أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - المَرسى النهائي














المزيد.....

المَرسى النهائي


سامي العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2168 - 2008 / 1 / 22 - 09:00
المحور: الادب والفن
    



حديث مع رَبّة الشفاء
-----------------------
في الغالب لم أكسبْ من علاقاتي مع الناس إلاّ الإحباط !
لذا فخوفي على بقايا صحَّتي منعني منذ زمانٍ من خوض تجارب كبيرة مع الناس فَهُم اذا جُرِحوا ينسون جراحهم بسرعة أمَّا انا فحتى اذا حاولتُ نسيان جرحي فهو لا ينساني !
أهي علاقة اهتيامية بيني وبين الجراح ؟
ومع هذا امتلأتْ لديَّ رويداً رويداً صُرَّةٌ من الجراح في الفترة الأخيرة فاستنجدتُ بالخمر ! وبقيتُ عاكفاً عليها لمدة أسبوع .
وفي الحقيقة تناولي للخمر يكون أحياناً عندما أجدُني رائقَ المزاج كذلك .
رستْ بي مراكبي الصهباء في مستشفى خاصٍّ
لأبقى فيه ثلاثة أسابيع .
اليوم عندي موعدٌ مع الطبيب وأعرف أنَّ علاجي الحقيقي عندك أيتها الربّةُ ولكني رغم ذلك سأحاذر أنْ أدخل عليه بمزاجٍ منحرفٍ ,
مزاجٍ منحرفٍ كإخدودٍ …
ها هي الشمس تعلو , هذا الجِرْم العجيب , هذا الجبل البركانيُّ الطائر .
نعم , أيتها الربَّةُ !
إنَّ النار ذُروةُ ما تصل اليه الأشياء والموجودات.
هذا هو المَرسى النهائي والأخير للإنسان ولكلِّ شيء إذنْ
ذاك هو الإنسان , إبليس يومَ كان طفلاً !
أيتها الربة , لقد أُغلقتِ الأبوابُ أمامَنا وما أُعطينا من أجل المعرفة سوى مفاتيحَ صَدِئة ؟
ولا أدري أخوفاً علينا ؟ أسخريةً منّا ؟
هذه المفاتيح الصدِئة ربما عندي دواؤُها , لديَّ المَبارِدُ , إنها أسناني , إنها نواجذي !
طلبَ مني الطبيبُ أنْ أفتحَ فمي ففعلتُ بعدَ تردُّدٍ ,
سألَ : ما هذا الذي في فمكَ ؟
أجبتُ : سرُّ الكون .
فقال : على رسلكَ أيها الشاب المسكين , كلُّ مَن جيءَ به الى هنا , جيءَ به لِعِلَّةٍ وقد مَررتُ على مرضاي فوجدتُ عِللاً عديدة وكان في مُقدِّمتها الهلوسة , غير أنَّ هلوستك هذه قد تكون جديدة عليَّ ,
قلتُ : ليست في الأمر هلوسة , منذ زمنٍ وانا أفتِّشُ عن إكسيرٍ .
سأل : هل درستَ الطب ؟
قالتْ الربَّة : قُلْ نعم .
فقلتُ .
كان جالساً يتحرَّك على كُرسِّيهِ جيئةً وذهاباً وكأنهُ يتحدَّث من داخل زورقٍ وانا أقف على الضفة أمامهُ وفجأةً توقف وراح يسير في الغرفة ببطيءٍ رائحاً غادياً ,
قال وهو يبتسم : في العام الماضي كنتُ في بعثة طبية الى أمريكا اللاتينية ...
ثم استدرك : ولكن هذه الحكاية سأحكيها لك حين تتحسَّن صحتك .
وأضاف : إنَّ ما تحتاجُهُ الآن هو الدواء .
وبعد قليلٍ زَرَقَني إبرةً في الساعد فعضضتُ على نواجذي بقوةٍ وألمٍ ,
وماذا ؟
لقد رأيتُ عوالمَ لا تُوصَف , لا تُوصَف .
لو ناولتِني دفتري :
ولكنَّ الربَّةَ حين أشرتُ الى القصيدة التي عنيتُ قرأَتْها هي قائلةً حتى يتعافى صوتك :

تُغني ولا تُغني
*-*-*-*-*

هذا الذي كان وكان أيُّها الطبيبْ
أمّا لماذا جئتُ ها هنا فانني أجيبْ :
سُرتُ على الدرب دروبا
وحين ظَلَّ يمضي بي
أدركتُ أنَّ اللّعْنَ طُوبى
وعالمَ التشَرُّدِ النقيِّ كالإيمانْ
وفَجأةً وجدْتُني أوزِّعُ الأكوانَ بالدِّلاءْ
لكنني حين التَفَتُّ للوراءْ
إذا بقامتي قد أصبحتْ كرُوحِهم مُحدودِبهْ
وكلِّ ما حولي مُعارٌ للصدى والدخانْ
وكانت السماءْ
سُجّادةً مُثَقَّبهْ
خطوطُها تَضُجُّ بالوقاحهْ
مثلي انا الآنَ أجيءُ ناشداً منكمُ لا استشارةً
وإنما استراحهْ
تُغْني ولا تُغني !

--------------


----------------------------
(*) نصٌّ من كتاب يجمع بين القصِّ والنثر الأدبي والشعر يحمل عنوان : حديث مع ربة الشفاء .

----
كولونيا
[email protected]



#سامي_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفكارٌ في الطابور
- قصيدة النثر وبوادر انتحارها !
- كيلا أضيع
- مفارقتان لزمنٍ واحد
- لافِتةٌ لزائرٍ مخصوص
- أسرفتَ , قالوا
- الدَّبابير
- كفاكِ تَدَلُّلاً أيتها السعادة !
- لماذا كلُّ هذه الدَّعة ؟
- دعوة الى مالك الحزين
- هل رحلَ سركون بولص أم رحلَ مُشَيِّعوه !؟
- كلُّها رَهْنُ الخلاف
- الدكتاتور وهو يتحوَّل الى أسطورة دينية !
- خلاخِل الريح
- السجارة , إصبَعي الحادي عشر !
- أدواء تصقلُها الأنباء !
- الإختباء وراءَ ناي !
- تقاسيم على هيكلٍ عظميّ !
- ليس عندي ما أخفيهِ !
- التَّقَفِّي العارض لتائية ابنِ الفارض !


المزيد.....




- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - المَرسى النهائي