شهريار وإشكالية قتل المرأة ..

اسامة الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2193 - 2008 / 2 / 16 - 10:38
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    

قد لا يقبل ويغضب الكثيرون بان نتحدث على شهريار الشخصية الوهمية في قصص ألف ليلة وليلة ونزيل عنه صفة الملك العاشق لنعتبره قاتلا لم يدنه التاريخ بل على العكس من ذلك بكل وقاحة ودناءة كرمه التاريخ في كل مناسبة باعتبار قصة حبه بشهرزاد من القصص الخالدة والشهيرة .
لكننا لم ننظر يوما إلى أن شهريار هو بالأساس كان قاتلا وساديا يتسلى بقطع رؤوس النساء وكان هذا الأمر طبيعي بالنسبة أليه ولكل الرجال !!!!! والناس تتعاطف معه لأنها تقدر حالته النفسية التي أثرت عليها خيانة أول زوجة من زوجاته مع عبد من عبيده . مما أدى في النهاية ليقوم بالزواج يوميا من فتاة من رعيته لينام معها في فراش الزوجية وفي الصباح يقطع رأسها .
أننا طوال كل تلك الفترة التي نسمع فيها القصة لم نسال نفسنا يوما لماذا خانته زوجته ؟
ولماذا مع عبد وليس مع أشراف القوم ؟
ولماذا تخون المرأة زوجها وملكها وهو كما يذكر في القصة انه متمتع بصحة نفسية وجسدية كاملة تمكنه من الزواج من امرأة كل يوم؟
وهل كانت زوجته قد تزوجت منه عن رضاها أم بسبب ضغط الأهل آو التهديد ؟
لنضع هذه الإشكالية ولنفكر قليلا هل من حقه أن يقتل زوجته ؟الم يكن يخونها يوميا مع امرأة من نساء وزرائه أو رعيته . لما لم يتحدث الكاتب عن هذا واظهر شهريار الضحية والنساء هم الخونة ويستحقون جميعهم الموت حتى وان كانوا لم يفعلوا شيئا عليهم أن يقتلوا بجرم غيرهم .
وهذه الإشكالية وانحياز الكاتب لبني جنسه وضعت شهريار بطلا تاريخيا يفتخر فيه الرجال وأصبح أعظم القتلة للنساء بالتاريخ بطلا وبشهادة جميع المثقفين العالميين ..
وهنا وقعنا في مسالة معقدة أننا حللنا القتل من دون أن ندرك هذا الشي وكأننا كمن يرى فيلم يجعل المخرج من القاتل بطلا ويجعل من القانون مجرما مما يؤدي في النهاية إلى تعاطف الجمهور مع القاتل .
ورغم أن القصة من رسم الكاتب الخيالي لكنها في الحقيقة قد خلقت لنا بدون إحساس واقعا مؤيدا لقضية قتل المرأة من دون التحقق والتثبت من الحقيقة فقد تكون المرأة ضحية لواقع قد عاشته آو تعيشه .
وهنا اوكد أنا على نقطة مهمة نحن لسنا بصدد إن نحلل المحارم ولكننا علينا التأكد بدقة من قضايا قتل النساء والأسباب التي أدت إلى القتل لان أكثر هذه القضايا يتم بطريقة لا تضمن حتى التحقق من الأمر .وقد يكون خلاف على مال آو ورث يودي لقتل المرأة واتهامها بالخيانة آو غسل عار وتبرئة الجاني ليتمتع بالورث .
وهذه الحوادث أكثر من أن تعد وتحصى في بلادنا نحن .
وقد يكون القتل لغسل عار العائلة فقد تقتل فتاة لم تتزوج لأنها اغتصبت من قبل شاب أما بطريقة التخدير الفكري آو اغتصبت بالقوة آو أعطت شيئا هي لا تدرك قيمته لمن اعتقدت انه يحبها وفي النهاية وجدت مصيرا اسودا يلاقيها ليبرا قاتلها وليجعل المجرم الذي اغتصبها ضحية تفلت بسهولة من العقاب .
والمرأة التي تقتل زوجها وهي ترائه أمام أعينها وهو يخونها قد تشنق في بعض البلاد أما الرجل الذي يقتل المرأة وهي تخونه يبرا آو يسجن شهرين مع وقف التنفيذ .
ورغم أن القاضي عندما يسال عن السبب الذي يجعل حكمه مزدوج لقضايا الشرف بين الرجل والمرأة والعكس يقول بإجابة بسيطة بأن ديننا يعطي الرجال أحقية أكثر من النساء بسبب الوظائف الفسيولوجية التي تختلف عند الرجل والمرأة فالمرأة تنجب الأطفال ليس مثل الرجل هذا أولا
وثانيا لان الدين يحرم الخيانة لكنه بشكل آو أخر يتهاون مع الرجل في خيانته أكثر من المرأة بسبب العرف والتقاليد التي تسمح للرجل وتسامحه لخيانته والعكس بالنسبة للمرأة .
أنا أعيد صياغة السؤال أذا كان من حق الرجل قتل زوجته بسبب الخيانة فإذا من حق المرأة التي تشكل نصف المجتمع والعدد الأكثر من التعداد العالمي أن تقوم بنفس الشي وتقتل زوجها بسبب خيانته لها .
وأنا هنا لست بصدد تحليل آو تحريم أو تجريم آو شجب قتل المرأة أو الرجل ولست بصدد تكوين مقارنات لن تنتهي بين أوجه التشابه آو الاختلاف بين المرأة والرجل آو بين حقوق وواجبات كل شخص ولكنني أريد أن اجعل الآخرين يفكرون قليلا في قصدي من هذا الموضوع هو أننا نجعل الضحية دائما هي الظالمة ونجعل الجلاد هو المظلوم في واقع مجتمعنا المعاصر فنحن دائما نقول للطير وهو في القفص أنت السبب في سجنك لأنك أوقعت نفسك في شباك الصياد من دون أن تنتبه . ولكننا نخجل أن نقول أن الصياد كان قد استخدم طريقة ذكية لصيد الطائر ولم يحترم حرية هذا الطائر في العيش بسلام في هذه الأرض التي كان أجداده يعيشون فيها قبل أن يخلق الإنسان ( الصياد ) .
أننا دائما في واقعنا المعاصر ننظر للمرآة على أساس أدنى ولكننا في داخلنا نحتاج للمرأة بشكل أكثر مما قد نحتاج للهواء آو الماء الذي نشربه .
والمحصلة النهائية أننا الرجال لنا الحق في أن نحب ألف امرأة ونتزوج ونخون من دون أن نقبل هذا الشي للمرأة .
وعلى الجميع أن يتقبل واقعا جديد بدأت تظهر له بدايات وهو واقع الاحترام المتبادل ولا تدين حتى لا تدان .

#اسامة_الرفاعي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات