أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم العايف - الشاعر مصطفى عبد الله-الأجنبي الجميل- بين القصة والاوبريت*















المزيد.....

الشاعر مصطفى عبد الله-الأجنبي الجميل- بين القصة والاوبريت*


جاسم العايف

الحوار المتمدن-العدد: 2088 - 2007 / 11 / 3 - 07:46
المحور: الادب والفن
    


بدأ مصطفى عبد الله نشاطه الأدبي في البصرة كاتباً للقصة القصيرة، ونشر بعض قصصه في أواسط الستينيات في الصحف والمجلات التي كانت تصدر في تلك المرحلة وقد كشفت تلك القصص عن قاص واعد قادم ، ثم أستمكن منه الشعر، وبقيت أهتماماته بالقصة مستمرة، متابعاً بدقة وشغف ما يصدر من قصص في الكتب والمجلات والصحف وقد ربطته بالأصدقاء القصاصين علائق وثيقة، وكان أغلبهم في السبعينيات، يعرض عليه ما يكتب ويدخل معهم في حوارات حول قصصهم وثيماتها وشكلها الفني على وفق رؤى ومعايير نقدية - فنية، تعتبر حداثية في تلك المرحلة، ثم بدأ أهتمامه بكتابة (سيناريو الأوبريت)، أقترح مرة أن نشترك (هو وكاظم الصبر وأنا) في ذلك، بحكم اهتمامات كاظم الصبر السينمائية وسعيه للتخصص فيها، ولكوني قد كتبت سيناريوهات نُشر بعضها ، وبعد حوارات مطولة وشاقة أنفرد هو وكاظم الصبر في كتابة سيناريو أوبريت أعتمدت ثيمته شحة الماء وأثر ذلك على الإنسان والأرض والحيوان، وأتفقا مع الشاعر الصديق الراحل (أبو سرحان) على كتابة أغاني الأوبريت، ووافق على ذلك بعد القراءة، لم تتعامل الجهات الرسمية- الثقافية في البصرة معهم بجدية بسبب توجسات (آيدلوجية- سياسية) وأنسحب ذلك على أطراف أخرى، مدنية، لصرامة القياسات المعتمدة في تلك المرحلة وأستجابة لمنطق التحالفات. واصل مصطفى اهتمامه بالأوبريت وكتب أوبريت (الطريق) لمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي ، وقدم لمرة واحدة في بغداد، وكتبت عنه جريدة طريق الشعب والفكر الجديد ومجلة الثقافة الجديدة،وكان من المؤمل ان يقدم في مدن عراقية اخرى الا ان ذلك لم يحصل في حينه.كتب مصطفى مسرحية شعرية بعنوان (الكلام) يحتفظ شقيقه السيد أنس عبدالله بنسختها النهائية مخطوطة ضمن ما يحفظ من ارشيف كامل منشور ومخطوط لمصطفى. بين سنتي 72-73 كتب مصطفى أوبريت (الجرداغ) بقيت أبحث عنه بين أوراق ومخطوطات لدي له ولبعض الاصدقاء المهاجرين قسراً، فوجدته وقد تعرض غلافه للتلف لأسباب كثيرة، السيناريو مكتوب بخط مصطفى، الواضح، الدقيق، الجميل، وقد خط عليه (سيناريو أوبريت) ثم كلمة (الجرداغ) في وسط الصفحة بخط كبير، ولم يكتب أسمه على المخطوطة، وللامانة فأنني كتبت أسمه عليه مؤخرا ، كتب السيناريو بدفتر مدرسي حال لونه الى الأسمرار بفعل الزمن، وتمزق جزء من بعض صفحاته المرقمة بالتسلسل 21-22 وقد عثرت عليها وقمت بأعادة لصقها مجددا ، الدفتر المدرسي يتألف من 41 صفحة، ثيمة (سيناريو الأوبريت) مبنية على العمل الموسمي لعمال الجراديغ - مكابس التمور الاهلية المنتشرة سابقاً في البصرة- والذين يحضرون مع عوائلهم للعمل في مواسم جني التمور كأجراء ويعمد مالك المكبس بتسليفهم مبلغاً من المال لإدامة حياتهم اليومية ، وخلال أيام العمل يقوم بحساب مصاريفهم بشكل يومي من غذاء وأمور أخرى وتجري تسوية الحسابات المالية بعد انتهاء الموسم وفي الغالب يكون العمال مدينين لصاحب المكبس وتُدور الديون للسنة القادمة..وهكذا، في هذا العام يفرض صاحب المكبس على العمال عدم حضور (زهرة) معهم بسبب ما عملته في الموسم الماضي من (حرائق) - كما يدعي مالك المكبس- ومشاكل يومية وبسبب موقفها من أستغلال العمال وسوء وضعهم الاجتماعي الهامشي، ومديونيتهم المدورة في سنوات سابقة والأسلوب المهين لحياتهم اليومية واستغلال النساء جسدياً من قبل صاحب المكبس والمتنفذين فيه، في البدء يرفض العمال وعوائلهم ذلك غير ان صاحب المكبس يهددهم باللجوء للسلطات لمقاضاتهم، لكونهم مدينين له بمبالغ متراكمة على ذمة كل منهم وموثقة اصوليا، وبسبب عجزهم وخوفهم من نتائج ذلك يرضخون لشروط صاحب المكبس ولا تحضر (زهرة) معهم، لكنها تلهب خيالاتهم في حياة بؤسهم اليومية، وتغدو الحاضرة - الغائبة، حتى أنها تلهمهم لمواجهة تسلط صاحب المكبس وتصعيد تحديهم له ولاعوانه لغرض تحسين شروط حياتهم وأوضاعهم المزرية... من هي (زهرة) مع ملاحظة دلالة الاسم؟؟ توصف زهرة من قبل العمال والعاملات بالشكل التالي:
(رجال- زهرة تتجول في الليل
نساء- حين نكون نائمات
تأتي وتغطي أطفالنا العراة
رجال - هي أيضاً تضيء كل الفوانيس المطفأة بعد أن تمسح عنها الغبار،وهي تخرج رأس كل شهر لتمسح وجه القمر)
في مشهد استعادي يتم تشخيص حياة (زهرة) وإصرارها على تحقيق الارتباط بحبيبها من خلال المجاميع واغتيال الحبيب.
(المجموعة - ليست كل الآلام تستحق التفكير
الجروح تطيب
وسيعود الغريب عن وطنه
والتي مات طفلها تستطيع أن تنجب آخر
ولكن أن يقتل من تحب
دون أن يحقق بعض ما أراد
فأن جرحه حار كتموز الذي قتل فيه
وأن الجرح الذي سببه لن يزول
(.....)
في ليلة الزفاف
وكان الجهاز قد أعد من أجل تلك الليلة
بيد أن كل الناس قد جاءوا ما عداه)
يتزامن ذلك مع وصول صاحب المكبس وأعوانه معتقدين أن (زهرة) قد جاءت الى المكبس، تتصاعد الاحداث، ويتيقين العمال أن عامهم الماضي بوجود (زهرة) معهم كان أفضل، ولابد من وجودها مرة أخرى بينهم، يفرض صاحب المكبس شروطاً تعسفية جديده ويطالب بتجهيز (1000) صندوق خارج سياقات العمل المعتادة لكي ترسل في صفقة تجارية سريعة الى (أمريكا)!! تزداد الضغوط على العمال وينادون شبح زهرة (في مشاهد استعادية- حلمية) بعد ان اشاع مالك المكبس عبر حاشيته بأن (زهرة) قد قتلت وتظهر على المسرح وهي تؤشر لمجاميع العمال والعاملات وينشد كورس الاطفال:
( - إننا نقول لكم أن زهرة لم تمت
لأنها لا يمكن أن تموت في الوقت الذي تكون فيه بيننا هذه زهرة،
لقد جاءت
أنها تصل الآن
- تدخل بإضاءة مناسبة وبطريقة حلمية وتردد-
- أن جروحي تلتئم .. وأنني لا أموت إلا حين لا أكون بينهم.
- ثم يبدأ النشيد -
- أن زهرة جاءت في الوقت المناسب .. وأن عليهم أن يصيروا
واحداً من أجل الحياة .. الحياة القادمة).
كُتب (سيناريو الأوبريت) بلغة فصحى على أمل أن يحول بعد ذلك الى اللهجة المحلية العراقية دون الإخلال بالتوجهات الفنية والفكرية التي ربما خضعت لبعض المهيمنات الآيدلوجية التي أتسمت بها تلك المرحلة وتكون لازمة العرض فيه قصيدة(الكنطرة) للشاعر (ابو سرحان) بعد تلحينها من قبل الفنان (كوكب حمزة) ، ومن خلال الشروح الموجودة في بعض صفحات المخطوطة يحاول مصطفى إعادة صياغة بعض الشخصيات واستجابتها مؤكداً على تطورها الروحي وانبعاثها من خلال قساواة الحياة وصراعها اليومي المتواصل لتغير اوضاعها العامة -الخاصة ويرسم على الورق تعليماته وتعليقاته لغرض المساعدة في تنفيذ الخطة الإخراجية وضرورة استخدام الإضاءة في ذلك، وإشراك المجاميع لتعلق على الاحداث وأنصراف بعضها لتشخيص المشاهد المستعادة وتقمص شخصياتها مثل زهرة، الحبيب، صاحب المكبس، بأستخدام التداعي أو المونولوج وقد عمل مصطفى عبد الله على بلورة الفعل الدرامي من خلال ما يسميه (ستوارت كريفش) (تضاد القوى المتكافئة) والذي تمثل في قوانين (صاحب المكبس وأعوانه) معززاً بالوضع السائد من جهة و(العوائل والعمال متمسكين بزهرة والإصرار على تنفيذ شروطهم) من جهة اخرى ؛ وقد استخدم وسائل تعبير وايصال في مستويات عدة (المجاميع، الافراد، التداعي، التشخيص,الاضاءة) وأظهر مصطفى عبد الله انحيازه الواضح لمهمة تغيير شروط الحياة الإنسانية، وجسده بطريقة عيانية، ملتزماً بتوجهه الجماعي- الاجتماعي. اواخر عام 1978 غادر مصطفى عبد الله العراق متخفيا بسبب حملة النظام البعثي- الفاشي ضد القوى التقدمية، وبعد رحلة مضنية وتشرد أستقر في المغرب مدرساً للعلوم الطبيعية، وفي المغرب عاود نشاطه الثقافي - الإبداعي المتنوع حيث نشر قصائده في الصحف المغربية وكتب بعض الدراسات الانثروبولوجية عن ازياء الطوارق وخاصة لثام الوجه الصحراوي و كتب ثلاث سيناريوهات لصالح المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الآيسيسكو)، كما كتب سيناريو لفلم رسوم متحركة بعنوان (زيدان الصياد) بالاشتراك مع الكاتب المغربي (أدريس الصغير) وكذلك كتب سيناريو (أمس الاثنين وغداً الثلاثاء) بالاشتراك مع ادريس الصغير وأمين عبد الله و كتب سيناريو فلم (كتاب الآس في حب فاس) والذي أخرجه المخرج العراقي المقيم في المغرب كاظم الصبر، وبقي يواصل نشاطه الثقافي المتنوع ونشر العديد من البحوث والدراسات والقصائد في الصحف والمجلات المغربية والعربية حتى توفي في حادث مفجع في الاول من نوفمبر عام 1989 ودفن في المغرب. بعد وفاته اصدرت (رابطة الادباء والكتاب العراقيين –دمشق) كتابا عنه بعنوان (الاجنبي الجميل-رحل عنا وعدنا باللقاء)ضم مختارات من قصائده وكلمات وقصائد في رثائه كتبها بعض الكتاب العراقيين والعرب ،كما اصدرت دار المدى-دمشق مجموعة مختارة من قصائده بعنوان (مكاشفات مابعد الرحيل) تقديم د.مجيد الراضي.عام 2004 طبعت دار الشؤون الثقافية- وزارة الثقافة بغداد- مجموعته الشعرية الكاملة (الاجنبي الجميل) اشرف على اعدادها وقدم لها الشاعر عبدالكريم كاصد؛ الغلاف واللوحات الداخلية للفنان فيصل لعيبي.
* في الذكرى السنوية لرحيله



#جاسم_العايف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بشِأن قرار تقسيم العراق الى دويلات..!؟
- تلك المدينة..( الفيصلية) -2-
- تلك المدينة..(الفيصلية*) -1-
- شؤون العراقيين ووطنهم وشكاواهم
- الفنان التشكيليّ -هاشم تايه-:أعي أن جزءاً من خصوصيّة أيّ عمل ...
- واقع الحقوق والحريات في العراق خلال عام 2006
- مباحثات بغداد آلان او في المستقبل
- الكاتب -جاسم العايف--: سنبقى نلتفت للماضي بغضب..واشمئزاز من ...
- استذكار حزين ل-:يوم الصحفيين العراقيين
- ملاحظات لابد منها حول.. مهرجان المربد الرابع
- جولة نائب الرئيس الأمريكي في المنطقة ورسالته غير المشفرة
- -قاسم عبد الأمير عجام--:.. بعيدا عن الرثاء
- العراق..ومؤتمرات دول الجوار الإقليمي
- في سقوط النظام الصدامي واحتلال الوطن العراقي 2-2
- في سقوط النظام الصدامي واحتلال الوطن العراقي1 -2
- الجماليات المسرحية.. بين التاريخ والآركيولوجيا
- الزاوية والمنظور:.. اتهام النقد .. دفاع القص
- المستشارون العراقيون
- ماذا بعد الخطة الامنية الجديدة..؟؟
- الصمت والاهمال..*1-2


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم العايف - الشاعر مصطفى عبد الله-الأجنبي الجميل- بين القصة والاوبريت*