في سنة 2001 ارتأى بعض الأساتذة و الطلبة الباحثين بعاصمة المغرب – الرباط- تأسيس مركز ابن خلدون لجعله فضاء للدراسات و الأبحاث، فضاء علمي مستقل متعدد الوظائف لدعم و تنسيق التواصل و الحوار و التبادل الفكري و العلمي.
و في إطار أنشطته و برنامجه لسنة 2003 كان مقررا تنظيم ندوة حول موضوع البرنامج السياسي للحركة الإسلامية استدعي إليها ثلة من فاعلي المجتمع المدني من أساتذة و باحثين و سياسيين. إلا أن السلطة اتصلت قبيل موعد الندوة بمدير المركز لإخباره أن السلطات العليا أمرت بمنع النشاط، و كان الاتصال هاتفيا و قد تم ذلك دون تعليل أو تبرير، أي مجرد إصدار أمر بالمنع تبعا للتعليمات و كفى، كما كان الأمر في السنوات الرصاصية.
للإشارة لقد دأب مركز ابن خلدون على تنظيم ندوة على رأس كل شهر و لم يسبق للسلطة أن منعته من ذلك. إلا أن هذه المرة حاصرت المركز الشيء الذي دفع القائمين على المركز إلى إرجاء النشاط لموعد لاحق رغبة منهم في عدم التصعيد و الانجرار وراء استفزازات السلطة.
و يعتقد البعض أن الداعي إلى ا التصرف التعسفي هو أن جملة من أعضاء مركز ابن خلدون ينتمون لجماعة العدل و الإحسان و هذا سبب لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يرقى إلى دافع لمنع حرية التعبير و الاجتماع، لاسيما و أن الأمر يتعلق بحوار ثقافي علمي لمؤسسة قانونية شرعية، عملها و نشاطها، حسب القانون و نظامها الداخلي هو البحث العلمي و الحوار و التواصل. و هذا تصرف يناهض – مجانا و بدون مبرر – مقومات المواطنة و أسس دولة الحق و القانون و يتنافى كليا مع المسار الديموقراطي.
كما يعتبر البعض أن هذا التصرف يدخل في إطار خطة تضييق الخناق على أعضاء جماعة العدل و الإحسان حتى و لو كان النشاط عاديا جدا. و الغريب في الأمر، حسب هؤلاء أن هذه الجماعة أسست وفق مقتضيات قانون 15 نونبر 1958 المتعلق بتأسيس الجمعيات بالمغرب، كما أن إحدى المحاكم المغربية (محكمة الاستئناف بالقنيطرة) سبق لها و أن أقرت بقانونية الجماعة و هذا ما أكده المجلس الأعلى للقضاء و هو أعلى هيئة قضائية بالبلاد. إلا أن رجال السلطة و القائمين المحليين على الأمور مازالوا يرفضون الإقرار بهذا الواقع و بما يترتب عليه من حقوق و حريات، و ذلك لمجرد الاعتماد على تعليمات غالبا ما تكون شفوية. بل أكثر من هذا، فهناك بعض المحاكم تابعت بعض أعضاء الجماعة بتهمة الانتماء لجمعية غير مرخص لها. و اعتبارا لهذا الوضع يدعو هؤلاء كل الجمعيات التي تعرف مضايقات غير مبررة من طرف السلطة إلى تشكيل جبهة وطنية للدفاع عن حرية العمل الجمعوي و حماية حقوق الفاعلين الجمعويين مادام لامناص من الإقرار بالحق في التنظيم في إطار دولة الحق و القانون و هو حق أساسي و حيوي لحماية الحق في حرية التعبير و الرأي و الحق في الكرامة و احترام الصفة الإنسانية./.