أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مازن حمدونه - المنطار كائن في المكان ... هل غادر المكان















المزيد.....

المنطار كائن في المكان ... هل غادر المكان


مازن حمدونه

الحوار المتمدن-العدد: 2243 - 2008 / 4 / 6 - 05:17
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


حوار التناظر مع الأديب غريب عسقلاني... ما لم يقله غريب عسقلاني
الجزء الثاني
المشهد الثاني
أجندة غزة وشطب الذاكرة
المنطار كائن في المكان ... هل غادر المكان
أيها الناس ... هذا هو مطاركم ، فتشبثوا .. هو من عتق التاريخ تذكروا ... هذا هو تاريخكم .. أمجاد آبائكم وأجدادكم فتوحدوا ... عيون كل زنادقة التاريخ تتربص شتاتكم الأكبر ... احذروا ... واحذروا قبل ان تتحولوا الى هنود حمر على ايدى جحافل التتار والمغول والصليبيين الجدد وخطاريف أبنائكم المراهقين بلا مروض بعد ان اعتلت عقولهم ووجدانهم تحت مطرقة المتناقضات وهلاوس المخبولين .
رابية من أعلى الروابي في غزة ، أعلى من سطح البحر الهادر الغاضب .. أردافه تطل على معمورة قطاع غزة الشاحبة من جهاتها الأربع ، وتصرخ بشموخها على شرق الوطن المغتصب ، تستقبل بهيج الشمس كل شروق ، تلف أبنائها في ثناياها من عيون العدو المتربص كل صباح وفي خلسة الظلام ... تاريخه راسخ بعتق الأيام ، لم ولن تمحوه قذائف المورتر سنة 1956 م عندما عاثوا الصهاينة فسادا في ارض المؤمنين .عندما اجتاحته جنازير دبابات المستكبرين في الأرض .. عندما استفحلوا طواغيت الموت في مزارات المكان . نسيمه كأكسجين الدم الباعث للحياة في أوردة الأحفاد والآباء ووصية الأجداد .. لم تستطع لهيب قذائفهم ان تحرق ذاكرة الحالمين والمتأملين في عظمة المكان وشموخه . هذا المكان وليد الأيام العتيقة من رحم التاريخ البعيد المتجذر في ذاكرة تتسلمها ذاكرة الأحفاد من الآباء والأجداد . فيه تنساب مسارب المياه المقطرة بدون فلاتر ،ومياه الآبار المتجددة بغيث الله في كل موسم ، تنبت جنان من ألوان متناغمة وروائح طيبة ترغمك على ان لا تعشق الا ترابها ، تداعب مشاعرك بهجتها وحلتها وبهيها كعروس في ليلة زفافها ... الله ... الله يا وطن ما أجمل حلة صباياك كمن زار الاخرة وارتقى بخلسة بصر ، كمن زار الدار الاخرة وارتقى وفيها أجمل نساء الكون حور كشقيقات حور العين في جنة الخالدين ... أنت على الأرض .. تذكر .. انت على رابية المنطار شرق غزة الشامخة .
انظروا جيدا حلتها من رقائق ازراق الزعتر ، والنعناع المعطر الأخضر ، والحناء والقرنفل المتراقص مع نسيم الرابية ، ورائحة أزهار الليمون والبرتقال وجنان العنب المدلل ، واللوز .. في جنبات المكان زوايا ودواوين ومهج ومقام ورايات مشايخ تصعد لتكرم صاحب المقام .
في حضرة المقام .. هل تعود عوائد المكان من جديد .. هل تعود السكينة للمقام من جديد .. هل تعود كل ذخائر التاريخ ... بموسمه السنوى .. بمأكولاته الشعبية السنوية . هل تعود نكهة وجبة الغداء "السموقية " بلونها الشعبي وبنكهتها الغزية . هل ستعود ايام خلت حتى الأمس القريب بنبرات صوت الأهازيج ، ومواويل ، وأناشيد الأطفال والدراويش وكل زوار المكان ؟ متى ستعود طوابير فرق الكشافة ونسمع دقات طبولهم التي تناغمت دقاتها خفقات القلوب العاشقة للمقام .
هل تعود رقصات الخيول الاصيلة ؟؟ ومتى ستعود ؟
ككل مواسم ومناسبات العام المقدسة ، تجتمع شيوخ المدينة في مسجد "عثمان بن عفان" ، بعد صلاة العصر ، تنطلق في مخرج بهي ، تدق طبول الزيارات للمقام ، تدق العدة ، تتجه الانظار ، تعلو الحناجر مرددة :
شيء لله يا سيدي المنطار. ... شيء لله يا خميس المنطار.
أهالي فلسطين يتباركون من كرامات الاولياء الصالحين والانبياء ، ترى من اراد التيمن ببركاتهم كبركات اربعة ايوب ،الذي صبر على المرض كابتلاء وشفاه الله من ماء البحر ، ترى الناس يتطهرون بماء البحر حتى الموجة السابعة ، لبارك الله لهم في الحمل والطهور والشفاء من العقم القاسي ، فالبحر لا يختلف عن كل بحار المعمورة الا في ارض المرابطين كله تيمن وبركات . تعمد فيه الانسان والحيوان وحتى الطيور السابحة والمسبحة في ملكوت السماء تعشق بحرها وجبالها وترابها فتتعمد بترابها هي ايضا كأهلها الميامين.
فغزة عمدها الله بكل الصالحين من بنى هاشم والشيخ رضوان شمالاً والشيخ عجلين جنوبا ، ما بين تلال زنابق الازهار البيضاء شمالا حتى سوافي الرمال الذهبية جنوبا ودوالي العنب المتراقصة على صفيف الذهب البراق جنوبا والمطلة على امواج البحر الصافية والتي تجذبك للرقص تحت امواجها عندما تستكين من الغضب وتصبح ملهوفة باحتضان فلذات كبد ابنائها .
المنطار الاسم والدلالة:
هذا المكان له دلالاته ومفهومه عبر التاريخ ، فكل مكان رسم التاريخ وحفر اسمه اما على بطن الجبل ، او على رابية ، او دفن في سوافيه الرملية كنوز عظام الارض وادوات اهلها ..فالمنطار بدلالاته اللغوية جاءت من وظيفة المكان للنطر والحراسة من المتربصين والاعداء على ارض الوطن ، فكان القائد التاريخي "صلاح الدين الايوبي" قد اختار المكان كحصن متقدم كالمجدل عسقلان ، كمحطة متقدمة للمراقبة والرصد من غزو الاعداء . حيث يبادر النواطير في المكان باشعال النيران واثارة موجات من الدخان كي تيقظ الجنود واهالي القرى والسواحل والمدينة من غدر الاعداء.
المواسم الشعبية :
في فجر الخميس الذي يعقب أربعة ايوب تتهيأ كل الناس في القرى والمدن في غزة ، ويتزينون بأبهى الحلل ، يخرجون افواجا ..افواجا ، ينتشر الباعة والجوالين في شوارع المكان .. تجول في المكان لترى البسطات وقد انتشرت ، والباعة الجوالون بارباريق المشروبات الملونة من كل ما يطيب للانفس وما يهدأ عطش زوار المقام ، كرنفال سنوى ، تجد الاباريق النحاسية والفضية والفخارية ، طيبة مثلجة بلا ثلاجات كهربائية ... شراب السوس والخروب والتمر الهندى ، ومشروبات اخرى ساخنة كالشاي والقرفة والزنجبيل والسحلب .وبائعوا الذرة المشوية والمسلوقة ، والترمس ، والفول النابت ، وبذر البطيخ ،والفستق الدافئ المحمص،والتمور والعجوة ، وحلاوة الكسبة الطازجة من معصرة الهندى بشارع فهمي بيك .
تجد حلوياتهم من قرشلة ، وحبات الغريبة ، ونمورة محشية بالقرفة والفستق ، والحلبة بالسميد ، والكنافة المحشوة بالجبن والسمنة البلدية والعوامة وكرابيج حلب المغموسة بالقطر المندى برائحة الليمون والعنبر والمستكه . كل ما تشتهيه الأنفس .. لها مذاقها الخاص .. ترى لو شاهدتها في كل الأيام العادية لن تتذوق طعمها كذاك اليوم المعهود في يوم الموسم .. ترى هل سألت نفسك يوما : لمً لا نتذوق نكهة حبات القطايف في موسم غير موسومها في شهر رمضان ؟! انها من أسرار بركة الله في شهره الكريم .
في موسم كموسم زيارة المقام في المطار .. تنتشر مشاهد جميلة كالرقص بالسيوف والخيول المزينة بالسروج المطرزة .. ترى في المشهد الألعاب النارية .. والمجاذيب الذين يقرضون الزجاج في مشهد غريب ، ويسفون الرمل يبتلعون المسامير ،ويبصقون مشاعل اللهب ..هذا المشهد يستمر حتى صلاة العصر ومن ثم تبدأ تغيرات وتبدلات على المشهد من حال الى حال اخر ، تدخل حالة من الوجد والاشتياق لان مشايخ الطرق الصوفية بعد صلاة العصر يبدءون بدق المزاهر والطبول ويرفعون رايات الأولياء الصالحين وتلمع السيوف والمديح النبوي ، على إيقاع ذكر الله وحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم . يشهدون ويجددون البيعة لله وللرسول .. ويسلمون أمرهم لله في الدنيا والآخرة القادر على كل شيء والذي بارادته يقول للشيء كن فيكون .
هذا مشهد من مشاهد اهل الكرامات والمقامات في فلسطين ، انه مقام المنطار ... هل تعود للتاريخ ذاكرته ووجدانه .



#مازن_حمدونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظلام دامس في وجدان وفاء سلطان فاض إدراكها
- حوار التناظر
- هل يستيقظ الفلسطيني أخيراً؟
- حوار التناظر مع الأديب غريب عسقلاني... ما لم يقله غريب عسقلا ...
- حوار التناظر مع الأديب غريب عسقلاني... ما لم يقله غريب عسقلا ...
- حوار التناظر مع الأديب غريب عسقلاني... ما لم يقله غريب عسقلا ...
- مقدمة في حوار التناظر مع غريب عسقلاني


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مازن حمدونه - المنطار كائن في المكان ... هل غادر المكان