لقد قال ابن خلدون في مقدمته منذ خمسة قرون خلت أن الأعمال و الحضارة مرتبطة بالحرية.
و الحرية لها علاقة وطيدة بالمنافسة و حماية حقوق الأفراد داخل المجتمع. و الحرية في المجال الاقتصادي تظل مرتبطة بمبدأ أساسي و المتعلق بكون السلطة السياسية يجب أن لا يكون لها نشاط تجاري باعتبار أن تحكم تلك السلطة في المجال الاقتصادي لا يسمح بالمنافسة الحرة بل يقوض أساسها و أركانها و آلياتها.
لأنه عندما تكون منافسة بين سلطة سياسية و سلطة اقتصادية داخل السوق فإن التوازن الذي يجعل التبادل يتم في إطار نوع من المنافسة بين مكونات السوق من أشخاص و شركات متساوون في الحقوق و الواجبات ينمحي و يصبح التحكم في السوق في يد السلطة السياسية.
و قد أكد ابن خلدون أن هذه من بين الأسباب التي تؤدي إلى تراجع الاقتصاد و مكونات الحضارة ما دام يبتعد الناس عن المنافسة و تنتج عن هذا الوضع انخفاض في الإنتاج و التداول بفعل تخوف الفاعلين الاقتصاديين في تعاملهم مع السلطة حتى على الركح الاقتصادي.
و في حالة المغرب فإن السلطة السياسية هي التي تعين القائمين على الأمور و المسؤولين في مختلف القطاعات، و من ضمنها جميع القطاعات الاقتصادية و المالية الكبرى. فهي تعين والي بنك المغرب، أهم مؤسسة مالية بالبلاد، و مدراء البورصة و مدير الضرائب و الخازن الغم و غيرهم من المسؤولين الاقتصاديين و الماليين. فهل و الحالة هذه يمكن لهؤلاء أن يتحكموا في المجال الاقتصادي لا سيما و أن السلطة السياسية أضحت حاضرة بالقطاع الاقتصادي عبر وحدات كبرى تتحكم في مجالات قطاعية كبيرة ليس كمؤسسات عمومية و إنما كوحدات القطاع الخاص, علما أن تلك السلطة السياسية هي التي تعينهم في مناصبهم لأهداف اقتصادية محددة؟