أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد علي محيي الدين - انقلاب شباط الأسود(2&1)















المزيد.....

انقلاب شباط الأسود(2&1)


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 2184 - 2008 / 2 / 7 - 11:25
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بعد أن بدأت حكومة عبد لكريم قاسم بالتراجع أمام ضغوط القوى الرجعية،وتخلت عن الكثير من المنجزات التي شدت الجماهير إليها،وانتهجت سياسة المهادنة مع القوى المعادية لها،وتوجيه الضربات للحزب الشيوعي،بدأت تلوح في الأفق بوادر الانقلاب الجديد،من خلال التحركات المشبوهة للقوى الرجعية والضباط المتقاعدين وبعض الذين لا زالوا في الخدمة ولهم توجهاتهم المعروفة المخالفة لتوجهات الحكومة،والمؤامرات الخارجية لدول الجوار العراقي،وما قدمه عبد الناصر والنظام السوري من دعم لا محدود للقوى المعادية لها،ومحاولاتها المتواصلة لإسقاط النظام،بالتعاون مع شركات النفط المتضررة من القانون رقم 80،ناهيك عن العزلة التي واجهها النظام بسبب سياسته الداخلية،التي جعلت الجماهير تتراجع عن تأييدها بعد أن لاحت في الأفق بوادر عودة القوى الرجعية إلى مراكز الحكم،وتغلغلها في مفاصل الدولة،وأصبح متصرف اللواء يتصرف بلوائه دون علم الحكومة المركزية،فيما يقبع الزعيم في وزارة الدفاع غير عالم بما يجري حوله أو يحاك من مؤامرات،وزاد الأمور تعقيدا مطالبة قاسم بضم الكويت إلى العراق وما رافقها من تحركات للدوائر الغربية تحت ذريعة الدفاع عن الكويت وتحشد قواتها على تخوم العراق،(هذا الأمر يحتاج إلى مقال خاص فقد كانت الكويت وراء إسقاط الحكومات العراقية جميعها) ناهيك عن السعي الأمريكي المحموم لتغيير النظام في أطار خططهم لمحاربة الشيوعية وتنامي دور الحزب الشيوعي في العراق الذي يعد في طليعة الأحزاب الشيوعية العراقية تمسكا بالأممية البروليتارية،وهو ما أعترف به قادة البعث أنفسهم في مذكراتهم المطبوعة عن مجيئهم بالقطار الأمريكي الميمون،فيما جرت تحالفات مشبوهة بين حركة القوميين العرب الناصرية،والبعثيين والقوميين الإسلاميين والعسكريين المحافظين،وبعض القوى الدينية والرجعية المتضررة من الثورة،وكان الأمريكان يتحركون ويجرون اتصالات مع القادة البعثيين أمثال هاشم جواد وطالب شبيب وعلي صالح السعدي،فيما كان ارتباط صالح مهدي عماش مباشرا مع السفارة البريطانية عن طريق ملحقها العسكري،وظهرت الكثير من الوثائق المؤكدة لارتباط هذه الجهات بالجانب الأمريكي وارتباط جهات قومية بالسفارة البريطانية،ورغم إن قاسم يعلم بتلك التحركات إلا انه لم يتخذ الإجراء اللازم لمواجهتها،فيما كانت أجهزته الأمنية تعلم بما يجري ولكنها تخفي الكثير من المعلومات لسعيها للخلاص منه.
واتبع البعث تكتيكات ناجحة في السعي للوصول إلى السلطة،فتحالف مع الأكراد لتصعيد حركتهم المسلحة حتى تنشغل الوحدات العسكرية في الحرب وإبعاد الضباط اليساريين،حتى يتسنى لهم الانفراد بالسيطرة على بغداد،وقامت القيادة العسكرية الفاعلة المرتبطة بهذه الجهات بإبعاد القادة العسكريين الشرفاء مع وحداتهم إلى كردستان،وتمكنوا من القيام بإضراب طلابي لأشغال أجهزة الدولة في بغداد،وكانت الأمور تجري بمخطط مرسوم شاركت فيه الكثير من القوى التي يعتمد قاسم عليها في الوقت الذي قام بإبعاد العناصر الموالية له وتجريدها من مسؤولياتها بتأثير البعض من المقربين إليه الذين يمهدون للإجهاز عليه،في تصور من هؤلاء بأنهم سيتولون السلطة بعد إسقاطه وهو ما أصبح يراود كل عسكري في إن يكون يوما زعيما للبلاد لأن الأمر لا يحتاج إلا إلى بضع دبابات وطائرتين لتكون السلطة بمتناوله،بعد احتلال الإذاعة وضرب القصر الجمهوري.
وكان الحزب الشيوعي يعاني في تلك الفترة من انقسامات داخلية وصراعات وتكتلات مريبة،وهجمة هوجاء من السلطة الحاكمة أفقدته اخذ زمام المبادرة او القدرة على التحرك بالفاعلية المعروفة عنه بين الجماهير،ويتحمل وزر هذه الأخطاء أعضاء في اللجنة المركزية والمكتب السياسي وبعض الكوادر المتقدمة ممن سعوا لإضعاف الحزب وإدخاله في معارك جانبية أضرت بمصالحه وأضعفت وجوده وجعلت سكرتيره والمخلصين من قادته غارقين في حمى الإصلاح الداخلي،ويتحمل كامل المسئولية في هذا التردي الراحل عامر عبد الله(الشيوعي الأفندي)وكتلته التي سعت لإبعاد سكرتير الحزب والانفراد بقيادة الحزب لأسباب ناجمة عن التركيبة الطبقية للراحل عبد الله الذي لم يكن في يوم من الأيام من المناضلين الأشداء،أو البواسل المتصدين للسلطات،او المعروفين بجهاديتهم العالية وصمودهم،فلم يعتقل في حياته بل كان متقدما في مختلف لعهود والأزمان،ويتمتع بحماية خاصة تجنبه الحبس والإعدام.
ورغم ذلك فأن الحزب كان على دراية بالتحركات المشبوهة للقوى المعادية للثورة،وتحاول الانقلاب عليها، من خلال الضباط الشيوعيين المنتشرين في الوحدات العسكرية في بغداد وخارجها،وقد وصلته معلومات مؤكدة عن تهيؤ وحدات في أبو غريب للقيام بحركة،وأصدر بيان حذر فيه من هذه التحركات طالبا التصدي لمواجهتها،محذرا قاسم مما يجري،ولكن تحركات قاسم لم تكن بمستوى الحدث،رغم اعتراف المتآمرين،وإلقاء القبض على علي صالح السعدي الأمين العام للبعث،وكان عليه إجراء تنقلات في صفوف الضباط وإبعاد الضباط غير الموالين إلى خارج بغداد،وإسناد قيادة الوحدات لضباط مخلصين بعيدين عن التوجهات البعثية القومية المريبة،ولكنه لم يفعل لأسباب لا يعلمها إلا هو شخصيا.
ولكن يمكننا أن نطرح تساؤلا يفرض نفسه،لماذا لم يتحرك الحزب الشيوعي لإفشال المؤامرة قبل حدوثها،بإمكانياته المتواضعة،ووجود ضباط في القيادة محسوبين عليه مثل مدير الحركات العسكرية الشهيد طه الشيخ أحمد،وقائد القوة الجوية الشهيد جلال ألأوقاتي،والشيوعي وصفي طاهر مسئول حماية عبد الكريم قاسم والقريب منه وغيرهم من الضباط الذين كانوا في مراكز مهمة ويرتبطون بعلاقة مع الحزب الشيوعي،وان قيادة القوة الجوية لوحدها كافية لإحباط أي تحرك او انقلاب،وهل أن الصدفة وحدها وراء تلكؤ الشهيد جورج تلو في إبلاغ قائد القوة الجوية بالأمر،أم أن هناك أشخاص في القيادة غير جديرين بتولي مسئولياتهم لعدم توفرهم على الروح الاندفاعية،وكيف للحزب أن يزج أعضاءه ومناصريه في معركة خاسرة بعد الانقلاب وهو ما سنشير إليه في موضعه.
وأرى بعيدا عن أي التزام مبدئي،أن الكثير من قيادة الحزب في تلك الفترة لم يكونوا بمستوى المسؤولية،وغير قادرين عمليا على المواجهة لوجود خلافات عصفت بوحدتهم،أو أتكاليتهم وعدم تقديرهم للأمور،وافتقادهم للعزم الثوري الذي يجعلهم بحجم المهمة وما تتطلبه المرحلة من موقف حاسم لأسباب كامنة في طبيعة الحزب الذي لا يتبنى الكفاح المسلح أو العمل العسكري في حسم الأمور،وهذا الأمر واكب التحرك الشيوعي طيلة تاريخه باعتماده دائما على الجماهير الشعبية التي لا تمتلك في الواقع أي تأثير على تغيير الأحداث،والأحرى بالحزب أن له تكون قواعده العسكرية التي يقودها العسكريون أنفسهم،لا أن يتولى قيادهم رفيق مدني لأسباب كامنة في النفسية العسكرية التي لا ترتضي أن يقودها مدني مهما كان وزنه وموقعه في المجتمع،في الوقت الذي كان الحزب يربط تنظيماته العسكرية بمدنيين بعيدين عن طبيعة العسكر وتعاملاتهم،وكان الأولى أيكال أمر التنظيم إلى عسكري كفء قادر على التعامل مع زملائه العسكريين،ولا زال الحزب على هذا التفكير دون الاستفادة من الدروس السابقة.
ولم تفكر قيادة الحزب بتشكيل لجنة طوارئ لمتابعة التحركات الجارية في البلاد،واكتفت بتوجيه نداء إلى الجماهير التي لا تمتلك القدرة على إحباط أي محاولة انقلابية،لعدم امتلاكها الأسلحة القادرة على مواجهة قوات عسكرية مدربة تمتلك إمكانيات حربية كبيرة،ويقودها ضباط مجربون في إدارة المعارك،ولعل خطة الطوارئ التي وضعها الحزب وجرى الإشارة إليها في مواطن متعددة من تاريخه لا تمتلك في حيز التطبيق أي تأثير فاعل لإيقاف أي تحرك مضاد،ولا تعدو أن تكون خطط كتبت على الورق اعتمدت آراء مدنيين لا علاقة لهم بالتعبئة العسكرية أو خطط الميدان،وما يتطلبه الموقف من خطط عسكرية متكاملة يعدها عسكريون محترفون.
وما يثير الغيظ والاستنكار أن الرفيق سباهي مؤرخ الحزب الشيوعي يورد جملة ليست في محلها،ولا يمكن أن تصدر عن مؤرخ جاد،حيث يقول ص233 ج2 من عقوده(في يوم 7 شباط 1963 بادرت إحدى صديقات الحزب الشيوعي إلى إخبار الحزب بان موعد الانقلاب سيكون في اليوم التالي أي 8 شباط بعد أن علمت ذلك من عشيق لها عسكري يسهم في الإعداد له)وهذه الجملة النشاز شكلت صدمة كان على الكاتب الكريم تجاوزها او محاولة تلطيفها او عدم إيرادها فكلمة "عشيق لها يشارك في الانقلاب" تعطي مدلول غير مشرف عن الحزب الشيوعي وعلى مؤرخ الحزب النأي عنه،وعدم إيراده بهذه الطريقة غير المهذبة التي تنال من سمعة الحزب وشرف أصدقائه،ويبدوا إن الأعراف الاجتماعية الغربية أنست الرفيق العزيز ما عليه المجتمعات الشرقية من عادات وتقاليد.

*********************
انقلاب شباط الأسود(2)
محمد علي محيي الدين
2008 / 2 / 7
مواجهة الانقلاب:
لا أريد الخوض في مجريات الانقلاب وإحداثه فقد كتب الكثير عن الموضوع،وتضاربت الروايات عن الحدث الواحد حتى بين الانقلابيين أنفسهم في تكالبهم المحموم لإثبات أيهم المشارك الفاعل في الانقلاب ولكن في صبيحة الجمعة السوداء في تاريخ العراق الحديث،شرع الانقلابيين بمهاجمة وزارة الدفاع والسيطرة على الإذاعة والأماكن الحساسة في العاصمة،واحتلال المواقع الحكومية المهمة،وكانت المقاومة البطولية لأنصار الثورة في الدفاع مما يستحق التسجيل بمداد من نور في عداد الملاحم البطولية للعراقيين،فماذا كان موقف الحزب الشيوعي من الانقلاب،هل ينتظر نجاح الانقلاب ليقوم الانقلابيين الجدد بتصفيته أم يحاول التصدي له وإفشاله،وسلوك طريق اللاعودة ،يبدو أنه أختار الطريق الثاني،فأوعز لقواعده وأنصاره ومؤيديه بالخروج إلى الشارع ومقاومة الانقلابيين،فهبت الجماهير الكادحة بأسلحتها البسيطة لمواجهتهم،ولكن أين للمقاومة الشعبية التي لا تمتلك إلا قطع صدئة من السلاح التمكن من إفشاله أو القضاء عليه،بعد أن تخلت القيادات العسكرية المتواجدة في بغداد عن نصرة الزعيم رغم اتصالاته الهاتفية بها،وبذلك قدم الحزب الشيوعي على مذبح التضحية الكثير من قواعده وأنصاره ومؤازريه في معركة غير متكافئة لم يخطط لها أو تكن في الحسبان،وفي ظل خيانة مخزية لمسئول التنظيم العسكري وقتها هادي هاشم الأعظمي الذي تواطيء مع الانقلابيين وهنائهم بالنصر عند توجهه للإذاعة،وأصبح دليلا لحرسهم القومي في الكشف عن الأوكار الحزبية ومكامن القيادة،وكان الأولى بالحزب ان يهيء قبل الانقلاب ما يجدي لمواجهته،ويهيئ قواه العسكرية من صغار الضباط وضباط الصف والجنود في حركة مضادة للسيطرة على وحداتهم وإشراكها في معركة حاسمة قد تفضي إلى النجاح،ولكن قيادته التي تفتقر لأي تخطيط عسكري،أو خبرة حربية،وابتعادها عن كل ما يحسم الأمور بالطريق العسكري،دفعته لخوض مقاومة لا يمكن أن يقدر لها النجاح.
فقد سارعت قيادة الحزب لعقد اجتماع طارئ لأعضائها المتواجدين في بغداد،لاتخاذ القرار الحاسم،رغم افتقارها أساسا للتخطيط الفاعل في مواجهة مثل هذه الاحتمالات،أو وضع خطة عسكرية حاسمة لعدم وجود عسكري واحد يمتلك الخبرة الكافية لأعداد خطة فاعلة لمقاومة الانقلابيين،أو تمتلك خبرة ميدانية في الكفاح المسلح لمعالجة الأمر،أو التهيئة المسبقة لعناصر تمتلك أسلحة قادرة على العمل الحاسم،فكان الإجماع على مواجهة الانقلاب،فاصدر الحزب بيان دعا فيه الجماهير لمقاومة الانقلاب وسحق المؤامرة الرجعية الاستعمارية،متصورين أن الأمر يحسم بمثل هذه البيانات غير المستندة لواقع قادر على أخذ زمام المبادرة وحسم المعركة،لقد كان البيان حماسي له تأثيره الواضح على الجماهير العزلاء التي سارعت لاحتلال بعض المراكز وقطع الطرق على الدبابات،وإيقاف تقدمها،مما دفع الانقلابيين لاستعمال الخديعة ورفع صور الزعيم حتى يتسنى لها الوصول لأهدافها،وكانت أسلحة الجماهير البدائية كالسكاكين والعصي والمديات وبعض الأسلحة النارية البسيطة التي تصلح لمناسبات الأعراس لا خوض معامع القتال،ورغم رفض الزعيم لتسليح هذه الجماهير المدافعة عنه لأسباب إنسانية مبررة غايتها عدم إراقة الدماء,وخشية نشوب حرب أهلية تودي بأرواح الكثيرين واستعداده لتسليم السلطة،إلا أن الجماهير عبرت عن مشاعرها بتلك المقاومة الباسلة التي أرعبت الانقلابيين،وتستحق الحمد والتقدير،فيما كان العسكريين المتواجدين في بناية وزارة الدفاع قد أبدو مقاومة بطولية راعية حرية بالإعجاب ،ولكن الانقلابيين ازدادوا قوة على وقوة لمقتل قائد القوة الجوية،وحصولهم على طائرات تمكنت من حسم الموقف لصالحهم،وما قدمه قادة الوحدات المتواجدة في بغداد المحسوبة على الثورة من دعم وإسناد لهم،مما جعل المقاومة غير ذات جدوى ومكن الانقلابيين من السيطرة واستسلام قاسم وإعدامه بالطريقة المعروفة،وبعد انتهاء المقاومة نزل الانتهازيون إلى الشوارع في حملة عارمة استهدفت الشيوعيين وأنصارهم،وكان ما كان من قتل وإبادة لخيرة المناضلين الشجعان،بإيعاز من الانقلابيين من خلال بيانهم 13ر سيء الصيت،ودعم من القوى الخارجية التي أمدتهم بمعلومات أستخبارية كانت المعين لهم في التحرك،إضافة للانهيارات والخيانات التي مارسها البعض مثل حمدي أيوب العاني وهادي هاشم ألأعظمي وغيرهم، ولنا أن نتساءل أين التنظيمات العسكرية وما هو دورهم في المقاومة،وهل كانت خيوط الاتصال معهم تسير بالطريق السليم أم أن المسئولين عنهم لم يكونوا بمستوى المسئولية،أم أن التخاذل والاستخذاء لبعض القيادات التي لم تكن مؤهلة كان وراء هذا الانكسار الكبير،وما رافقه من خسائر لخيرة القادة الشيوعيين الذين لن يجود الزمان بمثلهم وأن تعاقبت السنين والأعوام.
لقد كان الانقلاب في حقيقته موجها لإنهاء الحزب الشيوعي العراقي بالذات وليس قاسم لوحده،وهو ما ظهر من خلال الوثائق ومذكرات قادة الانقلاب والمشاركين فيه،وما كانت تقوم به إذاعة ناصر والإذاعة البريطانية من تقديم توجيهاتها عن مخابئ الشيوعيين وأوكارهم،في ظل صمت مطبق من الأطراف الوطنية الأخرى التي وجدت في الحزب الشيوعي مزاحم لها لما يمتلك من جماهيرية جعلتها في الهامش ليس لها مكان بين الجماهير،وكانت قيادة الحزب عارفة بما يجري لكنها لم تأخذ زمام المبادرة في عمل حاسم واستلام السلطة تحت حجج وذرائع واهية لا تصمد أمام المنطق،فقد كان للحزب الشيوعي أنصاره ومؤيديه القريبين من قاسم والقادرين على أزاحته وأحداث العمل المنشود،ولكن الخشية من الأقدام على العمل الحاسم،والتراخي في حسم الأمور وانشغال الحزب بصراعات داخلية،وإبعاد سكرتيره في محاولة لأزاحته،جعلت الحزب يتراجع أمام الهجمة اليمينية التي كان قاسم يقف ورائها،مما دفعه للإيغال أكثر وممارسة القمع والتنكيل بالقواعد الحزبية،وهيمنة القوى الرجعية على المنظمات والنقابات والاتحادات التي كانت تحت قيادة الحزب الشيوعي،في ظل تراجع وجمود مفزع من القيادة عن أـخاذ أي أجراء حاسم يوقف هذا التداعي ومواجهة الهجمة،مما جعل الحزب في موقف دفاع عن النفس وعدم القدرة على أخذ زمام المبادرة،وجعل القوى الرجعية تتحرك في الساحة وتعمل لإسقاط النظام.
يضاف إلى ذلك أن بعض القيادات والكوادر المتقدمة في الحزب والتي تولت مسؤوليات في إدارة العمل الحزبي لم تكن مؤهلة أساسا لتولي هذه المهام،وبعضها لا يمتلك الحد الأدنى من الكفاءة والحصانة المبدئية أو الروح الكفاحية، مما جعل الكثيرين منهم بعد الانقلاب ينهارون عند اول صفعة ويدلون بمعلومات خطيرة أدت إلى ضربة قوية لقيادة الحزب وقواعده،وكان هؤلاء المنهارين أدلاء للقوى الأمنية،مما شكل ضربة مميتة للحزب،لولا بقية من رفاق أبطال تمكنوا من الإفلات ومواصلة النضال وإعادة بناء منظمات الحزب ليعود إلى الساحة سليما معافى بعد أن خيل للبعض أنها نهاية الحركة الشيوعية في العراق.
وكانت المواقف الدولية مؤيدة للانقلاب،في ظل موقف مهادن من الاتحاد السوفيتي الذي فضل علاقاته السياسية على واجباته الأممية،فقد كان السوفيت يقفون بالضد من أي عمل حاسم لاستلام السلطة خوفا من تدخل القوى الغربية،ووفق خطط سرية لمناطق النفوذ،واكتفوا بعد الانقلاب البعثي والإعمال الإجرامية بحق الشيوعيين،بإصدار البيانات المنددة،دون أن يكون لهم القدرة على التدخل لإنهائها،لارتباطهم بموازنات دولية جعلتهم يبتعدون أكثر عن التضامن ألأممي المطلوب في مثل هذه الأمور،فقد كانت الدول المجاورة تدعم البعث ماديا ومعنويا وعسكريا،في الوقت الذي كان الذي لم يكن له أي دور في دعم الحزب الشيوعي بل كانت نصائحه سببا في تقلص نفوذه وجوده مقابل الصفعات التي وجهت له طيلة تلك الفترة،بل إن السوفيت لم يوجهوا حتى النصيحة لقاسم بتغيير سياسته مع الشيوعيين،ومارس ذات الدور بعد انقلاب البعث في تموز 1968وكانت ألأسلحة الروسية توجه لصدور آلاف الشيوعيين دون أن تدفعه جرائم البعث إلى التخلي عنه،وكانت مصالحه الذاتية فوق التزاماته الأممية،مما يعطي دليلا واضحا على استقلالية الحزب،ودحضا لأفتراآت المنحرفين الذين كانوا يطبلون لتبعية الحزب وارتباطه بالروس .





#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحدة الشيوعيين العراقيين..تحتاج إلى سلام عادل جديد
- مبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة
- في يوم الشهيد الشيوعي
- حول أيجاد حلول لمشكلة الكرد الفيلية
- انهيار المعسكر الاشتراكي.. الأسباب والتصورات/4
- أنهيار المعسكر الاشتراكي الأسباب والتصورات(3)
- رأي في قانون العفو العام
- وين ماكو حافي صاير صحافي
- انهيار المعسكر الاشتراكي الأسباب والتصورات(2)
- انهيار المعسكر الاشتراكي ..الأسباب والتصورات/1
- الأكراد ضمانة لقوة التيار الديمقراطي وفاعليته
- وقفة لوالد الشهيد أمام صورته
- نحو وحدة فاعلة للتيار الديمقراطي العراقي
- لماذا لا تسند هيئة النزاهة إلى مهدي الحافظ
- البارحة جند السماء واليوم أنصار اليماني وغدا السفياني
- (الغريب في ابتكارات القوى الظلامية
- حبلها وذبها الگيلاني
- هل سيكون ما نشرته الصباح مبررا لإصدار قانون رقابة المطبوعات
- انتبهوا ...البعثيون قادمون
- أمرأة من بلادي


المزيد.....




- -كيف يمكنك أن تكون حراً إذا لم تتمكن من العودة إلى بلدك؟-
- شرق ألمانيا: حلول إبداعية لمواجهة مشكلة تراجع عدد السكان
- -ريبوبليكا-: إيطاليا تعرض على حفتر صفقة لكي ترفض ليبيا العمل ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تواجه عطلا بمدرج مطار اسطنبول وتهبط ...
- الرئيس الروماني يكشف موقف بلاده من إرسال أنظمة -باتريوت- إلى ...
- -التعاون الإسلامي-: اجتياح رفح قد يوسع نطاق التوتر في المنطق ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد لا يتبنى موقفا موحدا بشأن الاعتراف بال ...
- الشرطة الألمانية تقمع تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في جامعة برلي ...
- دونيتسك وذكرى النصر على النازية
- الجيش الإسرائيلي يعلن حصيلة ضحاياه منذ 7 أكتوبر


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد علي محيي الدين - انقلاب شباط الأسود(2&1)