أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - أفكارٌ في الطابور














المزيد.....

أفكارٌ في الطابور


سامي العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2165 - 2008 / 1 / 19 - 08:55
المحور: الادب والفن
    


حديثٌ مع رَبَّةِ الشفاء
------------------------
إجعلي من رأسي موطئاً لقَدمكِ أيتها الربَّةُ وانتِ تنزلين الى الأرض ولا يحرجَنَّكِ ما قد يتمخَّض عن هذا النزول المقدَّس من اضطرابٍ في أفكار هذا الرأسِ فهذه الأفكار في النهاية لا قيمةَ لها فقد حفَرَ في رأسي ثغرةً قَدَرٌ مجنونٌ ضالٌّ ثمَّ دسَّها فيه وعاد لينسبَها اليَّ لذا فانني لا أخاطبُكِ من خلال هذه الأفكار فانا سحيق الغربة عنها وإنما أخاطبكِ من خلال روحي التي تتألَّم , التي تتطلَّع ,
وهاتان كفّاي أبسطهما عَتَبةً ثانيةً لسُلَّمِ نزولك وسأجعلُ من رُكْبَتيَّ عتبةً ثالثة .
أمَّا وقد بُتْنا الآن وجهاً لوجهٍ فتعالي معي الى حيث مُستقرّي الجديد في مشفاي لأريكِ شجوني من النافذة .
أُنظري , الحقولُ تزيَّنتْ احتفاءاً بمقدمكِ , وسأسمّيكِ من الآن باسم التي أحبَّتني وأحبَبْتُها ثم استجابتْ بلا وداعٍ لنداء الأبد وباتت تتنفَّسُ في جسد قصائدي ,
سأسمّيكِ باسم الصروح المفقودة : الأملِ , الحرية , الأخلاص , وأقول : الرياحُ مِهما تبلَّدتْ ستجدُ ذاتَ يومٍ غيوماً فتهرعُ لحملِها مبتهجةً ,
والنجومُ مِهما ابتعدتْ عن ناظرينا نحن البَشَرَ ستظلُّ على مرأىً من الآلهةِ , وعلى مرأىً منكِ ,
والزهور مِهما عبثَتْ بألوانها أصابعُ الخريف فعطرُها باقٍ في جدائل النساء ,
والعصافيرُ ... ؟
لا أتذكَّر أني رأيتُ جُثةَ عصفورٍ في طريقي حتى أنني لا أُصدِّق أنها تموتُ , أظنُّ أنها تقطعُ عمرَها اللحظويَّ زقزقاتٍ حتى تستهلكَ جسدَها أيْ تتبخَّر , تتحوَّل الى أصواتٍ تملأ فضاء الدنيا وفضاءَ روحي ,
والينابيعُ مِهما طمَرَها ترابُ العواصف فسرعانَ ما يطلُّ من بين شقوق التراب برعمٌ أخضرُ ساخراً فنعرفُ أنهُ ما زال في الأعماق مرجانٌ ولئالئُ وأصداف وأسماك ,
وهناك الى الشمال حيث المدينة , المدينة !
كم مرةٍ دخلتُها صارخاً في شوارعها الليلية : مَن انا ؟ ما انا ؟ فلا تنحني أسفاً وتعاطفاً إلاّ الجدران !
أقول هناك , كنتُ في أشدِّ ساعات توقي الى الوحدة المطلقة أجلس على أريكتي وكما الآن , أنظر من خلال النافذة , أرى حدود الدنيا بعين القلب , ولكن هل استطعتُ التعبير عنها يوماً ؟
مهما يكنْ فقد كنتُ أقول متمتماً مع نفسي :
الأرصفةُ مِهما امتصَّتْ من نفاياتٍ وعويلِ شاحناتٍ ففي المساء ستزيح عنها هذا الغضبَ العاجز أغنيةٌ خافتةٌ يدندنُ بها عابرُ سبيلٍ مخمورُ القلب .
ومرةً أخرى على الطرف الشمالي , ألا ترين معي تلك الغابة ؟ كنتُ كذلك أرقبها , وفي آخر مرَّةٍ ومن خَلَل الظلام رأيتُ على أحد أطرافها ضوءاً بحجم دُبّوسٍ , إنه منقارٌ أحمر لبلبلٍ من بلابل الدانوب , كان يتحرَّكُ قلِقاً , أكان يكافح للإستيقاظ من حلمٍ مزعجٍ ؟ وكنتُ أقول : حتى ذلك البلبلُ ستنحني ورقةٌ فتربِّتُ على كتفهِ , واستبشرتُ قائلاً عمّا قليل ستطلع أنوارُ الفجر فيُداهمُها بالرفيف .
لا تسأليني أيتها الربَّة كيف عرفتَ هذا ؟ إنني أعرف هذه الغابة بكلِّ تفاصيلها فعلى لحن أوراقها وهي تتمايل نغَّمتُ قصائدي وكان من أنساغها حبري وجنب كلِّ جذعٍ من جذوعها غرستُ زجاجة نبيذٍ حتى أنها كانتْ تورقُ أحياناً قبل الأغصان !
وذلك البحرُ على الشمال أيضاً ,
ألا ترينَ أنه يتحيَّنُ فرصةَ اقتراب الأشرعة , الأشرعةِ البعيدةِ حدَّ الدُّوار ؟ أقول مِهما طالَ أمدُ ابتعادها ورُسوِّها عند السواحل ستناديه في الختام , وكلُّ شراعٍ لسانٌ مائيٌّ بليغ فالبحر لا يفهم إلاّ لغة الرحيل الزرقاء ,
وتلك الجبال السوداءُ الخُضرةِ والمتمايلةُ السفوح حتى لتوشك أنْ تطير , رأيتُ ذات ظهيرةٍ نجمةً تتقافزُ على قممها وعلى كلِّ قمةٍ تنبشُ حفرةً وتغرسُ فيها شيئاً ما لا أدريه , لعلَّهُ دمعة او وعدٌ وكانت تحيط بها خيامٌ تخفق كالغيوم الصغيرة .
أقولُ أيتها الربَّة : كلُّ هذا وجدَ لهُ حَلاًّ إلاَّ دمي الدائر كقلادة براكين , وانا ما كنتُ لأقول هذا إلاّ لأنك تقفين الى جواري وتصغين اليَّ وإلاّ فجرحي أعمقُ من كونٍ مقلوب .
فقالتْ الربَّة :
إبقَ في محيط عذابك فالخروج منه فخٌّ ! قد تتبرَّمُ من سعادة الناس وعبثيتها , وهو كذلك فما جدوى واحةٍ في صحراء غير آهلة إلاّ بالموت وصفير الريح ؟
ولكنَّ أفكارك عناوين يقظتك , والفكرةُ , أيةُ فكرةٍ اذا بقيتْ حبيسةً في داخلك فلن تجد مَن يمَيِّزكَ عن السجّان ! أعرفُ أنَّ في داخلك الكثيرَ من الأفكار التي تمور وتنتظر في الطابور .
إصنعْ من بعضها شراراً .
انا لا أريد لك الشفاءَ العاجل وإنما الحرف القاتل , الحرفَ الذي تقول بهِ بأنك وضعتَ الجبّارَ المناسب في القُمْقم المناسب !
----------------------------------

كولونيا - 2008
[email protected]



#سامي_العامري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة النثر وبوادر انتحارها !
- كيلا أضيع
- مفارقتان لزمنٍ واحد
- لافِتةٌ لزائرٍ مخصوص
- أسرفتَ , قالوا
- الدَّبابير
- كفاكِ تَدَلُّلاً أيتها السعادة !
- لماذا كلُّ هذه الدَّعة ؟
- دعوة الى مالك الحزين
- هل رحلَ سركون بولص أم رحلَ مُشَيِّعوه !؟
- كلُّها رَهْنُ الخلاف
- الدكتاتور وهو يتحوَّل الى أسطورة دينية !
- خلاخِل الريح
- السجارة , إصبَعي الحادي عشر !
- أدواء تصقلُها الأنباء !
- الإختباء وراءَ ناي !
- تقاسيم على هيكلٍ عظميّ !
- ليس عندي ما أخفيهِ !
- التَّقَفِّي العارض لتائية ابنِ الفارض !
- الحاووت ! (*) --- قصة قصيرة بمنطق الحيوان ---


المزيد.....




- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...
- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - أفكارٌ في الطابور