أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - إشكالية المثقف والسياسي














المزيد.....

إشكالية المثقف والسياسي


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 646 - 2003 / 11 / 8 - 02:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما زال الإشكال قائماً بين المثقف والسياسي حول سُبل المعالجة للقضايا الاجتماعية الشائكة في العراق، وشهد عقد التسعينيات من القرن المنصرم تفجر الخلاف بشكل حاد خاصة بعد زيادة حجم الكوارث ومسؤولية السياسي عنها. وتعد سياسة الهيمنة والتهميش التي انتهجها السياسي ضد المثقف إحدى العوامل التي أدت إلى تأجيج الصراع بشكله الحالي وما آله إليه من نتائج انعكست سلباً على أداء السياسي خاصة بعد أن انسلخ القسم الأعظم من المثقفين عن الجسد السياسي، فتكشف الوجه الحقيقي للسياسي وبان ضعفه وتخلف أدائه في التعاطي مع مشكلات المجتمع.
فالإشكالية الأساسية غير المحددة في هذا الصراع هي: وظيفة السياسي ووظيفة المثقف، فليس بالضرورة أن يكون السياسي مثقفاً ولكن بالضرورة أن يكون المثقف سياسياً (وليس بالضرورة حزبياً)!! ويجد ((غرامشي)) في هذا السياق أن كل الناس مثقفون ولكن ليس لكل الناس وظيفة المثقفين في المجتمع، والأصح أن يقال إن الذكاء (أنتلجنس) موجود لدى كل الناس وبينهم الطبيب والمهندس والمحاسب..ولكن ليسوا جميعاً مثقفين (انتلكجوالس) لأن المثقف هو من يعي الواقع ككل ويتجاوزه بوعيه في نفس الوقت.
هذا الاختلاف في تحديد المسؤوليات والاعتراف بالأخطاء الفادحة التي ارتكبها السياسي بحق المجتمع والمثقف دفع العديد من المثقفين لإعلان البراءة من تلك السياسات والكوارث التي حلت بالمجتمع. ورفض المثقف تحمل قسطاً منها بسبب سيادة السياسي (الجاهل)، وبهذا الصدد يجد ((جبرا إبراهيم جبرا)) البغاء الذهني، كالبغاء الجنسي يعود إلى أسباب اجتماعية واقتصادية، فكما أن لا امرأة في الوجود يلذ لها أن تكون نهباً لعناق كل عابر سبيل كذلك لا أديب يلذ له أن يجعل من ذهنه مهرجاً لتسلية كل جاهل.
فهذا الترحيل القسري (للكوارث التي حلت بالمجتمع)  الذي يمارسه المثقف ضد السياسي ويحمله المسؤولية الكاملة، فيه شيء من (القسوة) والتنصل من المسؤولية. فالمثقف شارك السياسي (بالمهادنة) بالرغم من أنه لم يكن صاحب قرار في كل المراحل، لكنه يتحمل المسؤولية في عدم اتخاذه الموقف اللازم من تلك السياسات الخاطئة التي آلت إليها الكوارث في الوقت المناسب.
وأدى فيما بعد إلى انسحابه من الجسد السياسي بغية إحراج السياسي وإسقاط ورقة التوت عنه، وهذا الموقف لم يضعف السياسي فحسب بل طال ( إلى حد ما) المثقف أيضاً. فلا السياسي قادر على الاعتراف بأخطائه السابقة والتخلي عن منطلقاته في التعامل مع المثقف، ولا المثقف قادر على مسامحة السياسي وإعطاءه الشرعية بالاستمرار. وبالنتيجة لم يتمكن السياسي من تخطي عتبة المثقف وهيكلة عمله المستقل ولم يتمكن المثقف من خلق مؤسساته البديلة التي تهدد موقع السياسي بكل هشاشته.
وكل المحاولات التي بذلت لتخطي تلك العقبة باءت بالفشل كونها استندت إلى قاعدة من يسيطر على من؟!. فلا السياسي الذي حاول خلق مؤسسات (ثقافية) وهمية من أجل تخطي المثقف لاقت النجاح، ولا المثقف الذي حاول خلق تلك المؤسسات قادر على الإفلات من أحابيل السياسي الذي أفشل كل تلك المحاولات بغرض تكريس مفهوم قسري مفاده: إن المثقفين غير مؤهلين للعمل المشترك دون أشراف السياسي!!.
هذا الواقع الهش والإحباط الذي طال الجميع عطل وأفشل المحاولات الجادة لخلق علاقة جديدة مبنية على الاحترام المتبادل بين المثقف والسياسي. وتحديد المسؤوليات لكل منهما، يحتاج إلى واقع جديد ينتشل الجميع من واقع الإحباط وثقافة اللامبالاة ويحتكم إلى مبادئ جديدة من العمل لإعادة بناء العراق القادم.
ومستلزمات النجاح لعمل مشترك بين المثقف والسياسي، يتطلب إزاحة (الديناصورات) من الجانبين وتبني النهج الجديد من قبل جيل غير ملوث ومتورط بالإساءة!!. ويجد الدكتور ((منذر حلوم)) أنه لا يمكن للأديب والفنان أن يتناولا مادة ملوثة ويصوغا منها أدباً أو فناً لا تبدو عليه آثار التلوث. الأدباء والفنانون كواشف ليس مخيراً بالسكوت عما يلتقطه، فالبوح مظهر من مظاهر حياة الفن والأدب.
فهل العراق القادم سيحل هذا الإشكال؟. اعتقد أن النهج الديمقراطي الذي يجب أن يعتمد في العراق القادم كفيل بخلق مستلزمات العمل المشترك وتحقيق مطالبات المثقفين بالسلطة الرابعة التي تكون الرقيب على النهج السياسي وبالتالي تحديد المسؤولية المناطة بكل جانب.
فالمساحة المطلوبة من حرية العمل يجب أن تكون مكفولة للجميع ومصانة من الجميع، والضمان الوحيد لهذا الاتفاق هو الدستور الدائم الذي يضمن حقوق المواطنة.
فالنهج السياسي الجديد، يتطلب طليعة من الكوادر العلمية والمثقفة لإدارة البلاد في ظل التطورات العلمية والتقنية في العالم، ولا مكان في هذا الواقع لتشكيلة المنظومات السرية والشمولية.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأدب الإنساني وموقف الأديب
- حرية الإبداع في النظامين الشمولي والديمقراطي
- موقف المثقفون العرب من خطاب السلطة والمجتمع
- مناقشة وتحليل لنظام الشرق الأوسط الجديد(*)4-4
- مناقشة وتحليل لنظام الشرق الأوسط الجديد 3-4
- مناقشة وتحليل لنظام الشرق الأوسط الجديد2 -4
- مناقشة وتحليل لنظام الشرق الأوسط الجديد1-4
- الوجهان المتناقضان للولايات المتحدة الأمريكية في العالم!!
- الإنجازات والاخفاقات لمجلس الحكم الانتقالي في العراق
- تنويه- مجلس الحكم الانتقالي يحث الأحزاب على عدم استغلال مواق ...
- المستقلون من المثقفين وخيارات المواجهة مع قيادات الأحزاب الع ...


المزيد.....




- حظر بيع مثلجات الجيلاتو والبيتزا؟ خطة لسن قانون جديد بمدينة ...
- على وقع تهديد أمريكا بحظر -تيك توك-.. هل توافق الشركة الأم ع ...
- مصدر: انقسام بالخارجية الأمريكية بشأن استخدام إسرائيل الأسلح ...
- الهند تعمل على زيادة صادراتها من الأسلحة بعد أن بلغت 2.5 ملي ...
- ما الذي يجري في الشمال السوري؟.. الجيش التركي يستنفر بمواجهة ...
- شاهد: طلاب جامعة كولومبيا يتعهدون بمواصلة اعتصامهاتهم المناه ...
- هل ستساعد حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة أوكرانيا ...
- كينيا: فقدان العشرات بعد انقلاب قارب جراء الفيضانات
- مراسلنا: إطلاق دفعة من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه مستوطنة ...
- -الحرس الثوري- يكشف استراتيجية طهران في الخليج وهرمز وعدد ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - إشكالية المثقف والسياسي