أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - حرية الإبداع في النظامين الشمولي والديمقراطي















المزيد.....

حرية الإبداع في النظامين الشمولي والديمقراطي


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 638 - 2003 / 10 / 31 - 03:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



موهبة الإبداع، حالة خارجة عن حدود الوعي تهيمن على المبدع ولا تتقيد بزمان أو مكان. وهي تعمل على خلق كائناً جديداً يُفصح عن خصائصه الجمالية ويتميز عن محيطه بسمات خاصة ويختلف بالشكل والجوهر عن الكائنات الإبداعية الأخرى.
وتتحكم بظاهرة الإبداع مساحة الحرية التي يحتاجها المبدع كي يعمل على تركيب أشلاء مخلوقه المتناثرة بتناسق جميل بعيداً عن عين الرقيب، ثم يحتاج إلى زمن ليتأمل مخلوقه عن قرب وبُعد ويعيد تصحيح بعض أجزاءه، ومن ثم يحتاج إلى زمن آخر يعشق فيه مخلوقه ويتفاعل معه وأخيراً يقرر منحه الروح ليكون كائن متكامل بين المخلوقات الإبداعية الأخرى.
فهذا المخلوق الإبداعي الجديد، هو نتاج مخاضات كبيرة يخوضها المبدع مرة مع نفسه ومرات مع المجتمع الذي لا يبحث عن جمالية هذا المخلوق فحسب بل يسعى لاكتشاف عيوبه.
فالخالق (المبدع) يتحمل مسؤولية نتاج خلقه ويجاهد على إبراز معالم الجمال فيه، والناقد لا يهمه البحث عن جمال المخلوق الإبداعي فقط وإنما يعمل تبيان تشوهاته التي تعكس دواخل الخالق (المبدع).
ويجد الباحث ((علي الوردي)) إن الإبداع بوجه عام  لا يخضع لحساب الزمن ولا يفهم جدول الضرب، إنه ليس من قبيل العمل الرتيب الذي يزداد إنتاجها بمقدار ما يطول الزمن به.
ظاهرة الإبداع والقمع:
فالمبدع الذي تحكمه أذرع القسر السلطوية، وتقلص عليه مساحة الحرية وتُضيق عليه فضاء المخيلة وتفرض عليه موصفات ومقاسات المخلوق الإبداعي، يفقد آليات إبداعه وتضيع منه ملكة فك الرموز الآنية في دهاليز المخيلة ويتعرض مخلوقه للتشويه جراء التشويش المفروض عليه من أذرع القسر السلطوية.
فالسلطة، هي منظومة فكرية تعسفية تفرض سطوتها أينما حلت على مرافق الحياة الإبداعية. ومفهوم السلطة لا يتحدد بالسيطرة على أجهزة الدولة للتحكم بمرافق الحياة فقط وإنما قد تفرض السلطة سطوتها الفكرية بأشكال مختلفة كأن تتخذ من الحزب أداة للهيمنة على الأعضاء والمجتمع، وفي أحايين كثيرة تتجاوز تلك الهيمنة الأطر الحزبية لتفرض سطوتها على المحيط بغية تقليص مساحة الحرية التي يحتاجها المبدع. 
وهناك قيود أكبر مفروضة على (المبدع) الحزبي والسلطوي تحد من إبداعه، فالحزبي والسلطوي الذي غادر بوقت مبكر موقعه تخلص من تلك الهيمنة وبات إنتاجه أغزر وأعمق من إنتاجه السابق. وغالباً، ما تحاول السلطة تجيير العمل الإبداعي لصالحها ووفقاً لمتطلباتها فيقع المبدع فريسة تلبية المطالب ذات المقاسات المحددة التي تفرغ إنتاجه من ملكة الإبداع لأنها خضعت منذ البدء إلى المقاسات السلطوية والحزبية.
فبمراجعة بسيطة للخطاب السياسي لفترة السبعينيات وحتى نهاية الثمانينيات نجد هناك جمل ممسوخة ومقحمة بالنص دون أي مبرر، فقط من أجل إثارة (فحولة التقدمي) مثل (الدول الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي الصديق..والإمبريالية الأمريكية..والأممية الاشتراكية..والقومية العربية من المحيط إلى الخليج..وغيرها) لقد فرض الفكر الشمولي هذه (الكليشات) على النص السياسي، فالموضوع الذي لا يكرر تلك الجمل الفارغة (الكليشات) عشرات المرات في المقال السياسي لا يعد موضوعاً سياسياً وفقاً للمقاسات (التقدمية والقومية).
ويجد المبدع ((فولبير)) إن لغة المبدع يجب أن تكون كونية في وضوحها، وأنها يجب ألا تحتوي ما يقيدها إلى وضع محلي معين، أو طبقة أو مرحلة، وأحد أساليب بلوغ هذا الحياد الأسلوبي هو تجنب الانتصار لفكرة معينة أو معتقد.
كذلك يفرض الفكر الشمولي حالة من الانفصام بالشخصية لدى المبدع والمثقف، حيث ينعته بصفة (البرجوازي) ويقبله في صفوف حزب (عمالي) فالبرجوازي يجب أن ينطلق من المنطلقات الفكرية البرجوازية كي يستقيم الوصف والذات المصنفة وبالتالي فأن إبداع البرجوازي يجب أن ينهل من ذات المنطلقات وليس من منطلقات أخرى مضادة.
في حين الواقع، يدلل على أن أغلب المبدعين والمثقفين في العالم النامي هم من الفقراء، لكنهم بنظر الحزب الشمولي ذات تفكير برجوازي فكيف يستقيم هذا التصنيف مع الواقع؟. والحقيقية تكمن في أن المهيمنين على قيادة الحزب الشمولي (في الأغلب الأعم) هم من الأميين والجهلة تتأصل فيهم روح الحقد والكراهية للثقافة والمثقفين.
والمتابع لتجربة حزب البعث المقبور على مدى 35 عاماً يجد أن جُل قيادة هذا الحزب من الأميين والجهلة والمعادين للثقافة والعلوم وعلى مدى تلك السنوات كان المثقف يعيش ثلاثة خيارات: أما السجن وأما المنفى وأما التعاون مع السلطة.
وهذا ينطبق (بدرجة أقل) على الأحزاب الشمولية الأخرى خارج السلطة، ولكن وتيرة القمع ضد المثقفين والمبدعين تزداد مع الهيمنة والوصاية التي يحاول الحزب الشمولي فرضها بوسائل مختلفة عنما هو لدى السلطة لكنها في جميع الأحوال تهدف إلى نفس التوجهات، وتجربة المنفى أفرزت بوضوح تلك الأشكال من الهيمنة والتسلط المذيلة في أحايين كثيرة بالتهديد.
ويعتقد الباحث ((علي الوردي)) بأن الفرق بين المبدع والغبي، هو أن أحدهما يعرف كيف ومتى يخطو خطوته الحاسمة بينما يبقى الأخر رقيعاً لا يعرف من دنياه غير الحسد.
تأثير ظاهرتي الإرهاب والقمع في الحزب الشمولي على المبدع:
نجد أن الحزب الشمولي يفرض حالة تسلطية على أعضاءه تشل أي تفكير، بل تعمد على إنهاء أي مناقشة وتقمع الرأي المخالف، حيث تؤكد القاعدة التنظيمية البعثية على مبدأ (نفذ ثم ناقش) التي تدلل على حالة الأمر الحازم في كلا المهمتين في المبدأ البعثي. وقد يكون الأمر بالقتل أو الاغتيال لا يهم، المهم التنفيذ وفيما بعد تأتي حالة النقاش (إذا سمح به) للأمر المنفذ المنتهي حدثاً ونقاشاً!. أما القاعدة الشيوعية المركزية (خضوع الأقلية لإرادة الأكثرية) فهي تؤشر حالتي الخضوع والإلغاء دون أي اعتبار لصواب أو عدم صواب الرأي!!.
ويجد عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي البولوني السابق ((يان بياتا)) بأن قاعدة المركزية الديمقراطية الأساسية- خضوع الأقلية لإرادة الأكثرية- ميكانيكية ضمن هيئة حزبية معينة هي اللجنة المركزية والمكتب السياسي. ولكن موقف أكثرية اللجنة المركزية في الكثير من الأحيان متعارضاً مع أراء وإرادة ومطامح أكثرية أعضاء الحزب.
فوجود المبدع في الإطار التنظيمي للحزب الشمولي يفقده الحرية اللازمة التي دونها لا يمكن للمبدع العمل، فأي تأطير للعمل الإبداعي يؤدي إلى خلق إنتاج مشوه. فالمبدع الذي لا يتمتع بفضاء واسع من الحرية، لا يتحلى إنتاجه بصفة الإبداع.
الإبداع والديمقراطية :
إن البيئة الملائمة لانتعاش الإبداع والمبدعين هي الأجواء الديمقراطية، فالحرية هي أساس الإبداع وبدون تلك المساحة غير المحددة من الحرية لايمكن للمبدع أن يلتقط ومضات عقله الباطن لمكونات مخلوقه الإبداعي. فالديمقراطية، فضاء واسع يتقد فيه الذهن والوعي فينتج العلوم والثقافة وكل وسائل الإبداع الأخرى.
فالمبدع هو أداة المطالبة بالديمقراطية، فلا يوجد مجتمع ديمقراطي بدون مثقفين ديمقراطيين. ويعتقد الدكتور ((سامي سويدان)) إذا لم يكن كل مثقف ديمقراطياً فليس كل تغير ديمقراطياً. ويبقى المثقفون الديمقراطيون رهان التغير الجذري السليم وضمانه. وهؤلاء المثقفون الديمقراطيون هم اللذين يثبتون جدارتهم الثقافية ويمارسون قناعاتهم الديمقراطية في كفاحهم العنيد ضد السلطة التابعة والقمعية. وفي مواجهاتهم للمثقفين الآخرين (الموالين والانتهازيين) وفي نضالهم اليومي الحثيث ضد الانحرافات والعاهات الذاتية.  
فالمبدع، هو الحريص على حماية الفضاء الديمقراطي الفعلي في الساحة ليس لذاته فقط وإنما للمجتمع الذي يتحسس ويتذوق إنتاجه الإبداعي.
لذا فالإبداع لا يقبل حالة عدم التوازن والتجزئة، فبدون مثقفين ديمقراطيين لاتوجد ديمقراطية وبدون ديمقراطية لايوجد إبداع.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف المثقفون العرب من خطاب السلطة والمجتمع
- مناقشة وتحليل لنظام الشرق الأوسط الجديد(*)4-4
- مناقشة وتحليل لنظام الشرق الأوسط الجديد 3-4
- مناقشة وتحليل لنظام الشرق الأوسط الجديد2 -4
- مناقشة وتحليل لنظام الشرق الأوسط الجديد1-4
- الوجهان المتناقضان للولايات المتحدة الأمريكية في العالم!!
- الإنجازات والاخفاقات لمجلس الحكم الانتقالي في العراق
- تنويه- مجلس الحكم الانتقالي يحث الأحزاب على عدم استغلال مواق ...
- المستقلون من المثقفين وخيارات المواجهة مع قيادات الأحزاب الع ...


المزيد.....




- كوريا الشمالية تدين تزويد أوكرانيا بصواريخ ATACMS الأمريكية ...
- عالم آثار شهير يكشف ألاعيب إسرائيل لسرقة تاريخ الحضارة المصر ...
- البرلمان الليبي يكشف عن جاهزيته لإجراء انتخابات رئاسية قبل ن ...
- -القيادة المركزية- تعلن إسقاط 5 مسيرات فوق البحر الأحمر
- البهاق يحول كلبة من اللون الأسود إلى الأبيض
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /29.04.2024/ ...
- هل تنجح جامعات الضفة في تعويض طلاب غزة عن بُعد؟
- بريكس منصة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب
- رئيس الأركان الأوكراني يقر بأن الوضع على الجبهة -تدهور- مع ت ...
- ?? مباشر: وفد حركة حماس يزور القاهرة الاثنين لمحادثات -وقف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - حرية الإبداع في النظامين الشمولي والديمقراطي