
- إنه الخليج لا الشرق الأوسط
- فصل عنصري ووصل موتي
- في عدم جواز رد الانتحار و/ أو الشهادة إلي صراع الحضارات
- أول أيار : توقعوا الأسوأ في واشنطن ، وفي شوارع العالم وساحات ...


المزيد.....




- -لم أستطع حمايتها-: أب يبكي طفلته التي ماتت خلال المحاولة ال ...
- على وقع قمع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين بالجامعات.. النواب ال ...
- الصين تتيح للمستخدمين إمكانية للوصول السحابي إلى كمبيوتر كمي ...
- -الخامس من نوعه-.. التلسكوب الفضائي الروسي يكمل مسحا آخر للس ...
- الجيش الروسي يستخدم منظومات جديدة تحسّن عمل الدرونات
- Honor تعلن عن هاتف مميز لهواة التصوير
- الأمن الروسي يعتقل أحد سكان بريموريه بعد الاشتباه بضلوعه بال ...
- ??مباشر: الولايات المتحدة تكمل 50 في المائة من بناء الرصيف ا ...
- عشرات النواب الديمقراطيين يضغطون على بايدن لمنع إسرائيل من ا ...
- أوامر بفض اعتصام جامعة كاليفورنيا المؤيد لفلسطين ورقعة الحرا ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حازم صاغيّة - صدام بين المحاكمة والإعدام