|
كنت ولم تزل أبنا بارا للعراق يامصطفى المدامغة
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 2056 - 2007 / 10 / 2 - 00:20
المحور:
سيرة ذاتية
منذ أن وعيت نذرت نفسك للعراق ، فكنت أبنا بارا تنحاز للفقراء والضعفاء ، وتنتصر للمظلومين ، وتحملت عواقب هذا الالتزام سجونا وفصلا وتشريدا ، غيرأنك بقيت كما أنت معلما وعالما يفتخر بك كل من تعرف اليك أو عمل بقربك . عرفتك المحاكم العراقية قاضيا عادلا ونزيها ومتواضعا ، وعرفك أهل القانون ملتزما وصلبا وعالما جليلا تتعلم منك الأجيال ، لتكون سندا ومرجعا وفقيها في مجالات القانون المختلفة ، غير انك نقشت أسمك في قلوب الناس قبل أن تنقشه في قلوب العاملين في المجال القضائي والقانوني . تتلمذ على يديك خيرة قضاة العراق ، وكنت مثالا ونبراسا للقاضي الذي لايخشى في الحق لومة لائم ، وحين انصرفت على البحث ، خرجت لنا بأبحاث قضائية مهمة في قانون الإثبات منها اليمين في القانون العراقي ودراسات في قانون الأحوال الشخصية . أيها الرمز العراقي الكبير ، يامن أجد الكلمات تفر مني حين أريد أن اسطر بعض الكلمات عنك بعد رحيلك ، وكانت مواقفك في زمن الدكتاتورية ماتشرف القضاء الذي كان ساعيا للبقاء على نظافته وهيبته ، وتدفع المبتدئين في العمل القضائي أن يتلمسوا طريقك ، وعدك بعض الباحثين من القضاة المتميزين جهدا وعلما وأخلاقا . والقاضي مصطفى المدامغة بالأضافة الى ممارسته القضاء وتمرسه في القوانين شاعرا أصيلا ومتمكنا ، وله قصائد رائعة في هذا المجال . تحمل المدامغة تعسف وظلم السلطة الصدامية ، وأحيل على التقاعد المدني وحرم من العمل في المحاماة أسوة بجمع خير وعدد كبير من قضاة محكمة التمييز ، ممن قضوا أكثر أعمارهم في القضاء العراقي ، وبعد إن تم تهميش هذا العدد في حادثة سميت ( بمجزرة القضاء العراقي ) ، ركن في بيته قانعا بما قسم الله له ، متابعا للقضاء وللمؤسسات القانونية ، ولم تحيد عينه عن العراق . ولحاجة العراق اليوم الى تلك الطاقات والكفاءات ، فقد تمت إعادته الى القضاء العراقي في عمله السابق كعضو في محكمة التمييز ، وهي المهمة التي أضطلع بها لأكثر من 20 عاما ، وأستمر في العطاء بجدارة ومهنية عالية ، ورحل من بيته كبقية المهجرين نتيجة الحروب الطائفية القذرة في العراق ، ولاحقته أيادي الإرهاب والغدر تقطع طريقه من بيته الى عمله ، فتغدر به ، وحين تتمكن هذه العصابات من إيقاف عطاء الأصيل مصطفى المدامغة ، فأنها تسعى لتصيب العراق في الصميم ، فمصطفى المدامغة أبنه البار الذي لم يتوقف عن العطاء ، ووظف كل عمره في خدمة الحق والحقيقة والإنسان . سينام أبا علي قرير العين مطمئنا لعطاءه وخدمته للقضاء العراقي ، فقد دخل مسلك القضاء نزيها وكبيرا وغادر القضاء والحياة نزيها وكبيرا كما كان دوما ، خالدا في ضمائر الطيبين من أهل العراق . رحلت عنا ونحن في أمس الحاجة لعقلك النير وفكرك المنفتح وعلميتك المشهودة ، ورحلت عنا ونحن بحاجة لأمثالك من أبناء العراق المخلصين والطيبين ، وفي زمن الغدر والموت الطائفي البغيض غادرتنا تحمل جراحك ووجعك وأنت الذي لم تفكر أن تؤذي نملة في يوم ما ، أيها الشهيد الكبير والقاضي الجليل أوفيت بعهدك وأكملت مسيرتك وقطعوا عليك طريق العطاء ، فكنت تريد إن تعطي للعراق بالرغم من شيخوختك وعمرك ، لكنك لم تحمل سوى ذلك الضمير النقي والتأريخ الأنقى ، وتلك السمعة التي تتباهى بها بين أقرانك أيها الإنسان والقاضي والعالم والشاعر مصطفى المدامغة .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يمكن للبعث أن يغير أسلوبه وسياسته في العراق ؟
-
الدم العراقي المستباح
-
القتل منهجا
-
مساهمة الأمم المتحدة في التصدي للإرهاب
-
لايليق بكم السواد !!
-
هل يستفيد الأتراك من تجربة إقليم كوردستان ؟
-
الذيول الملطخة ضمائرها
-
سر قوة الأيزيدية !!
-
هل حقا أن العراق بلد نفطي ؟
-
علي السوداني إرهابيا !!
-
تسلل القاعدة وطريق العبور الى العراق
-
ولم يزل الفاعل مجهولا !!
-
موفق محمد .. الإنسان والشاعر وملك الضيم
-
العدالة الأنتقالية
-
هل ينتقص الدين من الوطنية ؟
-
مسؤولية الدولة عن الجرائم المرتكبة إنتهاكا لأحكام القانون ال
...
-
أغتصاب القانون الدولي في العراق
-
محنة تغيير القومية
-
سيد محمود القمني ومحنة الزمان
-
الهروب من العدالة
المزيد.....
-
-جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م
...
-
بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
-
زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح
...
-
مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
-
مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل
...
-
بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب
...
-
-زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد
...
-
ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو
...
-
اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
-
ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|