أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - جناية الغزالي على عقول المسلمين















المزيد.....

جناية الغزالي على عقول المسلمين


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2153 - 2008 / 1 / 7 - 11:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أبوحامد الغزالي (1058-1111م) الذي ولد في خراسان، كان ذا شخصية قلقة لا تستقر على حال. درس علم الكلام على يد العالم الأشعري الجويني وبز فيه أقرانه، ثم درس الفلسفة التي استغرقت من وقته ثلاث سنوات وأدت إلى اشتهاره مما أدى إلى تعيينه مديراً على المدرسة النظامية ببغداد في سن الثالثة والثلاثين. وكانت المهمة الموكلة إليه هي الدفاع عن المذهب السني في وجه النفوذ الشيعي الإسماعيلي. ولكن فكر الغزالي كان مشغولاً بالبحث عن ذات الله التي لم تساعده الفلسفة ولا علم الكلام على الوصول إليها، فمعرفة ماهية الله كانت ستمنحه اليقين، واليقين دائماً يمنح النفس الهدوء والاستقرار، وهو ما يركن إليه المؤمنون، بينما الفلسفة لا تعرف اليقين بل تزرع الشك، ولذلك لم يستقر الغزالي بالوظيفة وتركها من أجل البحث عن الذات الإلهية. ويبدو أن البحث قد طال به دون الوصول إلى أي نتيجة، وأدى الصراع العقلي الذي نتج عن تفكيره الفلسفي المنطقي من جهة وإيمانه الوراثي بالإسلام من جهة أخرى وخوفه من عذاب جهنم، إلى حالة من الإحباط Clinical Depression أصابته في حوالي العام 1094م أدت إلى فقدانه المقدرة على النطق وإلى عدم القدرة على بلع الطعام. وكنتيجة حتمية لفقدان القدرة على البلع هزل جسمه وخاف أن يموت فيدخل النارإذا لم تستقر روحه القلقة على الإيمان الفطري. وربما كان الغزالي مقتنعاً في دخيلة نفسه أن القناعة العقدية لا يثبتها علم الكلام ولا الفلسفة إذ هي حالة سايكلوجية يركن إليها المؤمن بدون برهان عقلي. ولهذا السبب لجأ الغزالي إلى الصوفيين علّهم يهبونه تلك الحالة السايكلوجية التي تساعد روحه القلقة على الاستقرار. وهام الغزالي في الفيافي مع الصوفيين وترك عالم المشاهدة (العالم الحقيقي) إلى عالم الملكوت (عالم الروحانيات). وقد لخص الغزالي تجربته الصوفيه في كتابه "مشكاة الأنوار". ويبدو أن التجربة الصوفيه قد شفت الغزالي من تعارض العقل مع النقل، فرجع إلى وظيفته الأولي وكتب "المنقذ من الضلال" وقال فيه إنه من المستحيل إثبات وجود الله عن طريق الفلسفة أو علم الكلام أو المنطق.
مما لا شك فيه أن الغزالي كان رجلاً في منتهى الذكاء والمقدرة الأكاديمية، ولكن عدم مقدرته على التوافق بين ذكائه الواضح وبين الموروث الديني الغيبي، أدى إلى اتخاذه قراراً في منتهى الخطورة – إلغاء العقل نهائياً والاعتماد على التلقين فقط وعلى الفطرة. وأدى هذا القرار إلى تأليف كتابه الشهير "تهافت الفلاسفة" الذي أنهى به دراسة الفلسفة وعمل العقل في العالم العربي. وللبرهان على هذا الادعاء سوف أقدم عينات من كتابات الغزالي، وسوف أركّز على كتابه "إحياء علوم الدين" الذي يمثل مقبرة العقل.
يقول الغزالي، كما يقول غيره من شيوخ الإسلام، إنّ العقل هو أساس العقيدة الإسلامية وإنّ الله قد عُرف بالعقل. ولكن البراهين التي يأتي بها الغزالي من السنة، كلها أحاديث ضعيفة، ويعترف هو نفسه بأنها ضعيفة ومرسلة، ولكن مع ذلك يستشهد بها. وهذا الأسلوب يستعمله المحامون في المحاكم عندما يتفوهون ضد المدعى عليه بعبارات يعرفون سلفاً أن المحكمة لا تسمح بها، ثم يعتذرون ويسحبون العبارات بعد اعتراض محامي الدفاع. والغرض من هذا النوع من الهجوم على المدعى عليه هو زراعة الشك في عقول المحلفين، رغم الاعتذار الذي يقدمه المحامي لاحقاً. والغزالي رغم طول باعه في علم الحديث، اختار أن تكون غالبية الأحاديث التي استعان بها في ربع العبادات من كتابه المذكور، أحاديث ضعيفة ومرسلة لأنها توافق الأفكار التي يدعو إليها. فإذا كان الحديث مشكوكاً في سنده وضعيفاً، ومتنه يتعارض تعارضاً واضحاً مع العقل، كيف يستشهد به كاتب يحترم العقل. فمثلاً، يقول الغزالي (قال صلى الله عليه وسلم أول ما خلق الله العقل فقال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر ثم قال الله عز وجل وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أكرم علىّ منك، بك آخذ وبك أعطي وبك أثيب وبك أعاقب. الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أبي أمامة وأبو نعيم من حديث عائشة بإسنادين ضعيفين). انتهى
فالغزالي هنا يعترف أن الحديث ضعيف الإسناد، ثم أن متن الحديث يستخف بعقل الطفل ناهيك عن الإنسان السوي. كيف يخلق الله العقل من دون جسم ثم يخاطبه كأنه يخاطب شخصاً ماثلاً أمامه؟ وفي الإجابة على هذا الاعتراض يقول الغزالي (فإن قلت فهذا العقل إن كان عرضا فكيف خُلق قبل الأجسام، وإن كان جوهرا فكيف يكون جوهراً قائماً بنفسه ولا يتحيز، فأعلم أن هذا من علم المكاشفة فلا يليق ذكره بعلم المعاملة) (إحياء علوم الدين، ربع العبادات، ج1، ص 55). فالغزالي هنا قد زرع فكرة أن الإسلام يحترم العقل رغم معرفته بأن القاريء المثقف سوف يعترض على هذه المقولة.
والغزالي يعتقد أن وظيفة العقل هي هداية الإنسان إلى تصديق ما يقول به النبي فقط، فهو يقول (فيكفيك من منفعة العقل أن يهديك إلى صدق النبي صلى الله عليه وسلم ويفهمك موارد إشاراته فاعزل العقل بعد ذلك عن التصرف ولازم الاتباع فلا تسلم إلا به والسلام) (نفس المصدر ص 20).
وعندما تحدث الغزالي عن علم الكلام، قال إن الناس مختلفون فيه، ولكن (إلى التحريم ذهب الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وسفيان وجميع أهل الحديث من السلف. قال ابن عبد الأعلى رحمه الله سمعت الشافعي رضي الله عنه يوم ناظر حفصا الفرد وكان من متكلمي المعتزلة يقول: لأن يلقى الله عز وجل العبد بكل ذنب ما خلا الشرك بالله خير من أن يلقاه بشيء من علم الكلام) (إحياء علوم الدين، العبادات، ج2، ص5). ثم زاد في ذم علم الكلام، فقال (فاعلم أن حاصل ما يشتمل عليه علم الكلام من الأدلة التي ينتفع بها فالقرآن والأخبار مشتملة عليه وما خرج عنهما فهو إما مجادلة مذمومة وهي من البدع كما سيأتي بيانه وإما مشاغبة بالتعلق بمناقضات الفرق لها وتطويل بنقل المقالات التي أكثرها ترهات وهذيانات تزدريها الطباع وتمجها الأسماع وبعضها خوض فيما لا يتعلق بالدين ولم يكن شيء منه مألوفا في العصر الأول وكان الخوض فيه بالكلية من البدع) (إحياء علوم الدين، العبادات1، ص 14).
وأما بالنسبة للعلوم الطبيعية مثل الفيزياء والكيمياء، فيقول حجة الإسلام الغزالي (أما الطبيعيات فبعضها مخالف للشرع والدين والحق فهو جهل وليس بعلم حتى نورده في أقسام العلوم وبعضها بحث عن صفات الأجسام وخواصها وكيفية إستحالتها وتغيرها وهو شبيه بنظر الأطباء إلا أن الطبيب ينظر في بدن الإنسان على الخصوص من حيث يمرض ويصح وهم ينظرون في جميع الأجسام من حيث تتغير وتتحرك ولكن للطب فضل عليه وهو أنه محتاج إليه وأما علومهم في الطبيعيات فلا حاجة إليها) (نفس المصدر والصفحة).
ويتحدث الغزالي عن تعليم الصبيان العقيدة الإسلامية بالتلقين، فيقول (اعلم أن ما ذكرناه في ترجمة العقيدة ينبغي أن يقدم إلى الصبي في أول نشوئه ليحفظه حفظا ثم لا يزال ينكشف له معناه في كبره شيئا فشيئا فابتداؤه الحفظ ثم الفهم ثم الاعتقاد والإيقان والتصديق به وذلك مما يحصل في الصبي بغير برهان فمن فضل الله سبحانه على قلب الإنسان أن شرحه في أول نشوئه للإيمان من غير حاجة إلى حجة وبرهان). ولتقوية هذه العقيدة عند الصبي وحتى عند عامة الرجال فينصح الغزالي بالتكرار، فيقول (فلا بد من تقويته وإثباته في نفس الصبي والعامي حتى يترسخ ولا يتزلزل وليس الطريق في تقويته وإثباته أن يعلم صنعة الجدل والكلام بل يشتغل بتلاوة القرآن وتفسيره وقراءة الحديث ومعانيه ويشتغل بوظائف العبادات فلا يزال اعتقاده يزداد رسوخا بما يقرع سمعه من أدلة القرآن وحججه وبما يرد عليه من شواهد الأحاديث وفوائدها) (نفس المصدر، ص 4). فهل نستغرب بعد هذا عندما نرى في التلفزيون صور الأطفال في مدارس تحفيظ القرآن وهم يقرؤون الآيات ويهتزون للأمام والخلف كالروبوتات أو كالمصاب بمرض الرعشة؟
وحتى يؤكد لنا الغزالي إهمال العقل في الأمور العقدية، يقول (قال النبي صلى الله عليه وسلم هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون، أي المتعمقون في البحث والاستقصاء. حديث هلك المتنطعون أخرجه مسلم من حديث ابن مسعود) انتهى. فالتعمق في البحث والاستقصاء منهي عنه في رأي الغزالي.
أما العلم نفسه فيقسمه الغزالي إلى قسمين (تنقسم {العلوم} إلى شرعية وغير شرعية وأعني بالشرعية ما استفيد من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه ولا يرشد العقل إليه مثل الحساب، ولا التجربة مثل الطب، ولا السماع مثل اللغة، فالعلوم التي ليست بشرعية تنقسم إلى ما هو محمود وإلى ما هو مذموم وإلى ما هو مباح). ويستمر فيقول (وأما المذموم فعلم السحر والطلسمات وعلم الشعوذة والتلبيسات وأما المباح منه فالعلم بالأشعار التي لا سخف فيها وتواريخ الأخبار وما يجري مجراه أما العلوم الشرعية وهي المقصودة بالبيان فهي محمودة كلها) (ربع العبادات، ج1، ص 10). ويزيد الغزالي في توضيح العلم المحمود، فيقول (وأما القسم المحمود إلى أقصى غايات الاستقصاء فهو العلم بالله تعالى وبصفاته وأفعاله وسنته في خلقه وحكمته في ترتيب الآخرة على الدنيا فإن هذا علم مطلوب لذاته وللتوصل به إلى سعادة الآخرة وبذل المقدور فيه إلى أقصى الجهد قصور عن حد الواجب فإنه البحر الذي لا يدرك غوره وإنما يحوم الحائمون على سواحله وأطرافه بقدر ما يسر لهم وما خاض أطرافه إلا الأنبياء والأولياء والراسخون في العلم على اختلاف درجاتهم بحسب اختلاف قوتهم وتفاوت تقدير الله تعالى في حقهم وهذا هو العلم المكنون الذي لا يسطر في الكتب ويعين على التنبه له التعلم ومشاهدة أحوال علماء الآخرة) (نفس المصدر، ص 25).
وحتى ينمّي التلميذ مقدراته العقلية والنقدية، ينصحه الغزالي بالآتي (وبالجملة كل متعلم استبقى لنفسه رأيا واختيارا دون اختيار المعلم فاحكم عليه بالإخفاق والخسران فإن قلت فقد قال الله تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون فالسؤال مأمور به، فاعلم أنه كذلك ولكن فيما يأذن المعلم في السؤال عنه، فإن السؤال عما لم تبلغ مرتبتك إلى فهمه مذموم) (نفس المصدر، ص 33). فلم يترك حجة الإسلام الغزالي للطالب أي مجال لتربية نزعة الاستقلال بالرأي أو حتى السؤال فيما طرحه عليه أستاذه. وحتى يؤكد الغزالي عدم أحراج الاستاذ بالأسئلة الكثيرة، يورد لنا مقولة من أقول الإمام علي بن أبي طالب (وقد قال علي رضي الله عنه إن من حق العالم أن لا تكثر عليه بالسؤال ولا تعنته في الجواب ولا تلح عليه إذا كسل ولا تأخذ بثوبه إذا نهض ولا تفشي له سرا) انتهى. وهذا أفضل مثال لاغتيال العقل وزرع الأيدولوجية العقدية في مكانه.
وبعد مقارنة بسيطة في علوم الطب والحساب والنجوم، خلص الغزالي إلى القول (وبهذا تبين أن أشرف العلوم العلم بالله عز وجل وملائكته وكتبه ورسله والعلم بالطريق الموصل إلى هذه العلوم فإياك أن ترغب إلا فيه وأن تحرص إلا عليه) (ص 35) انتهى. أما العلوم الدنيوية فالعياذ بالله منها (حق المعلم أعظم من حق الوالدين فإن الوالد سبب الوجود الحاضر والحياة الفانية والمعلم سبب الحياة الباقية ولولا المعلم لانساق ما حصل من جهة الأب إلى الهلاك الدائم وإنما المعلم هو المفيد للحياة الأخروية الدائمة أعني معلم علوم الآخرة أو علوم الدنيا على قصد الآخرة لا على قصد الدنيا فأما التعليم على قصد الدنيا فهو هلاك وإهلاك نعوذ بالله منه).
ويورد الغزالي حديثاً عن النبي يختم به رأيه في العلوم، فيقول (معنى قوله صلى الله عليه وسلم نعوذ بالله من علم لا ينفع، حديث نعوذ بالله من علم لا ينفع أخرجه ابن عبد البر من حديث جابر بسند حسن وهو عند ابن ماجه بلفظ تعوذوا وقد تقدم، فاعتبر بهذه الحكاية ولا تكن بحاثا عن علوم ذمها الشرع وزجر عنها ولازم الاقتداء بالصحابة رضي الله عنهم واقتصر على اتباع السنة فالسلامة في الاتباع والخطر في البحث عن الأشياء والاستقلال ولا تكثر اللجج برأيك ومعقولك ودليلك وبرهانك وزعمك أني أبحث عن الأشياء لأعرفها على ما هي عليه فأي ضرر في التفكر في العلم، فإن ما يعود عليك من ضرره أكثر وكم من شيء تطلع عليه فيضرك اطلاعك عليه ضررا يكاد يهلكك في الآخرة إن لم يتداركك الله برحمته) (إحياء علوم الدين، ربع العبادات 1، ص 20).
ويصل حجة الإسلام الغزالي حدود اللامعقول في امتهان العقل حين يتحدث عن عذاب القبر ويقول إنّ إيمان العبد لا يتم (حتى يؤمن بما أخبر به بعد الموت وأوله سؤال منكر ونكير وهما شخصان مهيبان هائلان يقعدان العبد في قبره سويا ذا روح وجسد فيسألانه عن التوحيد والرسالة ويقولان له من ربك وما دينك ومن نبيك. حديث سؤال منكر ونكير أخرجه الترمذي وصححه ابن حبان من حديث أبي هريرة إذا قبر الميت، أو قال أحدكم: أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير. وفي الصحيحين من حديث أنس إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وأنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه) (ربع العبادات ذ، ص 2) انتهى. ولم يشرح لنا الغزالي كيفية سؤال الهندوس الذين تُحرق جثثهم وتصير رماداً. إنه منتهى الاستخفاف بالعقل، وهذا ما دعا الشيخ حسن الترابي مؤخراً إلى القول بعدم صحة سؤال القبر.
ويأتي الغزالي بمنطق غريب في مدح العقل (بعد أن اغتاله) وإظهار العنصرية الإسلامية البغيضة، فيقول (والبهيمة مع قصور تمييزها تحتشم العقل حتى إن أعظم البهائم بدنا وأشدها ضراوة وأقواها سطوة إذا رأى صورة الإنسان احتشمه وهابه لشعوره باستعلائه عليه لما خُص به من إدراك الحيل ولذلك قال صلى الله عليه وسلم "الشيخ في قومه كالنبي في أمته" وليس ذلك لكثرة ماله ولا لكبر شخصه ولا لزيادة قوته بل لزيادة تجربته التي هي ثمرة عقله ولذلك ترى الأتراك والأكراد وأجلاف العرب وسائر الخلق مع قرب منزلتهم من رتبة البهائم يوقرون المشايخ. حديث الشيخ في قومه كالنبي في أمته أخرجه ابن حبان في الضعفاء من حديث ابن عمر وأبو منصور الديلمي من حديث أبي رافع بسند ضعيف) (ربع العبادات 1، ص 55).
وبنفس هذا المنطق الذي يجافي العقل، كفّر الغزالي ابن سينا والفارابي في كتابه "المنقذ من الضلال، وقال (لا نشك في كفرهما -أي الفارابي وابن سينا- وقال فيه أيضا وأما الإلهيات ففيها أكثر أغاليطهم وما قدروا على الوفاء بالرهان على ما شرطوا في المنطق ولذلك كثر الاختلاف بينهم فيه ولقد قرب مذهب أرسطاطاليس فيها من مذهب الإسلاميين الفارابي وابن سينا ولكن مجموع ما غلطوا فيه يرجع إلى عشرين أصلا يجب تكفيرهم في ثلاثة منها وتبديعهم في سبعة عشر ولإبطال مذهبهم في هذه المسائل العشرين صنفنا كتاب التهافت وأما المسائل الثلاث فقد خالفوا فيها كافة الإسلاميين وذلك قولهم أن الأجسام لا تحشر وأن المثاب والمعاقب هي الروح روحانية لا جسمانية ولقد صدقوا في إثبات الروحانية فإنها قائمة أيضا ولكن كذبوا في إنكار الجسمانية وكفروا بالشريعة فيما نطقوا به ومن ذلك قولهم إن الله يعلم علم الكليات دون الجزئيات وهذا أيضا كفر صريح بل الحق أنه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ومن ذلك قولهم بقدم العالم وأزليته ولم يذهب أحد من المسلمين إلى شيء من هذه المسائل وأما ما وراء ذلك من نفيهم الصفات وقولهم أنه عالم بالذات لا بعلم زائد وما يجري مجراه فمذهبهم فيه قريب من مذهب المعتزلة) (شذرات الذهب للدمشقي، ج2، ص 353).
وبسبب هذه الآراء الغريبة انتقد ابن الجوزي أبا حامد الغزالي، وقال (وجاء الغزالي، فصنّف لهم كتاب "الإحياء" على طريقة القوم، وملأه بالأحاديث الباطلة، وهو لا يعلم بطلانها، وتكلم في علم المكاشفة، وخرج على قانون الفقه. ) وقد ذكر الغزالي في كتاب الإحياء: أنه ضاع لبعض الصوفية ولد صغير، فقيل للصوفي: لو سألت الله أن يرده عليك. فقال: اعتراضي عليه فيما يقضي أشدُ عليّ من ذهاب ولدي. فرد عليه ابن الجوزي (لقد طال تعجبي من أبي حامد الغزالي كيف يحكي هذه الأشياء في معرض الاستحسان والرضى عن قائلها، وهو يدري أن الدعاء والسؤال ليس باعتراض) (أحكام النساء لابن الجوزي، ص 66).
أما رأي الغزالي في المرأة فمكانه الطبيعي يجب أن يكون أحد المتاحف الغربية. فالغزالي يقول عن المرأة:
1- يجب على المرأة أن تجلس في بيتها وتشغل نفسها بالغزل، ولا تبرح بيتها إلا نادراً
2- يجب ألا تتعلم القراءة والكتابة وألا تتحدث مع جاراتها كثيراً، ولا تزورهن إلا للضرورة القصوى
3- يجب أن تعتني بزوجها وتحفظ حقه في حضوره وفي غيابه ويكون همها أن ترضيه
4- يجب ألا تخرج من منزلها دون إذن زوجها، وإذا سمح لها يجب أن تخرج في حياء، وتلبس ملابساً بالية وتختار الطرقات المهجورة
5- يجب أن تتفادى الأسواق ولا تُسمع صوتها لرجل غريب
6- يجب ألا تحادث أصحاب زوجها حتى في حالة الضرورة
7- يجب أن يكون شغلها الشاغل شرفها وبيتها وصلاتها وصيامها
8- إذا حضر إلى منزلها أحد أصحاب زوجها في غيابه فيجب ألا تفتح له الباب ولا تكلمه حفاظاً على شرفها وشرف زوجها
9- يجب أن تكتفي بما يمنحها زوجها من الواجبات الزوجية
10- يجب أن تكون نظيفة ومستعدة لإشباع رغبة زوجها الجنسية في أي وقت
فجناية حجة الإسلام الغزالي على العقل لا يضاهيها إلا جناية أبي هريرة والبخاري على السنة. وإذا كانت هذه آراء حجة الإسلام، فماذا ننتظر من الشيوخ العاديين؟



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر
- حصيلة ذي الحجة من النفاق
- أحمد صبحي منصور.. وآفة الغرور 3-3
- أحمد صبحي منصور .. وآفة الغرور 2-3
- أحمد صبحي منصور ... وآفة الغرور 1-3
- من قال لستُ أدري فقد أفتى
- الأديان وتخدير أحاسيس الإنسان
- مشيخة الأزهر والموروث الكهنوتي
- فهمي هويدى ودروس في الكراهية
- هل كان محمد مرسلاً لجميع البشر؟
- الجنة وما أدراك ما الجنة
- من لا يشك ليس إنساناً
- المال هو قلب الإسلام الحقيقي
- ماهو الوحي، ولمن يوحي الإله؟
- رمضان والتخبط في التشريع
- حوار الأديان وحوار الطرشان
- حرب الفتاوى تكشف زئبقية الإسلام
- التعذيب في الإسلام
- نزهة مع الصحابة
- لولا كلمةٌ سبقت


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - جناية الغزالي على عقول المسلمين