أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام البغدادي - موت السرير رقم واحد















المزيد.....

موت السرير رقم واحد


عصام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 691 - 2003 / 12 / 23 - 04:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


- تنتج الرغبة في الحرية من القمع، وتنتج الحرية من التحرير-
بريشت في كتابات حول السياسة والمجتمع-منشورات لارس باريس 1970

في  قصة موت سرير رقم 12  للكاتب الراحل غسان كنفاني  التى حملت المجموعة القصصية أسمها والتى نشرت عام 1973 ، موضوعها الاساسي هو شعور المنفي المعذب الذى ينعطف الى الوراء والذي تعبر عنه كافة الصور من خلال التعلق الاحادي الجانب بالماضي  حيث تتطور موضوعة المنفي الاساسية تحت دافع الموت الكاشف عن سر الحياة. يأخذ أحد المرضى  بمراقبة مريض آخر يحتضر ، أصله من عُمان ، لا يؤثر وجوده في أحداث القصة، فيشرع المريض الرواي بتكوين فكرة عن حياته.
لقد تخيله منفياً شق طريقه بشجاعة رغم العقبات العديدة لكن الحياة نبذته بعد اصابته بمرض فتاك. وقد تخيل أيضاً في صندوقه الذى يمسك به على الدوام ثروته:" عباءة بيضاء شفافة مذهبة الاطراف... حلق خزفيّ لأخته سبيكة تزين بها أذنيها ، وزجاجة من عطر قوي، وصرة بيضاء مصرورة على مايسره الله له من نقود" .
يموت العماني، فتنكشف الحقيقة : أن ماكان خيالا كان صورة رومانطقية  للحياة ، اذ أن حياة العماني في الواقع أكثر قسوة . فهو يتيم في الكويت بعيداً عن وطنه وأطفاله الخمسة ، بينما يتخيله الرواي رجلا غادر بلاده ليجمع المال، وليرجع غنيا كي يستحوذ على حبيبته. غير أن ما كان في الصندوق ليس سوى: " مجموعة فواتير بديون الدكان الجديدة للمخازن الموردة  وكانت في الظرف صورة قديمة لوجه مليح وجلد ساعة قديم ،وخيط من القنب، وشمعة صغيرة، وبضع روبيات منثورة بين الاوراق".
وهكذا لم يحتو الصندوق على قيمة ثمينة وانما على قيم لحياة الفقر والمنفى الشاقة فالصندوق الخيالى مفعم بالاوهام  بينما الصندوق الحقيقي يحتوى على اشياء حزينة للحياة يذوق الفقير مرارتها. اثار الرواي الذي هو مريض ايضا مسألة موت الانسان : فهو يرى ان حياة الشقاء والالم ذات المحتوى المحدد لا تترك سوى اثار عديمة الجدوى كالفواتير والشموع  وهذا ما يفكر به: " ان قضية الموت ليست قضية الميت ، انها قضية الباقين.. ان علينا ان ننقل تفكيرنا من نقطة البداية الى نقطة النهاية.يجب ان ينطلق كل تفكير من نقطة الموت."
لقد اعطى الموت في هذه القصة معنى  لما يستطيع الرواى معرفته مسبقا فهل من الضرورى ان ننتظر الموت دائما لمعرفة الحياة؟ .

يرقد صدام حسين الان في معتقله اينما كان على سرير معدنى ، فهل كان من الضروري له ان يرقد على هذا السرير رقم واحد  لكي يصل الى فهم حقيقة الشعب العراقي ؟؟هل كان ضرورياً ان يستغرق 35 عاماً في رحلة اكتشاف معدن الشعب ؟؟ موت صدام حسين سياسياً حصل قبل موته الجسدي..مات صدام حسين مئات المرات في العديد من القضايا التى تولاها والممارسات البشعة التى قادها والهزائم التى مني بها.

 والكثير منا نحن العراقيين اكتشفنا موته المبكر منذ السنين المبكرة التى تولى فيها الحكم علنا او من وراء الكواليس؟؟ لكن المشكلة كانت في الاخوان العرب الذين يجهلون القضية العراقية ..وها هم الان يكتشفون ان مافي الصندوق الذى تركه الميت ليس سوى فواتير لديون ضخمة  برقبة العراق ولأرقام سرية لحسابات شخصية مسروقه من ثمن النفط ومجيرة لحساب حزب لاتنطبق شعاراته على الواقع الذى تركه ابداً والتى خدع العراقين بها  لفترة وجيزة  والعرب لفترة أطول.
هلموا ايها الاخوان العرب لتكتشفوا الوهم الذى اعتقدتموه  عن صدام حسين  وكيانه الكارتوني ، افتحوا الصندوق الذى برفقته لتشاهدوا ما فيه ؟؟ ترك للعراقيين تاريخاً  ثقيلاً  من المحن وفوضى ضاربة الى حد الجذور وساهم في تكوين جيل مضطرب الرؤى ، جيل مفتت بين ولاء يسارى ينشطر على ذاته كل صباح ومساء ، او جيل من الشباب المتحزب للطائفة قبل الوطن ، وللاشخاص قبل الطائفة ، جيل ضائع في دروب شتى كل درب تقوده الى درب اخر..جيل هبط تعلمه الى مستوى الحضيض الذى صار فيه الطبيب لا يصف لمريضه سوى حبة اسبرين علاج لكل مرض.. ومهندس لايعرف ايهما الاطول المتر ام الياردة؟؟ وصحفى يكتب في جريدة يومية  تصدر في بغداد لا يعرف عاصمة مورتانيا؟؟.

جيل لن يستطيع ان يميز بين سياسي مخلص يحاول العمل بجد ومثابرة وبين  سياسى يحكمنا يريدنا ان ندفع التعويضات لجارتنا ايران في الوقت الذى تتصدق  فيه بعض الدول المانحة  على مجلسه لتثبيت اركان حكمه مع انك لو تاملت  كلمة المانحة جيداً قد تبدو معها ان هذه الدول دولاً شريفة اعتادت المنح ومساعدة الدول الضعيفة ..هذه الدول التى امتصت دماء الشعوب خلال حقبة قرن مضى ..يسموها الان دولاً مانحة!! استلبت الاف المليارات من خيرات الشعوب لكى تتصدق الان ببعض ملايين ستعود اليها مضاعفة بعد سنوات قليلة من الشروع بالاستثمار في العراق . هذا حال العراق بفضل أوهام صدام حسين ومشجعوه من العرب، العراق الذى لم يقترض دولاراً واحداً منذ عام 1900بل وهب قروضاً وهبات لدول عدة، صارت الدول مصاصة خيرات الشعوب تتصدق عليه!!
هذا ما تركه لنا صدام حسين خلال حقبة حكم حزب البعث..اكان ضروريا للعرب ان يطيلوا مدة عدم تصديقنا لغاية ان يموت صدام حسين ويفتحوا مافي صندوقه المعدنى؟؟

اهي مفارقة ان ترسل الجامعة العربية فريقاً لتقصى الحقائق؟؟ اليس هذا  تأكيداً على انهم لم يصدقونا مع أننا استعملنا كل الوسائل لنقول لهم ان صدام حسين ونظامه ليسا سوى خديعة كبيرة للعقل العربي . لكنهم لم يستمعوا ولم يصدقوا  ولا يريدون تصديقنا ابدأ ، فربما يعتقدون ان المقابر الجماعية التى ذهبوا لزيارة مواقعها انما هي ساحات  متروكة فيها بقايا عظام كومبارس قتلوا خلال تصوير فلم القادسية الفاشل !! وبالمناسبة سألت يوما  تلميذا في المدرسة الثانوية عام 1996 من هو قائد معركة القادسية فكان جوابه : عزت العلايلي!!
ترى متى يطل علينا ناطق رسمي ليعلن  موت السرير رقم واحد!!



#عصام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرمجة الكائنية المنحى-02
- القرار الليبى –خطوة عقلانية شجاعة
- همسات صباحيـــة-2
- اليوم 14 في حياة صدام حسين
- همسات صباحيـــة-1
- أين الحقيقــــة؟
- 14 ديسمبر 2003
- الجيل الجديد من الاسلحة النووية
- تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني
- البرمجة الكائنية المنحى-01
- بغداديا - قصة قصيرة جداً
- تعالي ياناني ياحلوة العينين والثغر-قصة قصيرة جداً
- الانتظار واللعبة الاخرى - قصة قصيرة جداً
- اطلس البلاغة - القسم الثامن
- شامة في اسفل ظهرها - قصة قصيرة
- المفاضلة بين خدمة البريد في الياهو والهوت ميل
- الايدز وكراسي الجنرلات
- العرب بين أنتاج المعرفة ونقلها
- كلمات متقاطعة
- بكلوريا عامــــة-أجتماعيات


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام البغدادي - موت السرير رقم واحد