أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - ثقافة الجوع و ثقافة الشبع














المزيد.....

ثقافة الجوع و ثقافة الشبع


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 658 - 2003 / 11 / 20 - 05:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك مجتمعات جاعت لكنها بقيت محملة بثقافة الشبع , و على العكس هناك مجتمعات شبعت لكنها بقيت معبأة بثقافة الجوع . و من هذه المفارقة الدرامية نستطيع أن نفهم كثيراً من الأمور التي تجري حولنا . و الثقافة التي نعنيها ليست معطى يخص الفرد وحده بل هي نتاج مجتمعي بمعنى أن جائعاً في مجتمع مثقف بثقافة الشبع يكون محملاً بقيم هذه الثقافة و بالعكس .
تقوم ثقافة الشبع على أن الارتواء الجسدي أمر مفروغ منه لذلك فهي لا تفكر به كثيراً , وإذا فكرت به فمن زاوية النهي عن الغرق به مهما كانت الدوافع , مثلاً تقول ثقافة الشبع تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها . وفي ثقافة الشبع لمفاهيم الكرامة والعزة والأنفة والترفع عن الصغائر قيمة عليا , وإذا خير الإنسان المشبع بثقافة الشبع بين أن يبيت على الطوى أو أن تداس كرامته لاختار الحل الأول , ولربما فضل الموت على أن يذل أو يهان (( لنا الصدر دون العالمين أو القبر )) . وهكذا في هذه المجتمعات يصبح السؤال عن مصدر الرغيف أهم من حضور الرغيف مهما كانت الظروف صعبة و الحياة قاسية .
أما في المجتمع المشبع بثقافة الجوع فإن للارتواء الجسدي القيمة العليا . وهكذا فلا أحد يسأل عن مصدر الرغيف إنما يجب أن يحضر الرغيف , و بدل شعار تجوع الحرة و لا تأكل بثدييها كما تقول مجتمعات ثقافة الشبع , تقول مجتمعات ثقافة الجوع (( إذا جاعت الحرة أكلت بكل شيء حتى بثدييها )) , وهكذا يصير من نافل القول أنه لا معنى للعزة أو لمفاهيم الكرامة و الحلال و الحرام في مجتمعات ثقافة الجوع طالما أن الارتواء الجسدي بكل معانيه له القيمة العليا . ويصبح التذلل و الهوان لكل صاحب سلطة مادية أو معنوية من لزوم ثقافة الجوع ,وبما أن الحصول على الرغيف و توابعه هو الهدف الأسمى يصبح أي تساؤل عن كيفية الحصول عليه تساؤلا بلا معنى .
قد يحدث أن يكون في مجتمعات ثقافة الجوع بشر شبعانين , بل يكادون يطقون من الشبع لكنهم مثقفون بثقافة الجوع لذلك لا فرق يذكر بين تصرفات الفقير والغني في مجتمع ثقافة الجوع ونفس الشيء نجده بالنسبة للجائعين في مجتمعات ثقافة الشبع , فهم يتصرفون بشبع و إن جاعوا .
و لأن الثقافة معطى بطيء التحول فقد نجد مفارقة متمثلة أن بشراً صاروا من أصحاب الملايين لكنهم مازالوا محافظين على ثقافة الجوع بداخلهم , لذلك فهم على استعداد لسرقة و نهب أي شيء مهما صغر حجمه أو قل ثمنه قياساً لما يملكون , بشر بات شعارهم تأكل الحرة بثدييها دون أن تكون جائعة , و بالمقابل نرى بشر انحدرت أوضاعهم إلى الحضيض لكنهم مازالت تصرفاتهم محكومة بثقافة الشبع التي تربوا عليها . قال الإمام علي بن أبي طالب :
(( لا تطلبوا الرزق من بطون جاعت ثم شبعت لأن الجوع فيها باق , لكن اطلبوا الرزق من بطون شبعت ثم جاعت لأن الشبع فيها باق )) .



#ثائر_دوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحدة أطراف النظام الدولي
- أمريكا من انتظار القيامة إلى صنعها بالسلاح الذري
- حريق في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة
- نعم هناك إمكانية لعالم آخر بديل لعالم الربح
- تحية إلى كوبا


المزيد.....




- 31 قتيلاً في 24 ساعة.. تشييع فلسطينيين قتلوا خلال انتظارهم ا ...
- القدس: شبان حريديم يمزقون رسائل الاستدعاء للتجنيد في الجيش ا ...
- هل تتحقق رؤية ترامب قريبًا؟ محادثات بين إسرائيل وجنوب السودا ...
- مفارقات عربية عديدة
- ماكرون يقر بـ-حرب- فرنسا في الكاميرون
- المجموعة العربية والتعاون الإسلامي: احتلال إسرائيل لغزة تصعي ...
- مدير مؤسسة -هند رجب-: لا يمكن لـ-الجنائية- تجاهل أدلة جريمة ...
- العديد من بعثات نيجيريا الدبلوماسية بلا موظفين منذ قرابة عام ...
- استقالة سياسي كيني بارز تثير تكهنات حول إعادة تشكيل المشهد ا ...
- -صوت السنوار-.. ماذا قال الإعلام الغربي عن أنس الشريف؟


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - ثقافة الجوع و ثقافة الشبع