أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - الاحتلال والصراع على السلطة في العراق وسبل معالجته 2-4 حلقات















المزيد.....

الاحتلال والصراع على السلطة في العراق وسبل معالجته 2-4 حلقات


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 653 - 2003 / 11 / 15 - 03:02
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


أشرت  في الحلقة الأولى من هذه السلسة إلى أن الصراع على السلطة يدور بالدرجة الثانية بين قوى الشعب التي تتمثل نسبياً بالأحزاب السياسية الوطنية, سواء الممثلة منها في مجلس الحكم الانتقالي أم تلك التي ما تزال تعمل خارجه, من جهة, وبين سلطة التحالف المحتلة المتمثلة بشكل خاص بالوجود السياسي والعسكري الأمريكي-البريطاني في العراق من جهة أخرى. ويتخذ هذا الصراع أبعاداً عملية آنية ومستقبلية. ويبدو هذا الصراع وكأنه يدور حول القضية التالية:
إصرار الولايات المتحدة على إدارة البلاد بشكل مباشر من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والعلاقات الخارجية, أي أن جميع الملفات يفترض أن تبقى بيديها وتحدت إدارتها وإشرافها الكامل, في حين ترفض الغالبية العظمى من الشعب والأحزاب السياسية العراقية وغالبية أعضاء مجلس الحكم الانتقالي هذه السياسة وتطالب بأن تتحول إليها السلطة الفعلية في البلاد, وأن تتسلم مسؤولية جميع الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والعلاقات الخارجية والإعلام والثقافة وما إلى ذلك بيديها وتحت إدارتها المباشرة, مع التنسيق المستمر في مواجهة قوى التخريب والردة والإرهاب.
هكذا يبدو ظاهر الصراع الراهن بين الطرفين الأمريكي والعراقي, رغم وجود تحالف مؤقت ضد القوى التخريبية والإرهابية في البلاد, أي التحالف في مواجهة التناقض والصراع الأول. ولكن جوهر التناقض الثاني, وبالتالي الصراع الناشئ عنه يمتدان في حقيقة الأمر إلى المسألة المركزية, موضوع الاحتلال ذاته وما يرتبط به من استحقاقات سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وثقافية وعلاقات خارجية على المدى القريب والبعيد.
فالطرف العراقي في غالبيته يرفض صيغة الاحتلال التي جاء بها مجلس الأمن الدولي استناداً إلى طلب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى. إذ كانت الإدارة الأمريكية تؤكد باستمرار بأنها جاءت محررة لا محتلة. وقد اقتنع بذلك من أراد الاقتناع, وقبل به البعض الآخر, إذ كان همه المركزي الخلاص من الاستبداد الدموي الذي تسلط على الشعب العراقي عقوداً عدة, ورفض الحرب كلية من لم يقتنع بالادعاء الأمريكي. وفوجئ الشعب بطلب الولايات المتحدة وبريطانيا وبقرار مجلس الأمن بفرض احتلال الدولتين للعراق رسمياً وفق القرار 1483 في العشرين من أيار/مايو 2003, وكان في حيرة من أمره, وما زال كذلك, رغم علمه بأن خروج قوى الاحتلال حالياً يعني مزيداً من الفوضى والاحتراب.
إن الطريقة التي عالجت بها الإدارة الأمريكية الأوضاع في العراق كانت وما تزال خاطئة جداً وتتسبب يومياً بتشديد التناقض وتعميق الصراع وسقوط المزيد من الضحايا البشرية والدمار المادي والحضاري. وتنشأ الأخطاء الصارخة من مجموعة من الأفكار التي جلبتها الولايات المتحدة معها وتريد تكريسها في العراق, رغم العلمانية التي تدعيها. وإذ بدأت أخطاء الإدارة الأمريكية بخلق فراغ سياسي كبير بعد سقوط النظام ورفض تشكيل مجلس شعبي واسع وانتخاب حكومة مؤقتة لإدارة شؤون البلاد بشكل مباشر من قبل القوى السياسية العراقية التي كانت في جبهة المعارضة ضد نظام صدام حسين, وأصرت على إدارة شؤون البلاد من جانب سلطة الاحتلال والإخلال المباشر بالأمن الداخلي من خلال التسيب والفوضى التي أشاعتها ولم تسع للسيطرة عليها منذ الشهر الأول لسقوط النظام, فأنها تكاملت بالطريقة البائسة التي عمدت إليها في تشكيل مجلس الحكم الانتقالي واختيار الأشخاص على أساس طائفي شكلي أساء للشخصية العراقية وللوجهة التي كانت القوى الديمقراطية تريد دفع البلاد إليها, حتى أصبحت قضية تشكيل المجلس واعتبار ممثل الحزب الشيوعي على حساب المذهب الشيعي ووزير الثقافة الشيوعي على نفس المذهب, والأستاذين عدنان الباججي ونصير الجادرجي على حساب المذهب السني مهزلة كبيرة يسخر منها الجميع, رغم طبيعتها الحزينة والسيئة, فشر البلية ما يضحك. ثم جرى استثناء قوى سياسية عراقية غير قليلة من عضوية مجلس الحكم الانتقالي, وبضمنها بعض القوى القومية التي لم تتعرض للنظام أو تعاونت معه أو سكتت عن اضطهاده بعد أن عانت هي نفسها أو بعضها ولفترة غير قصيرة من اضطهاده, والتي لا يفترض إبعادها عن مجلس الحكم الانتقالي أو الحكومة, إذ أنها تعبر عن فكر وسياسة ومواقف بغض النظر عن مدى الاتفاق أو الاختلاف معها. كما استثنت الإدارة الأمريكية مناطق واسعة من العراق, إذ اعتبرتها وكأنها كلها كانت إلى جانب صدام حسين أو تحت أبط النظام أو أنها لم تواجه الاضطهاد في ظل نظامه. وهو أمر غير صحيح وبهذه الصورة غير الدقيقة إزاء منطقة واسعة ونسبة مهمة من السكان لم تكن أصلاً مع صدام حسين, ولكنها في الوقت نفسه رفضت الحرب والاحتلال. لقد كان سقوط النظام بداية حقيقية للوصول إلى وحدة وطنية واسعة بعيداً عن التحزب الضيق والنظرة الدينية والطائفية المقيتة. إلا أن هذا لم يحصل وتشكل المجلس وهو يقف على أقدام ناقصة ومعوجة وغير ثابتة, وأشاع لدى أوساط واسعة من أتباع المذهب السني في العراق وكأن الوضع الجديد جاء لصالح الشيعة فقط وأنه يريد اضطهاد السنة أو إبعادهم عن مواقع الحكم أو تهميش نسبة كبيرة من سكان العاق العرب. إن المنطلق الطائفي, بغض النظر عن من يتبناه خاطئ وخطير في المجتمع العراقي المتعدد الأديان والمذاهب والعقائد, وله عواقب وخيمة على الجميع.  
كما تخبطت الإدارة الأمريكية - البريطانية في موضوع العشائر ودورها في الحياة العامة وسعت سلطة الاحتلال إلى منح دور أكبر لها وخلق مشكلة لا مبرر لها ولم تكن في الحسبان, ولكنها أسهمت في تكريسها, في حين كان في الإمكان تجنبها ومعالجتها بصورة هادئة وعبر القوى السياسية العراقية القائمة, وعلى أساس مدني لا عشائري. وفي حالة وجود حاجة لمعالجتها من هذا الجانب أيضاً, فأن الشعب العراقي أدرى بواقع العراق من المحتلين في كل الأحوال وبسبل معالجة المشكلة.
وبرز الخطأ الآخر الذي ارتكبته سلطة الاحتلال بعد فرض الاحتلال والفراغ الذي أوجدته بعد سقوط النظام وعدم تشكيل حكومة عراقية مؤقتة وتسليم إدارة البلاد إليها والتشوه في تشكيلة مجلس الحكم الانتقالي, في حرمان مجلس الحكم الانتقالي من صلاحياته وواجباته الطبيعية. فقراراته أصبحت تخضع بالكامل لرقابة المستشارين أولاً, ولرقابة سلطات الاحتلال المدنية والعسكرية والأمنية ثانياً, وللأخيرة حق إلغاء كل قرارات مجلس الحكم مهما كانت عادلة وسليمة, فمصلحة الولايات المتحدة أولاً وقبل كل شيء وإرادتها هي التي ينبغي لها أن تعلو فوق كل إرادة. فالسيد هو سلطة الاحتلال وعلى مجلس الحكم تنفيذ ما يريده السيد. هكذا بدت الصورة للشعب وللمراقبين. وبالتالي أساءوا إلى جميع الأحزاب السياسية والشخصيات المستقلة التي تشارك في مجلس الحكم الانتقالي وكأنها تبعات لسلطة الاحتلال, في حين كان أغلبها وما يزال مستقلاً عن تلك الإرادة الأجنبية. ولم يكن هذا الموقف مقبولاً من مجلس الحكم, رغم السكوت أو حتى القبول الذي بدا في البداية, إلا أن الأصوات بدأت ترتفع عالية ترفض هذه الطريقة في التعامل مع مجلس الحكم وتسعى إلى أخذ الصلاحيات والمسؤوليات ووضعها بيده. وهو الذي قوبل بالرفض الكامل من جانب الإدارة الأمريكية وسلطة الاحتلال. وعندما شكلت الحكومة, وضع مع كل وزير مستشار أمريكي أو أكثر, فذكر العراقيات والعراقيين بقول الشاعر معروف الرصافي:
المستشار هو الذي شرب الطلى      فعلام يا هذا الوزير تعربد
إن الولايات المتحدة بعد أن تسلمت العراق لم تسقط نظام الحكم وحده, بل أسقطت الدولة بكاملها. ولم يكن هذا الأمر سليماً وبالطريقة التي نفذتها سلطة الاحتلال, ودون أن يكون لديها البديل المعقول. لقد كان لا بد من تفكيك الدولة البوليسية ودولة الاستبداد والعنصرية والعهر السياسي والاقتصادي والثقافي, دولة الحرب والخراب والقتل والمقابر الجماعية, ولكن بطريقة أخرى وبأساليب أكثر حضارية ونفعاً للبلاد وأقل دفعاً باتجاه الارتماء بأحضان فلول صدام حسين وفتح الأبواب على مصراعيها أمام فلول القاعدة وأسامة بن لادن ...الخ. لقد نقلت جيشاً جراراً من الجنود لاحتلال العراق عسكرياً وجيشاً أخر من المدنيين الأمريكيين الذين سلمتهم إدارة البلاد واقتصاده, ولكن الجيشين كانا بعيدين عن فهم الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ونفسية أو طبيعة الشعب العراقي. وقامت سلطة الاحتلال, في الوقت نفسه, بإبعاد العراقيات والعراقيين الذين جاءت بهم معها كمستشارين من الخارج, والذين عملوا وأعدوا الدراسات والتقارير في واشنطن وتحت إشراف الخبراء الأمريكيين ووزارة الخارجية والدفاع ووكالة المخابرات المركزية وبعض المعاهد الأمريكية. وكانت بين هؤلاء الخبراء العراقيين قدرات علمية وفنية ممتازة في مجالات اختصاصها وذات نهج وطني جاد. وكان الكثير منهم قد انتدب من هذا الحزب أو ذاك أو بصورة مستقلة.
ماذا يعني كل ذلك؟ يعني ببساطة بالغة أن الإدارة الأمريكية كانت تريد الهيمنة الكاملة على السلطة في العراق وتمنع قوى المعارضة العراقية السابقة للنظام من الوصول إلى السلطة, لأنها كانت وما تزال لا تثق بها ولا تريد إشراك أحداً معها في السيطرة على العراق سياسة وأمناً واقتصاداً. ولأنها كانت تريد تنظيم الأمور بما يساعدها على تسليم الحكم لفئة عراقية تثق بها وتأتمر بأمرها وتنفذ رغباتها وتوافق على منح القوات الأمريكية قواعد عسكرية في العراق, وبعضهم القليل يعمل حالياً في إطار مجلس الحكم الانتقالي والوزارات.
كانت حسابات الإدارة الأمريكية منذ البدء خاطئة, فأغلب قوى المعارضة العراقية لم ترغب باستبدال دكتاتورية صدام حسين بدكتاتورية الاحتلال, رغم دور القوات الأمريكية والبريطانية بإسقاط النظام, فهذا الإسقاط لا يمنحها الحق باحتلال العراق ولا الهيمنة على السلطة فيه أو إدارة ظهرها للقوى السياسية العراقية وبالطريقة التي ما زالت مستمرة, رغم الادعاء بغير ذلك أو التصرف الكيفي بمؤسساته الاقتصادية وثرواته الوطنية.
لقد كان الدكتاتور الخائب صدام حسين قد استعد جيداً قبل سقوط نظامه لأنه كان يدرك أنه لا يصمد في المعركة غير المتكافئة, وكان واثقاً من ذلك واتخذ الإجراءات للفترة اللاحقة, في حين لم تدرك الإدارة الأمريكية حتى ما كان يقوم به صدام حسين استعداداً لمواجهة وجود قواتها في العراق بعد سقوطه, وهذا يدلل على سوء عمل وكالة المخابرات الأمريكية وسوء تقديراتها للأوضاع في العراق وفق التقارير البائسة التي رفعتها لصاحب القرار الأمريكي, والتي كانت تعبر عن رغبات الصقور الأمريكية وليس عن واقع الحال. (راجع في هذا الصدد الحلقة الأولى من سلسلة ب 24 حلقة كتبتها حول "نشاط قوى صدام حسين بعد سقوط النظام" والذي نشر في الحوار المتمدن –الإنترنيت- بتاريخ 10/5/2003 وترجم من قبل أل BBC  إلى الإنجليزية) ونتيجة الضياع الذي تعيشه الإدارة الأمريكية وسلطة الاحتلال وتخبطها بين الاستراتيجية العولمية ذات المدى البعيد وبين التكتيكات السياسية الآنية, نشأت أفضل الظروف لإضعاف نشاط ودور مجلس الحكم الانتقالي وتعزيز إمكانية فلول صدام حسين وقوى القاعدة في نشاطيهما التخريبي والإرهابي. لقد وجدت هذه القوى مكاناً آمناً لها في العراق وقادرة منه على إنزال الضربات بقوات الاحتلال وبالمواطنات والمواطنين العراقيين, وهي تسعى الآن إلى جعل العراق ساحة مكشوفة لمعركة كبيرة بينها وبين القوات الأمريكية. ومن هنا تبرز أهمية إيجاد حلول سريعة للتناقض الثاني من أجل معالجة التناقض الأول, أي أيجاد حلول أولية للصراع الأمريكي العراقي على السلطة لصالح الشعب العراقي وقواه السياسية الوطنية لتستطيع التعاون والتنسيق ولكي توجه جهودها ضد قوى الردة والتخريب والإرهاب.      
إذن, تقف الغالبية العظمى من الشعب العراقي أمام حل التناقض والصراع الأول, ولكي يحل هذا التناقض ويخفف من الصراع الناجم عنه يتطلب الأمر إيجاد حلول سريعة وعملية وربما مؤقتة للتناقض الثاني والصراع الناجم عنه. ماذا يعني ذلك؟ يعني من الناحية العملية اتخاذ جملة من الخطوات الجريئة من جانب القوى السياسية العراقية وتقديم مشروع قرار متكامل إلى الإدارة الأمريكية وفي نفس الوقت إلى مجلس الأمن الدولي يتضمن النقاط التالية:
1. نقل السلطة فعلياً إلى حكومة مؤقتة عراقية تنبثق عن مؤتمر عام تتفق عليه الغالبية العظمى من القوى السياسية العراقية, سواء تلك الممثلة في المجلس أم هي الآن خارجه, على أن يشمل ممثلين عن مناطق لم تمثل حتى الآن.
2. الاعتراف بالحكومة العراقية المؤقتة من جانب مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة باعتبارها تمثل العراق رسمياً في المحالف والمؤسسات الدولية ومصالح العراق إزاء دول العالم, وهي المسؤولة عن الوضع في العراق جملة وتفصلاً.
3. إلغاء قرار احتلال العراق مع بقاء القوات الأمريكية والبريطانية ضمن قوات دولية أخرى باعتبارها قوى تعمل لضمان الأمن والاستقرار والسلام في العراق وترفض التدخل الخارجي في شؤونه وتتصدى للمخربين بالتعاون مع الحكومة العراقية المؤقتة. وأن يتم الاتفاق على بقائها لمدة سنة واحدة قابلة للتمديد بموافقة الحكومة العراقية وبقرار من مجلس الأمن الدولي.
4. تسليم كامل الملفات العراقية للحكومة المؤقتة بما في ذلك ملف الأمن والجيش والشرطة والأمن الداخلي, على أن تستفيد الحكومة المؤقتة من خبرات الأمم المتحدة ومختلف الدول في تمكين هذه القوات من النهوض بأعباء المهمة الراهنة والمستقبلية وتحديات الإرهابيين والمخربين المحليين أو القادمين إليه من الخارج.
5. وضع الموارد المالية العراقية والمساعدات الخارجية والقروض المحتملة في أيدي الحكومة العراقية المؤقتة التي تأخذ على عاتقها, وتحت إشراف الأمم المتحدة, عملية الصرف على مختلف فقرات الميزانية الاعتيادية وميزانية التنمية وإعادة إعمار البلاد بدلاً من اللجنة الأمريكية المشكلة لهذا الغرض.
6. تشكيل لجنة عراقية ذات اختصاص من جانب الحكومة العراقية المؤقتة من أجل وضع مسودة الدستور العراقي وقانون الانتخابات العامة وتحت إشراف الأمم المتحدة لضمان إدخال القيم العامة والشاملة والمجتمع المدني وحقوق الإنسان في حيثيات الدستور, لكي لا يعود العراق ثانية إلى النهج الدكتاتوري المقيت أياً كان الستار الذي تتبرقع به الدكتاتورية, ولكي لا يهدد أمن وسلامة الشعب العراقي أو أمن وسلامة الدول المجاورة. كما يفترض أن ينص الدستور على احترام إرادة وقرار الشعب الكردي والأقليات القومية في كردستان العراق التي اتفقت على إقامة الفيدرالية في إطار الجمهورية العراقية, وكذلك حقوق الأقليات القومية واحترام كافة الأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية وعلى التعددية الفكرية والسياسية وتداول السلطة بصورة سلمية وديمقراطية برلمانية..الخ. 
7. طرح مشروع الدستور على التصويت وإجراء الانتخابات العامة في البلاد, لكي يتم بعدها تشكيل الحكومة العراقية الجديدة التي تحظى بإرادة الشعب العراقي.
إن هذه الوجهة في الحل ستكون الضمانة الفعلية لمعالجة أولية للتناقض الراهن و ما نشأ عنه حتى الآن من صراع داخلي ودولي على السلطة في العراق, ولكي تتحد القوى في مواجهة العدو الأول. أما الحل الفعلي لهذا التناقض فيتم مع مغادرة كل القوات الأجنبية المحتلة للعراق, وعندما ويمتلك الشعب إرادته الحرة والديمقراطية ويمتلك العراق استقلاله وسيادته الوطنية.
إن الحلول الجزئية التي تحاول الولايات المتحدة اللجوء إليها كلما اشتدت التفجيرات وارتفع عدد القتلى لا تساهم في إحلال الأمن والاستقرار والسلام, كما لا تعالج عملية إعادة البناء. أن الضربات العسكرية وحدها, بما في ذلك عمليات "المطرقة الحديدية" الجديدة, لن تقدم الأمن والاستقرار والسلام للشعب العراقي ولا لقوات الاحتلال. لهذا يفترض أن يتم التفكير للأخذ بحلول سياسية أساساً أكثر عملية وتوافقاً مع إرادة ورغبات الشعب وقواه السياسية الوطنية, وينبغي أن تكف الإدارة الأمريكية عن سماع صوتها فقط أو صدى صوتها من خلال بعض أتباعها ومؤيديها, فهي أصوات نشاز ورديئة وتتسبب بكوارث جديدة للشعب وللجنود الأمريكيين والبريطانيين والإيطاليين وغيرهم في العراق, وهو ما ينبغي تجنبه في كل الأحوال.
وبالرغم من المصاعب التي يواجهها الشعب العراقي, ومعه غالبية أعضاء مجلس الحكم الانتقالي وغالبية القوى السياسية العراقية بسبب الفوضى السائدة حالياً وتفاقم عمليات التخريب والإرهاب, فأن في مقدوره زيادة الضغط السياسي والشعبي السلمي والديمقراطي على الولايات المتحدة وسلطة الاحتلال في بغداد للتراجع عن نزعتها الجامحة في الهيمنة الكاملة على السلطة والتحكم في جميع الملفات العراقية ورفض تنفيذ ما يطرحه مجلس الحكم الانتقالي من مقترحات لمواجهة الوضع الجديد. إن الإدارة الأمريكية في مأزق كبير لا في العراق فحسب, بل في داخل الولايات المتحدة بشكل خاص وعلى  الصعيد الدولي. ولا بد لمجلس الحكم أن يستفيد من ذلك لصالح الشعب العراقي وقضيته الأساسية. إنها فرصة متاحة لتحقيق ما رفضت الإدارة الأمريكية تحقيقه منذ احتلالها العراق حتى الوقت الحاضر, ولكنها لم تعد قادرة على مواجهة الوضع بالطريقة ذاتها, خاصة وأن انتخابات الرئاسة على الأبواب.
 
برلين في 114/11/ 2003        



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحتلال والصراع على السلطة في العراق وسبل معالجتها!1-4 حلقا ...
- من أجل التحويل الديمقراطي الحقيقي في السعودية!
- كيف يمكن التعامل مع أقطاب النظام السابق لتعميق التجربة الديم ...
- لِمَ هذا الهلع المفتعل للحكومة التركية من الشعب الكردي في كر ...
- العراق ليس فيتنام, ولكن ...!
- نحو مواجهة الإشاعات بمواقف شفافة وصريحة من جانب مجلس الحكم ا ...
- من أجل تعامل صارم وعقلاني مع العناصر التي خانت أحزابها الوطن ...
- المأساة والمحنة المستديمة لأطفال العراق!
- رسالة مفتوحة إلى مجلس الحكم الانتقالي والإدارة الأمريكية - م ...
- ضرورة الشفافية والمجاهرة بين مجلس الحكم الانتقالي والشعب!
- المشكلة الاقتصادية في العراق
- من أجل النقل المسؤول للسلطة إلى مجلس الحكم الانتقالي وتعزيز ...
- حوار مع السيد بريمر حول المدخل لإصلاح الاقتصاد العرقي!
- المناضلون العراقيون الأقحاح ماذا يريدون؟
- الصراع الطائفي محاولة مقيتة لتشويه وجهة الصراع الحقيقي في ال ...
- عواقب الجريمة الأكثر بشاعة التي ارتكبها صام حسين بحق الشعب ا ...
- إنها صحوة موت ولكن, ....!
- المسألة الكركوكية: التطهير العرقي فكراً وممارسة في ظل الاستب ...
- دراسة أولية مكثفة عن أوضاع الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ...
- هل للملكية-الإقطاعية حظ من القبول في العراق؟


المزيد.....




- بعدما حوصر في بحيرة لأسابيع.. حوت قاتل يشق طريقه إلى المحيط ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لأعمال إنشاء الرصيف البحري في قط ...
- محمد صلاح بعد المشادة اللفظية مع كلوب: -إذا تحدثت سوف تشتعل ...
- طلاب جامعة كولومبيا يتحدّون إدارتهم مدفوعين بتاريخ حافل من ا ...
- روسيا تعترض سرب مسيّرات وتنديد أوكراني بقصف أنابيب الغاز
- مظاهرات طلبة أميركا .. بداية تحول النظر إلى إسرائيل
- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - الاحتلال والصراع على السلطة في العراق وسبل معالجته 2-4 حلقات