|
تراث المسرح العربي ( لمناسبة يوم المسرح العالمي )
خالص عزمي
الحوار المتمدن-العدد: 2235 - 2008 / 3 / 29 - 08:40
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
كنت ارغب في وضع العنوان الأقرب الى المعنى المتداول مجازا ؛ وهو ( المسرح الكلاسيكي ) ؛ لكني وجدت ان القصد سيضيع ما بين المعنى الحرفي ؛ والآخر الذي يواجه المسرح الرومانسي وهو ما لا أقصده ؛ ذلك ان هدفي يتحدد تماما بأنشاء مسارح مختصة بعرض نماذج لمسرحيات تراثية عريقة ذات قيمة تكون ركيزة لاعمال مسرحية يحتفى بها عربيا ؛ تعرّف بنتاجات رصينة لها تأثيرات تتعدى الزمن الذي كتبت وعرضت فيه ؛ الى زمن تال يغذى دائما بنتاجات جديدة تتحول هي بدورها تدريجيا الى ذات النمط المحتفى به تراثيا .
لقد دأبت كثير من بيوت ومراكز الثقافة في الدول المتحضرة ؛ على تأسيس مسارح لاعمال تمثل صفوة ما انتجه أدباؤها وشعراؤها وفنانوها في هذا الحقل الهام عبر فترات بعيدة غابرة او قريبة نسبيا ؛ كما في روسيا وفرنسا وانكلترا وايطاليا والمانيا واسبانيا وأمريكا والصين وما الى ذلك من دول في الشرق والغرب ؛ انها مسارح تعنى وتختص فقط بعرض تلك النماذج العميقة المبهرة لكتابها الكبار مثل كورني ؛ راسين ؛ موليير ؛ فولتير ؛ هوجو ؛ دي موســـــــيه ( فرنسا ) ؛ وشكسبير ؛ وليام كونجريف ؛ هيود ؛ مارستن ؛ ديكنز ؛ وايلد ؛ برنارد شو ؛ بينتر؛ أوزيبون ؛ ليفدستوري ؛ كريستي ( بريطانيا ) ؛ بوشكين ؛ ديستوفسكي ؛ تولستوي ؛ جوركي ؛ تيشيخوف ستانيسلافسكي ( روسيا ) ؛وفيجا ؛ كالديون ؛ رويز دي ؛ لوركا ( أسبانيا ) ؛ ومئات من العظماء الاخرين كجولدوني ؛ دانزيو ؛ جوته ؛ جوجل ؛ شيللر ؛لارمنتوف ؛تنسي وليمز ؛ يوجين اونيل ؛ آرثر ميللر ؛ بريشت .... الخ
وتأسيسا على ذلك ؛ فان المسرح الدائم الذي ادعو الى انشائه في كل عاصمة عربية ذات تراث مسرحي يعتد به ؛ لايقتصر على لون محدد من كلاسيكيات المسرح وحسب ؛ بل يتجاوزه الى كل الصيغ التي انتمت اليه كالواقعية ؛ والطبيعية ؛ والعبثية ؛ والتغريبية ؛ والسوريالية ؛ والرمزية ؛ والدادية ؛ واللامعقول ... الخ كما لايكون ممثلا للون واحد وحسب ؛ بل يعرض مسرحيات من التراجيديا والكوميديا ؛ و حتى الفودفيل الذي يتفرع عن الكوميديا بصيغة غنائية راقصة ( خارج نطاق الاوبريت ).. وغيرها ان مثل هذا المسرح الدائم ؛ سيضمن لنا الحفاظ على النصوص وسرد التأريخ الفني للاخراج والتمثيل الذي جسدها ؛ مع الاخذ آ بنظر الاعتبار الاساليب الجديدة في ابتكار تفسير المسرحية واظهارها بابداع يتناسب وروح العصر ؛ كما فعل ذلك واقعيا فنانو المسرح المبدعون الكبار من امثال ( جون جيلجود ؛ تشارلس لوتون ؛ لورنس اوليفر ؛ تيرنس رايتجان ؛دونالد ولفت ؛ رالف ريشارد ؛ جون ميلز ) ؛ بل ان لورنس اوليفر ؛ حينما تولى ادارة الاولد فيك في لندن اواخر الخمسينات راح يمرن الموهوبين من الممثلين الشباب على اسلوب الاداء المميز المنضبط الذي اتقنه هو ؛ وذلك عن طريق اعادة بعض المسرحيات الجادة التي قدمها سابقا ؛ مانحا العناصر الموهوبة فرصة الظهور الى جانبه على المسرح. وقد شاهدت مثل هذا النموذج الفريد بنفسي حينما قمت بمشاهدة العرض المسرحي ؛ وكانت مصادفة مسرة ان اجلس الى جانب الممثلين الكبيرين فاخر محمد فاخر وسعيد ابو بكر وهما يشاهدانذلك العرض .
لاشك اننا في اول الطريق المسرحي ؛ مقارنة بعراقة المسارح العالمية بدءا من المسرح اليوناني والروماني ثم ما بعد تلك الحقبة ؛ لذا فيتوجب علينا من الآن العمل بجد لتأسيس مثل تلك الصروح في عواصمنا ومدننا الكبيرة ؛ بخاصة تلك التي تنسمت عطور الامجاد المسرحية من قبل .
المسرح المصري نموذجا :
ان السبيل الى تطبيق هذا البرنامج الذي أدعو اليه انما يتبلور باستيحاء النشاط المسرحي الذي أخذ طريقه في الظهور الواقعي من عقود من الزمن في بلد عريق في حضارته هو ( مصر ) ؛ لعب المسرح فيه دورا رياديا في التثقيف والتوجيه والمتعة . ان العرض الذي نقدمه هنا لبعض الاعمال التي يمكن اعتبارها نماذج لما يتوجب ان يحتويها برنامج تكوين المسارح الدائمة التي ندعو اليها ؛ انما تشكل الحجر الاساس لما يرشح من مسرحيات كان لها صدى في تاريخ المسرح ـ على عهدها ــ ؛ تأليفا وتمثيلا وأخراجا وما أحاطها من عناصر أساسية مساعدة ؛ كالضوء والصوت والديكور والمكياج ..... الخ. ان اختيار المسرح المصري لم يأت جزافا ؛ بل لتأريخه المدون و المتأصل في الوجدان العربي ؛ ولتعدد اوجه واجناس نتاجه لاكثر من مائة عام ؛ ولعظمة رادته في اهم الاوجه المسرحية .
بدءا سوف لن يجد القاريء شيئا مباشرا من المسرحيات الغنائية ( الاوبريت ) كمسرحيات سلامة حجازي ؛ وداود حسني ؛ وسيد درويش ؛ والخلعي ... وما الى ذلك ضمن هذا البرنامج المكرس للمسرحيات التراثية الصرفة ؛ لان من المفترض ان يكون لها موقع مخصص يعنى بمسرحيات الموسيقا والغناء وحسب وكذلك الحال مع المسرح الذهني ومسرح الطفل .... الخ ؛ اما المسرحيات التي يحتويها هذا الاطار الدائم من العروض التراثية المعادة ؛ فيمكن ان ندرج تحت عنوانها بعض المسرحيات ( المؤلفة ؛ المقتبسة ؛ المترجمة ؛ الممصرة ) و التي سجلها لنا الآرشيف التأريخي لتلك الاعمال ؛ اضافة الى كثير من المصادر الرصينة التي بحثت في هذا الموضوع الهام . وفي ادناه نماذج لمسرحيات يمكن لها ان تكون باكورة مختارة من تراث المسرح المصري بحيث يمكن للجان المتخصصة ان تضيف اليها او تحذف منها ما تراه مناسبا لانجاح الفكرة : ــ
أ ــ ابو خليل القباني : أنس الجليس ؛ قوت القلوب . ب ــ :. احمد شوقي : الست هدى ؛ مصرع كيلو باترا ؛ مجنون ليلى ؛ قمبيز ؛ عنترة . ج ـ . يوسف وهبي : راسبوتين ؛ اولاد الفقراء ؛ الطريق المستقيم ؛ المائدة الخضراء ؛ كرسي الاعتراف ؛ بنات الريف ؛ الاستعباد ؛ اولاد ذوات ؛ الصحراء ؛ بيومي أفندي ؛ سيزار بورجيا الولدان الشريدان ؛ القضية المشهورة ؛ توسكا . د ـ نجيب الريحاني : الستات مايعرفوش يكدبو ؛ لو كنت حليوة ؛ حماتك تحبك ؛ ياما كان في نفسي ؛ المحفظة ؛ الدنيا على كف عفريت ؛ بكرة في المشمش ؛ الدلوعة ؛ لعبة الست . هـ ـ بيرم التونسي : العسل عسل والبصل بصل . و ـ توفيق الحكيم : شهرزاد ؛ اهل الكهف ؛ السلطان الحائر نهر الجنون ؛ بجماليون ؛ اللص؛ الصفقة . ز ـ عزيز اباظة : العباسة ؛ الناصر ؛ شجرة الدر ؛ قيس ولبنى . ح ـ أحمد سويلم : أخناتون ؛ شهريار ؛ الفارس . ط ـ سيد حجاب : أبو علي ؛ حكاية الواد بلية ؛ ي ـ عبد الرحمن الشرقاوي : الحسين ثائرا ؛ الفتى مهران ؛ وطني عكا ؛ النسر الاحمر ؛ الغربان . ك ـ يوسف أدريس : جمهورية فرحات ؛ الفرافير ؛ البهلوان ؛ ملك القطن . ل ـ الفريد فرج : حلاق بغداد ؛ سليمان الحلبي ؛ على جناح التبريزي ؛ الزير سالم ؛عسكر وحرامية . م ـ سعد الدين وهبه : المحروسه ؛ كوبري الناموس ؛ سكة السلامة ؛ السبنسه. ن ـ نعمان عاشور :عائلة الدغري ؛ المغماطيس ؛ الناس اللي فوق . س ـ سمير العصفوري : انها لعائلة محترمة ؛ العيال كبرت ؛ الزيارة انتهت . ع ـ صلاح عبد الصبور : مأساة الحلاج ؛ مسافر ليل ؛ الاميرة تنتظر ؛ ليلى والمجنون . ف ـ فايز حلاوة : شفيقة القبطية ؛ حارة الشرفا ؛ روبابيكا ؛ يحيى الوفد ؛ كدابين الزفة ؛البغل في الابريق ص ـ صلاح جاهين :حسن الداهية ؛ فدان حرية ؛ مطحنة الشيطان . ق ـ أسامة انور عكاشة : القانون وسيادته ؛ الناس اللي في الثالث ؛ البحر بيضحك ليه. ر ـ سمير خفاجي : مدرسة المشاغبين ؛ بودي جارد ؛ دوري مي فاصوليا ؛ انها حقا عائلة محترمة . ش ـ ميخائيل رومان : الدخان ؛ ليلة مصرع جيفارا ؛ العرضحالجي . ت ـ علي احمد باكثير :أخناتون ونفرتيتي ؛ ابو دلامة ؛ سر الحاكم بأمر الله ؛ مسمار جحا ؛ سر شهرزاد ث ـ رشاد رشدي : عيون بهية ؛ بلدي يا بلدي . خ ـ أمين صدقي : حمار وحوة ؛ امبراطورية زفتي وهناك عشرات من المسرحيات الاخرى التي يمكن ادراجها بهذا السياق ؛ طالما يعتبرها الخبراء من كلاسيكيات المسرح تبعا لمستواها وطبقا لقاعدة مرور الزمن ؛.. كريا وسكينة ؛ والعيال كبرت ؛ وسك على بناتك ؛ و الواد سيد الشغال ؛ وسيدتي الجميلة ؛ وشاهد مشافش حاجة ؛ والدخان ؛ و ليلة مصرع جيفارا ؛ والمتزوجون ؛ الهمجي ؛ أهلا يا بكوات ..... الخ ان انشاء مراكز فنية دائمة لعرض التراث المسرحي ( كالذي اشرنا الى بعض نماذجه) في جميع البلاد العربية التي شهدت نهوضا رصينا في هذا المجال الثقافي الحيوي ؛ انما يشكل علامة مميزة على طريق تسجيل و حفظ اهم مسرحيات تلك البلدان من الاهمال والتجاهل والنسيان ... وهي لاتستحق ذلك مطلقا ؛ سيؤدي ايضا الى تشغيل العشرات من فناني المسرح الذين يتشوقون للعمل في مجال اختصاصاتهم الفنية ؛ اضافة الى تذكير الجمهور بأمجاد مسرحيات تتجدد حضورا دائميا ؛ و لتصبح بعدئذ تقليدا راسخا متطورا يشير الى ثقافة جماهيرية لن تطوى صفحاتها أبدا .
#خالص_عزمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نماذج من اعترافات لاتحتاج الى تعليق
-
أربعة أسئلة وثلاث أجابات
-
المرأة ومسايرة روح العصر
-
نزيهة سليم كما عرفتها
-
فضاء وانطلاق
-
يوم أعتقلنا في النادي الاولمبي
-
محو الامية في التربية الديمقراطية
-
أدب القضاة ( 22 ) حازم سعيد
-
التربية المسرحية في العراق
-
لكي لاتضيع ثروة الالحان
-
أدب القضاة ( 21 )
-
موجز لما نشرت عام 2007( 4 ) الخاتمة
-
اليوبيل الذهبي لجمعية الفنانين التشكيليين العراقيين
-
موجز لما نشرت عام 2007(3)
-
موجز لبعض ما نشرت عام 2007 (2 )
-
موجز لبعض ما نشرت عام 2007 (1 )
-
تطور الصراع الدرامي المسرحي
-
لقطات غير عابرة
-
مسيرة شركاء الحرف
-
المُهجرون
المزيد.....
-
هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي
...
-
خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف
...
-
خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
-
الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
-
قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
-
بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
-
خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
-
أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر
...
-
وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس
...
-
قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)
المزيد.....
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
-
آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس
...
/ سجاد حسن عواد
-
معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة
/ حسني البشبيشي
-
علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|