بافي رامان
الحوار المتمدن-العدد: 2253 - 2008 / 4 / 16 - 02:39
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ان سقوط بغداد و تحرير الشعوب العراقية من النظام الفاشي الاستبدادي الشمولي انتصار للحرية و العدالة و الديمقراطية و القضاء على احد اركان ارهاب الدولة ضد الشعوب ، لان الانظمة الاستبدادية الشمولية من اكبر اسباب توليد الارهاب و تصدير الارهابيين الى الدول الاقليمية و العالمية ؟لان هؤلاء الانظمة تكرس ليس فقط ارهاب الدولة و انما تمارس الارهاب بكل انواعه و اشكاله من الارهاب السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و الفكري . وتشكيل هياكل و اصنام للعبادة و تعتبر انفسهم الاله الاعلى ؟ و لابد للشعوب من عبادتهم ؟ فاذا قامت الدولة من خلال اجهزتها القمعية و الاستخباراتية بانتهاكات بليغة لحقوق الانسان في التعذيب و القتل و الاخفاء القسري و التهجير القسري و الاعدامات و التعذيب للبشر و اهدار حقوق الانسان المعروفة في الاعلان العالمي و المعاهدات الدولية ، واهدار المال العام ، و نهب اموال الشعب . لذلك تعتبر الدولة ممارسة للارهاب و راعية للعنف السياسي من خلال اشاعة الرعب و الخوف و مصادرة الحريات الاساسية . و هذا يوجب محاسبة المسؤولين عن ذلك لانها تعد من الجرائم الدولية الخطيرة . ويمكن وصف الارهاب على انه العنف السياسي اي الرعب و الخوف الذي تقوم به جماعة او افراد او شخص او دولة او منظمة لتحقيق اغراض او اهداف معينة من وراء ذلك ، و هو من ظواهر الاضطراب السياسي في العصر الحديث . و على الرغم من ان الارهاب ليس جديدا . الا انه ازداد في السنوات الاخيرة في اغلب بقاع العالم و الاخطر من كل ذلك هو قيام اجهزة الدولة في ممارسة الارهاب ضد شعوبها لتحقيق اهداف نظام حكم استبدادي ديكتاتوري على عبادة الفرد للهياكل و الاصنام ؟ فالارهاب بالمعنى اللغوي هو (( الرهبة و الرهب )): اي مخافة مع تحرز و اضطراب . و الارهاب : فزع الابل . و المعنى الاصطلاحي للارهاب : ومن خلال معنى كلمة الرهبة و الرهب في اللغة انها تعني : الخوف و الاضطراب و الفزع . و بهذا المعنى فان الارهاب هو كل عمل عدواني يؤدي الى اخافة الاخرين و تكوين الفزع و الاضطراب عندهم ، بغض النظر عن وسائل تنفيذه و نوعية الفاعل . و لكي يكون التعريف علميا لابد من ان يعتمد على اسس موضوعية و هي :
1 = ان معنى الارهاب هو ايجاد الخوف و الرعب و الاضطراب و الفزع لدى الاخرين و الابرياء .
2 = ان يقع الخوف و الفزع و الرعب و الاضطراب على برىء لم يرتكب جرما سواء كان فعل مادي او نفسي .
وبذلك يكون الارهاب فعلا يصدر من معتد على برىء يحدث له الخوف و الرعب و التعذيب و الظلم و الفزع سواء عن طريق تنفيذ اعمال العنف كالقتل و التخريب او التهديد ولاي سبب كان ، سياسيا او ماليا او دينيا او جنسيا ، او عدوانا شخصيا لاسباب نفسية واجتماعية ، وهذا الارهاب قد يصدر عن سلطة استبدادية ظالمة ، او دولة محتلة لشعب آخر او يصدر عن جماعة او فرد . وان الارهاب ليس وليد اليوم فقد عانت منه المجتمعات منذ القدم ، ولكن اصبح للارهاب اليوم طابع خاص من حيث التنظيم و التمويل مما يتطلب الحاجة الماسة الى تعزيز سبل التعاون الدولي على مختلف المستويات المحلية و الاقليمية و الدولية وذلك لمواجهة الارهاب المنظم و الفوضي سواء كان من قبل المنظمات الارهابية او من قبل الانظمة الاستبدادية ، لانه حتى المنظمات الارهابية ولدت من رحم الانظمة الاستبدادية الشمولية الارهابية ، لان الارهاب بات ظاهرة عالمية و معقدة لاترتبط بدين او مجتمع او ثقافة ؟ وفي السنوات الاخيرة وخاصة بعد العملية الارهابية في 11 سبتمبر في المركز التجاري العالمي في نيويورك اصبحت الحديث عن الارهاب و الارهابيين مادة كبيرة في الشأن العام و الخاص الدولي و المحلي . واصبح هذا المصطلح في مقدمة المؤتمرات الدولية و الاقليمية و الصحافية و الحملات الانتخابية ، و صار مادة اساسية تملىء واجهات الصحف ووسائل الاعلام و الكتب ، حيث لا تخلو لقاء او مناسبة رسمية او شعبية من الحديث عن الارهاب ، مع ذلك حتى الآن فان هذا المصطلح غامضا و مشوها في الفرق . و يتعامل معه حسب المصالح الدولية و الاقتصادية و السياسية . على الرغم ان الارهاب كان وراء اكبر الاعمال التي اثرت على شعوبها باكملها و غير مسار أسر و افراد و يتمت و قتلت و قطعت و لوثت البيئة و نهبت بلدان و استغفلت ادمغة و ابتزت الشعوب و انتهكت الحريات ، و لكن حتى الان لم يتم الاتفاق على تعريف معين وواضح لهذا المصطلح ، حيث دائما ما نسمع آراء اخرى مختلفة خصوصا في عقد المقارنات بين الاحداث في الفعل و رد الفعل ، و مقاومة القتل بالقتل ، لذلك يتم تبرير نهب الدولة المنظم من قبل الحكومات الاستبدادية الشمولية تحت ستار مكافحة الارهاب و بحجة مطاردة الارهابيين ؟ لان هذه الانظمة تعتبر الدولة و الوطن ملكهم ومن يعارض ممارسات الحكومات الاستبدادية فهو خارج القانون و مجرم و ارهابي ؟ لانه يعمل ضد الوطن حسب مفهومهم ؟ والانكى من ذلك يسمى الدفاع عن النفس و الوطن و الشعوب و الحقوق المشروعة ضد المعتدي و المغتصب و المحتل . و الحاكم الظالم ارهابا ؟ كما يسمى العمل الارهابي الذي يمارسه الاقوياء من خلال اجهزتهم القمعية ضد الضعفاء حماية للامن و مكافحة للارهاب ؟ فيتحول الضحية مجرما و ارهابيا ؟ و يوصف من يمارس الارهاب من الاقوياء و الظالمين حاميا للامن و السلام ؟ ولكن الاختلاف في تعريف الارهاب بين الدول و المجموعات راجع لاختلاف اذواق الدول و مصالحها و ايديولوجياتها . فكل نظام او دولة تفسر الارهاب بما يلائم سياساتها و مصالحها سواء وافق المعنى الصحيح للارهاب او خالفه تماما لاجل ذلك تجد عملا يقوم به جماعة من الناس او منظمة او حزب او افراد يطلق عليه انه عمل ارهابي ؟ و تجد عملا مماثلا له او افظع منه يقوم به جماعة اخرى لا يعتبر ارهابا ؟ فمنذ مئات السنين و الانظمة المتعاقبة على السلطات في كل من العراق و ايران و سوريا و تركيا تضطهد الشعب الكردي و تظلمه بجميع انواع الظلم من قتل و تشريد و تدمير و هدم البيوت على اهلها و انكار وجوده القومي و استخدام افظع انواع الاسلحة بما فيها الاسلحة الكيماوية المحرمة دوليا والابادة الجماعية و يعتبر هذا العمل في نظر اغلب الدول و المجتمع الدولي حتى وقت قريب دفاعا عن النفس ؟وما يقوم به الشعب الكردي من الدفاع عن نفسه و يقاوم المضطهدين بالحجارة و حتى المفاومة المسلحة للدفاع عن الشعب الكردي و الابرياء و لتحقيق اهداف الشعب الكردي في تقرير مصيره يعتبر ارهابا و عنفا ؟ ان اغلب الانظمة الاستبدادية الشمولية في منطقة الشرق الاوسط هي اخر المعاقل الاستبدادية في العالم ، و كل دولة من الدول الاستبدادية الشمولية معتقل و سجن كبير على شعبه و اهله ، و انا كسوري و كردي اعرف ماذا تعني المعتقلات الاستخباراتية ، فعندنا عدد السجون و الزنزانات اكثر من الجامعات و المعاهد و عدد افراد الشرطة و البوليس و الاستخبارات كبيرة جدا و عالية مقارنة بعدد السكان ؟ فان النظام السوري الاستبدادي قام على الفساد الاداري و الارهاب البوليسي و الفكري من خلال قانون الطوارىء و الاحكام العرفية اكثر من اربعة عقود و ان هذه القوانين تعطي للسلطة التنفيذية و على راسها رئيس الجمهورية المستولي على السلطة بطرق غير شرعية و من خلال فوهة الدبابات ، صلاحيات غير محددة و غير دستورية و بدون رقابة على اي عمل يقوم به ، و منها فان ايدي اجهزته القمعية و الاستخباراتية طائلة في القتل كما حصل اثناء احتفال شعبنا بعيد النوروز وراء الشموع ، و التعذيب و الخطف كما حصل لشخنا الجليل معشوق الخزنوي و من ثم قتله ، و القاء القبض على اي مواطن كما حصل للقيادات اعلان دمشق في الاونة الاخيرة و المداهمات القسرية و مسلسل الاعتقالات التعسفية مستمرة في كل يوم و تلفيق التهم به لمجرد انه صاحب الراي او اعطى رأيه في ممارسات الحكومية ، و الكليشية جاهزة في الزنزانات و الاقبية (( خطر على أمن الدولة )) دون اخذ اذن من النيابة خلال المداهمات و الاعتقالات التعسفية ، على الرغم ان السلطتين التشريعية و القضائية في سوريا لسان حال الحكومة الديكتاتورية ؟ فالتعذيب الجسدي و النفسي و الصحي ليس ارهابا ؟ ام القتل على الهوية القومية او حتى الطائفية و المذهبية اليس ارهابا ؟ ام الاستلاء على السلطة و الحكم بالدبابات و المدفعيات اليس ارهابا ؟ ام الاعتقالات التعسفية بسبب الرأي اليس ارهابا ؟ تغير اسماء القرى و المدن الكردية اليس ارهابا ؟ سحب الجنسية من المواطنين الاصليين الذين عاشوا على ارضهم التاريخية و خدموا الجيش و حرم بموجب ذلك حوالي نصف مليون كردي من الجنسية اليس ارهابا ؟ انشاء المستوطنات العربية في المناطق الكردية اليس ارهابا ؟ استلاء على الاراضي الكردية و توزيعها على العرب اليس ارهابا ؟ نهب المليارات من الدولارات من قوت الشعب السوري و ايداعها في البنوك الاوربية اليس ارهابا ؟ افقار اغلب الشعب السوري و عيش اكثر من خمسة ملايين تخت خط الفقر اليس ارهابا ؟ اعتقال العشرات و المئات من المعارضة مجرد انهم يطالبون بالديمقراطية و الحوار و حقهم في التعبير عن الرأي اليس ارهابا ؟ وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو التدخل في الشؤون اللبنانية اليس ارهابا ؟ ارسال الارهابيين الى العراق لتخريب البنى التحتية و خلق الفوضى و عدم الاستقرار اليس ارهابا ؟
لذلك لابد من الوقوف بشكل جدي على ظاهرة الارهاب و ايجاد اتفاق محدد لتعريفها و التعامل معها بالقوة من قبل المجتمع الدولي لمعالجة اسبابها و للقضاء عليها و الا فان هذه الظاهرة ستظل كنار مشتعلة تنظفىء في مكان و تندلع في مكان آخر الى ما لا نهاية و ان لا يستغل هذه الظاهرة او التسمية حسب المصالح و الاهداف و يجب التميز بين المقاومة المشروعة و الارهاب ، لان المقاومة سببها مقاومة الاستبداد و الجور و الظلم .
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟