أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - كاظم حبيب - ساعة الحقيقة: القوى القومية العربية بين حقوقهم وحقوق الشعوب الأخرى!















المزيد.....

ساعة الحقيقة: القوى القومية العربية بين حقوقهم وحقوق الشعوب الأخرى!


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 695 - 2003 / 12 / 27 - 07:12
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


حضي نضال شعوب الأمة العربية بدعم ومساندة كبيرتين من جانب شعوب العالم المختلفة على امتداد القرن العشرين. ولم يكن هذا النضال سهلاً بل اقترن بتقديم الكثير من الضحايا البشرية, كما تحمل الكثير من الخسائر المادية. وهو ما يزال حتى الوقت الحاضر يناضل في سبيل الكثير من الأهداف التي لم تتحقق حتى الآن. وإذا كانت الشعوب العربية قد عانت الأمرين من سلطات الاحتلال والمستعمرين القدامى والجدد, فإنها عانت أكثر من ذلك بكثير من حكامها الرجعيين الذي تحالفوا مع قوى الاستعمار لعقود طويلة. وإذا كانت بعض الشعوب العربية قد حققت بعض النتائج الطيبة عبر العقود المنصرمة, فأن هذا لم يأت هدية من أولئك الحكام بل كان انتزاعاً حقيقياً عبر نضال مرير. ورغم ذلك فأن الشعوب العربية ما تزال محرومة في أغلب الدول العربية, إن لم نقل في جميعها, من التمتع بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
ورغم هذه الحقائق الشاخصة أمام أنظار جميع العرب, يصطدم المتتبع للفكر العربي السياسي والحياة السياسية في الدول العربية بواقعٍ آخر غير مشجع ومتعارض ومتناقض مع تلك الروح النضالية التي ما تزال مستمرة لدى هذه الشعوب, وأعني بذلك موقف غالبية العرب في مختلف البلدان من نضال الأمم أو الشعوب الأخرى القاطنة معها في المنطقة أو في هذه الدولة أو تلك منها. فهي في الوقت الذي تناضل في سبيل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير, ترتفع صوت قوى غير قليلة في الدول العربية مندداً بمطالبة الشعوب الأخرى في الدول العربية التمتع بحريتها وحقوقها الديمقراطية وحقها في تقرير مصيرها على أرضها وساعية بكل السبل إلى خنق نضال تلك الشعوب. ويمكن أن يورد الإنسان الكثير من الأمثلة على هذه السلوكية من جانب الحكومات العربية عبر عشرات السنين, سواْ أكان ذلك في العراق أم السودان أم دول المغرب العربي. فنضال الشعب الكردي في العراق ونضال شعب جنوب وغرب السودان ونضال الشعب الأمازيغي في المغرب والجزائر قد جوبه بالحديد والنار, بالقمع المستمرين وخاصة في كل من العراق والسودان. ويتخذ الموقف أحياناً غير قليلة لا شكلاً شوفينياً فحسب, بل وتطرفاً ونزعة تمييزية دينية إزاء أتباع الديانات الأخرى في الدول العربية, ومنها الموقف إزاء الأقباط المسيحيين في مصر أو إزاء أتباع الديانة الأيزيدية والصابئة المندائية في العراق أو حتى مواقف طائفية إزاء مختلف المذاهب في الإسلام ذاته, وهو دين الغالبية العظمى من سكان هذه الدول. والسؤال الذي يطرح نفسه على الباحث والمتتبع هو: ما السبب وراء بروز مثل هذه الظاهرة السلبية التي من شأنها تشويه حتى نضال العرب في سبيل حقوقهم المشروعة؟ كما إنها تطرح تساؤلات عن مدى فهم هؤلاء العرب لمفردات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير؟ وهل أن النضال في سبيل هذه الأهداف النبيلة شارع أحادي المرور, أو أن لهم وحدهم الحق في ذلك, ولكن ليس لغيرهم؟
لا شك في أن الإجابة عن هذا السؤال يفترض أن تضع بعض التحفظات لكي تبتعد عن احتمال الوقوع في خطأ التعميم الذي لا يستند إلى أرضية واقعية, إذ أن هناك من العرب من يقبل بمنح الشعوب الأخرى التي تعيش سوية في دولة واحدة الحق الكامل في التمتع بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير تماماً كما يريدها لنفسه. كما أن هناك بعض القوى والأحزاب السياسية التي تتخذ مواقف متناغمة بين ما تناضل من أجله لنفسها وما تريده للشعوب الأخرى. وهذا صحيح حقاً. ولكن الحديث هنا يتوجه في هذه المقالة صوب القوى التالية:
1. الغالبية العظمى من السكان العرب في المجتمعات ذات الأكثرية العربية,
2. الغالبية العظمى من القوى السياسية العربية ذات لاتجاهات الفكرية والسياسية القومية.
3. الغالبية العظمى من قوى الإسلام السياسي من العرب في الدول ذات الأكثرية المسلمة.
4. جميع الحكومات في الدول العربية دون استثناء التي لها نفس مواقف الأكثرية حتى الوقت الحاضر, بل هي السبب وراء هذه الوجهة المشوهة في النضال.

يبدو لي بأن العوامل الكامنة وراء بروز هذا التناقض في السلوكية العملية, سواء أكان ذلك يمس التمييز القومي أو التمييز الديني أم التمييز المذهبي (الشوفينية والتعصب والتزمت والطائفية), تتبلور فيما يلي:
• التخلف الفكري وضعف الوعي السياسي والاجتماعي اللذين ما تزال تعاني منهما الشعوب العربية نتيجة الهيمنة الاستعمارية الطويلة التي فرضت على هذه الشعوب, وبسبب وجود نظم حكم ابتعدت عن تربية شعوبها بأفكار الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير وفرضت عليها الاستبداد والقسوة والظلم والجهل المرير. وهذه الحقيقة تشوه قدرة العقل على التفكير السوي والمنصف أو العادل ليس فقط إزاء قضاياه فحسب, بل وإزاء قضايا الشعوب الأخرى. لقد كانت التربية في هذه المنطقة ومنذ أجيال كثيرة قائمة على الذهنية الاستبدادية وفرض الخنوع على الشعوب, وفي الوقت نفسه التغذية بذهنية التمييز بين العرب وبقية الشعوب أو الأمم لصالح الأمة العربية وضد الآخرين, فكنتم خير أمة أخرجت للناس, تفسر أحياناً على أساس عربي وأحياناً أخرى على أساس إسلامي وفق الحاجة والموقف, ولكن بروحية التمييز والتعالي الممقوتين.
• وبرز لدى بعض القوى القومية من جهة, ولدى بعض قوى الإسلام السياسي من جهة أخرى, وهما تحت الهيمنة الأجنبية أو الخضوع لحكومات ظالمة وخاضعة لسياسات الأجنبي, مزيج من الإحباط إزاء الواقع القائم والرغبة الجارفة في تجاوزه وحنين (نوستالجي) لاستعادة ماضٍ غابر لن يعود يذكرهم, وعبر كتب كانت وما تزال متحيزة في كتابة تاريخ العرب ومشوهة لوقائع ومفاهيم كثيرة ومزينة حياة وأفعال المستبدين من الحكام ومتجاهلة دور الشعوب في هذا التاريخ الطويل والمعقد, "بدول عظمى" كانت للعرب أو للمسلمين التي يسعون إلى إعادة إقامتها في الوقت الحاضر. وهذه القوى القومية والإسلامية تحاول نشر فكرها في صفوف الجماهير المحبطة من حكوماتها ومن أوضاعها وتدفع بها صوب التطرف القومي والديني والمذهبي مما يولد العنصرية والتعصب والتزمت بمختلف أشكاله وتلاوينه. إن هذه الوجهة الذاتية في التفكير قاصرة عن رؤية حقوق الآخرين, بل ترى في مطالبة الآخرين بحقوقهم المشروعة والعادلة تجاوزاً على حقوقها وعلى دولتها الموحدة التي تريد إقامتها لتستعيد بها الماضي الغابر. وهي ترى في نضال الشعب الكردي أو نضال الشعب الأمازيغي أو نضال شعوب جنوب وغرب السودان ليس سوى محاولة لاقتطاع أجزاء من أرض العرب وانتقاص من حقوقها وشعوبية تريد تدمير الأمة العربية. إنهم بهذا يزنون الأمور بمكيالين, تماماً كما يتهمون الآخرين بذلك!
• وترى هذه الأوساط والقوى العربية في أن ما حصل في فلسطين يمكن أن يتكرر في مناطق أخرى من الدول العربية دون أن تفكر بواقعية في ما حصل في الماضي البعيد ودون أن تدرك بأن الدول العربية القديمة, كالدولة الأموية والدولة العباسية والدولة العثمانية أو حتى قبل ذاك ومنذ بدء الفتح الإسلامي, لم تكن سوى إمبراطوريات "إسلامية" ذات طبيعة استعمارية قديمة أقيمت من خلال الغزو والحروب والهيمنة على المناطق الأخرى ساهمت في استغلال شعوب تلك المناطق وفرضت التعريب على بعض شعوبها, ولكنها لم تنجح في تعريب الجميع, وبالتالي فأن الشعوب التي ما تزال تحتفظ بخصائصها, رغم التغييرات التي فرضت عليها أو قبلت بها, تناضل اليوم في سبيل انتزاع حقوقها المشروعة والعادلة, كما في حالة القوميات الثلاث التي أشرنا إليها إضافة على الكثير من الأقليات القومية والدينية التي يفترض أن تتمتع بحقوقها الثقافية والدينية والإدارية المشروعة. ويبدو أ، هذه الأوساط العربية مستعدة تمام الاستعداد على إدانة الاستعمار البريطاني والفرنسي اللذين جثما على صدور العرب وغير العرب واستغل شعوب هذه البلدان طويلاً, ولكنها غير مستعدة على إدانة تسلط العرب على البلدان الأخرى وفرض هيمنتها عليها واستغلال شعوبها. إن دراسة وهضم التاريخ العربي وفق أسس التحليل المادي الجدلي والمادي التاريخي يساعد على تغيير نظرة الإنسان باتجاهات أكثر واقعية وعقلانية ومصداقية مع النفس ومع الآخرين. إذا كنا نريد إدانة الماضي الاستعماري للبلدان الأخرى فعلينا الاعتراف وإدانة ماضينا الاستعماري أيضاً بغض النظر عن الرداء الذي ارتدته تلك السيطرة الأجنبية على الشعوب والمناطق الأخرى. ولكن ذهنية القوميين الشوفينيين من العرب ما تزال بعيدة كل البعد عن هذه الوجهة العقلانية, وهو ما ينعكس في سلوكها الراهن إزاء ما يجري في العراق.  

والجدير بالإشارة إلى أن هذه الإشكالية لا تعاني منها الشعوب والحكومات والقوى القومية العربية, بل كذلك شعوب وحكومات وقوى قومية أخرى في بلدان كثيرة في العالم ومنها تركيا وإيران المجاورتين للدول العربية. وهي شعوب لم تعرف حتى الآن عملية التنوير ولم تتمتع بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ولم تعرف طعم التمتع بحق تقرير المصير وفق أسسه العادلة والمشروعة, وبالتالي فهي مستعدة لاغتصاب حقوق الشعوب الأخرى دون أن تشعر بالتناقض بين ما تسعى إليه وما تريد اغتصابه من الآخرين أو منعه عنهم, ففاقد الشيء عاجز عن منحه للآخرين!

من الثابت للعاملين في مجال حقوق الإنسان أن مضامين الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير تعتبر من المبادئ الأساسية في حياة الشعوب وتشكل كلاً واحداً غير قابل للتجزئة وفق منظور انتقائي شوفيني غير عقلاني. ويفترض في الشعوب المناضلة في سبيل حقوقها وفق تلك المبادئ أن تدرك العلاقة الجدلية القائمة بين نضالها ونضال الآخرين في سبيل تحقيق تلك المبادئ. وان لا خيار أخر غير هذا الخيار, وإلا تحول الإنسان أو تحولت الجماعة أو تحول شعب ما إلى مغتصب لحقوق الآخرين يفترض خوض النضال ضده لانتزاع الحرية ..الخ.               
            
إننا في العراق نجابه اليوم حالة مماثلة لما يحصل  على الصعيد العربي إزاء الحلول الجارية للمشكلة السودانية. إذ حالما برزت إمكانية حل المسالة السودانية والحرب الطويلة على أساس الاعتراف بحق تقرير المصير ومنح جنوب السودان حكماً فيدرالياً في إطار الجمهورية السودانية حتى فقدت بعض القوى الفكرية والسياسية القومية العربية عقلها واتزانها وبدأت ببث الإشاعات عن الانفصال المحتمل لجنوب السودان عن "الوطن الأم" ووقع هرج ومرج في صفوف الحكام العرب والقوى القومية الشوفينية والإسلامية الأصولية المتطرفة, وبدأت تعمل من أجل تخريب ما توصل إليه المتفاوضون على هذا الطريق. وهذا عين ما نعيشه اليوم في العراق.
إذ حالما أقيمت الفيدرالية في كردستان العراق في عام 1992, وحالما تحرر العراق من حكم صدام حسين في عام 2003, رغم وقوعه تحت الاحتلال الأمريكي-البريطاني, وحالما برزت مؤشرات تشير إلى إمكانية فعلية في تثبيت هذا الحق في الدستور العراقي القادم, وحالما بدأ الأكراد يتحدثون عن الحدود الطبيعية لمنطقة كردستان العراق, حتى جن جنون القوميين الشوفينيين من العرب في العراق وفي الدول العربية وبدأت الدعوات البائسة بالتصدي لهذه الوجهة باعتبارها محاولة لتمزيق الأمة العربية ووحدة التراب العربي ووحدة العراق أرضاً وشعباً والادعاء بزرع ألألغام في طريق الاستقلال والوحدة الوطنية وغير ذلك من الترهات ومحاولات إثارة الشعوب العربية ضد المطالب الكردية.
ولم يتحدث القوميون الشوفينيون وحدهم في هذا الاتجاه, بل انبرى المسلمون المتطرفون أيضاً طارحين المخاوف ذاتها التي أثارها القوميون العرب قبلهم, كما بدأت بعض الحكومات العربية بالحديث بنفس النغمة الشوفينية الرجعية.
جميع هذه الأوساط تنسى أو يتناسى حقائق تاريخية كثيرة من جهة, ووقائع قائمة على الأرض من جهة أخرى. فهي تنسى في كل الأحوال بأن كردستان قد فتحت من العرب أبان الحروب التي شنها المسلمون لفتح المنطقة والسيطرة عليها وتوسيع رقعة الدولة الجديدة التي كان يراد إقامتها, وأن غالبية الشعب الكردي قد دخلت في الإسلام منذ قرون طويلة, وبغض النظر عن الأساليب التي اتبعت في ذلك, ولكنها لم تتخل عن خصائصها وثقافتها ومناطق سكناها ورغبتها في تقرير مصيرها وتمتعها بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان أسوة بباقي الشعوب. وهذه الأوساط لا تريد أن تعرف بأن الشعب الكردي في العراق, الذي اختار الفيدرالية في إطار الجمهورية العراقية, له الحق الكامل في تقرير مصيره بما في ذلك إقامة دولته الوطنية المستقلة, تماماً كما هو أحد حقوق العرب الذي يتمتعون به في دول الإمارات العربية المستقلة القائمة في الخليج التي لا يزيد تعداد بعضها عن جزء صغير من عدد نفوس الشعب الكردي. والعرب كلهم فرحون في أن الجامعة العربية تضم 22 دولة عربية + فلسطين, ولكنهم لا يستطيعون رؤية شعب آخر هو الشعب الكردي أن يتمتع بحقه في إقامة اتحادية فيدرالية كردستانية ضمن الجمهورية العراقية. وهم يتناسون أيضاً بأن في عالمنا الراهن عشرات الدول التي تنهض على أساس فيدرالي سليم يعزز الوحدة الوطنية للشعوب المقيمة في هذه الدولة أو تلك ما دامت تتمتع بحقوق متساوية.
إن مصيبتنا نحن العرب تكمن في أن غالبية شعوبنا العربية ما تزال تعيش في قرن غير القرن الحادي والعشرين وما تزال تحلم بأمور لن تتحقق لها وما تزال تريد اغتصاب حقوق الشعوب الأخرى في وقت تريد النضال لانتزاع حقوقها المغتصبة من قبل دول وقوى أخرى, وأنها تفكر بطريقة لا تنسجم مع عالم اليوم وعليها تغيير طريقة تفكيرها أو بتعبير أدق تحرير عقولها قبل أن تفقد الكثير مما لا يفترض أن تفقده على مختلف الأصعدة.
ينبغي للعرب في العراق أن يتجنبوا خوض صراع غير عادل ضد الأكراد بسبب مطالبتهم بالفيدرالية أو بسبب مطالبتهم بترسيم حدود كردستان العراق, فليس في هذا أية محاولة لاغتصاب مناطق عربية وضمها إلى كردستان العراق, كما يمكن معالجة هذه المسألة بالطرق السلمية التفاوضية بعيداً عن العنف أو التهديد بممارسة العنف, فالعنف لن يجلب للشعوب سوى الكوارث والمحن والموت. وعلينا استخدام عقولنا المتحررة من قيود الشوفينية وضيق الأفق القومي والتعصب والتزمت من أجل إيجاد الحلول العملية لكل المشكلات التي تواجهنا اليوم وفي المستقبل.
إن مستقبل العراق سيكون مشرقاً حقاً عندما نجد شعبين حرين, هما الشعب العربي والشعب الكردي, وأقليات قومية حرة, هي التركمانية والآشورية والكلدانية, يعيشون جميعاً في اتحاديتين فيدراليتين هما كردستان العراق, ولنقل مجازاً,  وعربستان العراق, ويستخدمون ثروة العراق النفطية بصورة عادلة وسليمة لصالح تنمية العراق كله ولصالح الشعب العراقي كله. ولا يمكن أن يحصل ذلك إلا إذا قررنا الاعتراف المتبادل ببعضنا وقررنا لبلادنا المشتركة العيش في أجواء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتمتع بحق تقرير المصير, في ظل دستور اتحادي ديمقراطي ومدني حديث. وعلينا أن نقبل التحديات التي يفرضها علينا القرن الحادي والعشرين وأن نسعى إلى إقامة العراق الجديد الذي نطمح إليه.
ومما هو جدير بالإشارة في هذا الصدد إلى أن من واجب الشعب الكردي, وكذلك قواه السياسية, أن تكون له أذاناً صاغية لمطالب الأقليات القومية التركمانية والآشورية والكلدانية في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتمتع الفعلي بالحقوق الإدارية والثقافية المشروعة, وأن يتم التعامل مع الأقليات الدينية والقومية على أسس المساواة التامة بين المواطنين ورفض جميع أشكال التمييز التي كان وما يزال يرفض الشعب الكردي فرضها عليه.               
إن هذه الاتجاهات الواقعية والسليمة التي تتماشى مع لائحة حقوق الإنسان وحقوق الشعوب والأقليات القومية تمنح نضال الأكراد المزيد من المصداقية المطلوبة وهم يناضلون في سبيل حقوقهم العادلة والمشروعة. ومن هذا الفهم للعملية الديمقراطية في كردستان العراق وفي العراق عموماً قدمت في عام 2002 وأثناء زيارتي على كردستان العراق مقترحاً شفوياً إلى السيد رئيس وزراء حكومة كردستان الاتحادية أثناء لقاء معه, وبحضور الأستاذ فلك الدين كاكائي, بأهمية إصدار قانون خاص يصدر عن المجلس الوطني لاتحادية كردستان يقر فيه حقوق الأقليات القومية الإدارية والثقافية في كردستان العراق بما يتجاوب مع الواقع المطلوب ويقدم في الوقت ذاته نموذجاً إيجابياً يحتذى به ويعزز مصداقية نضال الشعب الكردي وقواه السياسية الديمقراطية في سبيل حقوقه وحقوق لأقليات القومية التي تعيش في هذه الإقليم. وما أزال أتطلع إلى تبني مثل هذا المشروع من جانب الأحزاب الكردية الحاكمة في كردستان العراق, تماماً كما أتطلع إلى صدور دستور عراقي يتضمن الإقرار بفيدرالية كردستان وبحقوق الشعب الكردي وحقوق الأقليات القومية والدينية في الجمهورية العراقية الاتحادية الديمقراطية.



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل معالجة حازمة وسليمة لآثار سياسات التطهير العرقي والته ...
- هل أمام الشعب حقاً فرصة مواتية لبداية جديدة في العراق؟
- هل من طريق لتسريع حل ازدواجية السلطة في اتحادية كردستان العر ...
- ما المغزى الحقيقي لاعتقال الدكتاتور صدام حسين؟
- ما هي الأهداف الكامنة وراء قرار حصر منح العقود بالشركات الأم ...
- دراسة أولية مكثفة عن أوضاع الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ...
- فهد والحركة الوطنية في العراق
- الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والتمت ...
- تقييم برنامج النشر الصحفي في صفحة الحوار المتمدن
- الهمُّ العراقي وهموم العالم!
- القوميون العراقيون العرب والأوضاع الجديدة في البلاد!
- سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني والوضع في العراق!
- موضوعات للتفكير والحوار!
- هل الديمقراطية هي السائدة حقاً في العراق, أم حرية الفوضى؟
- ما المخرج من همجية فلول صدام والقوى الظلامية والسياسات الخاط ...
- نص إجابة الدكتور كاظم حبيب عن استفتاء الزمان بشأن الدستور ال ...
- الاحتلال والصراع على السلطة والمصالح في العراق 3-4 & 4-4
- مرة أخرى مع المهمات المباشرة والأساسية لقوى اليسار الديمقراط ...
- تصحيح لخطاً وقع في الحلقة الثانية من سلسلة 1-4 حول -الاحتلال ...
- الاحتلال والصراع على السلطة في العراق وسبل معالجته 2-4 حلقات


المزيد.....




- أسير إسرائيلي لدى حماس يوجه رسالة لحكومة نتنياهو وهو يبكي وي ...
- بسبب منع نشاطات مؤيدة لفلسطين.. طلاب أمريكيون يرفعون دعوى قض ...
- بلينكن يزور السعودية لمناقشة الوضع في غزة مع شركاء إقليميين ...
- العراق.. جريمة بشعة تهز محافظة نينوى والداخلية تكشف التفاصيل ...
- البرلمان العراقي يصوت على قانون مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي ...
- مصر.. شهادات تكشف تفاصيل صادمة عن حياة مواطن ارتكب جريمة هزت ...
- المرشحة لمنصب نائب الرئيس الأمريكي تثير جدلا بما ذكرته حول ت ...
- الاتحاد الأوروبي يدعو روسيا إلى التراجع عن قرار نقل إدارة شر ...
- وزير الزراعة المصري يبحث برفقة سفير بيلاروس لدى القاهرة ملفا ...
- مظاهرات حاشدة في تل أبيب مناهضة للحكومة ومطالبة بانتخابات مب ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - كاظم حبيب - ساعة الحقيقة: القوى القومية العربية بين حقوقهم وحقوق الشعوب الأخرى!