أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير كاظم عبود - جمعة كنجي المسافر الذي رحل دون كلمات














المزيد.....

جمعة كنجي المسافر الذي رحل دون كلمات


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 2072 - 2007 / 10 / 18 - 13:06
المحور: الادب والفن
    


الثقافة الكردية الأيزيدية

المجموعة القصصية التي كتبها القاص الكردي الأيزيدي الراحل ( جمعة كنجي ) تعبير حقيقي عن ذاكرة الأنسان المنفي داخل الوطن ، فقد تضمنت مجموعته القصصية أحاسيس دافئة وأحلاماً متواضعة ، وحكايات بسيطة بساطة المجتمع الذي كان يعيشه ، وربما كان جمعة كنجي يوزع روحه بين شخوص ومحاور القصص القصيرة التي ضمتها المجموعة الأخيرة التي تؤكد رحيله المبكر ممتلئاً بفواجع الوطن وعذابات العائلة والقرارات التي لاحقته في أيامه المليئة بالمرارة والعذاب والأحزان والمآسي ، ابتداءً من منعه نشر كتاباته الى فصله من وظيفته لأسباب سياسية وحرمانه من مصدر رزقه حتى محاربته نفسياً ومطاردته مقاتلاً متسلحاً بالعقيدة والبندقية ، ربما تشير هذه المجموعة القصصية إلى رحيله فعلاً حيث أختار الناشر قصته الأخيرة من بين مجموعة القصص (( ذلك المسافر )) فأختارها عنواناً للكتاب ليدلل بشكل أكيد على سفره الأبدي عن نهاراتنا المتعبة .
وداخل جميع القصص التي ضمتها المجموعة تقرأ وتشعر بعذابات الإنسان في الحياة الاعتيادية من خلال القهر الطبقي والاجتماعي يصورها القاص جمعة كنجي بأسلوب سلس وبارع ، ينتقي مفرداته من بين أيامنا وأرواحنا داخل القرية أو المدينة ، أو فوق ثلوج كردستان وحتى خلال المعارك الطاحنة بين قوات البيشمركة الكردية وبين قوات الجيش النظامي ، ففي قصة دائرة البيطرة والاحتجاج تشعر بلذة ذكريات الطفولة ومرابع الصبا وأوراق العمر التي تعرض لها قلم جمعة كنجي بدقة وتفاصيل دقيقة وبارعة تدلل على براعته في نقل الواقع واختزال الكلام من أجل إيصال المعنى العميق والمحور العام للقصص ، ومن كوخ على نهر الكومل المنساب شرق مدينة الموصل بدأ يصعد باتجاه القمم الشامخة لجبال كردستان حيث النقاء والثلوج والخلاص وصـــوت الرصاص الذي يتردد في فضاء المساحات القابعة بين الجبال والتمرد على الظلم والاضطهاد وقسوة السلطة ، وعناد المقاتل الذي لا يملك غير روحه يقاتل بها ، ويدس بين حكايات قصصه حكاية المقامة التي أنتزعها من التراث ، والحكايات الشعبية ليقوم بتوظيفها لصالح القصد القصصي ، وفي قصة القرية المهجورة ومعركة خاسرة أخرى اللتين تختلفان عن مسار القصص التي ضمتها المجموعة لكونهما كتبتا في العام 1969 تجد نمطاً من الحكايات التي تتضمن الكلمات الكردية ( بوخاترة خدا و علي آغا وغيرها من الكلمات الكردية التي احتوتها النصوص ……) ويحاول أن يبرز ظاهرة الانسحاق الطبقي وضياع الناس تحت سطوة الأغنياء ، و في قصة القلعة القديمة يقتبس أساسها من الرموز الدينية والأسطورة الشعبية المتداولة في المدن التي يسكنها الأيزيدية ويدخل فيها بلباقة وخفة أساطير دينية وأسماء أولياء ومزارات دينية للأيزيدية ، إضافة إلى تطرقه إلى الطوافة ، وهي احتفال ديني شعبي يقوم الأيزيدية خلاله بالرقص بالقرب من مزاراتهم المقدسة في كل المدن التي يسكنونها في أعيادهم ومناسباتهم الدينية ، ويتحول الطقس إلى مشروع فرح وتلاق بين الناس ، وثمة إشارات إلى معارك وطنية مثل معركة الكرامة التي كتبها بعد اندلاع معركة الكرامة وبروز ظاهرة العمل الفدائي المسلح ، وفي كل هذه القصص ثمة إشارات إلى بداية يانعة تدل على الإصرار والمثابرة لإيصال الصورة القصصية واضحة وبسيطة للقارئ ، ومن خلال تصفح ومطالعة القصص تشعر أن الهاجس الوطني يطغي على روح القاص كنجي وقد عبر عن أفكاره السياسية داخل النصوص وحقق بذلك منحنين هامين في مجال القصة القصيرة ، الأول إنه تمكن من إيصال الفكرة بأقصر الطرق إلى عقل القارئ ، والثاني إنه أختزل أفكاره على شكل قالب من الكلمات الجميلة والتي تضمنتها النصوص فنجح في كلا الحالتين ، لكن الكاتب ( جمعة كنجي ) كتب روحه ضمن القصة الأخيرة التي ضمتها المجموعة من خلال قصة ( ذلك المسافر !! ) وهي التي أختارها الناشر لتكون عنوان الكتاب ، ودليل واضح إلى الرحيل المبكر والعمر الحزين والمليء بالمتاعب للأديب و الكاتب جمعة كنجي المولود في ناحية بعشيقة 1933 وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية فيها ثم أكمل الدورة التربوية عام 1954 وعين معلماً في مدارس سنجار والشيخان والموصل ، وكان خلال فتره عمله استطاع أن يعكس قدرته الثقافية وموهبته التي لازمته طيلة حياته الثقافية والتي برزت بشكل واضح خلال كتابته قصص للأطفال أو الكتابات التي كانت تنشرها له الصحافة العراقية ( فتى الموصل واتحاد الشعب والفكر الجديد وطريق الشعب ) ، وتعرض بعدها للفصل والتشرد والالتحاق بالثورة الكردية المسلحة وتحملت عائلته حالها حال آلاف العوائل الكردية المآسي والعذاب والاعتقال والاضطهاد وبعد هذا وفي العام 1986 سكت قلم الكاتب جمعة كنجي عن الكتابة وتوقف القلب عن رحلة الألم والمكابدات الإنسانية لتتوقف رحلته دون أن يشاهد مجموعته القصصية موضوع مادتنا وهي تنشر وتطبع وتتداول بين أيدي محبي قصصه وحكاياته ، وبادرت دار بترا للطباعة والنشر في دمشق لتقوم بطبعها عام 1996 .
وبقيت قصص جمعة كنجي ليس فقط في الذاكرة وإنما علامة من علامات الوجع الإنساني الذي يغفو على تفاصيله إنسان العراق ، ومكابدات إنسانية واقعية وصريحة وربما تنقل بعض الذكريات عن عذابات البوح والشكوى التي امتلأت بها روح كنجي ففاضت بها قصصاً لم تكتمل فصولها ولا تكحلت بها عيونه ليشاهدها مرسومة على الورق ، فكانت جزء من ذاكرة العراق التي أكلها الألم والحزن والسفر ، و شكلت جزءاً من سفر عذابات الأيزيدية الذين تحملوا من العذاب الإنساني ما لا تطيقه الجبال مع بقائهم على نقائهم وطيبتهم وكرمهم الفطري ، لاعتقاد وإيمان القاص كنجي أن الروح تبقى هائمة بعد الموت ، يقينا أن روحه تبقى معلقة وهائمة تتسلل بين حروف كلمات القصص وتتداخل بين أحداثها وتشير بصدق الى أسم من أسماء الذاكرة الثقافية الكردية في العراق ، ذلك هو أسم الكاتب جمعة كنجي .



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيدرالية العراقية من وجهة نظر أمريكية
- إقتحام المدى
- الفيدرالية الطائفية
- كنت ولم تزل أبنا بارا للعراق يامصطفى المدامغة
- هل يمكن للبعث أن يغير أسلوبه وسياسته في العراق ؟
- الدم العراقي المستباح
- القتل منهجا
- مساهمة الأمم المتحدة في التصدي للإرهاب
- لايليق بكم السواد !!
- هل يستفيد الأتراك من تجربة إقليم كوردستان ؟
- الذيول الملطخة ضمائرها
- سر قوة الأيزيدية !!
- هل حقا أن العراق بلد نفطي ؟
- علي السوداني إرهابيا !!
- تسلل القاعدة وطريق العبور الى العراق
- ولم يزل الفاعل مجهولا !!
- موفق محمد .. الإنسان والشاعر وملك الضيم
- العدالة الأنتقالية
- هل ينتقص الدين من الوطنية ؟
- مسؤولية الدولة عن الجرائم المرتكبة إنتهاكا لأحكام القانون ال ...


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير كاظم عبود - جمعة كنجي المسافر الذي رحل دون كلمات