أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - ديمقراطية الفكر الإبادي التلمودي















المزيد.....

ديمقراطية الفكر الإبادي التلمودي


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 667 - 2003 / 11 / 29 - 05:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تشكل إبادة الآخر ، غير الغربي ، مفصلاً أساسياً في مقاربة الفكر الغربي  خلال الخمسمائة سنة الأخيرة . فقبل خمسة قرون انطلق الأوربيون خارج قارتهم في اجتياح دموي عبر البحار و المحيطات .  فوصلوا إلى أمريكا و إلى حوض المحيط الهندي . و أتموا طرد العرب من الأندلس .
 لقد نهض في تلك الفترة عصر و انحل عصر . نهض عصر إبادة الآخر ، العصر الأوربي – الغربي ، الذي ما زلنا نعيش به . و انحل عصر المساواة و الإخاء بين البشر ، العصر العربي _ الإسلامي .
في تلك الفترة تبدلت العلاقات الدولية فحلت عقائد مكان أخرى . فبدل عقيدة الإخاء و المساواة حلت عقيدة تلمودية تنظر إلى الآخر كغوييم يجب إبادته و في أحسن الأحوال ترضى باستعباده . لقد صار القتل خلال هذا العصر الذي ما زلنا نعيش به حدثاً عادياً . بل و مطلوباً .
دشن العصر الأوربي ، أو رايخ الخمسمائة عام ، كما يسميه المفكر التقدمي نعوم تشومسكي . حضوره بإبادة العرب في الأندلس .  قُدر عدد العرب الذين تمت إبادتهم بعد سقوط غرناطة فقط بثلاثة ملايين نسمة . ثم انهمك الغربيون بإبادة الهنود الحمر المسالمين في جرائم متصلة تقشعر لها الأبدان ، و تبع ذلك إبادة الأستراليين الأصليين . و استعبدوا أفريقيا فأفرغوها من سكانها و حولوا العبودية إلى تجارة فهلك ثلث العبيد في الرحلة فقط . أما الباقي فهلكوا في المناجم و المزارع ، حيث كانوا يعملون في ظروف لا إنسانية ، يقدر ماركس متوسط عمر العبد في مزارع القطن في أمريكا بسبع سنوات فقط يهلك بعدها . و طارد الغربيون المسلمين  بالسيف  في حوض المحيط الهندي و في آسيا . و حولوا التجارة إلى لصوصية و نهب و قرصنة و احتكار بعد أن كانت حرة ، حيث كانت أسواق آسيا مفتوحة للجميع ، كما يشير تشومسكي في كتابه (( الغزو مستمر )) . و يشير تشومسكي في نفس الكتاب أن الحرب قبل دخول الغربيين ميدان العلاقات الدولية كانت رياضة ، أما بعدهم فتحولت إلى طريقة حياة . كان السلم هو الأساس و الحرب هي الاستثناء أما مع الغربيين فصارت الحرب هي الأساس و السلم هو الشذوذ .
صارت نقاشات دينية من نوع هل للسود أو للهنود الحمر أرواح أم لا نقاشات شائعة !!  و خلص رجال الدين الإباديون إلى أنهم ، أي السود و الهنود الحمر ،  لا يملكون هذه الروح و بالتالي فهم لا يتألمون عندما يقتلون .
 قسم الغربيون البشر إلى فئتين ، فئة متحضرة و أخرى  متوحشة . الغربيون هم المتحضرون ، و المتوحشون الذين يجب تحضيرهم و بالقوة هم بقية شعوب الأرض . و هكذا صار الغربيون هم شعب الله المختار الذي يحق له أن يفعل بالغوييم ما شاء كي يرضى الرب عنه . و على النقيض من ذلك يقول نبينا العظيم محمد (( لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ))
إن الإسلام و المسيحية الشرقية الأولى لم يميزا بين البشر . على العكس من العصر التلمودي الغربي الذي ما زال يحكم العالم . و ما خطاب الرئيس الأمريكي بوش عن الديمقراطية إلا سلسلة في هذا السياق ، فالمتحضر الديمقراطي الغربي الذين انتدبه الله لتعميم النموذج الديمقراطي على الشعوب و الأعراق الأخرى  المتوحشة ، اللا ديمقراطية هو هذه المرة بوش ابن بوش .

لكن السؤال الهام الذي يبرز ، ماذا سيحصل إذا رفض الآخر المتوحش أن يصبح متحضراً و ديمقراطياً و أصر أن يبقى دكتاتوريا متوحشاًً . رافضاً تنفيذ الإرادة الإلهية ؟
عندها لتحل عليهم لعنة الله قصفاً من الجو باليورانيوم المنضب ، و الصواريخ العابرة للقارات ، و القنابل الذكية ، و تدمير المساكن و إهلاك الضرع و الحرث و النسل .
" إن اغتصاب أراضي الهنود وإبادتهم فضيلة إنسانية. أما مقاومة ذلك الاغتصاب وتلك الإبادة فوحشية وشر وجريمة عقابها الموت" (( نقلاً عن منير العكش ))
إن ما أدى بالهنود الحمر إلى الكارثة الرهيبة هو جهلهم بطريقة تفكير أعداءهم المتوحشين . كان الهنود الحمر أطفال البشرية ، أصحاب قيم و مباديء . الحرب لديهم لا تتم ببساطة بل يجب أن يكون لها سبب و يجب أن تفشل المفاوضات لحل الخلافات . و عندما تتم الحرب كشر لا بد منه ،  تتم علناً و بدون سفك دماء ، أو بالحدود الدنيا . يذكر الباحث منير العكش أنهم بعثوا مستغربين يسألون الغزاة لم تحاربون طالما الأرض تكفينا و تكفيكم . فكان رد الغزاة بمجازر لا تنتهي .
(( كانت كل شهادات المستعمرين الأوائل تسخر من مفهوم الحرب عند الهنود لافتقارها إلى عنصرين أساسيين في الثقافة الحربية الكلاسيكية: القتل والتوسع في الأرض. ولأنها كانت أشبه بمهرجانات لاستعراض الشجاعة والبطولة والمهارة البدنية وليس لاستعراض الجثث. أول ما لاحظه أحد قدّيسي فكرة أميركا جون أندرهيل أن "حروب الهنود كانت للتسلية والرياضة البدنية وليست لإخضاع الخصم، فقد يتحاربون سبع سنين دون أن يسقط بينهم سبعة قتلى. إنهم يقاتلون في السهول بالقفز والرقص، وعندما يجرح واحد منهم يتوقف الطرفان عن القتال وينكب المتحاربون جميعاً على إسعاف الجريح". وبالطبع فقد كانت هذه الثقافة الحربية التي لا تؤمن بالعنف المنظم مقتلاً من مقاتل الطالبيين الهنود, وحجر زاوية في حرب الإبادة التي تنتمي إلى ثقافة وأخلاق مختلفتين تماماً. لم يستطع الهندي أن يفهم دوافع الحرب التي يشنها الغزاة والعنف المميت الذي يمارسونه والفظاعات التي تواكب حروبهم. لم يستطع أن يفك ألغاز تقديسهم للملكية وهوسهم باغتصابها من الآخرين. إن نظام قيمه لا يعنى بالتراكم المادي الذي يعبده الزنابير, ولا تستهويه " ثروة الأمم" التي ألهبت خيال المستعمرين وبنادقهم)) نقلاً عن العكش أيضاً *
 و يريد بعض العرب و المسلمين تكرار نفس الحكاية اليوم إما عن جهل أو بمشاركة مسبقة بالجريمة . فتراهم تارة يقولون دعونا نجرب ما يقترحه الأمريكان ، و تارة يقولون ربما يصدق بوش هذه المرة ، و تارة يبحثون عن مواثيق من الأمريكان كي ينفذوا وعودهم كما دعا سعد الدين ابراهيم لخريطة طريق أمريكية لأخذ المنطقة نحو الديمقراطية . إن ما يسعى له الأمريكان هو سيطرة مطلقة على المنطقة بكل ما فيها من بشر و حجر و ثروات ، و بعدها يفكرون بمصيرنا حسب مصالحهم فإما أن يبيدونا كما فعلوا مع الهنود الحمر ، أو يحولنا إلى عبيد كما فعلوا مع الأفارقة ، أو يضعونا في كامبات و معازل كما فعلوا مع بقايا الهنود الحمر .
هذه هي ديمقراطية بوش الموعودة ...........
* راجع منير العكش (( محاولة لفهم أمريكا )) على الموقع http://www.geocities.com/nassershamali



#ثائر_دوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة في جورجيا أم مجرد تغيير شكلي ؟
- ثقافة الجوع و ثقافة الشبع
- وحدة أطراف النظام الدولي
- أمريكا من انتظار القيامة إلى صنعها بالسلاح الذري
- حريق في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة
- نعم هناك إمكانية لعالم آخر بديل لعالم الربح
- تحية إلى كوبا


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - ديمقراطية الفكر الإبادي التلمودي