أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رداد السلامي - سلاح الرفض















المزيد.....

سلاح الرفض


رداد السلامي

الحوار المتمدن-العدد: 2109 - 2007 / 11 / 24 - 11:29
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


نحن في حاجة ماسة إلى من يقف في واحد من مياديننا ويتعرى أمامنا
ثم لا نجد فيه ما يخزي أو يعيب. . لأنه بدأ بنفسه فطهرها من المخازي والعيوب.
ورأيت أن أبكي على الورق...
!لكن .. ما جدوى البكاء على ورق..؟
أحيانا.. نحمل الله نتائج أخطائنا. وكثيرا ما يكتب علينا تحمل أخطاء الآخرين. . والمسألة في النهاية نسبية. المقدمات تقود إلى نتائج. والأسباب تؤدي إلى مقاصد.
ما أجمل ذاك الدعاء :يا رب الأسباب.. نعم.. الأسباب.
كيف إذن نبدأ مشوار البحث عن الأسباب...؟.
المطلوب أولا أن لا نغرق في دوامة النتائج. . فما كان.. قد أصبح حقيقة وواقعا. وما حدث لا يمكن أن يتغير. فقدر الله هو أن تكون اللحظة متراجعة على الدوام.. ومستعصية على الثبات وليس بالمقدور استعادتها على الأقل حسب ما أوتينا من علم حتى الآن .. ولعل لذلك صلة بمغزى استدراك -قدّر الله وما شاء فعل-
لا أريد أن أتحدث حديثا "وعظيا".. ولكني أردت أن يسكب قلمي مداده دمعا على الورق. وحين يبكي القلم يكون صادقا. ولا يكون القلم صادقا إلا إذا كان حرا طليقا... لا يوجد بكاء كاذب ولا تتساقط الدموع حارقة إلا من فرط المواجع. وهي نعمة أنعم الله بها على خلقه.. تخفف عن الإنسان أحزانه وينفس فيها عن نفسه.. خاصة إذا جاءت في حالة بث وشكوى وفي خلوة مع الله.
الخاص والعام لا ينفصلان إلا بمقدار ما يتداخلان . . "وكيفما " نكون يولى علينا" ، فالسماء لا تمطرنا حكاما. قد يأتي الحاكم من وراء الحدود غازيا... لكن ذاك ليس هو المقصود .. المقصود حكاما يترعرعون وسطنا.. يتشربون كل سلبياتنا وإيجابياتنا.. ثم يجلسون .. برغم أنفنا أو نجلسهم نحن بمحض إرادتنا .. على كراسي الحكم. ما يفعله بنا هؤلاء من خير أو شر.. هو ما كان سيفعله أي واحد آخر منا - إلا من رحم ربي - يجلس على ذاك الكرسي.
إذن فمصدر الداء لا يكون في الاتجاه الذي اعتاد السياسيين والكتاب الإشارة إليه .. عندما يقولون لنا : "غيروا حكامكم" ينصلح حالكم ويسقط المطر وتخرج الأرض خيراتها وتشرق الشمس على الحقول والمراعي.. تنشر السعادة والحبور".
المسألة ليست بهذه البساطة التي نتصور. وحتى عندما يحاول بعضهم ، أن يجوّد حديثه فيطلق مقولة أنه : "لا يوجد حاكم عادل وإنما هناك نظام عادل ، فإنه يكون قد قال نصف الحقيقة وأخفى أو خفي عليه نصفها الآخر. وإظهار نصف الحقيقة أسوأ من تغييبها تماما، ذلك أن في الأمر تخدير للناس والإبقاء عليهم في قاعات الانتظار.. متعلقين بخيط الوهم.. الذي لا يغني من الحق شيئا.
الطريق إلى الحقيقة ، يبدأ من داخل الإنسان. وما نحتاجه ليس هو الإصلاح السياسي وإنما هو الإصلاح الآدمي. فالسياسة أصبحت علما والاقتصاد كذلك كما هو الحال مع الطب والهندسة والعلوم الأخرى . وهؤلاء كثر. ومأزقنا ليس في تمكنهم من مجال اختصاصاتهم وإنما في فقدان ثوابت الأخلاق وسطهم. وفقدان هذه الثوابت لا يبقى محصورا عند هؤلاء وإنما يمتد ويتسع ليشمل كافة قطاعات المجتمع. الإصلاح المجتمعي هو الأساس وإذا صلح المجتمع صلحت كل الجوانب الأخرى سياسية واقتصادية وخلافها.
ما زلت أقول بأن ما نحتاج إليه هو إعادة ترتيب مجتمعاتنا وهذا الترتيب لا يبدأ إلا من الإنسان. والتغيير كما يقولون يبدأ من "أنا" ومن يريد أن يقوم بإصلاح غيره ، عليه أن يبدأ بنفسه. فـلن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. كما إنك لا تستطيع أن تخرج القذى من عين أخيك وتنسى الخشبة التي في عينك. ولن ينتج الأفراد الفاسدون إلا مجتمعا فاسدا ولا يحكم المجتمع الفاسد إلا فاسد منهم .
الحكم منهم والمعارضين. الحالمين والواهمين.. المسالمين منهم والمشاكسين لايوجد عندهم ما يطمئن إليه القلب .
إنها مصالح تصطرع.. وهذا واقع الدنيا. خلافنا مع الساسة ليس على "فعل" الصراع وإنما على "ضوابط" الصراع.
هم يرون أن مهمتهم هي تحريض الناس على الصراع وتأجيجه والوصول به إلى أقصى مستوياته حتى يحسم في النهاية. كل يريد أن يحسمه لصالحه وله في كل ذلك علم وفلسفة ونهج وتكتيك وأدوات وقواعد انطلاق. غير أني أرى بأن التلطف في الصرع وإفساح مساحات للتناغم واعتماد التنوع الطوعي لا التصنيف القسري هو الأليق بالإنسان. وهذا أمر يجوز في عالم الأفكار أيضا ، حيث يقال بأن صراعها لا رحمة فيه، وأقول ما جدوى الفكر في غياب الرحمة؟!.
ليس أروع من أن تسير الأمور بالملاطفة وأن تتنافس الأفكار وتتصارع بلا تطرف، حتى وإن تأخرت في زمن أصبح طابعه التسارع. لأن الهرولة التي تؤدي إلى التزاحم وسحق الضعفاء تحت أقدام الأقوياء، لا تليق بالإنسان أفكارا ومعايشة.
قد يعتبر البعض هذا الكلام سذاجة وعدم إدراك لقوانين الحياة وطبائع البشر، خالفتهم.. فخلّفني ركبهم وراءه أو قل تخلفت عنه.
اختاروا أن يسلكوا طريقا واسعا.. تتدافع فيه الناس وتتزاحم وتصطرع. منهم من وصل إلى غايته وتربع على كرسي من كراسي الحكم أو على مقربة منه. ومنهم من غيبته السجون أو بواطن الأرض.
اخترت أن أسلك دربا ضيقا لا يرتاده إلا القليلون.. إما رغبة وإما اضطرارا.
ضيق هو الدرب وفيه مشقة.. قد يتمنى المرء في بعض لحظاته.. لو أنه لم يسلكه أصلا. ثم يرتد إليه وعيه فيطمئن إليه قلبه أو يحاول أن ينصرف عنه .. قبل أن يدرك أن لا عودة إلى وراء. فلا وراء إلا الهلاك. والدرب يمتد أمامك طويلا. ومع طوله ومشقته أنت فيه آمن.
لا يعني هذا أن الشرطة سوف لن تطاردك.. وأن الحاكم أو حراسه سوف لن يلاحقوك فيمن يلاحقون. بل قد تجد نفسك في حبس وأمام محاكم بدون سبب لذلك سوى أنك لست على شاكلتهم.
حظك من هذا الدرب أن يتطاول عليك أو يسخر منك الجميع. غير أنك مع ذلك كله أسعد من كل الذين يتزاحمون في الطريق الواسع. فأنت إن احتجت هنا لخلوة مع النفس تختار على هواك ركنا هادئا.. لن يصل إليه غيرك. وإذا شعرت بحاجة إلى النوم يأتيك النعاس في اللحظة التي تضع فيها رأسك.
ماذا نأكل . ماذا نلبس .. ماذا ندخر للغد.. مسائل لا بد وأن تشغلك وتستطيع أن تدركها بل وإدراك ما هو أكثر منها ولكن بمشقة لا يطيقها الكثيرون.. وفي الواقع سوف لن يخسروا شيئا جوهريا على الإطلاق بإيثارهم راحة البال. ولن تكون نهاية مسارهم أسوأ من نهاية مسار أكثر الناس حظا ممن يتزاحم في الطريق الواسع مع المتزاحمين ويدوس المستضعفين أو تدوسه أقدام الأقوياء. النهاية هي النهاية من حيث الشكل لكنها نهاية أسوأ بكثير من حيث الجوهر والمضمون.. من نهاية أقل الناس حظا ممن اختار أن يسلك الدرب الضيق.

لكن ما دخل هذا كله بالسياسة التي نعترف بأنها علم لا مجال فيه لشطحات روحانية.. إنها ببساطة :" واحد + واحد يساوي اثنين "
ما زلت عند موقفي : لسنا في حاجة إلى ساسة. فالطريق الواسع يغص بملايين الساسة الفعليين والمحتملين. نحن في حاجة ماسة إلى من يقف في واحد من مياديننا ويتعرى أمامنا .. ثم لا نجد فيه ما يخزي أو يعيب.. لأنه بدأ بنفسه فطهرها من المخازي والعيوب.
نحن في حاجة إلى أمثال هذا ليعلمنا كيف نطهر نحن أيضا أنفسنا من المخازي والعيوب.
البداية صعبة والمشوار طويل.
البداية كما قلت من "أنا" . . فليبدأ كل واحد منا إذن مواجهة مع الذات.
لماذا فشلنا؟
وقبل ذلك.. هل كنا نعرف أصلا ماذا نريد؟
وإن كنا نعرف فهل أعددنا لذلك العدة وأخذنا بالأسباب؟
هذا يصدق على الخاص والعام.
ولكن قبل هذه البداية لا بد من مرحلة إعداد تأتي في أعقاب مرحلة تبشير.
وهذا التبشير في اعتقادي بدأه البعض منذ مدة واتخذ شكل الشكوى من واقع الحال وسوداوية طبعت أعمال كتاب وأدباء وصحافيين وفنانين وشعراء .. غير أن التبشير الذي نحتاجه يأخذ شكل "الرفض" لهذا الواقع الفاسد.
لا أدعو إلى هروب إلى صومعة كما إنني لا أدعو إلى مواجهة ومصادمة.
الرفض خيار المستضعفين والأقوياء في آن واحد. بمعنى أنه أسهل أسلوب ينتهجه المستضعف واشق أسلوب يختاره القوي.. لكنه سلاح لا يفشل من يلتزمه ويؤدي إلى نتائج حاسمة ومصدر روعته أنه يعطي "الصراع" طابعه الإنساني ولا يفقده رصانته وكبرياءه. يحاصر مصادر الشر ونوازعه فيقضي عليها في مهدها.. يحول الخصم إلى آخر يختلف معك حسب ضوابط وثوابت تم التراضي عليها.. ضوابط وثوابت تأتي من داخلنا ولا تفرض علينا من الخارج نلتزمها لأنها تصبح جزءا من أدمغتنا.
-----------------------------------
*كاتب وصحفي



#رداد_السلامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن جرائم -سنحان- ومنساة الرئيس صالح
- عن حقيقة استقالة وردة العواضي من موقع أخبار الساعة وتحول صحي ...
- في اليمن : نقابة الصحافيين تتاجر بقضايا الصحفيين في بازار ال ...
- خطاب صالح السلبي وحصاد مر عمره 30عاما
- رؤية الوزير اليمني عبد القادر هلال لمختلف القضايا الوطنية
- مبادرة الرئيس اليمني ..ملهاة جديدة ومزيدا من تكريس الاحادية ...
- حمل السلاح في اليمن..بين ازدواجية التطبيق وغموض الخطاب
- الرئيس صالح :صفقنا له وقلنا إن هذا إلا صالحٌ كريم؟!
- اليمن إلى أين..؟ تساؤلات قلقه؟
- حزب التجمع اليمني للاصلاح ..البديل الأقوى ..وتحديات المستقبل
- من يحكم اليمن؟!
- عن وطنية علي سالم البيض
- المعارضة اليمنية غياب حتى إشعار آخر
- اليمن تنافس مبكر وبوادر بتفكك حزب الرئيس صالح
- قصة من العذاب في سجون الامن السياسي في اليمن –خالد البتول نم ...
- ورقة -دور الشباب في مكافحة الإرهاب
- هموم صحفي يمني
- ثلاثية خطيرة تهدد وحدة اليمن:استبداد السلطة..عجز المعارضة... ...
- هل فقد الرئيس صالح السيطرة..أم أن عبد ربه منصور بدأ يعي ذاته ...
- إلى أخي في الجنوب كلينا في الهم غم


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رداد السلامي - سلاح الرفض