|
القمة العربية الفضلى هي التي لم تُعْقَد بعد!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2234 - 2008 / 3 / 28 - 10:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا شكَّ لدينا في "الأهمية التاريخية العظمى" للقمة العربية في دمشق، فمن خلال النتائج التي ستتمخَّض عنها سيتأكَّد، حتماً، أنَّ "القمة العربية الفضلى" هي التي لم تُعْقَد بَعْد. أمَّا في شأن "أهميتها السياسية" فيمكن القول إنَّ قمة دمشق قد استنفدت أهميتها السياسية ما أنْ بدأت أعمالها، فهي في حدِّ ذاتها، وفي نتائجها وقراراتها، ليست من الأهمية السياسية بمكان، فما حَدَثَ قبل، وقبيل، انعقادها إنَّما هو وحده الذي يتمتَّع بأهمية سياسية، ويستحق الاهتمام السياسي.
لقد رأيْنا تلك القمة، أي في أثناء الإعداد والتهيئة لانعقادها، تُدشِّن "مساراً هابطاً" في مستوى التمثيل السياسي لكثير من الدول العربية المشاركة فيها، وفي مقدَّمها السعودية؛ وإنَّنا لنأمل استمرار هذا المسار، وتسارُع السير فيه، وصولاً إلى "دركه الأسفل"، وهو أن تُعْقَد القمم العربية المقبلة على "مستوى الشعوب"، فإذا تعذَر ذلك لأسباب موضوعية، في مقدَّمها العدد الهائل للمواطنين العرب، فَلْتُعْقَد، على الأقل، على مستوى "ممثِّلي الشعوب"!
لبنان الشقيق ما زال يعاني "الفراغ".. إنَّه الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية؛ ويحقُّ للبنانيين أن يقلقوا ويفزعوا ويتهيَّبوا، فما الذي يمنع من أن يكون لحود هو آخر رئيس لجمهورية لبنان، مثلما كان صدام حسين هو آخر رئيس لجمهورية العراق، فنحن في زمن عربي (أي إسرائيلي في المقام الأوَّل) لا يرحم دولنا ورؤسائها، ولا يقوى على مواجهة قسوته حتى "التوريث الجمهوري" للحُكم؟!
سدة رئاسة الجمهورية في لبنان فَرَغَت ولم تُملأ بَعْد؛ وثمَّة من له مصلحة في أن لا تُملأ أبداً، فما كان من حكومة السنيورة إلاَّ أن رفضت اغتنام فرصة إظهار وتأكيد شرعية تمثيلها للبنان، من خلال تلبيتها الدعوة السورية، مفضِّلةً أن يتحوَّل هذا الفراغ إلى فراغٍ في تمثيل لبنان في قمة دمشق. ولعلَّ أصْدَق ما جاء في بيان "التعليل والاعتذار" الذي أصْدرته الحكومة اللبنانية هو قولها فيه "إنَّ ضغوطاً تعرَّضت لها هي التي حالت بينها وبين حضور القمة".
ولكن، ليس لبنان فحسب هو الذي لن يُمثَّل في قمة دمشق، فالعرب جميعاً، وباستثناء الدول العربية، غير ممثَّلين في تلك القمة، فهذه القمة إنَّما تمثِّل العرب مثلما كانت الغساسنة والمناذرة تمثِّلهم!
ومع أنَّنا في زمن أهم سماته وخواصِّه هو أنَّ أحداً لا يمكنه خداع أحد، فإنَّه يُراد لنا أن نصدِّق أنَّ بقاء قصر بعبدا بلا رئيس هو الذي أفْرَغ قمة دمشق من محتواها، ورخَّصَ قيمتها السياسية، وجعلها، لجهة نتائجها، "إعادة نَشْرٍ" لقرارات القمم العربية السابقة، والتي ليس فيها من مقوِّمات ومعاني "القرار السياسي" شيئاً؛ وكأنَّنا نسينا أنَّ "قمة بيروت العربية التاريخية" قد عُقِدت على الرغم من، وبفضل، "اعتقال" إسرائيل للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، فما كان من القادة والزعماء العرب إلاَّ أن "عاقبوا" إسرائيل على جريمتها النكراء هذه، مُقدِّمين لها، على طبق من فضة، "مبادرة السلام العربية"!
ويُراد لنا أنْ نفهم، وكأنَّنا لا نفهم، فبقاء "البند الأوَّل" من "المبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية" بلا تنفيذ (فوري، وقَبْلي، أي قبل البنود اللاحقة) هو الذي أبقى على أسباب الأزمة في العلاقة بين دولٍ عربية "عظمى"؛ أمَّا بقاء "البند الأوَّل" من "مبادرة السلام العربية"، في ميزان السياسة الإسرائيلية، وكأن لا وزن له البتَّة، فلا يعني عربياً إلاَّ إعادة تأكيد الدول العربية (وفي قمة دمشق أيضاً) التزامها البقاء وراء الباب الإسرائيلي المُغْلَق بإحكام لعلَّه يُفْتَح ولو موارَبَةً، فـ "سياسة قطع الشكِّ باليقين" إنَّما تَصْلُح فحسب لتعبيد الطريق إلى "أنابوليس"، التي وإنْ فشِلَت في "قمَّتها الدولية"، لجهة تعبيد الطريق إلى مفاوضات سلام حقيقية بين الفلسطينيين وإسرائيل، نجحت في زَرْع ألغامها في الطريق المؤدِّية إلى "قمة دمشق"، ليس لأنَّ إدارة الرئيس بوش تخشى أن يتحوَّل العرب في هذه القمَّة، وبفضلها، من نمر من ورق إلى نمر حقيقي؛ وإنَّما لكون مصلحتها تقضي بأن تكون الحلول التي تبحث عنها، وتحاولها، جزءاً من أسلحتها في الصراع الذي تخوضه على المستوى الإقليمي، فالحل في لبنان، مثلاً، لا معنى له إذا لم يكن جزءاً من الصراع الذي تخوضه هناك ضدَّ من ترى فيهم خصوماً لها وأعداء. لقد أرادت الولايات المتحدة لقمة دمشق أن تكون قبل عقدها، وبعد عقدها، خير حُجَّة لبدء العدِّ التنازلي لانطلاق "قطار التدويل" للأزمة اللبنانية، فأرَدْنا ما أرادت!
"السين"، ما "السين"، وما أدراكَ ما "السين".. إنَّه الحرف العربي الذي قرَّر أنْ تكون سورية هي مكان انعقاد القمة العربية (المقبلة). و"السين" هي خير رمز لكل القمم العربية، فلولا هذا الحرف لَمَا كان "التسويف"، أي استهلال كل قرار عربي بحرف التسويف "سوف"، هو جوهر قرارات القمم العربية. وأحسبُ أنَّنا في أمسِّ الحاجة إلى قمة عربية يُقرِّر عقدها، هذه المرَّة، حرف "الضاد"، على استحالة هذا الأمر، فليس من دولة عربية، كبرى أو صغرى، يبدأ اسمها بهذا الحرف العربي البليغ!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسرائيل في دستورها المقترَح!
-
نَقْصُ -الجدل- أفْسَدَ كثيراً من التصوُّرات الكوزمولوجية!
-
ال -B.B.C- تقود الحملة من أجل -حرِّية العبادة-!
-
-البنوك الإسلامية-.. مصلحة رأسمالية في -أسْلَمَة- الرِبا!
-
-داركولا- النفط العراقي!
-
الدولار يغزو رواتبنا!
-
لن -تُسْحَب-!
-
ألمانيا مهدَّدة بما يتهدَّد إسرائيل!
-
تخلُّف -السؤال-!
-
ظاهرة -تمدُّد الكون-.. في تفسير افتراضي آخر!
-
عمرو موسى يستأنف التشاؤم!
-
-التجارة- و-السياسة-.. عربياً!
-
الطريق إلى تحرير -القطاع-!
-
-التهدئة- التي تريدها إسرائيل!
-
عملية القدس الغربية.. سؤال ينتظر إجابة!
-
لُغْز -الزمن-!
-
-الشتاء الساخن-.. نتائج وتوقُّعات!
-
عندما تتسلَّح -جرائم الحرب- ب -القانون الدولي-!
-
حلٌّ جدير بالاهتمام!
-
-ثقافة المقاومة- التي ينشرها -الجهاديون-!
المزيد.....
-
نتنياهو: لن نحتل غزة بل سنحررها من -حماس-.. وستحكمها -إدارة
...
-
صرخة أم مصرية في وجه -الضمور العضلي الشوكي-
-
فرنسا تلغي إقامة مغربي بعد إشعال سيجارته من شعلة الجندي المج
...
-
-اقتحام- الأمن ومجموعات دعوية حفلات الزفاف في سوريا يثير جدل
...
-
آلاف الإسرائيليين يتخذون قرار الرحيل.. اليونان وقبرص والبرتغ
...
-
فرنسا: فرق الإطفاء تتمكن من وقف انتشار الحرائق الضخمة في جنو
...
-
قانون -دوبلوم-: المجلس الدستوري يحظر إعادة إدخال المبيدات ال
...
-
-سلاحه لم يعد يفي بالغرض-.. وزير لبناني يطالب حزب الله بتغيي
...
-
شباب مصري في تايلند.. هجرة غير تقليدية بحثًا عن الفرصة
-
خطة -السيطرة على غزة- ورقة نتنياهو لصناعة نصر مزعوم
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|