أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس الربيعي - غفوة














المزيد.....

غفوة


بلقيس الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 2167 - 2008 / 1 / 21 - 10:14
المحور: الادب والفن
    


" الحبيبان السعيدان لن تكون لهما نهاية ولاموت ، وسيولدان ويموتان قدر ما يعيشان لأنهما يملكان أبدية الطبيعة "
الشاعر الشيلي نيرودا



كانت ممددة على منضدة العمليات وبصرها الى السقف وحولها كلهم ملثمون والطبيبة الممتلئة بعض الشيء هي الأخرى ملثمة .
ــ سنعطيك مخدرا ونجري لك عملية قيصرية دون أن تشعري بالألم . هل انت ِ خائفة ؟
وبشفتيها وقلبها قالت : " لا لست خائفة من اجل المولود ثمرة حبنا ." وتنفست بعمق ونظرت الى السقف بعينين ساهمتين وقالت : " الهي هبني افكارا حلوة تشغلني من الم العملية ، ونقلها حلم اليقظة على جناح الخيال ،فيخيل اليها أنها تتأبط ذراع احمد وتساءلت : ماذا كان يحدث لها لو أن والدها أجبرها على
الزواج من أحد ابناء عمها أو من اي من الذين تقدموا لخطبتها وكانوا جميعهم من ذوي الكفاءات ، لكن لم يكن اي منهم بطيبة احمد وحبه وإخلاصه لها .وكرّت بذاكرتها الى اليوم الأول يوم تصارحا وجه لوجه وقال لها " احبكِ " وأجابته " أحبك " وراحت تبحر مع ذكرياتها البعيدة .. الى أيام الثانوية والجامعة و يوم التقاها في مكتبة الجامعة . فقد كانت تقلب كتابا مفتوحا امامها على المنضدة . وحين إنتبهت لوجوده رفعت وجهها الطفولي ، لكنها بقيت على جلستها ومدّت اليه يدها ، تناولها بهدوء وظلّ محتفظا بها حتى جلس قبالتها .توردت وجنتاها قليلأ وأخفضت بصرها وإستمرت بتصفح الكتاب . إنها المرة الأولى التي يلتقيها في هذا المكان . كانت قلقة بعض الشيء لئلا يراها احد من أبناء مدينتها ويوشيها الى اهلها . فهمس لها بمغادرة المكتبة .

تركت كرسيها وسارت خلفه خجلة بعض الشيء وخيل اليها ان كل العيون ترقبها . وفي شوارع الوزيرية كانا يسيران كتف لكتف والنسيم الربيعي العبق برائحة القداح من حدائق المنازل يداعب وجهيهما .


ــ أتذكر كيف كنت تناديني " ام العيون الضاحكة ؟ "

ـــ اجل ولازلت اقولها .

ــ حين كنت في السنة الأولى في الكلية طلبت مدرّسة قواعد اللغة ألأنكليزية أن يصف كل واحد منا نفسه وصفا مختصرا دون أن يذكر اسمه على الورقة ومن خلال الوصف ، والذي يجب أن يكون حقيقيا ودقيقا ، تستطيع أن تتعرف على صاحب الورقة . احترت وقتها بماذا اصف نفسي لتتمكن المدرّسة من التعرف عليّ . فالطالبات الأخريات سيذكرن مثلي بأن لديهنّ بشرة سمراء وشعر كستنائي وعيون سوداء أو عسلية
.ووقتها تذكرت " العيون الضاحكة " وذكرتها في وصفي .
ــ أحقا ذكرتيها ؟

ــ أجل وما أن قرأت المدرسّة ورقتي ، صاح الجميع إنها هي آمال ...آمال .
ــ نعم لديك عيون ضاحكة . انت جميلة يا آمال .
وإنحنى بسرعة وقبّل يدها قبلة سريعة دون أن يراه احد ..

عبثا حاولت إيقاف سيل الذكريات الجميلة التي تزاحمت في رأسها في تلك اللحظة . فلاتزال صورة اليوم الأول الذي وضعا فيه صرح عائلتهما السعيدة مطبوعة في ذاكرتها.امسية الزواج بعد ثلاثة أشهر من الخطوبة ، هي جالسة الى جواره في السيارة التي أقلتهما الى فندق الخيام في شارع السعدون ، لم ترتدي ملابس الزواج المألوفة ولا طرحة على رأسها .فقد كانا يكرهان الحفلات الصاخبة ليلة الزواج . ما اجمل الصمت والهدوء الذي يلفهما وهما جالسان متجاورين في السيارة! لاتزال تشعر بروعة تلك اللحظات وهي على عتبة حياة جديدة خططا لها منذ عشر سنوات .

ــ اتذكرين يا حبيبتي ؟ ( بكم كيلو الرقي ؟ أعطني كيلو واحد . وضحكة حلوة منكِ على غشاميتي في المسواق . أحنّ لتلك الأيام التي لن تنسى وانت تقودين مسيرة حبنا بسلام).

..................................





غرز الطبيب الأبرة في جسدها وبدأ المخدر يسري في جسمها ، وبدأت آمال تفقد الوعي .

ــ اسمكِ
ــ آما
احدثت الطبيبة جرحا عميقا في بطنها واخرجت المولود .. إنها بنتا

وامام غرفة العمليات كان يقف احمد بوجه شاحب يفيض منه الخوف . أخرجت الممرضة الطفلة ليراها احمد . قبلّها بحنان لكن باله مشدودا الى غرفة العمليات ينتظر بقلق أن يرى آمال .خرجت الممرضة الثانية تدفع النقالة التي عليها آمال وهي لاتزال تحت مفعول المخدر وتعاونت الممرضتان على تمديدها على سريرها في غرفة رقم 12 وانصرفتا

بدأت آمال تتقيأ . ارتعب احمد وظنها تتقيأ دما . ومن شدة خوفه عليها نسي نفسه أنه طبيب ، فهرع الى إحدى الطبيبات يطلب المساعدة .

" دكتور ، لا تقلق ! إنه ليس دما . ليلة امس وقبل أن يتقرر إجراء العملية القيصرية لها ، تناولت آمال حساء من الحبوب تقيأته الآن بسبب التخدير . " قالت الطبيبة وغادرت .

بدأت آمال تستفيق قليلا على صوت بكاء . إنه احمد يبكي خوفا عليها ، إحتضنها و احسّت بدموعه ولكنها لم تقل شيئا . شعرت بمدى حبها الكبير له ، وبأنها لم تحبه يوما بمقدار حبها له في تلك اللحظة .
ــ حبيبتي آمال ، ها هي ثمرة حبنا وقد اسميتها الأسم الذي إتفقنا عليه .
ــ هل استطيع أن اراها ؟
ومسحت دمعة كانت تكاد تتألق في اهدابها .
ــ اتبكين يا حبيبتي ؟
ــ لا إنها دموع الفرح .. احبها وهي إمتدادا لحبنا ، لأحلى قصة حب قضيناها أوفياء لما تعاهدنا عليه من إخلاص .
بلقيس الربيعي



#بلقيس_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات من عتق
- من رسالة دافئة الى شهيد بطل
- الأنتهازية
- دور المثقف في المجتمع
- خاطرة
- أدب الأطفال
- قصة قصيرة الوفاء
- وداعا نزيهة ... ايتها الأم الحنون
- الطفولة اهم مرحلة في حياة الإنسان
- في الذكرى الثالثة والعشرين لإستشهاد الدكتور ابو ظفر (2)
- الذكرى الثالثة والعشرين لإستشهاد الدكتور ابو ظفر
- المعلم الحنان والصرامة الحكيمة
- الرسالة قصة قصيرة
- محاكمة حرق الرايخستاغ ...إتهام ديمتروف
- جواز سفر
- رصاصة في البيت الأخضر
- رصاصة الشرف
- القرار
- الموسيقى لغة المشاعر الإنسانية
- الصورة تتكلم


المزيد.....




- المُخرج الكوري كيم كي دوك: ???????بيوتنا خالية ومغلقة تنتظر ...
- فيلم روسي يشارك في مهرجان -مومباي- الدولي للأفلام الوثائقية ...
- -لأول مرة-.. مصر تقرر تعليم أعضاء النيابة اللغة الروسية
- مغردون: كمين النابلسي فيلم هوليودي من إنتاج القسام
- طلاب من المغرب يزورون مقر RT العربية في موسكو (صور)
- لولو في العيد.. تردد قناة وناسة الجديد 2024 وتابع أفضل الأفل ...
- فيلم -قلباً وقالباً 2- يحطّم الأرقام القياسية في شباك التذاك ...
- أول تعليق من مصر على مشاركة ممثل مصري في مسلسل إسرائيلي
- مستقبل السعودية..فنانة تتخيل بصور الذكاء الاصطناعي شكل الممل ...
- عمرو دياب في ضيافة ميقاتي.. ما كواليس اللقاء؟


المزيد.....

- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس الربيعي - غفوة