أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فهد راشد المطيري - تشويه المفاهيم الغربية














المزيد.....

تشويه المفاهيم الغربية


فهد راشد المطيري

الحوار المتمدن-العدد: 2191 - 2008 / 2 / 14 - 02:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من بين المغالطات أو الحجج الواهية في علم المنطق ثمة حجة تعرف باسم straw man، ويمكن شرح آلية هذه الحجة بإيجاز على النحو التالي: عندما يتحاور «أ» مع «ب»، يعمد «أ» إلى تحوير وجهة نظر «ب» بطريقة تمكّن «أ» من انتقادها بسهولة. المثال المرئي على هذا النوع من الحجج الواهية نجده في برنامج «الاتجاه المعاكس»، والمثال المكتوب نجده في الأدبيات الإسلامية التي تتناول نقد المفاهيم الغربية! هذا المثال الأخير هو موضوعنا في هذا المقال.

نقد المفاهيم الغربية من منظور إسلامي يعتمد على آلية تشويه منظم، وهو تشويه يقود عادة إلى إحدى النتائج التالية: الرفض، أو الاحتواء، أو الرفض والاحتواء معاً. آلية التشويه في الكتابات الإسلامية نجحت في جعل مفهوم «الليبرالية» مرادفاً للانحلال الأخلاقي، ومفهوم «العلمانية» مرادفا للشرك والكفر، والنتيجة الحتمية هي الرفض القاطع لكلا المفهومين! مفهوم «الديموقراطية» كان مصيره الرفض في البداية، ولكن هناك ظروفاً موضوعية دفعت باتجاه احتواء هذا المفهوم من منظور إسلامي، فمع تزايد الضغوط الخارجية لجأت بعض الدول العربية إلى تشويه مفهوم «الديموقراطية» من خلال مفهوم «الشورى»، أما في بقية الدول العربية فإن خيار التيار الإسلامي في نبذ العنف ودخول المعترك السياسي ساهم إلى حد كبير في تشويه مفهوم «الديموقراطية» عن طريق ما يعرف بـ «أسلمة القوانين».

مفهوم «حقوق الإنسان» من منظور إسلامي ينطوي على مفارقة، فآلية التشويه في هذه الحالة تقود إلى رفض واحتواء في آنٍ واحد، ولو نظرنا إلى الأدبيات الإسلامية لوجدنا دفاعاً عن المقولتين التاليتين:

(1) حقوق الإنسان تضمنها الإسلام.

(2) حقوق الإنسان مصدرها غربي وهي غير ملزمة لنا كأمة لها ثقافة مختلفة عن الغرب.

منطقيا، بالإمكان الدفاع عن (1) أو (2)، و لكن من غير المنطقي الدفاع عن (1) و(2) في الوقت نفسه! العامل المشترك بين (1) و (2) هو تشويه مفهوم «حقوق الإنسان»، ففي (1) هناك خلط بين الحقوق والواجبات، فحقوق الإنسان التي تضمنها الإسلام، هي في حقيقة الأمر واجبات العبد، إذ إن هناك فرقاً كبيراً بين احترام الإنسان لأنه إنسان وبين احترام فئة معينة من البشر لأن الدين يأمر بذلك! نأتي الآن إلى (2) لنجد أن رفض حقوق الإنسان يستند إلى حجة مفادها أن هذه الحقوق نسبية وتختلف باختلاف المكان، وهذه حجة واهية، فعلى الرغم من أن مفهوم «حقوق الإنسان» له شهادة ميلاد غربية، فإنه يحمل قيماً تتعلق بالبشرية جمعاء. لو صحت هذه الحجة الواهية حول نسبية حقوق الإنسان، فإن الأوروبي، مثلا، سيكون معذوراً لو رفض اعتناق الإسلام بحجة أنه دين مقتصر على ثقافة شبه الجزيرة العربية!

مفهوم «العلم الحديث» يتعرض إلى آلية التشويه ذاتها، فهو يقود أيضا إلى مزيج غريب من الرفض والاحتواء، والمتأمل في الكتابات الإسلامية يجد دفاعا عن المقولتين التاليتين:

(3) القرآن الكريم يتضمن اكتشافات العلم الحديث.

(4) العلم الحديث لايصلح أن يكون مصدرا للمعرفة لأنه يتسم بالتغير وعدم الثبات.

من الجائز منطقيا الدفاع عن (3) أو (4)، لكن من غير المنطقي الدفاع عن (3) و (4) في الوقت نفسه! العامل المشترك بين (3) و(4) هو تشويه مفهوم «العلم الحديث»، ففي (3) هناك اختزال لنظريات رياضية في غاية التعقيد وجعلها مرادفة لقائمة من التلميحات المبهمة والتشبيهات المصطنعة! آلية التشويه في (4) يفوتها أمر مهم، فالعلم الحديث لا يستنكف من تصحيح نفسه بنفسه، فالحقائق الثابتة والمطلقة تتوافق مع العقلية الدينية التي تركن إلى الاطمئنان، ولا تتوافق مع العقلية العلمية التي تجنح إلى الشك و تقصي الحقائق.

طريق النهضة الحقيقية يبدأ من حيث انتهى تشويه بعضهم للمفاهيم الغربية، فنحن في حاجة ماسة إلى رفع الظلم عن هذه المفاهيم والتعامل معها بطريقة أكثر موضوعية. الليبرالية ليست انحلالاً أخلاقياً، بل حرية مسؤولة ترتقي بالفرد وبقدراته الذاتية، والعلمانية ليست كفرا أو إلحاداً، بل وسيلة لحفظ طهارة الدين من دنس السياسة، والديموقراطية ليست هبة الوالي لشعبه كلما احتاج إلى مشورة، بل حق للشعوب من دون منة، وحقوق الإنسان ليست قائمة من واجبات العبد تجاه ربه، بل هي إيمان أصيل برابط الإنسانية التي تجمعنا، والعلم الحديث لم يكن ثمرة تخمين النصوص المقدسة، بل هو ثمرة إعمال العقل الإنساني الخلاّق!



#فهد_راشد_المطيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انحسار الخطاب العلماني
- العدل والديمقراطية
- الثنائية المزيفة: إما حكم الأغلبية...وإما حكم الأقلية
- الوطنية و حلبة الصراع من أجل السلطة
- الديمقراطية و استبداد الأغلبية
- حوار في الدين و السياسة و التعليم
- الرقابة في عصر -الأنوار- الإسباني
- نقد العقل الجبان
- التفكير النقدي: طريق الخلاص
- الأفكار الجديدة و التقاليد الموروثة
- المثقف بين الطموح و تسويق الذات
- ماذا أقول له؟
- شعوب تحدق في السماء
- لا حاجة إلى حوار بين الأديان
- أسطورة بابا نويل
- زمن ولىّ و أثر باقٍ
- قراءة في محاضرة بابا الفاتيكان


المزيد.....




- بابا الفاتيكان: الديكتاتوريات لا تعترف بالتعددية
- استقبل Toyor AlJanna تردد قناة طيور الجنة نايل سات 2024 لمتا ...
- قوات الاحتلال تستولي على مضخة باطون غرب سلفيت
- الإسلاميون بنوا عشًا في ولاية شمال الراين- وستفاليا
- فرح طفلك..  وثبت تردد قناة طيور الجنة نايل سات الجديد 2024
- سبيربنك يعلن عن نمو عملاء الخدمات المصرفية الإسلامية في روسي ...
- -اليهودي المقدَّس-.. قصة فلسطيني اعتنق اليهودية وقتلته نيران ...
- أغاني البيبي تفرح وتسعد طفلك..حدث تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- رأي.. بشار جرار يكتب عن مستقبل -الإخوان- في الكويت والأردن: ...
- 3 أحفاد يهود.. هل تؤثر روابط بايدن العائلية على دعمه لإسرائي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فهد راشد المطيري - تشويه المفاهيم الغربية